الروض المربع - كتاب الصلاة [35]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد: فقد قال المؤلف رحمه الله: [وتسن تسوية الصف بالمناكب والأكعب، فليلتفت عن يمينه فيقول: استووا يرحمكم الله، وعن يساره كذلك، ويكمل الأول فالأول، ويتراصون عن يمينه، والصف الأول للرجال أفضل، وله ثوابه وثواب من وراءه ما اتصلت الصفوف].

حكم تسوية الصفوف

قول المؤلف رحمه الله: (ويسن تسوية الصف)، تسوية الصفوف تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: تسويتها بمعنى: التراص في الجملة، والاعتدال، وعدم التقدم الشديد، فهذا الذي يظهر والله أعلم أنه واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يصلي فوجد أحد الصحابة قد تقدم فقال: ( عباد الله! لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم )، وهذا لا يتأتى في ترك سنة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة حينما خرج على أصحابه فرآهم بهذه الطريقة، قال: ( ما لي أراكم عزين )، يعني: الإمام يصلي وبعض الناس جالسون؛ ثلاثة عن اليمين وأربعة عن اليسار وعشرة في الوسط ومتفرقون، هنا يجب التراص في الجملة.

القسم الثاني: تسوية الصفوف بالمناكب والأكعب، كما كان النبي صلى الله عليه سلم يصنع، كما في صحيح مسلم من حديث أبي مسعود البدري ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم )، فهذا سنة، وهو قول عامة أهل العلم، وهو المقصود بتسوية الصف في كلام الفقهاء، وقد جاء في الصحيحين من حديث النعمان أنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا كما يسوي القداح )، فهذه السنة يمكن تسويتها بأن يتقدم الإمام ويسوي الصفوف.

إلا أننا نلاحظ أن كثيراً من الأئمة هداهم الله يكتفي بأن يلتفت عن يمينه فيقول: استووا وعن يساره فيقول: استووا، فيكبر وهناك بعض الناس في الصف الثاني لم يتموا الصف الأول!

فأقول: يتقي الله الأئمة في عدم إنقاص الصلاة بسبب تصرفات بعض الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة )، فهي تمام لنا جميعاً، وليس لواحد، فلا بد أن يهتم بهذا الأمر، لا يبالغ، لكن لا ينبغي أن تهدر هذه السنة.

كذلك يوجد من المصلين من يصف صفاً ثانياً وثالثاً ورابعاً ولم يكتمل الصف الأول بعد، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري : ( تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من خلفكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله )، وهذا يدل على أنه لو ترك الصف الذي أمامه قبل اكتماله فإنه مكروه، وهذا المذهب، وهو قول صاحب الإنصاف، وهذا الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( تقدموا )، وأقل الأمر الاستحباب: (وائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله )، وينبغي للإنسان أن يستحضر النية حينما يصف، خاصةً خلف الإمام؛ لأن الناس خلفك ربما يتابعون فعلك، فاستحضر الأجر المترتب على متابعة الآخرين لفعلك فتؤجر على ذلك، واستحضار النية واحتساب الأجر في الأشياء أعظم أجراً ممن لم يستشعرها، فأنت إذا خرجت من المنزل لم تخط خطوة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة، فإذا استحضرت ذلك فهذا أجر لك، ولهذا يقول العلماء: النية تجارة العلماء؛ لأن العلماء يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً باستحضارهم النية، والله أعلم.

ما يقوله الإمام عند تعديل الصفوف للصلاة

وأما قول المؤلف رحمه الله: (استووا يرحمكم الله)، هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا حرج أن يزيد في بعض الألفاظ، يقول: استووا، تراصوا، عدلوا الصفوف، بلهجة عامية، لا بأس بذلك، وإن كان الأفضل أن يتقيد بما ورد، ومما ورد: ( استووا، رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأكتاف، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف )، وهذه الزيادة ما يقولها الإنسان، لكن يقول: رصوا صفوفكم، تراصوا، حاذوا بين المناكب والأكعب، ولا تذروا فرجات للشيطان، وإن قال: صلوا صلاة مودع، كما كان يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلا حرج في ذلك.

وهذا الذكر يقوله عن يمينه وعن يساره؛ ليذكر المصلين.

قال المؤلف رحمه الله: (ويكمل الأول فالأول)، لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تقدموا وائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله )، وعلى هذا: فترك إكمال الصف الأول أو الصف الذي أمامك مكروه، والله أعلم.

المقصود بالتراص عند تسوية الصفوف للصلاة

قال المؤلف رحمه الله: (ويتراصون)، التراص قبل الصلاة يكون بالمناكب والأكعب، وأثناء الصلاة يكون بالمناكب، ولا يقصد المبالغة بحيث يكون غالب وقت الإنسان منشغلاً بأن يضع رجله مماسة لرجل صاحبه، ويكون هذا شأنه وديدنه، فليس هذا بمقصود، وأما قول أنس : (فلقد رأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعب صاحبه)، فمن المعلوم أن إلصاق الكعب بالكعب لا يتأتى إلا قبل الصلاة وإلا للزم في ذلك تكلف واضح.

على هذا: لا ينبغي المبالغة في مثل هذا، والمهم في هذا: ألا يكون هناك فرج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولا تذروا فرجات للشيطان )، والغريب أنكم إذا وجدتم جماعة لا يأتمون بهذه الصفوف، تجدون عندهم عدم الخشوع في الصلاة، سبحان الله! والسبب هو دخول الشيطان على هذا الصف، وأما الصف المكتمل فإن الشيطان بعيد عن قلوب هذه الجماعة في الجملة، والله أعلم.

ولهذا كان الصحابة يهتمون بتراص الصفوف، حتى أن جبير بن نفير قال: يوشك أن تدخل هذا المسجد فلا تكاد تجد فيه خاشعاً، يعني: كان فيه خشوع، الآن لا تكاد تجد فيه خاشعاً، هكذا يقول الراوي رضي الله عنه.

قول المؤلف رحمه الله: (ويسن تسوية الصف)، تسوية الصفوف تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: تسويتها بمعنى: التراص في الجملة، والاعتدال، وعدم التقدم الشديد، فهذا الذي يظهر والله أعلم أنه واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يصلي فوجد أحد الصحابة قد تقدم فقال: ( عباد الله! لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم )، وهذا لا يتأتى في ترك سنة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة حينما خرج على أصحابه فرآهم بهذه الطريقة، قال: ( ما لي أراكم عزين )، يعني: الإمام يصلي وبعض الناس جالسون؛ ثلاثة عن اليمين وأربعة عن اليسار وعشرة في الوسط ومتفرقون، هنا يجب التراص في الجملة.

القسم الثاني: تسوية الصفوف بالمناكب والأكعب، كما كان النبي صلى الله عليه سلم يصنع، كما في صحيح مسلم من حديث أبي مسعود البدري ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم )، فهذا سنة، وهو قول عامة أهل العلم، وهو المقصود بتسوية الصف في كلام الفقهاء، وقد جاء في الصحيحين من حديث النعمان أنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا كما يسوي القداح )، فهذه السنة يمكن تسويتها بأن يتقدم الإمام ويسوي الصفوف.

إلا أننا نلاحظ أن كثيراً من الأئمة هداهم الله يكتفي بأن يلتفت عن يمينه فيقول: استووا وعن يساره فيقول: استووا، فيكبر وهناك بعض الناس في الصف الثاني لم يتموا الصف الأول!

فأقول: يتقي الله الأئمة في عدم إنقاص الصلاة بسبب تصرفات بعض الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة )، فهي تمام لنا جميعاً، وليس لواحد، فلا بد أن يهتم بهذا الأمر، لا يبالغ، لكن لا ينبغي أن تهدر هذه السنة.

كذلك يوجد من المصلين من يصف صفاً ثانياً وثالثاً ورابعاً ولم يكتمل الصف الأول بعد، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري : ( تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من خلفكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله )، وهذا يدل على أنه لو ترك الصف الذي أمامه قبل اكتماله فإنه مكروه، وهذا المذهب، وهو قول صاحب الإنصاف، وهذا الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( تقدموا )، وأقل الأمر الاستحباب: (وائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله )، وينبغي للإنسان أن يستحضر النية حينما يصف، خاصةً خلف الإمام؛ لأن الناس خلفك ربما يتابعون فعلك، فاستحضر الأجر المترتب على متابعة الآخرين لفعلك فتؤجر على ذلك، واستحضار النية واحتساب الأجر في الأشياء أعظم أجراً ممن لم يستشعرها، فأنت إذا خرجت من المنزل لم تخط خطوة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة، فإذا استحضرت ذلك فهذا أجر لك، ولهذا يقول العلماء: النية تجارة العلماء؛ لأن العلماء يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً باستحضارهم النية، والله أعلم.

وأما قول المؤلف رحمه الله: (استووا يرحمكم الله)، هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا حرج أن يزيد في بعض الألفاظ، يقول: استووا، تراصوا، عدلوا الصفوف، بلهجة عامية، لا بأس بذلك، وإن كان الأفضل أن يتقيد بما ورد، ومما ورد: ( استووا، رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأكتاف، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف )، وهذه الزيادة ما يقولها الإنسان، لكن يقول: رصوا صفوفكم، تراصوا، حاذوا بين المناكب والأكعب، ولا تذروا فرجات للشيطان، وإن قال: صلوا صلاة مودع، كما كان يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلا حرج في ذلك.

وهذا الذكر يقوله عن يمينه وعن يساره؛ ليذكر المصلين.

قال المؤلف رحمه الله: (ويكمل الأول فالأول)، لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تقدموا وائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله )، وعلى هذا: فترك إكمال الصف الأول أو الصف الذي أمامك مكروه، والله أعلم.