خطب ومحاضرات
المنهج العلمي [1]
الحلقة مفرغة
الحمد لله الذي جعل العلم النافع حصناً لأوليائه وجنة، وفتح لهم به أبواب الجنة، وعرفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم الأهواء المستكنة، وأن بقمعها تصبح النفس مطمئنة، ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنة، وصلى الله على عبده ورسوله محمد قائد الغر المحجلين وممهد السنة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يجعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وميداناً للتنافس، وكان من فضله تبارك وتعالى على عباده وكرمه أنه يجزي على القليل كثيراً، ويضاعف الحسنات، ومن فضله ومنته على عباده أن يجعل لهم مواسم تعظم فيها هذه المضاعفة، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما أمكنه من وظائف الطاعات، عسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات.
قال الحسن رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان:62]: من عجز بالليل كان له من أول النهار مستعتب، ومن عجز بالنهار كان له من الليل مستعتب.
ومن أعظم هذه المواسم المباركة وأجلها شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن المجيد، ولذا فإنه حريٌ بالمؤمن الاستعداد لهذا الشهر الكريم حال قدومه، والتفقه في شروط ومستحبات وآداب العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل؛ لئلا يفوته الخير العظيم، ولا ينشغل بمفضول عن فاضل ولا بفاضل عما هو أفضل منه.
ولو أن كل واحد منا استحضر في قلبه أحب الناس إليه وقد غاب عنه أحد عشر شهراً، ويفترض أنه قد بشر بقدومه وعودته خلال يومين أو ثلاثة أو خلال أيام قلائل وأنه سيعود أحب الناس إليه بعد أن غاب عنه أحد عشر شهراً فكيف ستكون فرحته بقدومه واستبشاره بقربه وبشاشته للقائه؟
إن أول الآداب الشرعية لشهر رمضان أن نتأهب لقدومه قبل الاستهلال، وأن تكون النفس بقدومه مستبشرة، ولإزالة الشك في رؤية الهلال منتظرة، وأن تستشرف لنظره استشرافها لقدوم حبيب غائب من سفره؛ لأن التأهب لشهر رمضان والاستعداد لقدومه من تعظيم شعائر الله تبارك وتعالى الذي يقول في محكم كتابه: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، فيفرح المؤمنون بقدوم شهر رمضان، ويستبشرون به، ويحمدون الله على أن بلغهم إياه، ويعقدون العزم على عمارته بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وأولئك يبشرون بقول الله تبارك وتعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]، وذلك لأن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل الذي فرضها علينا، والله تبارك وتعالى يقول: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [التوبة:124]هكذا يستبشر الصالحون بقدوم رمضان لما يرون فيه من الفرصة كي يتقربوا إلى الله عز وجل.
وفي حديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان إن الله ليكتب أجره ونوافله ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله، وذلك لما يعد فيه المؤمنون من القوة للعبادة، وما يعد المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم، فهو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر).
الارتباط الوثيق بين شهر رمضان وقراءة القرآن
ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة) فقرن أيضاً بين الصيام وبين القرآن، إذاً هذا هو شهر القرآن، وينبغي أن تكون علاقتنا فيه بالقرآن علاقة متميزة تختلف عن سائر الشهور، فمن كان يحتفي بالقرآن في كل شهر وفي كل أسبوع وفي كل يوم فليتضاعف احتفاؤه به حتى ولو هجر كل ما عدا قراءة القرآن من الطاعات والعبادات الأخرى، فحقيق وحري بهذا الشهر أن يمحضه العبد لتلاوة القرآن الكريم وتعظيمه والتدبر فيه، يقول صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب! منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب! منعته النوم بالليل فشفعني فيه. فيشفعان).
ففي هذا الشهر خصوصاً السبب الوحيد الذي ينبغي أن يمنعنا من النوم بالليل هو الاحتفاء بالقرآن الكريم، حتى تدخر ذلك عدة لك يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، حتى يشفع لك القرآن، ويقف ويتكلم بين يديك قائلاً لله عز وجل: (أي رب! منعته النوم بالليل فشفعني فيه) تشفع لك قراءته.
مواسم الخيرات وأنواعها في رمضان كثيرة، ولكن الذي ينبغي أن نبدأ به ونهتم به جداً أن نلاحظ أن رمضان يرتبط ذكره ارتباطاً وثيقاً ليس -فقط- بفريضة الصيام، ولكن أيضاً يرتبط رمضان المعظم بالقرآن ارتباطاً وثيقاً، حتى إن الله تبارك وتعالى في آية الصيام قال: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185]، فهناك ربط وثيق بين شهر رمضان والقرآن العظيم.
ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة) فقرن أيضاً بين الصيام وبين القرآن، إذاً هذا هو شهر القرآن، وينبغي أن تكون علاقتنا فيه بالقرآن علاقة متميزة تختلف عن سائر الشهور، فمن كان يحتفي بالقرآن في كل شهر وفي كل أسبوع وفي كل يوم فليتضاعف احتفاؤه به حتى ولو هجر كل ما عدا قراءة القرآن من الطاعات والعبادات الأخرى، فحقيق وحري بهذا الشهر أن يمحضه العبد لتلاوة القرآن الكريم وتعظيمه والتدبر فيه، يقول صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب! منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب! منعته النوم بالليل فشفعني فيه. فيشفعان).
ففي هذا الشهر خصوصاً السبب الوحيد الذي ينبغي أن يمنعنا من النوم بالليل هو الاحتفاء بالقرآن الكريم، حتى تدخر ذلك عدة لك يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، حتى يشفع لك القرآن، ويقف ويتكلم بين يديك قائلاً لله عز وجل: (أي رب! منعته النوم بالليل فشفعني فيه) تشفع لك قراءته.
لقد ثبتت فضائل عظيمة جليلة للقرآن العظيم في كتاب الله عز وجل وفي سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أبشروا؛ فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (أما بعد: ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين) وإنما سمى الكتاب والسنة ثقلين لأن الأخذ والعمل بهما ثقيل فيحتاج إلى مجاهدة، أو لأن كل واحد منهما ثقيل في الميزان، ومن الأول قول الله تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل:5].
قال صلى الله عليه وسلم: (وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (القرآن شافع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار).
فقوله: (القرآن شافع مشفع) يعني: إذا شفع في شخص تقبل شفاعته (وماحل مصدق) (ماحل) مخاصم مجادل. إذا جادل وخاصم رجلاً أمام الله عز وجل فإن الله يصدق شهادته في هذا الرجل، ويعاقبه بهجره القرآن.
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض).
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم -أيضاً- في فضيلة القرآن: (لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار) و(الإهاب) في اللغة هو الجلد، والمقصود به في هذا الحديث الجسم الذي يحفظ القرآن والصدر الذي يعي القرآن، والإشارة هنا إلى أن من وعى قلبه القرآن وعمل به فإنه يأمن من أن يحرق صدره بالنار وهو وعاء لكلام الله تبارك وتعالى.
يقول عليه الصلاة والسلام: (لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار)فكيف لو جمع القرآن في صدر عبده المؤمن؟! ويقول صلى الله عليه وسلم في رواية في أخرى: (لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار).
وهناك فضائل كثيرة في فضيلة تعلم القرآن وتلاوته، يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه) فهذا فيه توثيق الصلة بالقرآن حتى لا ينساه صاحبه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر، فتلك ثلاثون) فكل حرف من القرآن يؤجر عليه الإنسان عشر حسنات، ويضاعف الله تبارك وتعالى لمن شاء.
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) يعني أن موقف كل إنسان من القرآن إما يكون سبباً في رفعته في الدنيا والآخرة، وإما أن يكون سبباً في هبوط منزلته وانحداره.
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لله تعالى أهلين من الناس. فقيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته).
ويقول عليه الصلاة والسلام: (إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنكِ -يعني
فقوله: (إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين) يعني: في العام الذي توفي فيه (ولا أراه إلا حضر أجلي) استأنس وفهم من ذلك أن تكرار العرض في هذه العام مرتين لمزيد من الاحتياط في تثبيت القرآن، فعلم بذلك واستأنس أن أجله قد اقترب عليه الصلاة والسلام، ثم قال لـفاطمة: (وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي، فاتقي الله واصبري؛ فإنه نعم السلف أنا لك).
ومنها أيضاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط).
فقوله: (إن من إجلال الله) يعني: من تعظيم شعائر الله تبارك وتعالى ومن تعظيم الله الاهتمام بهذه الأشياء وتعظيم هذه الأشياء التي ذكرها عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث، وفي التنزيل الكريم: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، فمن تعظيم شعائر الله تعظيم هؤلاء. (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم) أي: المسلم الذي شاب رأسه في الإسلام ونور الله تبارك وتعالى وجهه بالشعر الأبيض الذي يدل على أن هذا الشخص قد عبد الله عز وجل مدة طويلة في هذا العمر الذي امتد به حتى هذا الوقت. وهذا الذي يستحي الله تبارك وتعالى أن يعذبه بعدما شاب رأسه أو شعره في الإسلام وفي طاعة الله تبارك وتعالى والصيام والصلاة وذكر الله عز وجل، فمن تعظيم الله وإكرام الله وإجلال الله أن تكرم ذا الشيبة المسلم.
(وحامل القرآن) وأيضاً من إجلال الله إكرام حامل القرآن، ولم يقيده بسن، فينبغي تعظيم حامل القرآن سواء أكان صغيراً أم كبيراً؛ لأنه في النوع الأول ذكر إكرام ذي الشيبة المسلم لأجل السن فقط، أما هنا فقال: (وحامل القرآن) دون تقييده بسن، لكن اشترط فيه شرطين: الأول: (غير الغالي فيه) وهو الذي لا يتجاوز الحد، والثاني: (ولا الجافي عنه) وهو الذي يهجره ويتركه، فاشترط في حامل القرآن كي يكون مستحقاً لهذا الإكرام وهذا الإجلال أن لا يكون غالياً في القرآن يتجاوز حدود الله فيه ولا جافياً عنه تاركاً له.
(وإكرام ذي السلطان المقسط)، وهو الخليفة أو الوزير أو الحاكم إذا كان عادلاً مقسطاً يرضي الله تبارك وتعالى ويتقي الله في رعيته.
ومما ورد كذلك في بيان فضل القرآن الكريم قوله صلى الله عليه وآله وسلم لبعض الصحابة: (أوصيك بتقوى الله تعالى؛ فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن؛ فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض).
ويقول عليه الصلاة والسلام: (أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات عظام سمان؟)يعني: يجد في بيته ثلاث خلفات قد رزقه الله إياها. والخلفة: هي الحامل من النوق. والناقة الحامل قد يكون فيها أجنة متعددة، فلذلك قال عليه الصلاة والسلام: (أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات عظام سمان -ثلاث نوق حوامل عظام سمان-؟ فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان) وتأمل من الذي يقول هذا ومن الذي يخبر ويبشر به! إنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فحينما يقول صلى الله عليه وسلم: إن هذا خير فإنه قطعاً يكون خيراً.
ويقول -أيضاً- عليه الصلاة والسلام: (أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين؟) يعني بالكوماء الزهراء عالية السنام ذات البهجة عظيمة الخلقة ( في عير إثم ولا قطع رحم، فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل) وجعل محل وموضع تعلم القرآن وقراءته المسجد، فالقرآن هو أفضل ذكر على الإطلاق، وهو كلام الله عز وجل، فإذا انضاف إليه شرف المكان وهو المسجد كان ذلك سبباً للحصول على ثواب أعظم وأكثر.
وفي الحقيقة هذه السنة مهملة إلى حد كبير في مساجدنا، مسألة قراءة القرآن في المساجد خصوصاً في الأوقات التي يتردد فيها المسلمون خمس مرات في اليوم، ونلاحظ أنه في بعض البلاد -كالسعودية مثلاً- عندما تدخل أي مسجد بين الأذان والإقامة تجد للقرآن دوياً كدوي النحل، فالناس يأتون إلى المسجد قبل الأذان أو عند الأذان أو بعد الأذان، وهناك تترك فترة بين الأذان والإقامة، فتجد جميع الناس -تقريباً- منشغلين بالقرآن تماماً إلا من كان يصلي.
فالإنسان لو أنه قرأ قبل كل صلاة حتى ولو صفحة واحدة من القرآن فإنه سوف يختم القرآن في مدة وجيزة كما سنبين ذلك إن شاء الله تعالى.
يقول عليه الصلاة والسلام: (أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين في غير إثم ولا قطع رحم، فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (خياركم من تعلم القرآن وعلمه)، وفي رواية: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة -أي: الملائكة-، والذي يقرأه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران).
وكثير من الناس يهجر قراءة القرآن لأنه يشق عليه قراءة الحروف ولا يتمكن من ذلك فيهجر القرآن، فالإنسان لو قرأ القرآن وهو ماهر به يقيم حدوده فهو مع السفرة الكرام البررة، أما إذا كان القرآن شاقاً عليه ويتتعتع فيه ولا يستطيع قراءته فإنه لا يتركه لكن يقرأ؛ لأن له أجرين كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف)، ومن الذي لا يحب أن يحب الله ورسوله؟! بل لاشك أن كل إنسان يريد أن ينور قلبه بمحبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، والسبيل إلى ذلك هو أن يقرأ في المصحف، كما قال عثمان رضي الله تعالى عنه: (لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله عز وجل).
وقال عليه الصلاة والسلام: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل)، فهذا هو الحسد الشرعي، وليس هو بالمعنى المعروف وهو تمني زوال النعمة، لكنه الغبطة، فالغبطة أن يتمنى أن يكون له مثل ما لفلان.
وقال عليه الصلاة والسلام: (يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب! حلَّهِ. فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب! زده. فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب! ارض عنه. فيرضى عنه، فيقول: اقرأ وارق. ويزاد بكل آية حسنة).
فقوله: (يجيء القرآن يوم القيامة) يعني التلاوة التي تلاها الإنسان، فالقرآن يأتي فيشفع في صاحبه، فيقول لله تبارك وتعالى: (يا رب! حله) و(حله): من الحلية، أي: زيِّنْهُ وألبسه الحلية والزينة، يعني: حل هذا الرجل، فإنه كان يقرؤني آناء الليل وآناء النهار (فيلبس تاج الكرامة) أي: على رأسه، (فيقول: يا رب! زده. فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب! ارض عنه. فيرضى عنه، فيقول: اقرأ وارق. ويزاد بكل آية حسنة).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد. فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه) تنتهي منزلته في العلو والارتفاع عند آخر آية يحفظها.
وفي رواية أخرى: (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها).
فضل سورتي البقرة وآل عمران
وقوله: (اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان -سحابتان- أو كأنهما فرقان من طير صواف -أي: جماعتان من الطيور التي تصف أجنحتها عند الطيران - (يحاجان) عن أصحابهما)(يحاجان) يدافعان ويشفعان لصاحبهما.
وقوله: (اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة)يعني السحرة، فقراءة سورة البقرة تحمي من هذا الشر.
فعمم أولاً ورغبنا في قراءة القرآن عموماً، ثم خص الزهراوين البقرة وآل عمران، ثم خص البقرة آخراً.
ومن هذه الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (يأتي القرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم سورة البقرة وآل عمران يأتيان كأنهما غيايتان وبينهما شرف -يعني ضوء-، أو كأنهما غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظلتان -أي: تشبهان السحاب- من طير طواف يجادلان عن صاحبهما).
فهذا فيما يتعلق ببعض الفضائل الثابتة في تلاوة القرآن المجيد.
ثبت كثير من النصوص في فضائل سور أو بعض سور من القرآن الكريم، ونذكر منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اقرءوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه).
وقوله: (اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان -سحابتان- أو كأنهما فرقان من طير صواف -أي: جماعتان من الطيور التي تصف أجنحتها عند الطيران - (يحاجان) عن أصحابهما)(يحاجان) يدافعان ويشفعان لصاحبهما.
وقوله: (اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة)يعني السحرة، فقراءة سورة البقرة تحمي من هذا الشر.
فعمم أولاً ورغبنا في قراءة القرآن عموماً، ثم خص الزهراوين البقرة وآل عمران، ثم خص البقرة آخراً.
ومن هذه الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (يأتي القرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم سورة البقرة وآل عمران يأتيان كأنهما غيايتان وبينهما شرف -يعني ضوء-، أو كأنهما غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظلتان -أي: تشبهان السحاب- من طير طواف يجادلان عن صاحبهما).
فهذا فيما يتعلق ببعض الفضائل الثابتة في تلاوة القرآن المجيد.
لابد من أن تكون علاقتنا بالقرآن في رمضان علاقة استثنائية، ومهما كان اهتمامنا بالقرآن خلال العام كله فلابد من أن يكون هناك مزيد من الاهتمام الخاص في رمضان الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالقرآن، كما في قوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5].
فالقرآن جمع له الشرف من كل الوجوه، فهو أشرف كتاب نزل على أشرف أمة بسفارة أشرف الملائكة جبريل عليه السلام، نزل على أشرف نبي وهو محمد عليه الصلاة والسلام في أشرف شهور السنة وهو رمضان في أشرف ليالي هذا الشهر الكريم وهي ليلة القدر في أشرف بقاع الأرض وهي مكة بأشرف لغة وهي اللغة العربية، فهذا القرآن الكريم قد جمع له الشرف من كل الوجوه.
فإذاً ينبغي أن تكون أيام رمضان ولياليه فرصة لعقد صلح مع القرآن، وتكون الخطة هي التهيؤ لرمضان قبل حلوله، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه في كل ليلة من رمضان ينادي مناد: (يا بغي الخير! أقبل، ويا باغي الشر! أقصر).
فمن أعظم الخير الذي ينبغي أن ينتهزه الإنسان في رمضان هو تلاوة القرآن الكريم؛ لأن رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يكثر العبد من تلاوته وحفظه وتدبره وعرضه على من هو أقرأ منه.
وقد كان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، وفي العام الذي توفي فيه دارسه فيه مرتين.
حال السلف مع القرآن في رمضان
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرأها في غير الصلاة، فهذا في الحقيقة ليس له تفسير سوى البركة العظيمة التي وضعها الله تبارك وتعالى في أعمار وأوقات هؤلاء الصالحين.
وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة.
وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك نوافل العبادات وأقبل على قراءة القرآن.
وقال الزهري : إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام فهذا شغله الشاغل، قراءة القرآن وإطعام الصائمين.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم.
ونحن لن نقول: نختم القرآن في ثلاثة أيام أو في يومين أو في يوم أو في اليوم الواحد ختمتين. لكن نقول: على الأقل كل مسلم يختم مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات، لكن السنة كما روي في الأحاديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ختم القرآن في أقل من ثلاث)؛ لأن الإنسان إذا قرأ القرآن في أقل من ثلاث فإنه يهزه هزاً، أي: لا يستطيع أن يتدبر الآيات جيداً، فحده في كل يوم أن يقرأ عشرة أجزاء، فهذا يعني أكثر ما يمكن أن يكون.
لكن الذي ثبت عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في تحزيب القرآن أنهم كانوا يختمونه في كل سبع مرة، فكانوا يختمون السور الثلاث الأولى غير الفاتحة في أول يوم، فيبدأ في اليوم الأول بثلاث سور: البقرة وآل عمران والنساء، وفي اليوم الثاني خمس سور: المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة، واليوم الثالث سبع، واليوم الرابع تسع، واليوم الخامس إحدى عشرة، واليوم السادس ثلاث عشرة، وهذا ينتهي عند سورة الحجرات، ويبقى اليوم السابع فيبدأ بسورة (ق) -التي هي حزب المفصل- إلى الناس، هذا هو اليوم الأخير، فهذا هو تحزيب الصحابة رضي الله تعالى عنهم للقرآن الكريم.
ولا شك أن مسألة طلب العلم أو هذه الوظائف الشريفة تتفاوت حسب ظروف كل إنسان كما سنبين إن شاء الله تعالى، لكن من وجد فرصة لذلك فلا يضيعها؛ فإنك لا تدري هل يمتد بك العمر ويأتي عليك رمضان الآخر أو لا، فهذه فرصتك كي تعتق من النار، فرصتك أن تغتنم ثواب قراءة القرآن العظيم وتكون فرصة لإصلاح الحال والتوبة إلى الله تبارك وتعالى.
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها.
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرأها في غير الصلاة، فهذا في الحقيقة ليس له تفسير سوى البركة العظيمة التي وضعها الله تبارك وتعالى في أعمار وأوقات هؤلاء الصالحين.
وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة.
وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك نوافل العبادات وأقبل على قراءة القرآن.
وقال الزهري : إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام فهذا شغله الشاغل، قراءة القرآن وإطعام الصائمين.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم.
ونحن لن نقول: نختم القرآن في ثلاثة أيام أو في يومين أو في يوم أو في اليوم الواحد ختمتين. لكن نقول: على الأقل كل مسلم يختم مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات، لكن السنة كما روي في الأحاديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ختم القرآن في أقل من ثلاث)؛ لأن الإنسان إذا قرأ القرآن في أقل من ثلاث فإنه يهزه هزاً، أي: لا يستطيع أن يتدبر الآيات جيداً، فحده في كل يوم أن يقرأ عشرة أجزاء، فهذا يعني أكثر ما يمكن أن يكون.
لكن الذي ثبت عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في تحزيب القرآن أنهم كانوا يختمونه في كل سبع مرة، فكانوا يختمون السور الثلاث الأولى غير الفاتحة في أول يوم، فيبدأ في اليوم الأول بثلاث سور: البقرة وآل عمران والنساء، وفي اليوم الثاني خمس سور: المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة، واليوم الثالث سبع، واليوم الرابع تسع، واليوم الخامس إحدى عشرة، واليوم السادس ثلاث عشرة، وهذا ينتهي عند سورة الحجرات، ويبقى اليوم السابع فيبدأ بسورة (ق) -التي هي حزب المفصل- إلى الناس، هذا هو اليوم الأخير، فهذا هو تحزيب الصحابة رضي الله تعالى عنهم للقرآن الكريم.
ولا شك أن مسألة طلب العلم أو هذه الوظائف الشريفة تتفاوت حسب ظروف كل إنسان كما سنبين إن شاء الله تعالى، لكن من وجد فرصة لذلك فلا يضيعها؛ فإنك لا تدري هل يمتد بك العمر ويأتي عليك رمضان الآخر أو لا، فهذه فرصتك كي تعتق من النار، فرصتك أن تغتنم ثواب قراءة القرآن العظيم وتكون فرصة لإصلاح الحال والتوبة إلى الله تبارك وتعالى.
في حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وجاء (من صام رمضان).
فكلما حافظت على قيام رمضان كان ثوابك أتم، فاحرص على أن لا تخلي ليلة من ليالي رمضان من قيام.
والحقيقة أن عامة الناس يفوتهم ثواب عظيم جداً، فكثير منهم يجتهد في قيام رمضان ولكن لا يلتفت إلى أن رمضان يبدأ برؤية الهلال، فالناس تعودوا أنهم يبدءون القيام في الليلة الثانية فيفوتون ليلة من رمضان، فإذا ثبت أن هذه الليلة من رمضان فلا ينبغي تفويت القيام لله في أول ليلة من رمضان، بل المفروض أن تكون الهمة أعلى درجة في أول ليلة، فنحرص عليها.
وحتى يتم للإنسان ثواب القيام عليه أن يحرص على أن لا يفارق الإمام قبل إتمام القيام؛ فإن من صلى خلف الإمام حتى يسلم وينصرف كتب له قيام الليلة كلها.
وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: (يا رسول الله! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وصمت الشهر وقمت رمضان وآتيت الزكاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء) ، فقوله: (من مات على هذا) يعني: ثابتاً على هذا (كان من الصديقين والشهداء)، فانظر كيف جمع وقرن قيام رمضان بفرائض وأركان الإسلام، وليست العبادات الواجبة فحسب، لكنها أركان الإسلام المذكورة في هذا الحديث.
وهذا فيما يتعلق بالتنبيه على أن كل إنسان يخصص لنفسه حزباً معيناً وظيفة معينة في كل يوم بالنسبة للقرآن الكريم، لا يهجره ولا يقصر فيه في هذه الفرصة العظيمة التي يصعب تعويضها إن فاتت.
هذا الموضوع قد كثر سؤال بعض الإخوة فيه وطلبهم أن نتكلم بالتفصيل فيما يتعلق ببعض التوجيهات في طلب العلم الشرعي، سواء أكان ببعض التنبيهات والنصائح أم كان بتحديد أفضل الكتب في شتى العلوم الشرعية.
والكلام أساساً يتوجه إلى الإخوة طلاب العلم المجدين الذين عندهم همة في طلب العلم، والراغبين في التحصيل بصورة منهجية تجمع بين المنهجية والمرحلية.
وكل طبقة حسب ظروفها واستعدادها يمكن أن يكون لديها الحد الأدنى من الأرضية التي تشكل الثقافة الإسلامية إذا جاز التعبير، والتي لا يليق أن تنقص عن هذا الحد بالنسبة لأي مسلم من العوام أو من طلبة العلم.
أهمية تغيير الأفكار وتصحيح المفاهيم الخاطئة
والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد أشار إلى هذا المعنى في حديث ذكر فيه مراحل السقوط التي تمر بها الأمة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (تكون نبوتي فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها...) ثم ذكر أنه بعد ذلك سيكون ملك عاض، ثم بعده سيكون ملك جبري، ثم قال في آخر هذه المراحل عليه الصلاة والسلام: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) ثم سكت صلى الله عليه وسلم، فتأمل أنه بعد مراحل الضعف أخبر عليه الصلاة والسلام أنه ستكون خلافة على منهاج النبوة.
إذاً لابد من أن نركز على منهاج النبوة، وأن نفهم هذا الحديث في ضوء هذا المعنى، فلا يمكن أن يحصل تمكين للمسلمين من جديد، ولن يعودوا إلى عزتهم إلا بمنهاج النبوة، وأي منهج يخالف منهاج النبوة فليس هو سبب التغيير، ولن يؤدي إلى هذا التمكين.
وبقاء جماعة المسلمين أمر لاشك فيه؛ إذ الجماعة لها معنيان: معنى سياسي ومعنى منهجي، فالجماعة بالمعنى السياسي: الكيان والبناء الذي يمكن أن يتخلف في بعض الأعصار والأزمان. والشاهد لهذا في حديث حذيفة : (فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام) فإنه يدل على إمكانية أن يبقى المسلمون بدون جماعة بالمعنى السياسي، وهي جماعة الخلافة، لكن الجماعة بالمعنى المنهجي العلمي قد ضمن الله تبارك وتعالى بقاءها إلى أن يأتي أمر الله في آخر الزمان، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)، فمن رحمة الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة أن ضمن لها بقاء هذه الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
فإذاً موضوع الفهم الذي نسعى لأجل تحقيقه أمر مهم جداً؛ لأن كل معاني ذلك هو وسيلة، فبعض الناس يركز على قضية الجهاد، ولا شك أنه ذروة سنام الإسلام، لكن إذا تأملنا في الجهاد عرفنا أنه عبارة عن وسيلة لتمكين الدين، فالجهاد شرع من أجل إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ونشر كلمة الإسلام والدفاع عن حوزته، فإذاً الجهاد وسيلة للدعوة ووسيلة لنشر الفهم الصحيح للإسلام الذي يوافق منهاج النبوة ويوافق منهج الفرقة الناجية.
فالغاية والهدف تعبيد الناس لربهم تبارك وتعالى، أما وضع أهداف خلاف هذا الهدف فإنه في الحقيقة يترتب عليه كثير من الأضرار، فبعض الناس إما أنه يجعل الهدف هو إقامة دولة الإسلام، ولا يشترط أن تكون دولة الإسلام في زمن من الأزمان أو ظرف من الظروف هي الهدف، إنما ينبغي أن يكون الهدف هو إرضاء الله تبارك وتعالى، وإرضاء الله يكون بأن تنفذ ما يكلفك الله سبحانه وتعالى به حسب طاقتك وحسب الظروف التي تحيط بك، فإن الدعوة -بلا شك- تمر بمراحل شتى مختلفة سواء بالنسبة للزمان أو بالنسبة للمكان، فإذا جعلنا الهدف هو إقامة الدولة الإسلامية ثم لم تحقق الدولة فسيحصل نوع من الإحباط، وكأنه ليس هنالك شيء يعمل الإنسان من أجله، لكن إرضاء الله تعالى هو هدف أعم، فإرضاء الله يكون بأن تفعل ما تستطيعه، فأنت غير مطالب بالنتائج إذا ما قصرت، لكن أنت مطالب بالأخذ بالأسباب حسبما تستطيع.
ضرورة الاجتهاد في نشر المنهج الحق
وفي الحقيقة نحتاج إلى مقدمة بين يدي الكلام في هذا الموضوع، ونحن نريد أن نتعلم كي نفهم الإسلام فهماً صحيحاً، هذا الفهم الصحيح سينعكس في سلوكنا وفي عملنا، ثم ينعكس أيضاً في دعوتنا للآخرين كي ندعوهم إلى فهم صحيح للإسلام، وكثير من الجماعات يجتهدون اجتهاداً عظيماً في الدعوة، فالشيعة -مثلاً- إذا اطلعت على جهادهم في سبيل دعوتهم واستماتتهم في سبيل التبشير بهذه الدعوة الخبيثة رأيت ما يستحي أهل الحق من ربهم تبارك وتعالى أنهم لا يفعلون عشر معشار.
وكذلك الصوفية فإنهم مبتدعون وضالون، وتجدهم ينفقون أموالهم وأوقاتهم في سبيل نشر أفكارهم الخبيثة، وهكذا، فتجد أن كثيراً من الذين في فكرهم الانحراف والضلال من حيث العمل والحركة عندهم حركة كثيرة، لكن نشكوا إلى الله عز وجل -كما يقول عمر رضي الله عنه- جلد الفاجر وعجز الثقة، ونجد أن كثيراً من أهل الحق يتقاعسون عن نشر دعوتهم وتصحيح المفاهيم وإحداث هذا التغيير العميق والخطير، فالتغيير ينبغي أن ينصب في إحداث تغيير في الفكر وتصحيح في العقيدة وفي المفاهيم حتى ينعكس على السلوك، وهذا هو الأسلوب الذي يبني، أما مجرد التربية الجماهيرية للناس بكثرة العدد فإنها أشبه ما تكون بمجموعة من الأثاث غير المنظم، والمتراكم بعضها على بعض، لكن إذا هذبت وصقلت فهذه هي التي تصلح أن توضع لبنة في بنيان، فتكون الجماعة كالبنيان المرصوص الذي امتدح الله عز وجل أهله، فإذاً لا بد من التعامل مع الناس بهذا الطريق طريق التصحيح الفردي والاقتراب من كل شخص لتصفية عقيدته وتصفية مفاهيمه ومراقبة سلوكه والتدرج معه حتى يكون هناك إنجاز بعد وقت، أما التربية العامة فإنها في الغالب بعد وقت لا تنجز شيئاً إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى، فهذا هو الهدف. لذلك فالعلم هو السبيل الذي يعطينا هذه البصيرة: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108]، إذاً لا بد من أن تكون الدعوة على بصيرة، وإنما نحصل على البصيرة من العلم، فالعلم هو الشيء الوحيد الذي كلف الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يطلب منه المزيد، فما أمر الله نبيه أن يستزيده من شيء إلا من العلم، فقال تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].
فهذا ما نريد أن نمهد له في هذا الكلام، أن التغيير لابد من أن يكون تغيير فكر وتغييراً في المفاهيم؛ لأن كل ما عدا ذلك فهو وسيلة للتمكين لهذا المفهوم، فإذا اجتمعت كل الاتجاهات -مثلاً- أو كل الجماعات أو كل هذه الألوان وتوحدت على الدعوة وعلى الجهاد، وبقي فيما بينهم اختلاف في الفهم فإنها ستعود الفرق من جديد، حتى إذا حصل تمكين سيحصل ما رأينا له صورة مصغرة في أفغانستان من التناحر الفكري والقبلي، وهذه الأشياء نتيجة عدم توحد المفهوم أو عدم وجود المفهوم الصحيح الكامل للإسلام في هذه الأشياء.
نحن نتذكر دائماً قول الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، ونقول: إن بداية التغيير هي فكرة، فلابد من أن يكون هناك تغيير في الفكر؛ لأن أي سلوك عملي سواء أكان جهاداً دعوياً أم موقفاً عملياً يتخذه الإنسان هو عبارة عن مرآة تعكس ما عنده من فكر، فكل إنسان يكون في ذهنه أو في قلبه مادة معينة يحاول أن يوظف حياته وطاقته لخدمة هذا المادة، فإذا تكلمنا على تغيير أحوال الأمة -سواء في نطاق الأفراد أو الجماعات- فالتغيير يبدأ من أنفسنا، ولا نستطيع أن نغير أنفسنا إلى ما يوافق رضا الله تبارك وتعالى حتى نستوثق أن هذا الفهم الذي سنسعى لأجل التمكين له ونشره في الناس هو موافق لما يرضي الله عز وجل.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد أشار إلى هذا المعنى في حديث ذكر فيه مراحل السقوط التي تمر بها الأمة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (تكون نبوتي فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها...) ثم ذكر أنه بعد ذلك سيكون ملك عاض، ثم بعده سيكون ملك جبري، ثم قال في آخر هذه المراحل عليه الصلاة والسلام: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) ثم سكت صلى الله عليه وسلم، فتأمل أنه بعد مراحل الضعف أخبر عليه الصلاة والسلام أنه ستكون خلافة على منهاج النبوة.
إذاً لابد من أن نركز على منهاج النبوة، وأن نفهم هذا الحديث في ضوء هذا المعنى، فلا يمكن أن يحصل تمكين للمسلمين من جديد، ولن يعودوا إلى عزتهم إلا بمنهاج النبوة، وأي منهج يخالف منهاج النبوة فليس هو سبب التغيير، ولن يؤدي إلى هذا التمكين.
وبقاء جماعة المسلمين أمر لاشك فيه؛ إذ الجماعة لها معنيان: معنى سياسي ومعنى منهجي، فالجماعة بالمعنى السياسي: الكيان والبناء الذي يمكن أن يتخلف في بعض الأعصار والأزمان. والشاهد لهذا في حديث حذيفة : (فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام) فإنه يدل على إمكانية أن يبقى المسلمون بدون جماعة بالمعنى السياسي، وهي جماعة الخلافة، لكن الجماعة بالمعنى المنهجي العلمي قد ضمن الله تبارك وتعالى بقاءها إلى أن يأتي أمر الله في آخر الزمان، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)، فمن رحمة الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة أن ضمن لها بقاء هذه الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
فإذاً موضوع الفهم الذي نسعى لأجل تحقيقه أمر مهم جداً؛ لأن كل معاني ذلك هو وسيلة، فبعض الناس يركز على قضية الجهاد، ولا شك أنه ذروة سنام الإسلام، لكن إذا تأملنا في الجهاد عرفنا أنه عبارة عن وسيلة لتمكين الدين، فالجهاد شرع من أجل إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ونشر كلمة الإسلام والدفاع عن حوزته، فإذاً الجهاد وسيلة للدعوة ووسيلة لنشر الفهم الصحيح للإسلام الذي يوافق منهاج النبوة ويوافق منهج الفرقة الناجية.
فالغاية والهدف تعبيد الناس لربهم تبارك وتعالى، أما وضع أهداف خلاف هذا الهدف فإنه في الحقيقة يترتب عليه كثير من الأضرار، فبعض الناس إما أنه يجعل الهدف هو إقامة دولة الإسلام، ولا يشترط أن تكون دولة الإسلام في زمن من الأزمان أو ظرف من الظروف هي الهدف، إنما ينبغي أن يكون الهدف هو إرضاء الله تبارك وتعالى، وإرضاء الله يكون بأن تنفذ ما يكلفك الله سبحانه وتعالى به حسب طاقتك وحسب الظروف التي تحيط بك، فإن الدعوة -بلا شك- تمر بمراحل شتى مختلفة سواء بالنسبة للزمان أو بالنسبة للمكان، فإذا جعلنا الهدف هو إقامة الدولة الإسلامية ثم لم تحقق الدولة فسيحصل نوع من الإحباط، وكأنه ليس هنالك شيء يعمل الإنسان من أجله، لكن إرضاء الله تعالى هو هدف أعم، فإرضاء الله يكون بأن تفعل ما تستطيعه، فأنت غير مطالب بالنتائج إذا ما قصرت، لكن أنت مطالب بالأخذ بالأسباب حسبما تستطيع.
ينبغي أن نوقن أن بداية التغيير هي فكرة، وأساس التغيير يكون في الفكر وفي الفهم وفي العقيدة، وتصحيح وتغيير المفاهيم الفاسدة في عقول كثير من المسلمين فضلاً عن غير المسلمين، فهذا في الحقيقة من أعظم مقاصد هذا التغيير الذي ننشده، فلا ينبغي أن تحتقر أبداً أنك تصحح عقيدة رجل -مثلاً- يعبد القبور وينذر للموتى ويطوف بالأضرحة ويسجد لها، بأن تقنعه وتصحح عقيدته وتطهر قلبه من هذا الشرك، فهذا تغيير حقيقي، بل هو أعظم أنواع التغيير من حيث عمق الأثر والفائدة التي تترتب عليه.
وفي الحقيقة نحتاج إلى مقدمة بين يدي الكلام في هذا الموضوع، ونحن نريد أن نتعلم كي نفهم الإسلام فهماً صحيحاً، هذا الفهم الصحيح سينعكس في سلوكنا وفي عملنا، ثم ينعكس أيضاً في دعوتنا للآخرين كي ندعوهم إلى فهم صحيح للإسلام، وكثير من الجماعات يجتهدون اجتهاداً عظيماً في الدعوة، فالشيعة -مثلاً- إذا اطلعت على جهادهم في سبيل دعوتهم واستماتتهم في سبيل التبشير بهذه الدعوة الخبيثة رأيت ما يستحي أهل الحق من ربهم تبارك وتعالى أنهم لا يفعلون عشر معشار.
وكذلك الصوفية فإنهم مبتدعون وضالون، وتجدهم ينفقون أموالهم وأوقاتهم في سبيل نشر أفكارهم الخبيثة، وهكذا، فتجد أن كثيراً من الذين في فكرهم الانحراف والضلال من حيث العمل والحركة عندهم حركة كثيرة، لكن نشكوا إلى الله عز وجل -كما يقول عمر رضي الله عنه- جلد الفاجر وعجز الثقة، ونجد أن كثيراً من أهل الحق يتقاعسون عن نشر دعوتهم وتصحيح المفاهيم وإحداث هذا التغيير العميق والخطير، فالتغيير ينبغي أن ينصب في إحداث تغيير في الفكر وتصحيح في العقيدة وفي المفاهيم حتى ينعكس على السلوك، وهذا هو الأسلوب الذي يبني، أما مجرد التربية الجماهيرية للناس بكثرة العدد فإنها أشبه ما تكون بمجموعة من الأثاث غير المنظم، والمتراكم بعضها على بعض، لكن إذا هذبت وصقلت فهذه هي التي تصلح أن توضع لبنة في بنيان، فتكون الجماعة كالبنيان المرصوص الذي امتدح الله عز وجل أهله، فإذاً لا بد من التعامل مع الناس بهذا الطريق طريق التصحيح الفردي والاقتراب من كل شخص لتصفية عقيدته وتصفية مفاهيمه ومراقبة سلوكه والتدرج معه حتى يكون هناك إنجاز بعد وقت، أما التربية العامة فإنها في الغالب بعد وقت لا تنجز شيئاً إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى، فهذا هو الهدف. لذلك فالعلم هو السبيل الذي يعطينا هذه البصيرة: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108]، إذاً لا بد من أن تكون الدعوة على بصيرة، وإنما نحصل على البصيرة من العلم، فالعلم هو الشيء الوحيد الذي كلف الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يطلب منه المزيد، فما أمر الله نبيه أن يستزيده من شيء إلا من العلم، فقال تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].
فهذا ما نريد أن نمهد له في هذا الكلام، أن التغيير لابد من أن يكون تغيير فكر وتغييراً في المفاهيم؛ لأن كل ما عدا ذلك فهو وسيلة للتمكين لهذا المفهوم، فإذا اجتمعت كل الاتجاهات -مثلاً- أو كل الجماعات أو كل هذه الألوان وتوحدت على الدعوة وعلى الجهاد، وبقي فيما بينهم اختلاف في الفهم فإنها ستعود الفرق من جديد، حتى إذا حصل تمكين سيحصل ما رأينا له صورة مصغرة في أفغانستان من التناحر الفكري والقبلي، وهذه الأشياء نتيجة عدم توحد المفهوم أو عدم وجود المفهوم الصحيح الكامل للإسلام في هذه الأشياء.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
قصتنا مع اليهود | 2627 استماع |
دعوى الجاهلية | 2562 استماع |
شروط الحجاب الشرعي | 2560 استماع |
التجديد في الإسلام | 2514 استماع |
تكفير المعين وتكفير الجنس | 2505 استماع |
محنة فلسطين [2] | 2466 استماع |
انتحار أم استشهاد | 2438 استماع |
تفسير آية الكرسي | 2404 استماع |
وإن عدتم عدنا | 2395 استماع |
الموت خاتمتك أيها الإنسان | 2394 استماع |