خطب ومحاضرات
الروض المربع - كتاب الطهارة [38]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل, وبعد:
إن شاء الله سوف ننتهي من كتاب الطهارة، ونشرع بإذن الله في كتاب الصلاة, وقد بقي علينا بعض المسائل في باب الحيض لعلنا ننهيها إن شاء الله.
حكم صلاة المستحاضة بالوضوء الأول إذا لم يخرج شيء من الدم
المؤلف يقول: من المعلوم أنه ليس كل النساء اللاتي ابتلين بالاستحاضة يستمر الدم معهن؛ ولهذا قال: [فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء], فإذا توضأت لصلاة الظهر وهي مستحاضة فلم يخرج شيء إلى وقت العصر أو قريب من وقت العصر, يقول: لم يجب عليها الوضوء؛ لأن الوضوء إنما شرع لأن الحدث كان مستمراً, فلما توضأت في الظهر ولم ينزل حدث فإنها باقية على طهارة الوضوء الشرعي الصحيح الذي لم يأت ما ينقضه؛ ولهذا قال: (فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) ثم قال: (فإن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين) يعني: إن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين, ما الذي تعين؟ يقول: (تعين؛ لأنه أمكن الإتيان فيها كاملة) يعني: تعين الوضوء للصلاة.
اشتراك المستحاضة وصاحب سلس البول في الحكم عند إرادة الصلاة
المسألة الثانية: بعض الناس يقول: أنا لا يأتيني سلس البول إلا إذا أحدثت, فإذا تبولت فيخرج بعد البول وبعد الوضوء بقدر عشر دقائق, أو بعد ربع ساعة, أو بعد نصف ساعة، هذا دائم مستمر معه, أنه يخرج بعد التبول، فهذه المسألة قلت فيها: إن من سلسه مؤقت فالأولى أن يحتاط فلا يتوضأ إلا في أول الوقت؛ حتى يعيد الوضوء مرة ثانية إن استطاع, فإن شق ذلك عليه أو كان في آخر الوقت فإنه يتوضأ لأداء الفريضة, فإن خرج البول بعد ذلك وهو يصلي فلا حرج, فإن جاء وقت العصر أمر بالوضوء, وهذا التقسيم أخذناه من قول المؤلف: (فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء, وإن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين), فهذا اعتيد انقطاعه زمناً فيتعين في حقه الوضوء للصلاة الثانية، والذي خرج قبل ذلك لا يلزمه، ويكون سلس بوله مؤقتاً؛ لأنه بعد البول.
يقول المؤلف: [ومن يلحقه السلس قائماً صلى وجوباً قاعداً, أو راكعاً أو ساجداً يركع ويسجد], يعني: أنه يتوقى خروج البول ما استطاع، هذا المقصود, فإن كان يتبول لو صلى قائماً فإنه يقعد؛ لأنه صار في حكم المعذور، كما في الصحيحين من حديث عمران : ( صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ), فهذا يتوقى شرطاً من شروط الصلاة وهو الطهارة, والقيام له بدل؛ لكن الطهارة ليس لها بدل, فلأجل هذا قال: (صلى وجوباً قاعداً أو راكعاً أو ساجداً يركع ويسجد).
وطء المستحاضة
وذهب جماهير أهل العلم -وهذا القول الثاني- إلى أن المستحاضة أحكامها كأحكام الطاهرات, وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن إتيان المستحاضة قال: أليست تصلي؟ يعني: أي شيء بعد الصلاة, فقد روى أبو داود عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن حمنة بنت جحش كانت تستحاض وكان زوجها يغشاها, وأن أم حبيبة كانت تستحاض وكان زوجها يغشاها, فدل ذلك على أن هذا شيء كان موجوداً في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك, ثم إن جميع النساء اللاتي أخبرن النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كن يستحضن فأخبر أن ذلك عرق، ويأمرنهن بحرمة إتيان الزوج لهن, فدل ذلك على أن الراجح أنه لا بأس أن يأتي الزوج زوجته المستحاضة, إلا أن الحنابلة مع أنهم يقولون: لا توطأ, خففوا في ذلك فقالوا: لو وطئ فلا كفارة؛ لأن الكفارة جاءت في الحيض, ولكن الراجح -كما قلت- أنه لا بأس بإتيان المستحاضة، وهذا هو قول أكثر أهل العلم رضي الله عنهم.
ثم إنهم استدلوا بدليل الأقرب أن الدليل على المذهب لا على الجمهور وهو: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222], ولم يقل: فاعتزلوا النساء في الأذى, فدل على أن الاعتزال إنما يكون في الحيض لا في غيره, والله أعلم.
اغتسال المستحاضة لكل صلاة
القسم الأول: أن تغتسل لكل صلاة, فنقول: هذا مباح؛ لكنها إن اغتسلت يجب عليها أن تتوضأ؛ لأن هذا الاغتسال لا يرفع الحدث الأكبر؛ ولهذا أوجبنا عليها أن تتوضأ.
القسم الثاني: ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم به حمنة بنت جحش كما روى ذلك الترمذي ونقل عن البخاري وأحمد وتصحيحهما لهذا الحديث, وإن كان في سنده عبد الله بن محمد بن عقيل , وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فإن استطعت ), وفي رواية: ( فإن قدرتِ أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر وتغتسلين وتصلين جميعاً, وتؤخري المغرب وتعجلي العشاء وتغتسلين وتصلين جميعاً فهذا أحب إلي ), هذا كلام من لا ينطق عن الهوى, فهذا يدل على استحباب الاغتسال في هذه الحالة.
إذاً: الاغتسال له حكمان في حق المستحاضة: مباح, ومستحب, مباح لكل صلاة, ومستحب إذا أخرت الظهر كما بين ذلك محمد صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
حينما ذكر المؤلف ما الواجب من حيث الوضوء في حق المستحاضة، بين أنها تتوضأ لكل صلاة, وتصلي ما دام الوقت فروضاً ونوافل, وذكرنا هذه المسألة وقلنا: قول جماهير أهل العلم خلافاً لـمالك أن ذلك واجب, وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنها تتوضأ لوقت كل صلاة, وذهب الشافعي إلى أنها تتوضأ لأداء فرض كل صلاة, وذهب مالك إلى استحباب الوضوء، وهو اختيار ابن تيمية ، وبينت أن هذا القول قوي, والأحوط أخذ قول الجمهور.
المؤلف يقول: من المعلوم أنه ليس كل النساء اللاتي ابتلين بالاستحاضة يستمر الدم معهن؛ ولهذا قال: [فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء], فإذا توضأت لصلاة الظهر وهي مستحاضة فلم يخرج شيء إلى وقت العصر أو قريب من وقت العصر, يقول: لم يجب عليها الوضوء؛ لأن الوضوء إنما شرع لأن الحدث كان مستمراً, فلما توضأت في الظهر ولم ينزل حدث فإنها باقية على طهارة الوضوء الشرعي الصحيح الذي لم يأت ما ينقضه؛ ولهذا قال: (فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) ثم قال: (فإن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين) يعني: إن اعتيد انقطاعه زمناً يتسع للوضوء والصلاة تعين, ما الذي تعين؟ يقول: (تعين؛ لأنه أمكن الإتيان فيها كاملة) يعني: تعين الوضوء للصلاة.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] | 2629 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] | 2587 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] | 2546 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] | 2543 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] | 2523 استماع |
الروض المربع - كتاب البيع [22] | 2451 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] | 2386 استماع |
الروض المربع - كتاب البيع [20] | 2373 استماع |
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] | 2357 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] | 2355 استماع |