شرح سنن أبي داود [022]


الحلقة مفرغة

شرح حديث المقدام بن معد يكرب في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرةحدثنا حريز حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي سمعت المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ: فغسل كفيه ثلاثاً، ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث من طريق المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه، وذلك أنه بعدما فرغ من الأحاديث التي جاءت عن طريق عبد الله بن زيد بن عاصم أتى بالأحاديث التي جاءت من رواية المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه.

وفي هذا الحديث قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ: فغسل يديه ثلاثاً، وتمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ثلاثاً -أي: كل يد ثلاثاً ثلاثاً- ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما)، يعني: مرة واحدة وانتهى عند هذا الحد، ولم يذكر غسل الرجلين، أي: أنه ذكر الحديث مختصراً.

وذكر في المسح أنه مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، يعني: مرة واحدة، ومسح الأذنين يكون مع الرأس؛ لأن الأذنين من الرأس، فيمسحان ولا يغسلان، وقد جاء بيان كيفية مسحهما، وأنه يضع السبابة في داخل الأذنين والإبهام على ظهر الأذنين فيمسح بهما باطن الأذنين وظاهرهما، باطنهما بالسبابة وظاهرهما بالإبهام، كما جاء في بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تبين أنه توضع السبابة في داخل الأذنين والإبهام في خارج الأذنين، ومسحهما يكون مع مسح الرأس.

تراجم رجال إسناد حديث المقدام بن معد يكرب في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

قوله: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا أبو المغيرة ].

أبو المغيرة هو عبد القدوس بن حجاج وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا حريز ].

هو حريز بن عثمان الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.

[حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي ].

عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي مقبول، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة .

[سمعت المقدام بن معد يكرب الكندي ].

المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.

شرح حديث المقدام في صفة وضوء النبي من طريقة ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد ويعقوب بن كعب الأنطاكي لفظه قالا: حدثنا الوليد بن مسلم عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرَّهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، وفيه: (أنه توضأ حتى وصل إلى رأسه فوضع كفيه على مقدم رأسه وأمرَّهما إلى آخره، ثم رجع إلى المكان الذي منه بدأ) وهذا يتفق مع ما تقدم في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم في قوله: (بدأ بمقدم رأسه حتى انتهى إلى قفاه ثم رجع إلى المكان الذي بدأ منه) ففيه بيان كيفية مسح الرأس، وأنه يكون له كله بحيث يستوعب في المسح، فلا يسمح بعضه ويترك بعضه، وأن طريقة المسح أن يبدأ بالمقدم حتى ينتهي إلى الآخر ويرجع إلى المكان الذي بدأ منه مرة واحدة.

تراجم رجال إسناد حديث المقدام من طريقة ثانية

قوله: [حدثنا محمود بن خالد ].

هو محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ ويعقوب بن كعب الأنطاكي ].

يعقوب بن كعب الأنطاكي ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[ لفظه ].

يعني: أن اللفظ الموجود هو للشيخ الثاني الذي هو يعقوب بن كعب الأنطاكي ، فالضمير يرجع إلى يعقوب بن كعب الأنطاكي ، يعني: أن اللفظ لفظه، وليس لفظ الشيخ الأول الذي هو محمود .

[ قالا: حدثنا الوليد بن مسلم ].

هو الوليد بن مسلم الدمشقي ثقة يدلس ويسوي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام بن معد يكرب ].

قد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال محمود : قال: أخبرني حريز ].

لما قال أبو داود رحمه الله تعالى: إن اللفظ لفظ يعقوب أشار إلى شيء عند محمود الذي لم يسق لفظه وهو تصريح الوليد بن مسلم بالإخبار عن حريز بن عثمان ، وعلى هذا فيكون التدليس الذي يخشى من الوليد بن مسلم -لأنه مدلس- قد زال بتصريحه بالإخبار الذي جاء من طريق محمود بن خالد الذي هو شيخ المصنف الأول؛ لأنه ساقه على لفظ الشيخ الثاني وفيه الرواية بالعنعنة؛ لأن طريق يعقوب بن كعب الأنطاكي فيها: الوليد عن حريز ، لكن لفظ محمود : أخبرني حريز ، فقوله: أخبرني حريز هذه تصريح بالسماع، فينتفي احتمال التدليس، ولهذا أشار أبو داود رحمه الله إلى لفظ محمود بن خالد وأن فيه تصريح الوليد بن مسلم بالسماع من حريز بن عثمان ، فاحتمال كونه دلس في هذا الحديث قد زال بالتصريح بالسماع.

فـالوليد صرح بينه وبين شيخه بالتحديث، لكن بقي بعد ذلك تدليس التسوية؛ لأنه يدلس ويسوي، يعني: أن عنده تدليس إسناد وتدليس تسوية.

شرح حديث المقدام في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد وهشام بن خالد المعنى قالا: حدثنا الوليد بهذا الإسناد قال: (ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما) زاد هشام : (وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه) ].

أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب من طريق أخرى وفيه: (ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما) وزاد هشام الذي هو الشيخ الثاني: ( وأدخل أصابعه -يعني: السبابتين- في صماخ أذنيه) يعني: في الثقب أو في شق الأذن، وقد جاء في بعض الروايات: (أنه يجعل السبابة في داخلهما والإبهام في خارجهما)، وهنا فيه الإشارة إلى أنه أدخل الأصابع -أي: السبابتين- في صماخهما، يعني: في شق الأذنين.

تراجم رجال إسناد حديث المقدام من طريق ثالثة

قوله: [حدثنا محمود بن خالد وهشام بن خالد ].

محمود بن خالد مر ذكره، وهشام بن خالد صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[المعنى].

يعني: أن هذين الشيخين لم يتفقا في الألفاظ في حديثهما، ولكنهما اتفقا في المعنى، وهذه طريقة أبي داود رحمه الله، وقد سبق في موضع أنه ذكر ثلاثة من شيوخه، ثم قال: المعنى، يعني: أنهم متفقون في المعنى مع اختلافهم في الألفاظ، وهنا ذكر شيخين وقال: المعنى. أي: أنهما متفقان في المعنى مع اختلافهما في بعض الألفاظ.

[قالا: حدثنا الوليد بهذا الإسناد].

أي: بالإسناد الذي تقدم.

شرح حديث معاوية في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء حدثنا أبو الأزهر المغيرة بن فروة ، ويزيد بن أبي مالك : (أن معاوية رضي الله عنه توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه) ].

بعدما ذكر أبو داود رحمه الله حديث المقدام بن معد يكرب أتى بحديث معاوية رضي الله عنه، وأنه توضأ للناس، يعني: أنه أراد أن يريهم الوضوء وكيفية الوضوء، وهذا كما ذكرت من كمال نصح الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وحرصهم على بيان السنن للناس، بالقول والفعل، فإن عثمان رضي الله عنه توضأ للناس، وعلي رضي الله توضأ وكان قد صلى، فقالوا: إنما يريد أن يعلمنا. ومعاوية رضي الله عنه توضأ للناس يريد أن يريهم كيفية وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما جاء إلى رأسه أخذ بيده اليمنى غرفة من ماء وجعلها في يده اليسرى، ثم وضعها على وسط رأسه، ثم مسح بمقدم رأسه إلى قفاه. وهذا فيه بيان أن الرأس يمسح بماء جديد، يعني: غير فضل اليدين الذي يبقى بعد غسل اليدين إلى المرفقين، وإنما مسحه بماء جديد فوضع ذلك على رأسه ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه. يعني: أنه بدأ بالمقدم حتى انتهى بالمؤخر ورجع إلى المكان الذي بدأ منه.

تراجم رجال إسناد حديث معاوية في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

قوله: [حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ].

هو مؤمل بن الفضل الحراني الجزري صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

[حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء ].

الوليد بن مسلم قد مر ذكره، وعبد الله بن العلاء ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[حدثنا أبو الأزهر المغيرة بن فروة ].

أبو الأزهر المغيرة بن فروة مقبول، أخرج له أبو داود .

يزيد بن أبي مالك ].

هو يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك ، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[أن معاوية ].

هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه أمير المؤمنين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حكم أخذ ماء جديد لمسح الرأس والأذنين

أما أخذ ماء جديد للأذنين هل هو على الوجوب أو الاستحباب؟ فلا أعلم فيه شيئاً يفيد الأخذ، وإنما فيه أنه صلى الله عليه وسلم مسحهما بماء الرأس، فلا أعرف شيئاً يدل على أنه يأخذ ماءً جديداً لهما.

وأخذ ماء جديد للرأس الذي يبدو أنه يجب؛ لأنه جاءت الأحاديث بأنه صلوات الله وسلامه عليه لم يمسحهما بالماء المتبقي بعد غسل اليدين إلى المرفقين، بل أخذ ماءً جديداً.

شرح حديث معاوية في صفة وضوء النبي من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد بهذا الإسناد قال: (فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، وغسل رجليه) بغير عدد].

أورد المصنف رحمه الله حديث معاوية رضي الله عنه من طريق أخرى وفيه أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وغسل رجليه بغير عدد، يعني: أنه لم ينص على ذكر العدد، ولكن العدد جاء مبيناً في الرواية الأخرى، وجاء أنه لا يزاد على ثلاث، فإذا جاء بغير عدد فمعناه أنه يكون في حدود ما قد ورد، فرواية بغير عدد إما أن تكون مقيدة في حدود ما ورد أو تكون شاذة.

قوله: [حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد ].

محمود بن خالد والوليد قد مر ذكرهما.

شرح حديث الربيع بنت معوذ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا. فحدثتنا أنه قال: اسكبي لي وضوءاً، فذكرت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فيه: فغسل كفيه ثلاثاً، ووضأ وجهه ثلاثاً، ومضمض واستنشق مرة، ووضأ يديه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما، ووضأ رجليه ثلاثاً ثلاثاً).

قال أبو داود : وهذا معنى حديث مسدد ].

أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث الذي جاء من طريق الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله تعالى عنها، وهو في بيان صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء إليهم في بيتهم، وأنه قال: (اسكبي لي وضوءاً -يعني: صبي أو أفرغي من الإناء الكبير في إناء يتوضأ به- فسكبت له وضوءاً فتوضأ) ثم ذكرت كيفية وضوء رسول الله فقالت: (فغسل كفيه ثلاثاً -يعني: قبل إدخالها في الإناء- ثم وضأ وجهه ثلاثاً، ومضمض واستنشق مرة واحدة)، وذكر المضمضة والاستنشاق بعد الوجه لا يعني أنهما تكونان بعد ما يفرغ من الوجه، بل يكونان قبل البدء في غسل الوجه، كما تقدم ذلك في الأحاديث أنه يتمضمض ويستنشق ثم يغسل وجهه، وفيه أنها مرة واحدة، وقد جاء أنها ثلاث مرات، وكل ذلك سائغ.

قوله: [ (ووضأ يديه ثلاثاً) ].

يعني: غسل يديه ثلاثاً.

قوله: [ (ومسح برأسه مرتين) ].

يعني: إذا كان قوله: (مسح برأسه مرتين) يقصد به الإقبال والإدبار وأنهما حسبا شيئين فهذا لا إشكال فيه؛ لأنه لم يخرج عن المسحة الواحدة؛ لأن المسحة الواحدة فيها إقبال وإدبار، وإن كان المقصود أكثر من مسحة بحيث يأخذ ماءً ثم يمسح ثم يأخذ ماءً ثم يمسح، فيكون في ذلك زيادة في العدد، وهذا خلاف ما ثبت في الروايات الكثيرة من أن المسح يكون مرة واحدة، لكن يمكن أن يحمل قوله: (مرتين) بما يتفق مع الروايات؛ وذلك بأن يكون الإقبال حسب مرة والإدبار مرة، وعلى هذا لا إشكال إذا كان هذا هو المعنى، أما إن كانت المسحة الثانية مستقلة عن الأولى فيكون فيه زيادة عن المرة الواحدة، وهذا خلاف الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلاف المحفوظ في الروايات الكثيرة في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ (يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما) ].

هذا أيضاً مشكل على ما تقدم من الروايات: (أنه يبدأ بمقدم رأسه حتى ينتهي إلى قفاه ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه)، وبعض أهل العلم قال: إن ذلك سائغ؛ لأن المهم أن يمسح الرأس، سواءً بدأ بالمقدم أو المؤخر. لكن الروايات الكثيرة جاءت مبينة أن المسح يكون بالبدء بمقدم الرأس حتى الانتهاء إلى القفا ثم الرجوع إلى المكان الذي بدأ منه.

قوله: [ (ووضأ رجليه ثلاثاً ثلاثاً) ].

يعني: غسلهما ثلاثاً ثلاثاً.

تراجم رجال إسناد حديث الربيع بنت معوذ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

قوله: [حدثنا مسدد ].

مسدد هو: ابن مسرهد مر ذكره.

[حدثنا بشر بن المفضل ].

بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ].

هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ، وهو صدوق في حديثه لين، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[عن الربيع بنت معوذ بن عفراء ].

الربيع بنت معوذ بن عفراء صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.

[قال أبو داود : وهذا معنى حديث مسدد ].

يعني: أن الحديث ذكره أبو داود بالمعنى ولم يذكره باللفظ؛ لأن الحديث كله جاء من طريق واحد من طريق مسدد ، لكنه قال: وهذا معنى حديث مسدد ، يعني: ليس لفظه، وكأن أبا داود لم يضبط اللفظ، ولكنه ضبط المعنى، فأتى به وأشار إلى أن الذي أثبته هنا إنما هو بالمعنى وليس باللفظ، ومن المعلوم أن اللفظ إذا أمكن ضبطه والمحافظة عليه فهذا هو الذي لا ينبغي العدول عنه؛ لأن ألفاظ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يحافظ عليها، وألا يتصرف فيها إلا عند الحاجة، ولكن إذا لم يضبط الراوي اللفظ ولكنه ضبط المعنى فيتعين عليه أن يؤديه على الوجه الذي تمكن منه، فإذا لم يتمكن من اللفظ وتمكن من ضبط المعنى ومن فهم المعنى فإنه يرويه بالمعنى؛ لقوله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ولا يتركه لكونه لم يضبط اللفظ، بل إذا كان قد ضبط المعنى فيرويه بالمعنى، وبعض أهل العلم يجيز الرواية بالمعنى، لكن بشروط منها: أن يكون ذلك من شخص عارف بمقتضيات الألفاظ وبما يحيل المعاني، ولكن مهما يكن من شيء فإن المحافظة على ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم والإتيان بها كما جاءت هذا هو الذي لا ينبغي العدول عنه.

شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن ابن عقيل بهذا الحديث يغير بعض معاني بشر ، قال فيه: (وتمضمض واستنثر ثلاثاً) ].

أورد المصنف حديث الربيع من طريق أخرى وأشار إلى أن لفظه قريب من لفظ بشر وأنه غير بعض الألفاظ التي جاءت في حديث بشر ، ومما جاء فيه (أنه تمضمض واستنشق ثلاثاً)، والذي تقدم في حديث بشر : (أنه تمضمض واستنشق مرة واحدة).

وقوله ([وتمضمض واستنثر ثلاثاً)].

الاستنثار والاستنشاق متلازمان كما ذكرنا؛ فالاستنشاق هو: جذب الماء إلى داخل الأنف، والاستنثار هو: إخراجه من الأنف، وكل منهما ملازم للثاني، فالاستنشاق يعقبه استنثار، والاستنثار يسبقه استنشاق، فهما شيئان متلازمان.

تراجم رجال إسناد حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثانية

قوله: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل ].

هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة، أخرج له أبو داود .

[حدثنا سفيان ].

سفيان هو: ابن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عقيل ].

ابن عقيل هو عبد الله بن محمد بن عقيل الذي مر ذكره.

شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد الهمداني قالا: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها، فمسح رأسه كله من قرن الشعر كل ناحية لمنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها من طريق أخرى، وفيه ذكر الإشارة إلى كيفية مسح الرأس.

قوله: [ (فمسح رأسه كله من قرن الشعر) ].

قرن الشعر هو: مقدم الرأس.

قوله: [ (كل ناحية بمنصب الشعر) ].

يعني: الجهات التي يسترسل وينزل معها الشعر، ومنصب الشعر هو: المكان الذي ينزل معه الشعر.

قوله: [ (لا يحرك الشعر عن هيئته) ].

يعني: أنه لا يجعل يده تحركه، وإنما هو على هيئته التي هو عليها، أي: أنه يمسح على رأسه كله من جميع الجوانب بحيث يستوعبه مسحاً، يبدأ من مقدم رأسه إلى منصب الشعر الذي هو الجوانب التي ينزل فيها الشعر حتى ينتهي إلى القفا دون أن يحرك الشعر، بمعنى: أنه لا يجعل يده تدخل مع الشعر، أو تتخلل في الشعر، وإنما يترك الشعر على هيئته وعلى وضعه.

تراجم رجال إسناد حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة

قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد ].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ويزيد بن خالد الهمداني ].

يزيد بن خالد الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[قالا: حدثنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عجلان ].

ابن عجلان هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج حديثه ا




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2886 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2727 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2695 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2673 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2642 استماع