شرح سنن أبي داود [099]


الحلقة مفرغة

شرح حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.

حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]، فـأبو داود رحمه الله رتب الأبواب التي أوردها على وفق تنفيذ أعمال الصلاة؛ لأنه أولاً ذكر استفتاح الصلاة وأنه يكون بالتكبير ويكون فيه رفع اليدين، ثم لما فرغ من ذلك انتقل إلى وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لأن الإنسان أولاً يكبر ويرفع يديه ثم يضع اليد اليمنى على اليسرى، ثم بعد ذلك يأتي بالاستفتاح، فترتيبه رحمه الله للموضوعات أو للأبواب التي أوردها موافق لهيئة الصلاة ولكيفية الصلاة.

وأورد المصنف هنا حديث ابن الزبير أنه قال: [ (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ].

ومعنى صف القدمين أن الإنسان في الصلاة يصف قدميه متساويتين ليس في إحداهما تقدم ولا تأخر، وليس المراد إلصاقهما، بل المراد تساويهما في مكان الوقوف.

وبعد ذكر صف القدمين ذكر وضع اليد على اليد في الصلاة ثم قال: [(من السنة)] والصحابي إذا قال: (من السنة) فإن قوله يكون من قبيل المرفوع؛ لأن المقصود بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا فيه ذكر وضع اليد على اليد.

قيل: والحكمة من ذلك أن فيه خضوعاً وتذللاً لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن هذه الهيئة من خصائص الصلاة ولا تفعل أمام أحد من الخلق، وإنما تفعل والإنسان يناجي ربه في الصلاة، وهي هيئة ذل وخضوع لله سبحانه وتعالى، فإذا دخل الإنسان في صلاته يناجي ربه فإنه يكون على هذه الهيئة التي هي تذلل وخضوع لله سبحانه وتعالى.

وهذه الهيئة تفعل في سائر أحوال المصلين، سواء أكان المصلي منفرداً أم في جماعة، ويمكن أن يكون معنى قوله: [(صف القدمين)] تراص الصفوف واتصالها في صلاة الجماعة، إلا أن قوله: [(صف القدمين)] يشمل جميع أحوال المصلي، فيكون المعنى هو تساويهما.

تراجم رجال إسناد حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد

قوله: [ حدثنا نصر بن علي ].

هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا أبو أحمد ].

هو أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن العلاء بن صالح ].

العلاء بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.

[ عن زرعة بن عبد الرحمن ].

زرعة بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود.

[ سمعت عن ابن الزبير ].

هو عبد الله بن الزبير بن العوام صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم وأرضاهم يكفي الواحد منهم أن يقال عنه: إنه صحابي.

شرح حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى

قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بكار بن الريان عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى) ].

أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أطلقها وجعل اليمنى على اليسرى، فأرشده وفعل به الهيئة الصحيحة، وهي وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، إذ كان قد وضع اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذ يديه وجعل اليمنى فوق اليسرى.

تراجم رجال إسناد حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى

قوله: [ حدثنا محمد بن بكار بن الريان ].

محمد بن بكار بن الريان ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود.

[ عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب ].

هشيم بن بشير مر ذكره، وهو من المدلسين، قال العراقي في الألفية:

وفي الصحيح عدة كـالأعمش وكـهشيم بعده وفتش

والحجاج بن أبي زينب صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي عثمان النهدي ].

هو عبد الرحمن بن مل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن مسعود ].

قد مر ذكره.

شرح حديث ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة )

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ حدثنا محمد بن محبوب حدثنا حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحق عن زياد بن زيد عن أبي جحيفة أن علياً رضي الله عنهما قال: (من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة) ].

أورد المصنف حديث علي رضي الله عنه أنه قال: [(من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة)].

والحديثان الأولان فيهما ذكر وضع اليدين، ولكن ليس فيهما ذكر الموضع الذي تكون اليدان عليه تحت السرة أو فوق السرة، فهما مطلقان ليس فيهما تعيين المكان الذي تكون عليه اليدان في حال وضع إحداهما على الأخرى، وفي هذا الحديث بيان أنه تحت السرة، لكن ما ورد من أنه تحت السرة غير صحيح، بل الذي صح أنه على الصدر، وجاء في بعض الرويات: (فوق السرة) لكن ما تحت السرة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من الأحاديث التي لم تثبت؛ لأن فيه عبد الرحمن بن إسحاق ، وهو ضعيف.

تراجم رجال إسناد حديث ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة )

قوله: [ حدثنا محمد بن محبوب ].

محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.

[ عن حفص بن غياث ].

حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن إسحاق ].

عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي .

[ عن زياد بن زيد ].

زياد بن زيد مجهول، أخرج له أبو داود وحده.

فالحديث فيه ضعيف وفيه مجهول.

[ عن أبي جحيفة ].

هو وهب بن عبد الله السوائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ أن علياً ].

هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة

قال رحمه الله تعالى:

[ حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين - عن أبي بدر عن أبي طالوت عبد السلام عن ابن جرير الضبي عن أبيه قال: رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة .

قال أبو داود : وروي عن سعيد بن جبير : فوق السرة. وقال أبو مجلز : تحت السرة. وروي عن أبي هريرة وليس بالقوي ].

أورد أبو داود حديث علي من طريق أخرى وفيه الاختلاف فوق السرة وتحت السرة.

قوله: [ رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة ].

الرسغ هو المفصل بين الكف والساعد، وقد سبق أن ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجعل يده اليمنى على ثلاثة أشياء من اليسرى: على الساعد والرسغ والكف.

تراجم رجال إسناد حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة

قوله: [ حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين -].

محمد بن قدامة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

وكلمة (يعني ابن أعين ) زادها من دون أبي داود ، وفاعل (يعني) ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود نفسه، وأما قائلها فهو من دون أبي داود .

[ عن أبي بدر ].

هو شجاع بن الوليد الكوفي ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي طالوت عبد السلام ].

أبو طالوت عبد السلام ثقة، أخرج له أبو داود .

[ عن ابن جرير الضبي عن أبيه ].

هو غزوان بن جرير الضبي ، مقبول، أخرج له أبو داود .

وأبوه جرير الضبي -أيضاً- مقبول، أخرج له أبو داود.

و جرير الضبي هذا غير جرير بن عبد الحميد الذي في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، وهو الذي يأتي ذكره كثيراً في الأسانيد فيقال قال أبو داود : حدثنا فلان حدثنا جرير . وأما هذا فهو جرير الضبي في طبقة عالية؛ لأنه في طبقة التابعين.

[ قال أبو داود : وروي عن سعيد بن جبير : فوق السرة ].

سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وقال أبو مجلز : تحت السرة ].

أبو مجلز هو لاحق بن حميد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه وليس بالقوي ].

يعني كونه تحت السرة، وقوله: [ وليس بالقوي ] يعني الحديث.

شرح حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة.

قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أنه قال: [ أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة ].

يعني أن الإنسان إذا أخذ بيمينه على شماله يجعلهما تحت السرة، وهذا غير ثابت، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الذي سبق أن مر، وهو ضعيف.

قوله: [ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ].

ذكر هنا تضعيف الإمام أحمد لـعبد الرحمن بن إسحاق .

تراجم رجال إسناد حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة

قوله: [ حدثنا مسدد عن عبد الواحد بن زياد ].

عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم ].

سيار أبي الحكم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي وائل ].

هو شقيق بن سلمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

قد مر ذكره.

شرح حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى )

قال رحمه الله تعالى:

[ حدثنا أبو توبة حدثنا الهيثم -يعني ابن حميد - عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاوس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة) ].

أورد أبو داود الحديث مرسلاً من طريق طاوس بن كيسان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره.

وهذا فيه التنصيص على أنه يكون وضعهما على الصدر، لكن الحديث مرسل، ولكنه قد جاءت أحاديث أخرى، من أصحها حديث وائل بن حجر في صحيح ابن خزيمة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره) فالثابت هو على الصدر.

تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى )

قوله: [ حدثنا أبو توبة ].

أبو توبة هو الربيع بن نافع ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن الهيثم -يعني ابن حميد - ].

الهيثم بن حميد صدوق، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن ثور ].

هو ثور بن يزيد الحمصي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن سليمان بن موسى ].

سليمان بن موسى صدوق، أخرج له مسلم في المقدمة وأصحاب السنن.

[ عن طاوس ].

هو طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

والحديث مرسل؛ لأن قول التابعي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو من قبيل المرسل، لكن هذا المرسل مطابق لما جاء من حديث وائل بن حجر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم في ثبوت وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.

حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]، فـأبو داود رحمه الله رتب الأبواب التي أوردها على وفق تنفيذ أعمال الصلاة؛ لأنه أولاً ذكر استفتاح الصلاة وأنه يكون بالتكبير ويكون فيه رفع اليدين، ثم لما فرغ من ذلك انتقل إلى وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لأن الإنسان أولاً يكبر ويرفع يديه ثم يضع اليد اليمنى على اليسرى، ثم بعد ذلك يأتي بالاستفتاح، فترتيبه رحمه الله للموضوعات أو للأبواب التي أوردها موافق لهيئة الصلاة ولكيفية الصلاة.

وأورد المصنف هنا حديث ابن الزبير أنه قال: [ (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ].

ومعنى صف القدمين أن الإنسان في الصلاة يصف قدميه متساويتين ليس في إحداهما تقدم ولا تأخر، وليس المراد إلصاقهما، بل المراد تساويهما في مكان الوقوف.

وبعد ذكر صف القدمين ذكر وضع اليد على اليد في الصلاة ثم قال: [(من السنة)] والصحابي إذا قال: (من السنة) فإن قوله يكون من قبيل المرفوع؛ لأن المقصود بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا فيه ذكر وضع اليد على اليد.

قيل: والحكمة من ذلك أن فيه خضوعاً وتذللاً لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن هذه الهيئة من خصائص الصلاة ولا تفعل أمام أحد من الخلق، وإنما تفعل والإنسان يناجي ربه في الصلاة، وهي هيئة ذل وخضوع لله سبحانه وتعالى، فإذا دخل الإنسان في صلاته يناجي ربه فإنه يكون على هذه الهيئة التي هي تذلل وخضوع لله سبحانه وتعالى.

وهذه الهيئة تفعل في سائر أحوال المصلين، سواء أكان المصلي منفرداً أم في جماعة، ويمكن أن يكون معنى قوله: [(صف القدمين)] تراص الصفوف واتصالها في صلاة الجماعة، إلا أن قوله: [(صف القدمين)] يشمل جميع أحوال المصلي، فيكون المعنى هو تساويهما.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع