خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/929"> الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/929?sub=63703"> أسماء الله الحسنى
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
أسماء الله الحسنى - اللطيف
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين, حمداً طيباً مباركاً فيه, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد, الرحمة المهداة, والنعمة المسداة والسراج المنير, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين!
الاسم السادس والثلاثون من أسماء الله الحسنى (اللطيف), وهذا الاسم المبارك ورد في القرآن سبع مرات, كما في قول الله عز وجل على لسان العبد الصالح يوسف بن يعقوب على نبينا وعليهما الصلاة والسلام قال: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ[يوسف:100].
وكما في قول الله عز وجل: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الأنعام:103], وكما في قوله على لسان العبد الصالح لقمان عليه السلام: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[لقمان:16], وقال تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك:14].
إذا آمنت بهذا الاسم العظيم (اللطيف) فلهذا الإيمان آثار:
أولاً: محبته جل جلاله, والأنس به, حيث إنه يلطف بعباده المؤمنين ويحسن إليهم, ولا يعجل عليهم بالعقوبة, ويسوق إليهم الخير من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون.
ثانياً: من آثار الإيمان بهذا الاسم: صدق التوكل عليه جل جلاله, والرضا بما يختاره للعبد, والإكثار من دعاء الاستخارة, وفي كل أمر يفوض العبد أمره إلى الله عز وجل, ليختار له ما كان خيراً له في الدنيا والآخرة, في كل أمر جليل أو حقير من الأمور المباحة, كمثل: إقامة أو سفر, انتقال أو ارتحال, تجارة, بيع, شراء, زواج أو طلاق وغير ذلك, فعلى الإنسان أن يستخير ربه جل جلاله من أجل أن يختار له الخير؛ لأنه لا يعلمه, كما قال الله عز وجل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[البقرة:216]؛ ولذلك في دعاء الاستخارة أقول: ( فإنك تعلم ولا أعلم ) جل جلاله.
ثالثاً: من آثار الإيمان بهذا الاسم: أن تعتقد يقيناً أن الله سبحانه لا يفوته من العلم شيء وإن دق وصغر, أو خفي, قال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ[الأنعام:59], تأمل في هذه الآية: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[الأنعام:59], سبحانه وتعالى, كل هذا قد أحاط به علماً, وأحصاه عدداً.
وإذا علم العبد أن ربه موصوف بدقة العلم, محيط بكل صغيرة وكبيرة, لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء, فإنه يحاسب نفسه على أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته؛ لأنه يدرك أن الله عز وجل سيحاسب الجميع يوم القيامة على مثقال الذر، قال تعالى: وَنَضَعُ المَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ[الأنبياء:47].
أيها المسلم! أنت تعلم أن الله لطيف, ولك أن تتأمل في بعض أنواع لطفه جل جلاله:
من لطف الله بعباده: أنه يسوق إليهم أرزاقهم, وييسر عليهم ما يحتاجونه في معاشهم.
ومن لطفه جل جلاله: خلقه الجنين في بطن أمه في ظلمات ثلاث, وأنه يتولى تغذيته, فالأم لا تغذي هذا الجنين في بطنها, بل الله جل جلاله هو الذي يغذيه إلى أن ينفصم, ثم من لطفه سبحانه أنه هدى هذا الطفل المولود حديثاً إلى أن يلتقم ثدي أمه من غير تعليم, وأن يأخذ من الحليب ما فيه إفادته.
ومن لطفه: أنه جل جلاله أخر نبت أسنانه؛ لأنه لا يحتاج إليها, ولئلا يشق على أمه حين يعظ بتلك الأسنان ثديها, ثم لما خلق الأسنان قسمها جل جلاله, فجعل منها أسناناً عريضة وهي الأضراس لتطحن الطعام, وجعل منها أنياباً للكسر, وجعل منها ثنايا حادة للقضم والقطع, وخلق لنا هذا اللسان الذي نتكلم به ونعبر به عن مكنونات صدورنا, لكنه في الوقت نفسه مجرفة للطعام, فهو الذي يحرك هذا الطعام في داخل الفم.
ثم كيف يسر الله لك تناول هذه اللقمة من غير كبير عناء تمضغها، ثم يسر الله عز وجل بلعها وإساغتها واستقرارها وهضمها, وانتفاع الجسم بها, ثم لما تحول بعضها إلى فضلة خبيثة يسر الله خروجها بكل يسر وسهولة دون أن يحتاج الإنسان إلى تخدير, ولا أن يراجع طبيباً, بل الصغير والكبير والذكر والأنثى يفعل ذلك في يسر كبير.
ثم انظر في أنواع لطفه بأنبيائه جل جلاله, كيف لطف الله بـيوسف عليه السلام هذا الذي تآمر عليه إخوانه وألقوه في الجب, يقول المفسرون: جعل الله له صخرة يجلس عليها, إلى أن يسر الله خروجه عن طريق الذي أدلى دلوه: قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ[يوسف:19].
تأمل كيف لطف الله بـيوسف عليه السلام حين تعرض لتلك الفتنة العظيمة من امرأة العزيز, وكيف لطف به حين تعرض للحكم والوزارة والملك, وكيف لطف به حين يسر له المعاملة الحسنة مع إخوانه رغم مكرهم به.
وتأمل كيف لطف بـموسى عليه السلام, لما أوحى إلى أمه لما خافت عليه أن تجعله في تابوت وترمي هذا التابوت، أين؟ في اليم, سبحان الله! ثم هذا التابوت لم يبق في اليم, بل سيأخذه عدو لله وعدو له, وكل هذا من أسباب لطفه.
وإبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار قال الله عز وجل: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ[الأنبياء:69], أنبت الله له روضة خضراء في تلك النيران حتى كان عليه السلام يقول: والله ما من أيام في الدنيا عشتها أطيب من تلك الأيام التي عشتها في النار, تلك كانت أطيب أيامه وأحسن ساعاته.
وتأمل كيف لطف الله بيونس عليه السلام وهو في الظلمات, ظلمة الحوت, وظلمة اليم, وظلمة الليل، قال تعالى: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ[الأنبياء:87-88].
ومن لطف الله عز وجل بك أيها المسلم! أنه أخرجك من الظلمات إلى النور, وعلمك من الجهالة.
ومن لطف الله عز وجل: أنه يقدر الأرزاق للعباد, بحسب علمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتهم.
ومن لطف الله عز وجل بنا: أنه يقدر علينا أنواع المصائب, التي لو خيرنا ما اخترناها, فقد يقدر الله على أحدنا مرض أو فقد مال أو فقد ولد, ويدخل عليه من الغم والهم ما الله به عليم؛ من أجل أن يكفر سيئاته, أو من أجل أن يرفع درجاته, ولو أنه كان الاختيار للعبد لما اختار شيئاً من ذلك.
ومن لطف الله عز وجل بعبده: أن يجعل رزقه حلالاً في راحة وقناعة يحصل بها المقصود, ولا ينشغل بها عما خلق من العبادة والعلم.
وتأمل أيها المسلم! في هذا النوع العجيب من لطف الله عز وجل بك! أن يبتليك الله بالمعاصي ليجعل تلك المعاصي سبباً لرحمته إياك, كيف ذلك؟
إن الواحد منا يعصي ربه, ثم بعد ذلك يدخل عليه من الهم والغم والكرب والضيق والشعور بالحزن شيء عظيم, فيفتح الله له باب التوبة والتضرع والابتهال, ثم يخلف ذلك شعور بازدراء نفسه واحتقارها, وزوال العجب والكبر من قلبه، مما هو خير له من كثير من الطاعات.
وأحياناً يوفق الإنسان لشيء من الطاعة, لكنه -والعياذ بالله- يصيبه عجب وكبر فيسقط من عين الله, وأحياناً يقع الإنسان في معصية فيحصل له من ازدراء نفسه واحتقارها وشعوره بالتقصير, ما يرفعه الله عز وجل درجات, فهذا من لطف الله عز وجل.
ومن لطف الله بك: أنه يأجرك على أعمال ما عملتها, ولكن عزمت عليها, مجرد العزم: ( من هم بحسنة فلم يعملها, كتبها الله حسنة كاملة, فإن عملها كتبها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف, إلى أضعاف كثيرة ).
ومن لطف الله بك: أنه خلق لك ما في الأرض جميعاً, سخر لك الدواب, والأنعام, والزرع, والضرع, وأعد لك كل ما يقوم بحياتك؛ من أجل أن تتفرغ لعبادة ربك.
نسأل الله أن يزيدنا إيماناً! وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا الاسم (اللطيف) في أصل اللغة يقال: لطف به وله, يلطف لطفاً إذا رفق به, فكلمة اللطف تطلق على البر، وتطلق على الرفق، وتطلق على التكرمة, واللطيف: اسم فاعل من اللطف.
ومعنى هذا الاسم (اللطيف) في حق ربنا جل جلاله:
قال الإمام أبو سليمان الخطابي عليه رحمة الله: اللطيف هو: البر بعباده, الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون, ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون, كقوله جل جلاله: اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ[الشورى:19].
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي عليه رحمة الله: اللطيف الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا, وأدرك البواطن والخبايا, والأمور الدقيقة, اللطيف بعباده المؤمنين, الموصل إليهم مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها.
فإذاً: هذا الاسم اللطيف يرجع إلى عدة معانٍ:
أولاً: يأتي بمعنى الخبير الذي لا تخفى عليه خافية؛ لأن الشيء اللطيف في لغة العرب هو الخفي, فالله عز وجل لطيف بمعنى أنه: لا تخفى عليه خافية, وهو لطيف جل جلاله بمعنى أنه: خفي عن أبصار خلقه: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الأنعام:103].
ثانياً: لطيف بمعنى: بر بعباده, يترفق بهم يرحمهم يشفق عليهم من حيث لا يعلمون, وهو الذي لطف أن يدرك بالكيفية جل جلاله.