مفهوم السياحة ومخاطرها [1]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقه واتبعوا نهجه وهُداه، وعلى من تبعهم وحذا حذوهم ما تعاقب الجديدان الليل والنهار.

أما بعـد:

أيها الناس: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] الزموا حدود الله، وامتثلوا أمره، واجتنبوا نهيه.

وحذارِ حذارِ!! من التفلت والحياد عن سبيله، كما تَتَفَلَّت الإبل في عُقُلِها؛ فإنه ما من زمان يأتي إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، وإنكم ستعرفون من الناس وتنكرون حتى يأتي على الناس زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله.

ألا فمن استنصح الله وُفِّق، ومن اتخذ شِرْعته نهجاً هُدي للتي هي أقوم فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100].

عباد الله: تكلَّم أهل الأصول وعلم البيان عن الكلام وماهيته، وأن من أقسامه ما يُسمى: الحقيقة، وأن الكلام الحقيقي قد يكون لغوياً، أو شرعياً، أو عُرفياً، كما هو في مظانه من مؤلفاتهم.

والذي يُفيدنا منه في هذا المقام هو أن الأصل في الألفاظ: حملُها على الحقيقة بواحدٍ من أقسامها الثلاثة الآنفة.

وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن طُغيان الجانب المادي واللهث وراء المحسوسات المشغلة عن الدين والتدين، وسلوك النهج القويم، والدخول في دائرة الأخلاق التي تشمل الجميع، كان سبباً -ولا شك- في قلب الحقائق، وجعل الشين زيناً، والمر حلواً، ومثول صور شتى من اللامبالاة بقيم الألفاظ ودلالات الكلام وثمراته، كما جاء في بعض الأحاديث من تسمية الأشياء بغير اسمها، كما تسمى الخمرة عند أقوام: بالمشروبات الروحية، والمخدرات: كُيُوفات حيوية ... وما أشبه ذلك.

انتشار المنكرات

غير أن مما يُروعنا -عباد الله- خلائق مقبوحة انتشرت بين كثير من المجتمعات المسلمة، في كافة الأقطار دون مبالاة، أو بعبارة أخرى على إغماض متعمَّد أو شبه متعمَّد، من ذوي المسئوليات العامة من كافة الناس المكلفين، واستمرت موافقة الناس لها، حتى حوَّلها الإلْف والمحاكاة إلى جُزءٍ لا يتجزأ من الحياة العامة والتحسينات اللامحدودة.

ومن هنا رأينا الاستهانة بالكلمة وحقيقتها التي وُضعت لها، ورأينا قلة الاكتراث بالأمانات والمسئوليات الثقيلة، ورأينا القدرة على التكيف في قلب الحقائق إذا حلَّ الهوى قلباً خالياً فتمكن منه.

ومن ثَمَّ جُعل الجهلُ علماً وريادةً وتطوراً، والعلم جهلاً، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وهكذا دواليك.

مفهوم السياحة المنتشر بين الناس

إن محور حديثنا -أيها الناس- ونقطة الاتساق فيما سنطرحه هو ما يُسمى في الكلام: السياحة! نعم، السياحة، وما تصرَّف منها لفظاً ومعنى.

تلكم الكلمة -عباد الله- تكاد تتواطأ أفهام الأغرار من الناس على أنها عبارة دالة بذاتها على معانٍ، منها:

1- الترويح عن النفس.

2- أو الاصطياف.

3- أو الخروج عن القيود الشرعية أو العُرفية.

4- أو الارتقاء، والتمدن، واتساع الأفق الثقافي.

5- أو العولمة الحرة.

وأيَّاً كان هذا المعنى أو ذاك، فإنه لن يخرجنا هذا كله عن القول بصدق: إن هذه المعاني والمفاهيم للسياحة كلها مغلوطة، وليست من السياحة في وِرْد ولا قََدَر، ولا هي من بابه.

غير أن مما يُروعنا -عباد الله- خلائق مقبوحة انتشرت بين كثير من المجتمعات المسلمة، في كافة الأقطار دون مبالاة، أو بعبارة أخرى على إغماض متعمَّد أو شبه متعمَّد، من ذوي المسئوليات العامة من كافة الناس المكلفين، واستمرت موافقة الناس لها، حتى حوَّلها الإلْف والمحاكاة إلى جُزءٍ لا يتجزأ من الحياة العامة والتحسينات اللامحدودة.

ومن هنا رأينا الاستهانة بالكلمة وحقيقتها التي وُضعت لها، ورأينا قلة الاكتراث بالأمانات والمسئوليات الثقيلة، ورأينا القدرة على التكيف في قلب الحقائق إذا حلَّ الهوى قلباً خالياً فتمكن منه.

ومن ثَمَّ جُعل الجهلُ علماً وريادةً وتطوراً، والعلم جهلاً، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وهكذا دواليك.

إن محور حديثنا -أيها الناس- ونقطة الاتساق فيما سنطرحه هو ما يُسمى في الكلام: السياحة! نعم، السياحة، وما تصرَّف منها لفظاً ومعنى.

تلكم الكلمة -عباد الله- تكاد تتواطأ أفهام الأغرار من الناس على أنها عبارة دالة بذاتها على معانٍ، منها:

1- الترويح عن النفس.

2- أو الاصطياف.

3- أو الخروج عن القيود الشرعية أو العُرفية.

4- أو الارتقاء، والتمدن، واتساع الأفق الثقافي.

5- أو العولمة الحرة.

وأيَّاً كان هذا المعنى أو ذاك، فإنه لن يخرجنا هذا كله عن القول بصدق: إن هذه المعاني والمفاهيم للسياحة كلها مغلوطة، وليست من السياحة في وِرْد ولا قََدَر، ولا هي من بابه.

ولأجل أن نُؤكد على ما نقول بالدليل القاطع، فإن هناك نصوصاً من كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وأقوال السلف الصالح ، كلها تدل على مفهومٍ للسياحة مغايِرٍ لما تعارف عليه جمهرة الناس.

السياحة بمعنى الصيام

المفهوم الأول: الصيام:-

يقول الله جل وعلا: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:112] قال ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعائشة رضي الله عنهم، وغيرهم: [[إن السائحين هم: الصائمون ]] .

ومثل ذلك: قوله تعالى: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً [التحريم:5] .

وقد قالت عائشة رضي الله عنها: [[سياحة هذه الأمة: الصيام ]] .

السياحة بمعنى طلب العلم

المفهوم الثاني: طلب العلم:-

قال بعض أهل العلم كـزيد بن أسلم ، وابنه: [[السائحون: هم الذين يُسافرون لطلب الحديث والعلم ]] .

ولذلك قال بعض السلف : مَن لم يكن رُحْلَة، لن يكون رُحَلَة. أي: من لم يرحل في طلب العلم للبحث عن الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فيبعُد تأهُّلُه لِيُرْحَل إليه.

وأقول أيها المسلمون: إن هذا القول كان أيام الخلافة الإسلامية، وكون البلدان كالرقعة الواحدة، والله المستعان.

السياحة بمعنى السير للمطلوب الشرعي

وثم إطلاقٌ آخر لمعنى السياحة، وهو السير للمطلوب الشرعي والبحث عنه، عبادةً لله، وقُربى لديه، كالحج، وزيارة المساجد الثلاثة، أو الغزو في سبيل الله، أو نحو ذلك، فقد ثبت عند الترمذي في ( جامعه ) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزوة، أو حج أو اعتمر كان مما يقول في دعائه: {آيبون، تائبون، عابون، سائحون، لربنا حامدون } الحديث.

السياحة بمعنى عبادة الله في أرضه

وإطلاق آخر للسياحة بمعنى عبادة الله في أرضه للمضطهدين في دينهم، والمشردين عن أوطانهم، كما ثبت في ( صحيح البخاري ) من قصة هجرة أبي بكر رضي الله عنه إلى الحبشة ، حيث لقيه ابن الدغنة فقال: [[أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي، فأنا أريد أن (أسيح) في الأرض، وأعبد ربي، فقال ابن الدغنة : إن مثلك لا يَخْرُج، ولا يُخْرَج ]] الحديث.

ومن هذا المنطلق دوِّنت المقولة المشهورة عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إبَّان اضطهاده وامتحانه: ما يفعل أعدائي بي؟! إنَّ سجني خلوة، وقتلي شهادة، وتشريدي سياحة.

ولا يُعقل -أيها المسلمون- أن يسيح العالِم المجاهد المتقي لأجل أن يلهو أو يعبث.

ما مضى ذكره -أيها الإخوة- إنما هي معانٍ ممدوحة من معاني السياحة، والذهاب على وجه الأرض في أصل الكلمة وحقيقتها.

المفهوم الأول: الصيام:-

يقول الله جل وعلا: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:112] قال ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعائشة رضي الله عنهم، وغيرهم: [[إن السائحين هم: الصائمون ]] .

ومثل ذلك: قوله تعالى: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً [التحريم:5] .

وقد قالت عائشة رضي الله عنها: [[سياحة هذه الأمة: الصيام ]] .

المفهوم الثاني: طلب العلم:-

قال بعض أهل العلم كـزيد بن أسلم ، وابنه: [[السائحون: هم الذين يُسافرون لطلب الحديث والعلم ]] .

ولذلك قال بعض السلف : مَن لم يكن رُحْلَة، لن يكون رُحَلَة. أي: من لم يرحل في طلب العلم للبحث عن الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فيبعُد تأهُّلُه لِيُرْحَل إليه.

وأقول أيها المسلمون: إن هذا القول كان أيام الخلافة الإسلامية، وكون البلدان كالرقعة الواحدة، والله المستعان.

وثم إطلاقٌ آخر لمعنى السياحة، وهو السير للمطلوب الشرعي والبحث عنه، عبادةً لله، وقُربى لديه، كالحج، وزيارة المساجد الثلاثة، أو الغزو في سبيل الله، أو نحو ذلك، فقد ثبت عند الترمذي في ( جامعه ) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزوة، أو حج أو اعتمر كان مما يقول في دعائه: {آيبون، تائبون، عابون، سائحون، لربنا حامدون } الحديث.

وإطلاق آخر للسياحة بمعنى عبادة الله في أرضه للمضطهدين في دينهم، والمشردين عن أوطانهم، كما ثبت في ( صحيح البخاري ) من قصة هجرة أبي بكر رضي الله عنه إلى الحبشة ، حيث لقيه ابن الدغنة فقال: [[أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي، فأنا أريد أن (أسيح) في الأرض، وأعبد ربي، فقال ابن الدغنة : إن مثلك لا يَخْرُج، ولا يُخْرَج ]] الحديث.

ومن هذا المنطلق دوِّنت المقولة المشهورة عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إبَّان اضطهاده وامتحانه: ما يفعل أعدائي بي؟! إنَّ سجني خلوة، وقتلي شهادة، وتشريدي سياحة.

ولا يُعقل -أيها المسلمون- أن يسيح العالِم المجاهد المتقي لأجل أن يلهو أو يعبث.

ما مضى ذكره -أيها الإخوة- إنما هي معانٍ ممدوحة من معاني السياحة، والذهاب على وجه الأرض في أصل الكلمة وحقيقتها.


استمع المزيد من الشيخ سعود الشريم - عنوان الحلقة اسٌتمع
ربما تصح الأجسام بالعلل 2770 استماع
السياحة من منظور إسلامي 2558 استماع
لا أمن إلا في الإيمان!! 2472 استماع
حاسبوا أنفسكم 2427 استماع
العين حق 2386 استماع
كيف نفرح؟ 2353 استماع
رحيل رمضان 2247 استماع
مخاصمة السنة 2175 استماع
مفاهيم رمضانية 2171 استماع
أمّ الخبائث 2095 استماع