إن ربك لبالمرصاد


الحلقة مفرغة

الحمد لله، الحمد لله الذي بأمره تنسف الجبال نسفاً، فتكون قاعاً صفصفاً، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، الحمد لله الذي بأمره تنكدر النجوم، وتنفطر السماء، وتنشق السماء، وتمد الأرض، وتسجر البحار وتفجر، الحمد لله الذي بيده مقاليد السماوات والأرض.

الحمد لله العظيم الذي تكون الأرض بيده يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، الحمد لله منزل النعم، ودافع النقم، الحمد لله منشئ السحاب، منـزل الكتاب، هازم الأحزاب.

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي سبب الفوز والنجاة، وهي سبب النصر والرفعة، وهي سبب العزة والكرامة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

معاشر المؤمنين: يقول ربنا جل وعلا: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:1-5] ويقول: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:6-14].

الحمد لله القائل: وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ * وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ * وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ [الذاريات:38-45].

الحمد لله الذي لا يعلم جنوده إلا هو: وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ [المدثر:31].

عباد الله: كلكم قد سمع وتابع بمنتهى الحرص والعناية والاهتمام ما كان قبل ليلتين، وذلك بحلول وعد الله، وسوء عقابه على يد جندٍ من جنوده، بذلك الطاغية الذي طالما تكبر وتجبر، وطالما دعي إلى السلم مع أهون شروطه وأبسط قواعده وأهون التزاماته، ومع ذلك أبى إلا هذه المعركة.

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمُ     وما هو عنها بالحديث المرجّمِ

أبى إلا تلك الساعة، فكانت بأمر الله الساعة، كانت ساعةً أقضت مضجعه، ومزقت شمله، وفرقت جمعه، ولا عبرة بما تسمعون من بعض الإذاعات المرجفة أو العميلة والدخيلة التي تهون من شأن المصائب التي وقعت على أم رأسه، أو تبالغ، أو تفتري مصائب وقعت بمن وقفوا في وجهه.

عباد الله: كل ذلك بقدر الله، كل ذلك بأمر الله، ووالله لقد سألنا الله أن يدفع البلاء عن المؤمنين، وإن كان في الحرب خيرٌ للأمة، فقد سألناها الله أن تكون مدمدمةً لهذا الطاغية، لقد آن له أن يستوفي حسابه، وأن ينال جزاءه، أين دماء الأكراد؟ هل ينساها التاريخ بوضع كلمة الله أكبر على راية الجيوش؟

أين دماء الأكراد؟ وهل ينساها التاريخ بدعوى الإسلام والجهاد زوراً وبهتاناً؟ أين علماء العراق؟ أين عبد العزيز البدري؟ أين العلماء الذين شردوا من العراق؟ أين العلماء الذين قتلوا شنقاً وغيلةً؟ أين أولئك جميعاً؟: (بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14].

أعطى زعماء الدول المجاورة وعوداً بالكف عن جيرانه، وعدم الاعتداء والغزو عليهم، وفي ليلة ليلاء مظلمة ظلماء إذ به يجر جيوشه لتزحف على جارة صغيرة وادعة، وفي نفس الليلة جاءته الجيوش الجرارة من بين يديه، ومن خلفه، ومن فوقه، ومن تحته، اعتدى على الكويت قبل فجر الخميس اعتدى على الكويت في الساعة الثانية والنصف، وضرب في الثانية والنصف، في اليوم والساعة واللحظة والتاريخ، إن الجزاء من جنس العمل، ومع ذلك -يا عباد الله- لا يزال المغرورون به المخدوعون بوهم عظمته يطبلون ويغنون له، ويزعمون أنه هو الذي سيصمد لهذه الأمة في الساحة.

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً     أبشر بطول سلامةٍ يا مربع

إياكم أن تغتروا ببعض أعمال الطغاة

وإن مما زادني عجباً ودهشةً ما سمعت البارحة أنه وجه بعض الصواريخ إلى إسرائيل، وهذه حركة المذبوح، ليست غيرةً على اليهود، فليس بأهلٍ أن يغار لهم، ولكن أين هذه الصواريخ في اليوم الذي ضربت فيه الكويت ؟ لماذا لم تبدأ بها إسرائيل؟ أين هذه الصواريخ في بداية معاركه، أيام تهديده ووعيده؟ ولكن وكان العقلاء يقولون هذا في اللحظة التي لم يبق ولن يبقى معه إلا قليلاً من العدد والعدد سيوجه اثنين أو ثلاثة منها إلى إسرائيل لا حباً في الجهاد، ولا كراهيةً في اليهود، وإنما ليقول الغوغاء والبسطاء والسذج والعامة: انظروا فهذا قائد مخلص، ولكن ما سبق من أفاعيله وأباطيله لا تجعل عقلاء الأمم تنطلي عليهم هذه الحيلة، من ضربه بعض الصواريخ لتلك البلاد، مع أننا لا نشك في وعد الله لأمة الإسلام، التي ستواجه اليهود يوماً ما، ولكن من الذي يواجه اليهود؟ هل هم البعثيون الذين يقولون:

آمنت بالبعث رباً لا شريك له     وبالعروبة ديناً ما له ثاني

أولئك الذين يواجهون إسرائيل؟ من الذي يواجه إسرائيل؟ أولئك الذين يقولون:

سلامٌ على كفرٍ يوحد بيننا     وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ

لا. يواجه إسرائيل الفئة المؤمنة الطاهرة المتوضئة، التي أخلصت ولاءها لله ولرسوله ودينه، حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم! -ولا يقول يا بعثي- يا مسلم! ورائي يهودي تعال فاقتله، تلك الموقعة التي هي بشارة المؤمنين بالمعركة الفاصلة مع اليهود، أما هذه فتمثيلية تنطلي على السذج والبسطاء إذا رأوا قذيفة أو اثنتين سقطت في تل أبيب ، قالوا: إن الرجل بحق يجاهد اليهود في فلسطين ، لا والله، إن الذي يدرك سيرته، وتاريخ حزبه، وأفكار منظمته، وحقائق ملته وبدعته هذه، بل وكفره وطغيانه، يعرف أنه ليس بكفءٍ وليس أهلاً أن ينال شرفاً يدعي به جهاداً يواجه به اليهود.

عباد الله: هذه عقوبة الله لهذا الطاغية المتجبر، فكم من طفل مات في الصحراء عطشاً! وكم من عذراء انتهك عرضها! وكم من حصون رزان عفيفةٍ منيفةٍ اغتصبت غصباً! وكم من أناسٍ فتحت عليهم أفواه البنادق والرشاشات ظلماً وعدواناً! وكم من أناسٍ سلبت أموالهم وشردوا، حتى بحثوا عن أهليهم وذويهم في الإذاعات، هذا في الشرق، وهذا في الغرب، هذا في الشمال، وهذا في الجنوب! نسأل الله أن يعجل وأن يضاعف له العقوبة، وأن ينتقم للأيامى والثكالى، والأرامل واليتامى، والأطفال والشيوخ، والعجائز والمعوقين منه، لقد فعل بهم الأفاعيل وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [الأنعام:132].

وإن مما زادني عجباً ودهشةً ما سمعت البارحة أنه وجه بعض الصواريخ إلى إسرائيل، وهذه حركة المذبوح، ليست غيرةً على اليهود، فليس بأهلٍ أن يغار لهم، ولكن أين هذه الصواريخ في اليوم الذي ضربت فيه الكويت ؟ لماذا لم تبدأ بها إسرائيل؟ أين هذه الصواريخ في بداية معاركه، أيام تهديده ووعيده؟ ولكن وكان العقلاء يقولون هذا في اللحظة التي لم يبق ولن يبقى معه إلا قليلاً من العدد والعدد سيوجه اثنين أو ثلاثة منها إلى إسرائيل لا حباً في الجهاد، ولا كراهيةً في اليهود، وإنما ليقول الغوغاء والبسطاء والسذج والعامة: انظروا فهذا قائد مخلص، ولكن ما سبق من أفاعيله وأباطيله لا تجعل عقلاء الأمم تنطلي عليهم هذه الحيلة، من ضربه بعض الصواريخ لتلك البلاد، مع أننا لا نشك في وعد الله لأمة الإسلام، التي ستواجه اليهود يوماً ما، ولكن من الذي يواجه اليهود؟ هل هم البعثيون الذين يقولون:

آمنت بالبعث رباً لا شريك له     وبالعروبة ديناً ما له ثاني

أولئك الذين يواجهون إسرائيل؟ من الذي يواجه إسرائيل؟ أولئك الذين يقولون:

سلامٌ على كفرٍ يوحد بيننا     وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ

لا. يواجه إسرائيل الفئة المؤمنة الطاهرة المتوضئة، التي أخلصت ولاءها لله ولرسوله ودينه، حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم! -ولا يقول يا بعثي- يا مسلم! ورائي يهودي تعال فاقتله، تلك الموقعة التي هي بشارة المؤمنين بالمعركة الفاصلة مع اليهود، أما هذه فتمثيلية تنطلي على السذج والبسطاء إذا رأوا قذيفة أو اثنتين سقطت في تل أبيب ، قالوا: إن الرجل بحق يجاهد اليهود في فلسطين ، لا والله، إن الذي يدرك سيرته، وتاريخ حزبه، وأفكار منظمته، وحقائق ملته وبدعته هذه، بل وكفره وطغيانه، يعرف أنه ليس بكفءٍ وليس أهلاً أن ينال شرفاً يدعي به جهاداً يواجه به اليهود.

عباد الله: هذه عقوبة الله لهذا الطاغية المتجبر، فكم من طفل مات في الصحراء عطشاً! وكم من عذراء انتهك عرضها! وكم من حصون رزان عفيفةٍ منيفةٍ اغتصبت غصباً! وكم من أناسٍ فتحت عليهم أفواه البنادق والرشاشات ظلماً وعدواناً! وكم من أناسٍ سلبت أموالهم وشردوا، حتى بحثوا عن أهليهم وذويهم في الإذاعات، هذا في الشرق، وهذا في الغرب، هذا في الشمال، وهذا في الجنوب! نسأل الله أن يعجل وأن يضاعف له العقوبة، وأن ينتقم للأيامى والثكالى، والأرامل واليتامى، والأطفال والشيوخ، والعجائز والمعوقين منه، لقد فعل بهم الأفاعيل وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [الأنعام:132].

معاشر المؤمنين: وأمام هذه الأحداث ماذا ينبغي علينا فعله؟ ما هو واجبنا تجاه المرحلة التي تعيشها أمتنا؟ هل ينقسم المجتمع إلى رجال أمن في الداخل، وجنود على الحدود وفي الميادين؟ لا. كلنا في هذه الأيام جنودٌ لأمتنا، كلنا خدمٌ لإخواننا، كلنا عونٌ لبعضنا البعض، إلا نفعل ذلك: تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [الأنفال:73].

حراسة الأوطان

ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أن على كل واحد منا مسئولية عظيمة، وواجبات كريمة، شرفنا الله بها، وكلفنا فضلاً بها، فلنتمسك بما أوتينا، ونلتزم بما عهد إلينا، وأصرح بعد العموم قائلاً: إن واجب الناس في المجتمعات والأحياء أن يكونوا حراساً لمجتمعاتهم، وأسواقهم ومتاجرهم، وليعرفوا تمام المعرفة أن الأمة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ما من مجتمع يخلو من المتربصة والمرتزقة والدخلاء والعملاء، فلننتبه لوجود هذه الطائفة، ولنحرص تمام الحرص أن نكون عيوناً ساهرةً، وجنوداً باصرةً، لنعرف ماذا يدور في المجتمع تمام المعرفة.

واجب الشباب في كل حي من الأحياء أن يرتبوا أنفسهم، وأن يعرفوا عدد الشباب الموجودين في كل حي، بترتيب مع عمدتهم، أو إمام مسجدهم، ويعدوا أنفسهم وأسماءهم في قائمة، وأن يبلغوها لأقرب مركز من مراكز الشرطة، ويقولوا: هؤلاء الشباب بأرقام هواتفهم تحت طلبكم في أي لحظة، إضافةً إلى أنهم موجودون في الليل دوريةً راجلةً، أو سيارةً في الحي لكي يتتبعوا أي وجهٍ غريبٍ، أو حركةٍ عجيبةٍ، أو فعلٍ مشبوهٍ، أو تصرفاتٍ تثير العجب والدهشة، من واجب الشباب أن يهتموا بهذا تمام الاهتمام.

ومن واجب أهل الأحياء أن يتعرف كل واحد على أسماء جيرانه، ومن حوله، فعدد الفلل التي عن يمينه، والتي عن شماله، ومن المصيبة أن نقول هذا الكلام اليوم؛ لأن واجب المسلم أن يعرف جيرانه حق المعرفة من قبل، ولكن كيف وقد حصل عند بعض المسلمين تقصير في معرفة جيرانهم وأهل حيهم، من واجب كل واحد أن يطرق الباب على جاره، وأن يسأله عن اسمه إن كان يجهله، ورقم هاتفه وعدد أولاده الشباب، ثم يأتي إلى الذي بعده، وأن يتناوبوا الليل بين الفينة والأخرى، يخرج اثنان منهم فيلتفتوا ويدوروا وينظروا ويتأملوا، هل يدور في هذا الشارع أمرٌ غريب أم لا؟ حينئذٍ يبقى المتربصون محبوسين في كيدهم، وفي باطنهم لشدة ما يرون من إعداد المؤمنين لهم.

فيا معاشر الإخوة: هذا واجبنا إن لم نكن على الحدود، وإن لم نكن في مهمة مدنية أو عسكرية، فإن واجبنا في أحيائنا قائم، وانتبهوا جيداً لكل مرفق من مرافق أرضكم ومجتمعكم وأمتكم، لا تقل هذا ليس في حيٍ لنا، أو هذه ليست بمملوكة لنا، لا. وإنما كل عمل ترى فيه عجباً ودهشةً، فعليك بأن تضاعف، وأن تثير حب الفضول، وأن تعرف ماذا يدور، إن كان تحت سمع وبصر، وإلا فبلغ وتابع وتحر وابحث، لكي تعرف ماذا يدور في مجتمعك تمام المعرفة، هذا من واجبنا، ومن مسئولياتنا، أن نشهد جميعاً هذه الحرب وأن نواجهها، والحمد لله على كل حال إن كان قدر للأمة أن تواجه حرباً، فالحمد لله على مقاديره التي تدور على تمام العدل؛ لأن الله لا يقدر ظلماً، والحمد لله على مقاديره التي تدور على تمام الحكمة؛ لأن الله لا يقدر عبثاً، والحمد لله على مقاديره التي تقوم على الرحمة، لأن رحمته سبقت غضبه، ورحمته وسعت كل شيء.

تقديم الأمة أبناءها للجهاد

الحمد لله على كل حال، ثم ماذا؟ كذلك على الأمة أن تقدم من فلذات أكبادها .. من أبنائها .. من رجالها شباباً شهداءً، نسأل الله أن يكرمهم بهذا، إن يمت لا يجد من آلام الموت إلا كالقرصة، وما أن يسيل دمه إلا يغفر له عند أول دفعة من دمه ويرى مجلسه من الجنة، ويؤمن من فتنة القبر، وله اثنتان وسبعون حورية، ويشفع في سبعين من أهل بيته، هكذا أعد الله وعداً جزيلاً لعباده المؤمنين الصادقين المجاهدين المخلصين لإعلاء كلمة الله، للذود والذب عن أعراضهم، وعن مقدساتهم، وعن أموالهم وأنفسهم وحرماتهم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون عرضه فهو شهيد) بفضل الله ومنه وكرمه أن جعل الموت ساعةً لا تتقدم ولا تتأخر، مع أن الموت ساعةٌ لا تتقدم ولا تتأخر جعل الله لمن مات في جهاده مخلصاً من قلبه، جعل الله ميتته شهادةً في سبيله، وإلا فإن الموت يدركه سواءً كان في الجبهة والميدان، أو كان على فراشه وسريره، لكن لما عظمت همته، وعلت نفسه، أكرمه الله بمنه وفضله: وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [النساء:113].

معاشر المؤمنين: لقد رأينا من شبابنا -بفضل الله ومنه- ما يثلج الصدور ويطمئن القلوب والأفئدة، فنسأل الله لأولئك الشباب -سواءً كانوا من الطيارين، أو كانوا في القوات البرية، أو من المشاة والمدفعية، أو في أي مجال من المجالات، أو كانوا في عداد المتطوعين- نسأل الله أن يربط على قلوبهم، وأن يقذف السكينة في نفوسهم، وأن يثبتهم، وأن يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يجعل عملهم هذا خالصاً لوجهه، نسأل الله أن يرزقهم الاحتساب، نسأل الله أن يجعل هذا في أثقل أعمالهم يوم القيامة، فاسألوا الله أن يجعل لهم من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافيةٍ، ومن كل فاحشةٍ أمناً، ومن كل فتنةٍ عصمةً بفضل الله جل وعلا.

عرفنا منهم عدداً من الطيارين، ورأينا منهم عدداً من الضباط والأفراد، كلهم بمعنويات عالية، وحديثهم ونشيدهم:

خرجنا إلى الحرب شُمَّ الأنوف     كما تخرج الأسد من غابها

نمرُّ على شفرات السيوف     ونأتي المنية من بابها

ونعلم أن القضا واقعٌ     وأن الأمور بأسبابها

ستعلم أمتنا أننا     ركبنا الخطوب حناناً بها

فإن نلق حتفاً فيا حبذا     الشهادة تجي لخطابها

وكم حيةٍ تنطوي حولنا     فننسل من بين أنيابها

الحمد لله الذي جعل في أمة الإسلام أمثال هؤلاء الشباب، ونسأل الله أن يجعل جميع شباب الأمة على هذا القدر، وعلى هذه المعنوية، وبهذا الإخلاص والاحتساب.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أن على كل واحد منا مسئولية عظيمة، وواجبات كريمة، شرفنا الله بها، وكلفنا فضلاً بها، فلنتمسك بما أوتينا، ونلتزم بما عهد إلينا، وأصرح بعد العموم قائلاً: إن واجب الناس في المجتمعات والأحياء أن يكونوا حراساً لمجتمعاتهم، وأسواقهم ومتاجرهم، وليعرفوا تمام المعرفة أن الأمة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ما من مجتمع يخلو من المتربصة والمرتزقة والدخلاء والعملاء، فلننتبه لوجود هذه الطائفة، ولنحرص تمام الحرص أن نكون عيوناً ساهرةً، وجنوداً باصرةً، لنعرف ماذا يدور في المجتمع تمام المعرفة.

واجب الشباب في كل حي من الأحياء أن يرتبوا أنفسهم، وأن يعرفوا عدد الشباب الموجودين في كل حي، بترتيب مع عمدتهم، أو إمام مسجدهم، ويعدوا أنفسهم وأسماءهم في قائمة، وأن يبلغوها لأقرب مركز من مراكز الشرطة، ويقولوا: هؤلاء الشباب بأرقام هواتفهم تحت طلبكم في أي لحظة، إضافةً إلى أنهم موجودون في الليل دوريةً راجلةً، أو سيارةً في الحي لكي يتتبعوا أي وجهٍ غريبٍ، أو حركةٍ عجيبةٍ، أو فعلٍ مشبوهٍ، أو تصرفاتٍ تثير العجب والدهشة، من واجب الشباب أن يهتموا بهذا تمام الاهتمام.

ومن واجب أهل الأحياء أن يتعرف كل واحد على أسماء جيرانه، ومن حوله، فعدد الفلل التي عن يمينه، والتي عن شماله، ومن المصيبة أن نقول هذا الكلام اليوم؛ لأن واجب المسلم أن يعرف جيرانه حق المعرفة من قبل، ولكن كيف وقد حصل عند بعض المسلمين تقصير في معرفة جيرانهم وأهل حيهم، من واجب كل واحد أن يطرق الباب على جاره، وأن يسأله عن اسمه إن كان يجهله، ورقم هاتفه وعدد أولاده الشباب، ثم يأتي إلى الذي بعده، وأن يتناوبوا الليل بين الفينة والأخرى، يخرج اثنان منهم فيلتفتوا ويدوروا وينظروا ويتأملوا، هل يدور في هذا الشارع أمرٌ غريب أم لا؟ حينئذٍ يبقى المتربصون محبوسين في كيدهم، وفي باطنهم لشدة ما يرون من إعداد المؤمنين لهم.

فيا معاشر الإخوة: هذا واجبنا إن لم نكن على الحدود، وإن لم نكن في مهمة مدنية أو عسكرية، فإن واجبنا في أحيائنا قائم، وانتبهوا جيداً لكل مرفق من مرافق أرضكم ومجتمعكم وأمتكم، لا تقل هذا ليس في حيٍ لنا، أو هذه ليست بمملوكة لنا، لا. وإنما كل عمل ترى فيه عجباً ودهشةً، فعليك بأن تضاعف، وأن تثير حب الفضول، وأن تعرف ماذا يدور، إن كان تحت سمع وبصر، وإلا فبلغ وتابع وتحر وابحث، لكي تعرف ماذا يدور في مجتمعك تمام المعرفة، هذا من واجبنا، ومن مسئولياتنا، أن نشهد جميعاً هذه الحرب وأن نواجهها، والحمد لله على كل حال إن كان قدر للأمة أن تواجه حرباً، فالحمد لله على مقاديره التي تدور على تمام العدل؛ لأن الله لا يقدر ظلماً، والحمد لله على مقاديره التي تدور على تمام الحكمة؛ لأن الله لا يقدر عبثاً، والحمد لله على مقاديره التي تقوم على الرحمة، لأن رحمته سبقت غضبه، ورحمته وسعت كل شيء.

الحمد لله على كل حال، ثم ماذا؟ كذلك على الأمة أن تقدم من فلذات أكبادها .. من أبنائها .. من رجالها شباباً شهداءً، نسأل الله أن يكرمهم بهذا، إن يمت لا يجد من آلام الموت إلا كالقرصة، وما أن يسيل دمه إلا يغفر له عند أول دفعة من دمه ويرى مجلسه من الجنة، ويؤمن من فتنة القبر، وله اثنتان وسبعون حورية، ويشفع في سبعين من أهل بيته، هكذا أعد الله وعداً جزيلاً لعباده المؤمنين الصادقين المجاهدين المخلصين لإعلاء كلمة الله، للذود والذب عن أعراضهم، وعن مقدساتهم، وعن أموالهم وأنفسهم وحرماتهم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون عرضه فهو شهيد) بفضل الله ومنه وكرمه أن جعل الموت ساعةً لا تتقدم ولا تتأخر، مع أن الموت ساعةٌ لا تتقدم ولا تتأخر جعل الله لمن مات في جهاده مخلصاً من قلبه، جعل الله ميتته شهادةً في سبيله، وإلا فإن الموت يدركه سواءً كان في الجبهة والميدان، أو كان على فراشه وسريره، لكن لما عظمت همته، وعلت نفسه، أكرمه الله بمنه وفضله: وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [النساء:113].

معاشر المؤمنين: لقد رأينا من شبابنا -بفضل الله ومنه- ما يثلج الصدور ويطمئن القلوب والأفئدة، فنسأل الله لأولئك الشباب -سواءً كانوا من الطيارين، أو كانوا في القوات البرية، أو من المشاة والمدفعية، أو في أي مجال من المجالات، أو كانوا في عداد المتطوعين- نسأل الله أن يربط على قلوبهم، وأن يقذف السكينة في نفوسهم، وأن يثبتهم، وأن يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يجعل عملهم هذا خالصاً لوجهه، نسأل الله أن يرزقهم الاحتساب، نسأل الله أن يجعل هذا في أثقل أعمالهم يوم القيامة، فاسألوا الله أن يجعل لهم من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافيةٍ، ومن كل فاحشةٍ أمناً، ومن كل فتنةٍ عصمةً بفضل الله جل وعلا.

عرفنا منهم عدداً من الطيارين، ورأينا منهم عدداً من الضباط والأفراد، كلهم بمعنويات عالية، وحديثهم ونشيدهم:

خرجنا إلى الحرب شُمَّ الأنوف     كما تخرج الأسد من غابها

نمرُّ على شفرات السيوف     ونأتي المنية من بابها

ونعلم أن القضا واقعٌ     وأن الأمور بأسبابها

ستعلم أمتنا أننا     ركبنا الخطوب حناناً بها

فإن نلق حتفاً فيا حبذا     الشهادة تجي لخطابها

وكم حيةٍ تنطوي حولنا     فننسل من بين أنيابها

الحمد لله الذي جعل في أمة الإسلام أمثال هؤلاء الشباب، ونسأل الله أن يجعل جميع شباب الأمة على هذا القدر، وعلى هذه المعنوية، وبهذا الإخلاص والاحتساب.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

معاشر الأحبة: من صنع للأمة نصرها؟ أهم أولئك الذين يطنطنون: سنحرق إسرائيل بالكيماوي؟ من الذي صنع للأمة نصراً؟ من الذي أنزل على الأمة نصراً؟ من الذي نصر الأمة في هذه المواقع، أو جعل الدائرة لهم في رحى الحرب القائمة؟ أهم أولئك الذين طنطنوا زمناً طويلاً؟ أهي دباباتنا؟ أهي طائراتنا؟ إنه الله وحده، إنه الله وحده، إنه الله وحده، لأن كل ما بين أيدينا هي أسبابٌ مع تهيئ الظروف عامة، الطقس .. المناخ .. الضباب .. الأجواء .. تحديد الهدف .. سلامة الآليات من العطب .. أن يكف الله جنوده في الأرض .. ألا يكون لها سعيٌ إلى هذه الآليات فيفسد فيها شيء هو الله جل وعلا، ولما واتت هذه الظروف، واجتمعت هذه العناصر، كان لهذه الآليات فعلاً عجيباً، ولو اختلفت السنن والظروف التي تعمل فيها هذه الآليات والمعدات لما استطعنا أن نحقق شيئاً، فالفضل لله، فالفضل لله، فالفضل لله، الحمد لله أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً الحمد لله، اجعلوا هذا الحمد والثناء على الله في كل مجال، احمدوا الله في كل حال.

قيل: وإن كان المثال فيه نوع بعد عن الحادثة، لكن حتى نعرف كيف يتعلق الناس بالله جل وعلا، طارق بن زياد طلب منه أن يستسقي بالناس، فأمر قبل خروجه بالناس أن يخرج الناس بأطفالهم وصغارهم وبهائمهم، ثم قال: حيلوا بين الإبل وحيرانها، وبين النعم والبهائم وصغارها، وبين الأمهات وأطفالها حتى علا الصياح وارتفع النحيب، وجأر الجميع إلى الله جل وعلا، كلهم يصيح: يا ألله -حتى البهائم تعرف ربها في الشدة- ثم خطب الناس خطبةً بليغةً، وفي ختامها قال له أحدهم: هلَّا دعوت للخليفة، فقال: هذا مقامٌ لا يحمد فيه إلا الله، فالحمد لله، الحمد لله.

الحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، علقوا هذا النصر، وعلقوا هذه الجهود، أو هذه الدائرة التي تميل كفتها لصالح أمة الإسلام، احمدوا الله جل وعلا عليها، احمدوا الله وحده، ثم ثنوا بالشكر والدعاء لأبنائكم ولقادتكم ورجالكم، فيما بذلوه وعملوه في هذه المواقع، أما أن يعتقد الناس -وحاشا وكلا، ومعاذ الله أن يحصل هذا من مسلم- أن يعتقد أن النصر بيد الدولة الفلانية، أو القوة الفلانية، لا. إذا تعلقنا بالله جل وعلا تنـزّل النصر: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25].. وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [آل عمران:123] كانوا في بدر أذلة، قلة، ضعفة، وكان تعلقهم بالله عظيماً، فنصرهم الله جل وعلا، ويوم حنين قالوا: لن نغلب اليوم من قلة، فلما وكلوا إلى كثرتهم: إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25].

فينبغي أن نحمد الله جل وعلا، وأن نكثر من حمد الله والثناء عليه، حمد الله بالفعل، وحمد الله بالقول، وحمد الله بالاعتقاد، إذ لولا فضل الله وهذه السنن التي سخرها الله، لما استطاعت هذه الآليات، ولا هذه الدبابات، ولا هذه الطائرات أن تفعل فعلها، فالحمد لله الذي سخر هذه السنن الكونية في ظروف لتعمل معها هذه الآليات أجود كفاءة وأفضل عمل، ثم الحمد لله على ما هيأ للأمة، وسخر لها، ونسأل الله أن يتم النصر للمؤمنين، وأن يهلك أعداء الدين، وأن يمحق، وأن يقطع دابر الكافرين أجمعين.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2802 استماع
حقوق ولاة الأمر 2664 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2652 استماع
توديع العام المنصرم 2647 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2552 استماع
من هنا نبدأ 2495 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2461 استماع
أنواع الجلساء 2460 استماع
إلى الله المشتكى 2436 استماع
الغفلة في حياة الناس 2436 استماع