خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/317"> الشيخ عبد المحسن العباد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/317?sub=65404"> شرح سنن أبي داود
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح سنن أبي داود [121]
الحلقة مفرغة
شرح حديث وائل في جلوس التشهد
حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: قلت: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر، فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما إلى مثل ذلك، قال: ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يديه: اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه الأيمن، وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا وحلق
التشهد هو قراءة: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، وسمي تشهداً لأنه مشتمل على التشهد وهو: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد، أن محمداً رسول الله، أي: الشهادة لله بالوحدانية، ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
والصلاة إما أن يكون فيها تشهد واحد، وإما أن يكون فيها تشهدان، فإن كانت ثنائية ففيها تشهد واحد، وإن كانت ثلاثية أو رباعية ففيها تشهدان: التشهد الأول والتشهد الأخير الذي قبل السلام، والجلوس في الصلاة جلوسان: جلوس للتشهد الأول، وجلوس للتشهد الأخير.
وقد اختلف العلماء في كيفية الجلوس في التشهد وغير التشهد، فمنهم من قال: إن الجلوس يكون بالافتراش مطلقاً، وهو أن يفرش رجله اليسرى ويقعد عليها، وينصب الرجل اليمنى ويجعل أصابعها متجهة إلى القبلة.
وقال بعضهم: بالتورك مطلقاً، أي أنه يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه الأيمن إلى جهة اليمين، ويجعل وركه على الأرض.
وفرق بعض أهل العلم بين الجلوس بين السجدتين والجلوس في التشهد الأول، فجعل فيهما الافتراش، وجعل في التشهد الأخير في الصلاة التي لها تشهدان: التورك.
وقد جاء الافتراش في الجلوس بين السجدتين، وجاء أيضاً الإقعاء، وهو الجلوس على العقبين، كما في حديث ابن عباس حيث قال: (سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، أو هو من السنة)، يعني: أن ينصب قدميه، ويجعل إليتيه على العقبين.
وأما التشهد الأول فيفترش فيه، والتشهد الأخير يتورك فيه، وهذا هو ما دل عليه الدليل.
وإذا كانت الصلاة ثنائية فهل يتورك فيها أو يفترش؟ ألحق بعض أهل العلم الثنائية بالتشهد الأول، وقال: إنه يفترش فيها، وألحق بعضهم الثنائية بالصلاة التي لها تشهدان، وقال: إنه يتورك؛ لأن هذا الجلوس بعده التسليم، كما أن الصلاة الرباعية يتورك في آخرها في الجلوس الذي بعده التسليم وقد جاء في بعض الأحاديث: (حتى إذا كان الجلوس الذي فيه التسليم..) ، وعلى هذا فهناك قولان: القول الأول: إن الصلاة الثنائية حكمها الافتراش كالتشهد الأول، والقول الثاني: إن الصلاة الثنائية يتورك فيها؛ لأن السلام يأتي بعد ذلك الجلوس، وقد جاء في بعض الروايات أن التورك يكون في الجلوس الذي بعده التسليم، لكن الروايات التي جاء فيها ذكر الجلوس الذي بعده التسليم إنما جاء ذلك في الصلاة الرباعية، فقد ذكر الجلوس الأول ثم ذكر الجلوس الثاني الذي بعده التسليم، وعلى هذا فالقول الأرجح فيما يظهر أن الجلوس في الصلاة الثنائية كالجلوس في التشهد الأول وليس كالجلوس في التشهد الأخير في الصلاة الرباعية، لأنه جاء التنصيص على أن الجلوس في التشهد متوركاً إنما يكون في الصلاة الرباعية ومثلها الثلاثية لأن فيها تشهدين.
إذاً فقول المصنف: [ باب كيف الجلوس في التشهد ] معناه بيان الهيئة التي يكون عليها الإنسان جالساً وهو في تشهده، سواء كان الأول أو الآخر، أو الجلوس في الثنائية التي ليس فيها إلا تشهد واحد، والأرجح في هذا كما ذكرت أن الغالب الافتراش بين السجدتين، ويجوز الإتيان بالجلوس على العقبين في بعض الأحيان، وفي التشهد الأول والصلاة الثنائية يكون الافتراش، وفي الصلاة الرباعية أو الثلاثية يكون التورك في التشهد الأخير.
وأورد المصنف حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه الذي وصف فيه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ قل (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي..) ].
قول وائل بن حجر رضي الله عنه: [ قلت ] إما أن يكون قال ذلك في نفسه بمعنى أنه ألزم نفسه وهيأ نفسه لهذا، وأنه يريد أن يفعل ذلك حتى يعرف كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما أن يكون قال ذلك لغيره، وهو دال على حرص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم على معرفة السنن ومعرفة الأحكام الشرعية قولاً وفعلاً، وذلك أن وائل بن حجر رضي الله عنه يريد أن يتأمل ويتحقق من كيفيتها ومن هيئتها حتى يكون مقبلاً ومستعداً ومتهيأً ليس عنده غفلة في النظر إلى صلاته صلى الله عليه وسلم، بل يكون عنده الإقبال والرغبة والحرص والتهيؤ، فهذا هو معنى قوله: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله.).
وعمدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الأسوة والقدوة، ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
فهذا هو الذي جعل وائل بن حجر رضي الله عنه يقول: [ (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] ، ثم إنه نفذ ذلك فقال: [ (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر) ].
يعني أنه لابد من القيام في الصلاة، فالإنسان يصلي قائماً إذا كان يستطيع القيام، وأما إذا كان لا يستطيع القيام فإنه يصلي على حسب حاله، كما سبق أن مر بنا في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
والله تعالى يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ومر بنا أنه لو صلى الفرض قاعداً مع قدرته على القيام لم تصح صلاته، وأما في النافلة فيصح أن يصلي قاعداً مع قدرته على القيام لكن أجره على النصف من أجر القائم كما جاءت في ذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (قام فاستقبل القبلة) فيه أنه لابد للإنسان عند القيام للصلاة أن يستقبل القبلة، واستقبالها شرط من شروط الصلاة بالنسبة للفريضة، وكذلك بالنسبة للنافلة إلا إذا كان الإنسان راكباً فإنه يدخل في الصلاة مستقبل القبلة ثم يصلي حيثما توجهت به راحلته كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وكبر) أي دخل في الصلاة، وهذه هي تكبيرة الإحرام، وهي ركن من أركان الصلاة.
وسميت تكبيرة الإحرام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير) أي: أن الإنسان إذا وجد منه التكبير في الإحرام حرم عليه بهذا العمل أمور كانت حلالاً له قبل ذلك، كالأكل والشرب والكلام والالتفات والذهاب والإياب والقيام والقعود وغير ذلك.
قوله: [ (ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه) ].
أي: أنه عندما كبر للإحرام رفع يديه حتى حاذتا أذنيه، وهذه هي السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ (ثم أخذ شماله بيمينه..) ].
أي: وضع اليمنى على اليسرى على الصدر وذلك بعدما رفع يديه ودخل في الصلاة وكيفيه وضعها أن تكون على الساعد -أي: الذراع- وعلى الرسغ الذي هو المفصل وعلى الكف، فتكون اليد اليمنى على الأمور الثلاثة، ولا تكون على الكف وحده أو على الذراع وحده أو تكون على العضد وإنما تكون على الهيئة التي ذكرنا.
قوله: [ (فلما أراد أن يركع رفعهما إلى مثل ذلك) ].
أي: إلى حذاء الأذنين، ورفع اليدين في الصلاة ثبت في ثلاثة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند رفعه من الركوع، وجاء في صحيح البخاري موضع رابع وهو عند القيام من التشهد الأول في الصلاة التي لها تشهدان، فهذه المواضع الأربعة ثلاثة منها ثبتت في الصحيحين وواحد منها ثبت في صحيح البخاري .
قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضعه يده اليسرى على فخذه اليسرى) ].
هذا فيه اختصار؛ لأنه ما ذكر الركوع.
يعني جعل الوسطى مع الإبهام حلقة، وأما الخنصر والبنصر فقد قبضهما وأشار بسبابته، وهذه الهيئة ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك هيئة أخرى ثبتت وهي أنه يقبض الثلاث من غير تحليق ويشير بالسبابة، وتكون الإبهام على الوسطى ولكن من غير تحليق.
تراجم رجال إسناد حديث وائل في جلوس التشهد
هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن بشر ].
وهو بشر بن المفضل ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن كليب ].
وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن وائل بن حجر ].
وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث ابن عمر: (سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى...)
قول الصحابي: سنة الصلاة كذا، أو السنة كذا، أو من السنة كذا، هو في حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابي إذا قال: السنة كذا، أو من السنة كذا فالمراد به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو من الألفاظ التي لها حكم الرفع.
ونصب اليمنى أن يجعل أصابعها متجهة إلى القبلة ويجعلها منصوبة، وأما اليسرى فإنه يثنيها، ولكن هذا الثني فيه إجمال، وقد جاء تفصيل ذلك في الأحاديث الأخرى، فجاء أنه بين السجدتين وفي التشهد الأول يثنيها مفترشاً، وفي التشهد الأخير يثنيها متوركاً.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى...)
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المحدث الفقيه المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وهي: مذهب الإمام أبي حنيفة ، ومذهب الإمام مالك ، ومذهب الإمام الشافعي ، ومذهب الإمام أحمد ، فهؤلاء الأربعة هم أصحاب المذاهب المشهورة من مذاهب أهل السنة التي حصل لأصحابها تلاميذ عُنوا بمذاهبهم، وجمع أقوالهم، وتنظيمها وترتيبها والتأليف فيها، وهناك علماء مثلهم في العلم وفي الحديث وفي الفقه، مثل الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، والليث بن سعد فقيه مصر ومحدثها، وسفيان الثوري فقيه الكوفة، وإسحاق بن راهويه فقيه مرو، وغيرهم من العلماء الكبار من أمثالهم، ولكن لم يحصل لهم كما حصل لهؤلاء من التلاميذ، والإمام مالك أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عبد الله ].
هو عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس ، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد وأنس وجابر وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وأرضاهم.
شرح حديث ابن عمر: (سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى...) من طريق ثانية
ثم أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنه قال هنا: [ ( أن تضجع اليسرى) ]، وقال في الأول: (أن تثني اليسرى)، وقد عرفنا أن هذا فيه إجمال، وأن التفاصيل جاءت في الأحاديث الأخرى، فيفترش في التشهد الأول وبين السجدتين، ويتورك في التشهد الأخير من الصلاة التي لها تشهدان وهي الثلاثية أو الرباعية.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى...) من طريق ثانية
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن عبد الوهاب ].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
وهو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القاسم عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عمر ].
القاسم هو ابن محمد بن أبي بكر ثقة فقيه، وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث ابن عمر: (سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ عن جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بإسناده مثله ].
وهو يحيى بن سعيد.
وقوله: [ بإسناده مثله ] يعني مثل الذي قبله، وكلمة: (مثله) إذا جاءت فالمقصود بها التماثل في اللفظ والمعنى، وأما إذا قيل: (نحوه) فالمقصود الاتفاق في المعنى مع الاختلاف في اللفظ.
[ قال أبو داود : قال حماد بن زيد عن يحيى أيضاً: من السنة كما قال جرير ].
حماد بن زيد هو ابن درهم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال حماد بن زيد عن يحيى أيضاً: من السنة كما قال جرير ].
أي: أن جريراً قال: (سنة الصلاة..) وهنا قال: (من السنة).
قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أراه جلوس في التشهد وذكر الحديث ].
القعنبي هو عبد الله بن مسلمة الذي مر ذكره، وقد ذكره هنا بنسبته فقط، وذكره هناك باسمه واسم أبيه: عبد الله بن مسلمة .
[ عن مالك عن يحيى بن سعيد .. ].
مالك مر ذكره، ويحيى بن سعيد مر ذكره..
[ أن القاسم ].
هو القاسم بن محمد .
[ أراهم الجلوس في التشهد فذكر الحديث ].
يعني: أنه ينصب اليمنى، ويثني اليسرى، أو: يضجع اليسرى.
شرح مرسل إبراهيم النخعي في اسوداد ظاهر قدم النبي من الافتراش
أورد أبو داود هذا الحديث وهو من مراسيل إبراهيم النخعي .
وقوله: [ (افترش رجله اليسرى حتى اسود ظاهر قدمه) ] أي: الذي يكون على الأرض، وذلك من ملاصقته للأرض، والمعنى: أنه تغير لكونه يماسّ ويباشر الأرض، وهذا غير ثابت؛ لأنه مرسل، فـإبراهيم النخعي من التابعين ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعي إذا أضاف شيئاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرسل.
ومن المعلوم أن إبراهيم النخعي كثيراً ما يروي عن التابعين كـعلقمة والأسود ، فالحديث هنا غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الافتراش فثابت، لكن هذا الوصف الذي ذكره من الاسوداد لظاهر قدمه صلى الله عليه وسلم لمباشرة الأرض فإنما جاء من هذه الطريق المرسلة، والمرسل في علم المصطلح من أقسام الضعيف.
وإنما كان غير ثابت لا لكون الذي سقط فيه هو الصاحبي، فإنه لو عرف أنه لم يسقط منه إلا لصحابي فإن ذلك لا يؤثر؛ لأن الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن السبب احتمال أن يكون قد سقط تابعي مع الصحابي، وإذا كان الساقط تابعياً فيحتمل أن يكون ثقة وأن يكون ضعيفاً، فلهذا رُدّ المرسل واعتبر غير حجة، ولكنه إذا اعتضد بشيء يقويه، أو جاء ما يؤيده فإنه يحتج به.
تراجم رجال إسناد مرسل إبراهيم النخعي في اسوداد ظاهر قدم النبي من الافتراش
هناد بن السري أبو السري ثقة، وكنيته توافق اسم أبيه، ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدته ألا يظن التصحيف فيما إذا جاء هناد أبو السري ، فالذي لا يعرف ذلك سيقول: إن (ابن) صُحِّفت إلى (أبو)، وكلمتا (أبي وابن) قريبتان من بعض فالتصحيف ممكن، ولكن حيث يعلم بأن الكنية موافقة لاسم الأب يعرف أنه لا تصحيف، فإذا جاء هناد بن السري فهو صحيح، وإن جاء هناد أبو السري فهو صحيح لأنه هناد بن السري أبو السري ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن وكيع ].
وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
وهو الثوري إذا جاء سفيان يروي عنه وكيع وهو مهمل غير منسوب فالمراد به الثوري ، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزبير بن عدي ].
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
وهو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، وهو ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف الجلوس للتشهد.
حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: قلت: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر، فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما إلى مثل ذلك، قال: ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يديه: اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه الأيمن، وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا وحلق
التشهد هو قراءة: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، وسمي تشهداً لأنه مشتمل على التشهد وهو: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد، أن محمداً رسول الله، أي: الشهادة لله بالوحدانية، ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
والصلاة إما أن يكون فيها تشهد واحد، وإما أن يكون فيها تشهدان، فإن كانت ثنائية ففيها تشهد واحد، وإن كانت ثلاثية أو رباعية ففيها تشهدان: التشهد الأول والتشهد الأخير الذي قبل السلام، والجلوس في الصلاة جلوسان: جلوس للتشهد الأول، وجلوس للتشهد الأخير.
وقد اختلف العلماء في كيفية الجلوس في التشهد وغير التشهد، فمنهم من قال: إن الجلوس يكون بالافتراش مطلقاً، وهو أن يفرش رجله اليسرى ويقعد عليها، وينصب الرجل اليمنى ويجعل أصابعها متجهة إلى القبلة.
وقال بعضهم: بالتورك مطلقاً، أي أنه يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه الأيمن إلى جهة اليمين، ويجعل وركه على الأرض.
وفرق بعض أهل العلم بين الجلوس بين السجدتين والجلوس في التشهد الأول، فجعل فيهما الافتراش، وجعل في التشهد الأخير في الصلاة التي لها تشهدان: التورك.
وقد جاء الافتراش في الجلوس بين السجدتين، وجاء أيضاً الإقعاء، وهو الجلوس على العقبين، كما في حديث ابن عباس حيث قال: (سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، أو هو من السنة)، يعني: أن ينصب قدميه، ويجعل إليتيه على العقبين.
وأما التشهد الأول فيفترش فيه، والتشهد الأخير يتورك فيه، وهذا هو ما دل عليه الدليل.
وإذا كانت الصلاة ثنائية فهل يتورك فيها أو يفترش؟ ألحق بعض أهل العلم الثنائية بالتشهد الأول، وقال: إنه يفترش فيها، وألحق بعضهم الثنائية بالصلاة التي لها تشهدان، وقال: إنه يتورك؛ لأن هذا الجلوس بعده التسليم، كما أن الصلاة الرباعية يتورك في آخرها في الجلوس الذي بعده التسليم وقد جاء في بعض الأحاديث: (حتى إذا كان الجلوس الذي فيه التسليم..) ، وعلى هذا فهناك قولان: القول الأول: إن الصلاة الثنائية حكمها الافتراش كالتشهد الأول، والقول الثاني: إن الصلاة الثنائية يتورك فيها؛ لأن السلام يأتي بعد ذلك الجلوس، وقد جاء في بعض الروايات أن التورك يكون في الجلوس الذي بعده التسليم، لكن الروايات التي جاء فيها ذكر الجلوس الذي بعده التسليم إنما جاء ذلك في الصلاة الرباعية، فقد ذكر الجلوس الأول ثم ذكر الجلوس الثاني الذي بعده التسليم، وعلى هذا فالقول الأرجح فيما يظهر أن الجلوس في الصلاة الثنائية كالجلوس في التشهد الأول وليس كالجلوس في التشهد الأخير في الصلاة الرباعية، لأنه جاء التنصيص على أن الجلوس في التشهد متوركاً إنما يكون في الصلاة الرباعية ومثلها الثلاثية لأن فيها تشهدين.
إذاً فقول المصنف: [ باب كيف الجلوس في التشهد ] معناه بيان الهيئة التي يكون عليها الإنسان جالساً وهو في تشهده، سواء كان الأول أو الآخر، أو الجلوس في الثنائية التي ليس فيها إلا تشهد واحد، والأرجح في هذا كما ذكرت أن الغالب الافتراش بين السجدتين، ويجوز الإتيان بالجلوس على العقبين في بعض الأحيان، وفي التشهد الأول والصلاة الثنائية يكون الافتراش، وفي الصلاة الرباعية أو الثلاثية يكون التورك في التشهد الأخير.
وأورد المصنف حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه الذي وصف فيه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ قل (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي..) ].
قول وائل بن حجر رضي الله عنه: [ قلت ] إما أن يكون قال ذلك في نفسه بمعنى أنه ألزم نفسه وهيأ نفسه لهذا، وأنه يريد أن يفعل ذلك حتى يعرف كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما أن يكون قال ذلك لغيره، وهو دال على حرص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم على معرفة السنن ومعرفة الأحكام الشرعية قولاً وفعلاً، وذلك أن وائل بن حجر رضي الله عنه يريد أن يتأمل ويتحقق من كيفيتها ومن هيئتها حتى يكون مقبلاً ومستعداً ومتهيأً ليس عنده غفلة في النظر إلى صلاته صلى الله عليه وسلم، بل يكون عنده الإقبال والرغبة والحرص والتهيؤ، فهذا هو معنى قوله: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله.).
وعمدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الأسوة والقدوة، ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
فهذا هو الذي جعل وائل بن حجر رضي الله عنه يقول: [ (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] ، ثم إنه نفذ ذلك فقال: [ (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر) ].
يعني أنه لابد من القيام في الصلاة، فالإنسان يصلي قائماً إذا كان يستطيع القيام، وأما إذا كان لا يستطيع القيام فإنه يصلي على حسب حاله، كما سبق أن مر بنا في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
والله تعالى يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ومر بنا أنه لو صلى الفرض قاعداً مع قدرته على القيام لم تصح صلاته، وأما في النافلة فيصح أن يصلي قاعداً مع قدرته على القيام لكن أجره على النصف من أجر القائم كما جاءت في ذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (قام فاستقبل القبلة) فيه أنه لابد للإنسان عند القيام للصلاة أن يستقبل القبلة، واستقبالها شرط من شروط الصلاة بالنسبة للفريضة، وكذلك بالنسبة للنافلة إلا إذا كان الإنسان راكباً فإنه يدخل في الصلاة مستقبل القبلة ثم يصلي حيثما توجهت به راحلته كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وكبر) أي دخل في الصلاة، وهذه هي تكبيرة الإحرام، وهي ركن من أركان الصلاة.
وسميت تكبيرة الإحرام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير) أي: أن الإنسان إذا وجد منه التكبير في الإحرام حرم عليه بهذا العمل أمور كانت حلالاً له قبل ذلك، كالأكل والشرب والكلام والالتفات والذهاب والإياب والقيام والقعود وغير ذلك.
قوله: [ (ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه) ].
أي: أنه عندما كبر للإحرام رفع يديه حتى حاذتا أذنيه، وهذه هي السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ (ثم أخذ شماله بيمينه..) ].
أي: وضع اليمنى على اليسرى على الصدر وذلك بعدما رفع يديه ودخل في الصلاة وكيفيه وضعها أن تكون على الساعد -أي: الذراع- وعلى الرسغ الذي هو المفصل وعلى الكف، فتكون اليد اليمنى على الأمور الثلاثة، ولا تكون على الكف وحده أو على الذراع وحده أو تكون على العضد وإنما تكون على الهيئة التي ذكرنا.
قوله: [ (فلما أراد أن يركع رفعهما إلى مثل ذلك) ].
أي: إلى حذاء الأذنين، ورفع اليدين في الصلاة ثبت في ثلاثة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند رفعه من الركوع، وجاء في صحيح البخاري موضع رابع وهو عند القيام من التشهد الأول في الصلاة التي لها تشهدان، فهذه المواضع الأربعة ثلاثة منها ثبتت في الصحيحين وواحد منها ثبت في صحيح البخاري .
قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضعه يده اليسرى على فخذه اليسرى) ].
هذا فيه اختصار؛ لأنه ما ذكر الركوع.
يعني جعل الوسطى مع الإبهام حلقة، وأما الخنصر والبنصر فقد قبضهما وأشار بسبابته، وهذه الهيئة ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك هيئة أخرى ثبتت وهي أنه يقبض الثلاث من غير تحليق ويشير بالسبابة، وتكون الإبهام على الوسطى ولكن من غير تحليق.
[ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن بشر ].
وهو بشر بن المفضل ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن كليب ].
وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن وائل بن حجر ].
وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.