الروض المربع - كتاب البيع [6]


الحلقة مفرغة

الشرط الرابع: الملك

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الشرط الرابع: أن يكون العقد من مالك للمعقود عليه أو من يقوم مقامه كالوكيل والولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لـحكيم بن حزام: ( لا تبع ما ليس عندك )، رواه ابن ماجه و الترمذي وصححه، وخص منه المأذون له؛ لقيامه مقام المالك، فإن باع ملك غيره بغير إذنه لم يصح ولو مع حضوره وسكوته، ولو أجازه المالك ما لم يحكم به من يراه ].

نحن ما زلنا في شروط البيع التي بوجودها يصح البيع، والتي بعدمها لا يصح البيع، على الخلاف عند أهل العلم، وهذا الشرط من شروط البيع هو الركن الثاني وهما العاقدان، فقد ذكرنا أن من شروط العاقد: أن يكون جائز التصرف، وأن يكون من مالك له أو مأذون فيه، فإن شروط البيع هي شروط الأركان، فأركان البيع هي: الصيغة، والعاقدان والمعقود عليه الذي هو المحل.

وأكثر شروط البيع منصبة على المحل، ثم بعد ذلك العاقدان، ثم بعد ذلك الصيغة.

ومن شروط العاقدين أن يكون المعقود عليه في العقد من مالك له أو مأذون له فيه، وهذا الشرط مجمع عليه في الجملة، ولم نقل: بالجملة؛ لأننا لو قلنا: بالجملة فسيكون جزء من أجزائه مجمعاً عليه وليس كذلك، لكنه في الجملة مجمع على أنه لا يجوز للإنسان أن يبيع ما لا يملكه، لكن الخلاف في أثر هذه المخالفة.

دليل هذا الشرط

ودليل الإجماع هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل سلف ولا بيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما لا يملك، ولا ربح ما لم يضمن )، وهذا الحديث أخرجه الخمسة، والحديث الآخر أخرجه أيضاً الخمسة من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد السلعة وليست عندي، فأبيعه إياها، ثم أذهب إلى السوق فأشتريها فأعطيه إياها، قال: لا تبع ما ليس عندك)، وهذا الحديث -حديث حكيم بن حزام - تكلم في إسناده، وإن كان قد صححه الترمذي و ابن حبان و ابن حزم وغيرهم.

وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أصح من حديث حكيم بن حزام، وإن كان حديث حكيم بن حزام بمجموع طرقه يدل على صحته وأن له أصلاً.

وقد اختلف الفقهاء في تفسير حديث حكيم على ثلاثة أقوال:

القول الأول: إن حديث حكيم بن حزام دليل على البيع بالسلم الحال، والسلم الحال هو: أن يبيع موصوفاً في الذمة عام الوجود ولو لم يملكه، وهذا مذهب الشافعي، وصورته: أن يأتيني الشخص يريد سلعة عام الوجود في هذا الزمان، ولو لم أملكها فأبيعه إياها، فلما جاز السلم المؤجل مع وجود الغرر فلأن يجوز السلم الحال إذا كان عام الوجود من باب أولى، هذا مذهب الشافعي.

والقول الثاني: هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة قالوا: إن حديث حكيم بن حزام ليس فيه ما يدل على بيع السلم الحال، وإنما المقصود منه: أن يبيع شيئاً معيناً لا يملكه، فمنع من ذلك خوفاً من أن يبيعه، ثم إذا أراد أن يقبضه ويشتريه من الغير امتنع عليه الغير، فأدى ذلك إلى الغرر وعدم القدرة على التسليم، فحصل بعد ذلك من التنازع والتناحر والاختلاف ما لا يخفى, وقد ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر )؛ ولأنه ربما ربح ما لم يضمنه، ومثال أن يربح ما لم يضمنه أن يأتيني شخص يريد سلعة موجودة عند فهد، فأبيعه إياها ولست أملكها، ثم أذهب إلى فهد، فجائز أن يعطيني إياها فهد فيبيعها علي، وجائز ألا يبيعها، فإن باعها علي فإني قطعاً سوف أبيعها على الغير بأكثر مما اشتريتها من فهد، فأكون قد ربحت ما لم أضمنه؛ لأنه لو هلكت السلعة فإن ضمانها على فهد، وهذا هو مذهب الجمهور.

والقول الثالث في المسألة: هو رواية عن أحمد نصرها وقواها أبو العباس بن تيمية رحمه الله رحمة واسعة، قال: يبعد أن يكون مراد الحديث أن يأتي شخص إلى حكيم فيريد منه سلعة معينة عند الغير؛ لأنه لو أراد المعنى ذلك لذهب هو إلى الغير، ولم يذهب إلى حكيم، فدل ذلك على أن هذا الرجل إنما جاء ليسأل حكيماً شيئاً موصوفاً لا يملكه حكيم، بأن يقول: أريد أن أشتري منك سلعة مواصفاتها كذا، لونها كذا، قدرها كذا جنسها كذا، فهي موجودة لكن حكيماً لا يملكها، فيبيعه إياها، ثم يذهب إلى السوق فيشتريها، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع موصوفاً في الذمة لا يملكه؛ لأنه لو أبرم العقد فقد أبرمه على تسليمه حالاً، فلو اشتراه -يعني الغير- ثم ذهب البائع ليبحث عنه في السوق فجائز أن يكون إحدى هذه الصور.

إما أن يجده في السوق بأعلى مما اشتراه حكيم فيضطر حكيم إلى إلغاء العقد؛ لأنه خاسر، ولربما عجز حكيم أن يقبضه فيسلمه إلى الغير إلا بعد زمن، فيؤدي إلى مخالفة العقد وقد كان العقد حالاً، وإما أن حكيماً ربما لو اشتراه فأعطاه المشتري، فلربما ربح حكيم ما لم يضمن ولم يدخل في ضمانة، فقال: صلى الله عليه وسلم ( لا تبع ما ليس عنك )، يعني: إذا أردت أن تبيع موصوفاً في الذمة يا حكيم ! حالاً فلا بد أن تكون قد ملكته؛ لأجل ألا تعجز عن تسليمه فيحصل الغرر، ولأجل ألا تربح ما لا تضمن، وهذا القول هو اختيار أبي العباس بن تيمية، ولعله أظهر وأقوى والله أعلم.

إذا ثبت لك هذا فاعلم أن بيع ما لا يملكه الإنسان ممنوع في الجملة كما مر معك لهذين الحديثين.

قيام الوكيل أو الولي مقام المالك في إبرام العقد

فالوكيل: مثل أن يوكل صاحب السلعة غيره، والولي: هو من يتولى مال اليتيم أو مال الصبي أو مال السفيه، وقد استدل على أن من يقوم مقام الأصل وهو المالك (الوكيل والولي)، بقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى [النساء:6]، وقال: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5]، فجعل سبحانه وتعالى تصرف الولي كتصرفه أصالة عن نفسه؛ لأنه يتصرف كتصرفه لنفسه، فأقام الولي مقام المالك، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تبع ما ليس عندك ) أو ( ما لا تملك )، فأقيم المأذون لقيامه مقام المالك كما يقول المؤلف.

وقد (أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عروة البارقيدينارين ليشتري بهما أضحية، فذهب فاشترى بالدينارين شاتين، ثم باع إحداهما بدينار، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه شاة ودينار فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة)، فكان لو اشترى التراب لربح فيه، والراوي إنما قال: لو باع التراب لربح فيه، إنما قالها من باب البعد، واليوم التراب أحياناً أغلى من الأرض، فقد كان في هذه البلاد الأرض عند الناس ليس لها قيمة، وكانوا يشترون الأراضي لأجل حفرها والاستنفاع بأرضها وطينها؛ ولهذا اغتنى خلق كثير في مدينة الرياض حينما كانوا يشترون في خنشليلة وفي منفوحة الأراضي لأجل حفرها والاستفادة من أراضيها وترابها، فهذا يدل على أن الشيء الذي ليس له قيمة في زمن ربما يكون له قيمة في زمن آخر، وقد ذكر في الروض القار والنفط إذا بدأ يسيل في الأرض، وكان ليس له قيمة، واليوم يطلق عليه الذهب الأسود.

بيع ملك الغير دون إذنه

قال المؤلف رحمه الله: (فإن باع ملك غيره بغير إذنه لم يصح).

يعني: لو تصرف الغير بمال لا يملكه سواء قصد به نفع صاحبه أو لم يقصد، وسواء رغب صاحبه بالبيع أو علم أو لم يعلم، كل ذلك لا يصح، فلو علمت أن علياً يريد أن يبيع سيارته ويتمنى ذلك، فجاءني شخص يريد سيارة بمواصفات سيارة علي فقلت: عندي السيارة، فبعته إياها بقيمة لا يحلم بها علي، فأنا أكون قد نفعت علياً وأعلم أنه راغب فهل يصح البيع؟

يقول المؤلف: لم يصح البيع وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة قالوا: لعموم حديث ( لا تبع ما ليس عندك )، ولهذا قالوا: (ولو مع حضوره وسكوته)، ولو أجازه المالك بعد ذلك، يعني لو أن علياً علم بذلك فقال: أنا راض وراغب، وجزاك الله خيراً، وربما أعطاني شيئاً أيضاً منه للسعي، ومع ذلك لا يقبل؛ لأن من شروط الصيغة: أن يكون الايجاب والقبول من المالك؛ ولهذا قالوا: (أن يكون العقد من مالك) يعني: أن يكون الإيجاب والقبول من مالك أو مأذون له.

ولم يستثنوا من ذلك إلا شيئاً واحداً، وهو فيما لو أمضاه حاكم أو قاض يرى جواز العقد الموقوف بإجازة المالك، وهو الذي يسمى: التصرف الفضولي، وهو التصرف بمال الغير من غير إذنه وإجازته بعد ذلك فتسمى هذه عند الفقهاء بالتصرف الفضولي، والتصرف الفضولي منعه الشافعية والحنابلة؛ لأن إجراء الصيغة وقت إبرام العقد مما لا يملكه أحد المتعاقدين، ولم يكن مأذوناً له إذناً شرعياً فلم يصح.

ولم يستثنوا في التصرف الفضولي إلا صورة واحدة سوف يذكرها المؤلف، قال: (إن اشترى الشخص لغيره في ذمته ولم يسمه في العقد) مثلاً: لو أنني أعلم أن فهداً يريد سيارة جيب لكزز موديل (2011)، فرأيت رجلاً يبيع سيارة موديلها (2011) بثلاثمائة وخمسين، وهي في السوق مثلاً بثلاثمائة وسبعين أو ثلاثمائة وستين، وأعلم أن فهداً يرغب في هذه السيارة فاشتريتها، يقول الحنابلة: إن اشتريتها يا عبد الله! وقد سميت في العقد فهداً لم يصح العقد، فإن سميت نفسك أو لم تسم بناء على أنه أنت، وقصدت في نفسك وذمتك أن السيارة لفهد ولم تسم في العقد صح العقد، فإن رغب فهد بعد ذلك انقلب العقد إلى فهد، وإن لم يرض فهد بذلك فالعقد ما زال باسمك، يعني: المسألة كأنها نوع من التورية، أبرمت العقد وفهد رضي به فأعطيته إياه، فإن اشترى ولم يقل: باع لأنه لو باع فإنه يبيع ملك الغير وهذا لا يجوز، فإن اشترى له يعني للغير ولم يذكره في العقد صح، فإن رضي الغير وإلا فهو على مشتريه، وهذه الصورة نوع من التصرف قبل القبض؛ لأنني أعطيتها فهداً قبل أن أقبضها، وقالوا: هذه مستثناة؛ لأنها لو كانت تولية لبعتها باسمي ثم بعت على فهد بنفس ما اشتريتها قبل أن أقبضها، قال الحنابلة: هذا ممنوع إذا كان مما فيه حق توفية، لكن هذه الصورة إذا كنت أنا قد قصدت ذلك جاز ذلك، هذا هو الفرق، وعلى هذا فلم يروا صحة العقد الموقوف، ومعنى العقد الموقوف: أنه من باع ما لا يملكه فإن العقد موقوف على إجازة مالكه، فإن أجازه مالكه صح العقد وإلا فلا، وهذا القول يشترط أن يصحح المالك العقد ويقبله قبل أن يتراجع المشتري أو العاقد الآخر، فلو علم زيد أنني بعت سيارة فهد عليه بعدما أذن فهد فليس له حق الرجوع، لكنه لو علم أنني بعته قبل أن يرضى فهد فإن له حق الرجوع، وهذا القول هو مذهب مالك و أبي حنيفة واختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله، وهذا القول لعله أظهر؛ لأمور:

الأمر الأول: أن تصحيح العقود أولى من إفسادها ما أمكن.

الأمر الثاني: أن الأصل في المعاملات الإباحة، وإنما منعنا من ذلك خوف الضرر على المالك، فإن رضي المالك بعد ذلك علمنا انتفاء الضرر وحصول النفع.

الأمر الثالث: لحديث عروة البارقي الذي أصله عند البخاري ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارين ليشتري بهما شاة أو أضحية فاشترى بهما شاتين ثم باع إحداهما بدينار، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدينار وشاة )، فتصرف عروة من غير إذن مالكه، ومع ذلك قبله النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما التكلف أن عروة أصلاً كان وكيلاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد تجربته، وأن هذا ليس بعقد، كل هذه التأويلات متكلفة، والأقرب: صحة البيع الموقوف، والله أعلم.

الشراء للغير بعين ماله دون إذنه

قال المؤلف رحمه الله: (أو اشترى بعين ماله) يعني: أو اشترى بعين مال الغير بلا إذن الغير لم يصح، وهذا كما سبق فيمن باع ملكاً معيناً بغير إذن، فيكون قد باع ما لا يملك، ولو أجيز يعني: ولو قبله المالك بعد ذلك؛ لفوات شرطه، ومعنى: لفوات شرطه أي أنه حال إبرام العقد لم يكن مالكاً.

قال المؤلف رحمه الله: [ وإن اشترى له أي لغيره ]، وإن اشترى لغيره [في ذمته]، الهاء ترجع إلى المشتري، أي: في ذمة المشتري بلا إذن غيره، ولم يسم الغير في العقد صح العقد؛ لأن المشتري حينئذٍ متصرف في ذمته، والذمة قابلة للتصرف، بيد أنه يصير مالكاً، أو ملكاً لمن اشتري له من حين العقد، فهل هذا عقد موقوف، أم ليس بعقد موقوف؟ فالعقد الموقوف يصير مالكاً له من حين القبول، فاختلف إذاً، ولهذا قال: [ من حين العقد بالإجازة ]، فأراد الحنابلة أن يفرقوا بين إجازة العقد الموقوف، وإجازة المشترى بالذمة، فالمشترى بالذمة يكون المشترى له مالكاً من حين العقد، ويجوز أن يلغيه بالرفض ويكون ملكاً لمن اشترى، أما إجازة الموقوف فإنه يكون مالكاً له من حين القبول.

ثم قال المؤلف استدلالاً على جواز الذمة: [ لأنه اشترى لأجله، ونزل المشتري نفسه منزلة الوكيل، فملكه من اشتري له كما لو أذن ].

ما يلزم عند التصرف في مال الغير دون إذنه

قال المؤلف رحمه الله: [ ولزم العقد المشتري بعدمها ]، يعني: الذي أبرم العقد، إذا نفى الذي اشتري له بالذمة فإن العقد يكون للمشتري المتصرف، يعني بعد عدم الإجازة؛ لأنه لم يأذن فيه، فتعين كونه للمشتري، وهذه الصورة تحصل كثيراً، مثال: أنا الآن تاجر عقار، رأيت أرضاً ولا أقدر عليها، لكن عندي تجاراً أعرف أني متى قلت لهم: اشتروا معي فسيشترون، قلت: بكم الأرض؟ قال: بعشرة ملايين، وأنا لا أملك إلا مليوناً، فقلت: أنا اشتريت، وفي ذمتي أني سوف أدخل فهداً وعلياً وعمراً وسلطان في هذا الأمر، فيقولون: لا بأس أن يرفض فهد بعد ذلك الأرض بالتخلية؛ لكن لو اشتريت بعيراً بعشرة آلاف وأنا لا أملك إلا ألفاً، وأنا أعلم أن لي صنعة في هذا الأمر، فلا يجوز أن أبيع على فهد جزءاً من نصيبي، هذا مذهب الحنابلة؛ لأن هذا لا بد فيه من القبض.

دعوني أجعل الصورة واضحة، عند الحنابلة لو اشتريت مائة صاع بر فلا يجوز أن أبيعه حتى أستوفيه؛ لأن فيه حق توفية، فإن اشتريته بنية أن جزءاً منه لفهد ولعلي ولعمر ولسلطان فيجوز عند الحنابلة، وقالوا: إن هذا ليس من باب البيع، ولكنه من باب البيع عما في الذمة، فجوز الحنابلة هذه الصورة، وعلى هذا فهذه الصورة عند الحنابلة جائزة وخارجة عن مسألة البيع قبل القبض والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ فتعين كونه للمشتري ملكاً كما لم ينو غيره، وإن سمى في العقد من اشتري له لم يصح ]؛ لأنه صار تصرفاً فضولياً ولا يصح عند الحنابلة والشافعية، وعلى القول الثاني: يصح، وهو الراجح.

قالوا: لأن هذا ليس بيعاً، وإن كنا قد منعنا بيع ما ملك أو قبل أن يدخل في ضمانه من الطعام، لكن هذا إنما اشتراه في ذمته ملكاً لفهد وملكاً لعلي وملكاً لعمر وملكاً لسلطان.

وقد يرد إشكال وهو أنه لا يجوز لعبد الله لو لم ينوه لفهد أن يدخله معه في السلعة قبل أن يخبره. مثل أنا المشتري الأول، أنا الآن لو اشتريت هذا الطعام ثم طلب فادي أن أبيعه على فهد تولية أو مرابحة.

قالوا: لا يجوز، والرواية الثانية: إنه يجوز توليته وهو اختيار ابن تيمية ، لكن نحن على المذهب أنه لا يجوز البيع ولو تولية.

فإن قال: أنا خائف من أن تضيع الفرصة وأنا أعرف أن مذهب الحنابلة لا يجوز بيعه بعد ذلك حتى أقبضه، ولن أقبضه إلا بعد أن أسدد الثمن، ولا أستطيع أن أسدد الثمن، فما الحيلة؟ عند الحنابلة قالوا: اشتره بنية عن نفسك وعن فهد وعن سلطان وعن علي فهذا لا يضر عندهم.

بيع الإنسان ما يظنه لغيره فبان أنه له

قال المؤلف رحمه الله: [ وإن باع ما يظنه لغيره فبان وارثاً أو وكيلاً صح ].

صورتها: لو تصرف الإنسان بملك ظاناً أن هذا الملك لا يملكه، فتبين بعد أن تصرف فيه أنه مالك له، مثل: لو وجد كيساً من الأكياس، فقال هذا الرجل: من يريد أن يشتريه؟ فقال آخر: أنا أريد أن أشتريه، وهو يظن أنه ملك للغير، فقال: بعنا إياه، فباعه ظاناً أنه ملكاً للغير، فتبين أن هذا الكيس هو كيسه، فعلى مذهب الحنابلة صح البيع. والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2629 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2587 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2546 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2543 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2522 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2451 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2386 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2373 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2357 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] 2354 استماع