الرحمة والتراحم بين المسلمين


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي أعلى كرامة بني الإنسان، وجعلهم خلفاءه في الأرض، كتب على نفسه الرحمة، وأزال عن الناس بدينه الغمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أبدع الكون بقدرته، وملك الخلق بربوبيته، خلت الطرق كلها إلا طريقه، وفسدت المشارب طراً إلا رحيقه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، نشر الرحمة والتراحم بين الناس، فما أمر حتى أقنع ، وما بنى حتى جمع، فكان سيد الرحماء وإمام الحكماء، تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلاة الله وسلامه عليه وعلى آله الأخيار البررة وصحابته والتابعين لهم بإحسان.

أما بعد:

الأخلاق معيار لبقاء الأمم وزوالها

فيا عباد الله! قرة عين المؤمن وطمأنينة قلبه تبدو واضحة جلية في تقواه لربه، فإن تقوى الله عز وجل هي أساس كل صلاح، وسلوان كل كفاح: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

أيها المسلمون! الأخلاق المثلى عماد الأمم وقوام الشعوب، والأمم باقية ما بقيت أخلاقها، هذه حقيقة مسلمة لا ينازع فيها إلا مريضٌ لم ينقه، أو مغرضٌ لا يفقه، كما أن من المسلم أيضاً أن تدهور الأخلاق ناجمٌ عن نقص الوازع الديني في النفوس، الوازع الديني الزاجر والمنجي، الوازع الديني الذي يمتلك عنان النفس ويسيطر عليها فيكبح جماحها، ويهتن دمعها، ويغسلها بالنقاخ الذي يبرد الفؤاد.

وإن من أعظم الأخلاق المندوبة والسجايا المطلوبة، خلق الرحمة والتراحم بين المسلمين، ولا غرو؛ إذ هو مفتاح القبول لدى القلوب، ولا جرم أن فقدان الرحمة بين الناس فقدان للحياة الهانئة، وإحلالٌ للجاهلية الجهلاء، والأثرة العمياء.

قصة الأخدود مثال لأهل القلوب القاسية

لقد نالت الجاهلية من الرحمة أقسى منال، حتى كأنما وأدتها في مهدها، ولقد كشف الله في كتابه عن فئام من الناس والأمم ممن فقدوا الرحمة، وكأنما قدت قلوبهم من صخرٍ صلب، تمثلت هذه الغلظة والقسوة في أصحاب الأخدود الذين أضرموا النيران، وخدوا الأخاديد في أفواه السكك، وجنبات الطريق، وكان ذلك حينما آمن الناس بما جاء به الغلام المؤمن، فكان من لم يرجع عن دينه يقحم في النار، فتنهش جسده نهشاً حتى لا يرى إلا فحمة أو رماداً: {ولقد جاءت امرأة ومعها صبيٌ لها، فتقاعست أن تقع في النار، فقال لها الغلام: يا أماه! اصبري، فإنك على الحق } رواه مسلم في صحيحه .

قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:4-8].

فرعون مثال آخر لمن فقد الرحمة

لقد كشف الله في كتابه عمن فقد الرحمة وانقض عليها؛ فلم يرع حق أمٍ ولا رضيع، ولم يدع صغيراً ولا كبيراً في عافية: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [القصص:4].. وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:11-14].

قال أبو رافع : أوتد فرعون لامرأته أربعة أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحىً عظيمة حتى ماتت: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [القصص:8].. وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ [القصص:41] لقد كشف الله في كتابه العزيز عن ممارساتٍ شاذة ممن فقدوا الرحمة أو أماتوها، وعن مكائد خبيثة، تقود يهود بني إسرائيل الذين هم أكثر البشر قسوة وفظاعة، وقلوبهم كالحجارة الصماء؛ بل هي أشد قسوةٌ منها قال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74] فكشف الله خبثهم، وبين أنهم قتلةٌ مردة، من قديم الزمان فقال تعالى: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة:72] وبما فعله يهود يحكم الله عليهم باللعنة والحرمان من الرحمة: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ [المائدة:13].

فيا عباد الله! قرة عين المؤمن وطمأنينة قلبه تبدو واضحة جلية في تقواه لربه، فإن تقوى الله عز وجل هي أساس كل صلاح، وسلوان كل كفاح: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

أيها المسلمون! الأخلاق المثلى عماد الأمم وقوام الشعوب، والأمم باقية ما بقيت أخلاقها، هذه حقيقة مسلمة لا ينازع فيها إلا مريضٌ لم ينقه، أو مغرضٌ لا يفقه، كما أن من المسلم أيضاً أن تدهور الأخلاق ناجمٌ عن نقص الوازع الديني في النفوس، الوازع الديني الزاجر والمنجي، الوازع الديني الذي يمتلك عنان النفس ويسيطر عليها فيكبح جماحها، ويهتن دمعها، ويغسلها بالنقاخ الذي يبرد الفؤاد.

وإن من أعظم الأخلاق المندوبة والسجايا المطلوبة، خلق الرحمة والتراحم بين المسلمين، ولا غرو؛ إذ هو مفتاح القبول لدى القلوب، ولا جرم أن فقدان الرحمة بين الناس فقدان للحياة الهانئة، وإحلالٌ للجاهلية الجهلاء، والأثرة العمياء.

لقد نالت الجاهلية من الرحمة أقسى منال، حتى كأنما وأدتها في مهدها، ولقد كشف الله في كتابه عن فئام من الناس والأمم ممن فقدوا الرحمة، وكأنما قدت قلوبهم من صخرٍ صلب، تمثلت هذه الغلظة والقسوة في أصحاب الأخدود الذين أضرموا النيران، وخدوا الأخاديد في أفواه السكك، وجنبات الطريق، وكان ذلك حينما آمن الناس بما جاء به الغلام المؤمن، فكان من لم يرجع عن دينه يقحم في النار، فتنهش جسده نهشاً حتى لا يرى إلا فحمة أو رماداً: {ولقد جاءت امرأة ومعها صبيٌ لها، فتقاعست أن تقع في النار، فقال لها الغلام: يا أماه! اصبري، فإنك على الحق } رواه مسلم في صحيحه .

قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:4-8].

لقد كشف الله في كتابه عمن فقد الرحمة وانقض عليها؛ فلم يرع حق أمٍ ولا رضيع، ولم يدع صغيراً ولا كبيراً في عافية: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [القصص:4].. وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:11-14].

قال أبو رافع : أوتد فرعون لامرأته أربعة أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحىً عظيمة حتى ماتت: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [القصص:8].. وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ [القصص:41] لقد كشف الله في كتابه العزيز عن ممارساتٍ شاذة ممن فقدوا الرحمة أو أماتوها، وعن مكائد خبيثة، تقود يهود بني إسرائيل الذين هم أكثر البشر قسوة وفظاعة، وقلوبهم كالحجارة الصماء؛ بل هي أشد قسوةٌ منها قال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74] فكشف الله خبثهم، وبين أنهم قتلةٌ مردة، من قديم الزمان فقال تعالى: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة:72] وبما فعله يهود يحكم الله عليهم باللعنة والحرمان من الرحمة: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ [المائدة:13].




استمع المزيد من الشيخ سعود الشريم - عنوان الحلقة اسٌتمع
ربما تصح الأجسام بالعلل 2767 استماع
السياحة من منظور إسلامي 2556 استماع
لا أمن إلا في الإيمان!! 2470 استماع
حاسبوا أنفسكم 2426 استماع
العين حق 2383 استماع
كيف نفرح؟ 2349 استماع
مفهوم السياحة ومخاطرها [1] 2297 استماع
رحيل رمضان 2245 استماع
مفاهيم رمضانية 2170 استماع
مخاصمة السنة 2169 استماع