Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

الروض المربع - كتاب الطهارة [38]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل, وبعد:

إن شاء الله سوف ننتهي من كتاب الطهارة، ونشرع بإذن الله في كتاب الصلاة, وقد بقي علينا بعض المسائل في باب الحيض لعلنا ننهيها إن شاء الله.

حكم صلاة المستحاضة بالوضوء الأول إذا لم يخرج شيء من الدم

حينما ذكر المؤلف ما الواجب من حيث الوضوء في حق المستحاضة، بين أنها تتوضأ لكل صلاة, وتصلي ما دام الوقت فروضاً ونوافل, وذكرنا هذه المسألة وقلنا: قول جماهير أهل العلم خلافاً لـمالك أن ذلك واجب, وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنها تتوضأ لوقت كل صلاة, وذهب الشافعي إلى أنها تتوضأ لأداء فرض كل صلاة, وذهب مالك إلى استحباب الوضوء، وهو اختيار ابن تيمية ، وبينت أن هذا القول قوي, والأحوط أخذ قول الجمهور.

المؤلف يقول: من المعلوم أنه ليس كل النساء اللاتي ابتلين بالاستحاضة يستمر الدم معهن؛ ولهذا قال: [فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء], فإذا توضأت لصلاة الظهر وهي مستحاضة فلم يخرج شيء إلى وقت العصر أو قريب من وقت العصر, يقول: لم يجب عليها الوضوء؛ لأن الوضوء إنما شرع لأن الحدث كان مستمراً, فلما توضأت في الظهر ولم ينزل حدث فإنها باقية على طهارة الوضوء الشرعي الصحيح الذي لم يأت ما ينقضه؛ ولهذا قال: (فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) ثم قال: (فإن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين) يعني: إن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين, ما الذي تعين؟ يقول: (تعين؛ لأنه أمكن الإتيان فيها كاملة) يعني: تعين الوضوء للصلاة.

اشتراك المستحاضة وصاحب سلس البول في الحكم عند إرادة الصلاة

وهنا فائدة، وأنا استخرجتها من كلام أهل العلم: أصحاب سلس البول أنواع, وكنت أقسمه إلى قسمين: من سلسه مستمر, ومن سلسه مؤقت من سلسه مستمر وهو الذي يتوضأ ثم يصلي ويجد أن ثمة شيئاً من البول يخرج, هذا حكمه معلوم وهو أنه يتوضأ لكل صلاة, أو يستحب الوضوء لكل صلاة على الخلاف.

المسألة الثانية: بعض الناس يقول: أنا لا يأتيني سلس البول إلا إذا أحدثت, فإذا تبولت فيخرج بعد البول وبعد الوضوء بقدر عشر دقائق, أو بعد ربع ساعة, أو بعد نصف ساعة، هذا دائم مستمر معه, أنه يخرج بعد التبول، فهذه المسألة قلت فيها: إن من سلسه مؤقت فالأولى أن يحتاط فلا يتوضأ إلا في أول الوقت؛ حتى يعيد الوضوء مرة ثانية إن استطاع, فإن شق ذلك عليه أو كان في آخر الوقت فإنه يتوضأ لأداء الفريضة, فإن خرج البول بعد ذلك وهو يصلي فلا حرج, فإن جاء وقت العصر أمر بالوضوء, وهذا التقسيم أخذناه من قول المؤلف: (فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء, وإن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين), فهذا اعتيد انقطاعه زمناً فيتعين في حقه الوضوء للصلاة الثانية، والذي خرج قبل ذلك لا يلزمه، ويكون سلس بوله مؤقتاً؛ لأنه بعد البول.

يقول المؤلف: [ومن يلحقه السلس قائماً صلى وجوباً قاعداً, أو راكعاً أو ساجداً يركع ويسجد], يعني: أنه يتوقى خروج البول ما استطاع، هذا المقصود, فإن كان يتبول لو صلى قائماً فإنه يقعد؛ لأنه صار في حكم المعذور، كما في الصحيحين من حديث عمران : ( صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ), فهذا يتوقى شرطاً من شروط الصلاة وهو الطهارة, والقيام له بدل؛ لكن الطهارة ليس لها بدل, فلأجل هذا قال: (صلى وجوباً قاعداً أو راكعاً أو ساجداً يركع ويسجد).

وطء المستحاضة

ثم شرع في أحكام المستحاضة من حيث تعامل الزوج معها, قال: [ ولا توطأ المستحاضة إلا مع خوف العنت منه أو منها ], يعني: إذا خشيت هي الزنا جاز لزوجها أن يطأها، أو خاف على نفسه العنت جاز للزوج أن يطأ الزوجة, ففي حال العنت -وهو خوف الزنا وعدم الصبر على ذلك- فإنه يجوز لأحد الزوجين أن يترخص في هذا الحكم على مذهب الحنابلة, قالوا: لأن الله يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222], والحيض والاستحاضة أذى فأخذت الاستحاضة أحكام الحيض بجامع الأذى.

وذهب جماهير أهل العلم -وهذا القول الثاني- إلى أن المستحاضة أحكامها كأحكام الطاهرات, وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن إتيان المستحاضة قال: أليست تصلي؟ يعني: أي شيء بعد الصلاة, فقد روى أبو داود عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن حمنة بنت جحش كانت تستحاض وكان زوجها يغشاها, وأن أم حبيبة كانت تستحاض وكان زوجها يغشاها, فدل ذلك على أن هذا شيء كان موجوداً في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك, ثم إن جميع النساء اللاتي أخبرن النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كن يستحضن فأخبر أن ذلك عرق، ويأمرنهن بحرمة إتيان الزوج لهن, فدل ذلك على أن الراجح أنه لا بأس أن يأتي الزوج زوجته المستحاضة, إلا أن الحنابلة مع أنهم يقولون: لا توطأ, خففوا في ذلك فقالوا: لو وطئ فلا كفارة؛ لأن الكفارة جاءت في الحيض, ولكن الراجح -كما قلت- أنه لا بأس بإتيان المستحاضة، وهذا هو قول أكثر أهل العلم رضي الله عنهم.

ثم إنهم استدلوا بدليل الأقرب أن الدليل على المذهب لا على الجمهور وهو: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222], ولم يقل: فاعتزلوا النساء في الأذى, فدل على أن الاعتزال إنما يكون في الحيض لا في غيره, والله أعلم.

اغتسال المستحاضة لكل صلاة

قال المؤلف رحمه الله: [ ويستحب غسلها ], أي غسل المستحاضة, [ لكل صلاة ], يعني: أن المستحاضة يستحب لها أن تغتسل لكل صلاة؛ قالوا: لأن أم حبيبة استحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: ( فأمرها أن تغتسل فكانت تغتسل عند كل صلاة ), متفق عليه, هذا الحديث رواه البخاري و مسلم , إلا أن زيادة: ( فكانت تغتسل لكل صلاة ) إنما هي مدرجة من كلام الزهري ؛ ولهذا قال الليث بن سعد : ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال لكل صلاة, إنما هو شيء رأته هي؛ ولهذا ذهب الإمام الشافعي وسفيان بن عيينة وكذا الليث أن أمر الاغتسال لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما أمرها النبي أن تغتسل مرة واحدة؛ لأجل انقطاع الدم, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـفاطمة : ( فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي وصلي ) فهذا هو الذي أمرها النبي عليه الصلاة والسلام به, أما أن تغتسل لكل صلاة فإنما هذا شيء رأته هي؛ ولهذا لا يسوغ لنا أن نقول: يستحب؛ لأن الاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي؛ ولهذا كان القول الثاني في المسألة: أن الاغتسال في حق المستحاضة ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تغتسل لكل صلاة, فنقول: هذا مباح؛ لكنها إن اغتسلت يجب عليها أن تتوضأ؛ لأن هذا الاغتسال لا يرفع الحدث الأكبر؛ ولهذا أوجبنا عليها أن تتوضأ.

القسم الثاني: ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم به حمنة بنت جحش كما روى ذلك الترمذي ونقل عن البخاري وأحمد وتصحيحهما لهذا الحديث, وإن كان في سنده عبد الله بن محمد بن عقيل , وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فإن استطعت ), وفي رواية: ( فإن قدرتِ أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر وتغتسلين وتصلين جميعاً, وتؤخري المغرب وتعجلي العشاء وتغتسلين وتصلين جميعاً فهذا أحب إلي ), هذا كلام من لا ينطق عن الهوى, فهذا يدل على استحباب الاغتسال في هذه الحالة.

إذاً: الاغتسال له حكمان في حق المستحاضة: مباح, ومستحب, مباح لكل صلاة, ومستحب إذا أخرت الظهر كما بين ذلك محمد صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.

حينما ذكر المؤلف ما الواجب من حيث الوضوء في حق المستحاضة، بين أنها تتوضأ لكل صلاة, وتصلي ما دام الوقت فروضاً ونوافل, وذكرنا هذه المسألة وقلنا: قول جماهير أهل العلم خلافاً لـمالك أن ذلك واجب, وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنها تتوضأ لوقت كل صلاة, وذهب الشافعي إلى أنها تتوضأ لأداء فرض كل صلاة, وذهب مالك إلى استحباب الوضوء، وهو اختيار ابن تيمية ، وبينت أن هذا القول قوي, والأحوط أخذ قول الجمهور.

المؤلف يقول: من المعلوم أنه ليس كل النساء اللاتي ابتلين بالاستحاضة يستمر الدم معهن؛ ولهذا قال: [فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء], فإذا توضأت لصلاة الظهر وهي مستحاضة فلم يخرج شيء إلى وقت العصر أو قريب من وقت العصر, يقول: لم يجب عليها الوضوء؛ لأن الوضوء إنما شرع لأن الحدث كان مستمراً, فلما توضأت في الظهر ولم ينزل حدث فإنها باقية على طهارة الوضوء الشرعي الصحيح الذي لم يأت ما ينقضه؛ ولهذا قال: (فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) ثم قال: (فإن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين) يعني: إن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين, ما الذي تعين؟ يقول: (تعين؛ لأنه أمكن الإتيان فيها كاملة) يعني: تعين الوضوء للصلاة.