فضل الآيات والسور [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونسأله جل وعلا أن يلهمنا رشدنا, وأن يجعلنا ممن يهتدي بهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

العلماء عليهم رحمة الله اعتنوا بمسائل فضائل الأعمال, والمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك جمعاً وعنايةً، واعتنوا بالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي والسور، ورووا في ذلك جملة من الأخبار المرفوعة والموقوفة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وجملة من بعض المقطوعات عن بعض التابعين.

والعمدة في هذا الباب هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذلك أن مرد هذا إلى الوحي، وفي بيان فضائل الأعمال والأجور، وكذلك الخصائص التي تكون في بعض الآي والسور من الرقى، وفك السحر والحرز الذي يكون للإنسان, فإن هذا مرده إلى الوحي.

وأما ما جاء عن بعض الصحابة الذين شهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا منه، هل ما جاء عنهم من الموقوفات هي في حكم المرفوع؟

أولاً: قال بعض العلماء: إنما جاء عن بعض الصحابة في أبواب التفسير أنه من حكم المرفوع، وهذا قال به الحاكم عليه رحمة الله في كتابه معرفة علوم الحديث، والمستدرك, جعله في حكم المرفوع، وهذا قد يقال به إنه من باب أولى وهذا محتمل, إلا أن الأولى أن يتوقف في ذلك على المرفوع, وهذا ما سنعتمده بإذن الله عز وجل في حديثنا في هذه المجالس في إيراد ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي والسور.

ما جاء في هذه المصنفات التي صنفها العلماء وهي كثيرة, ينبغي النظر فيه وتمحيصه بالنظر إلى أسانيده وعدم الاتكال على جلالة هؤلاء الأئمة، باعتبار أن الدخيل في هذا الباب كثير جداً، يعني: في فضائل الآي والسور، بل إن أكثر ما جاء في فضائل الآي والسور هو من أبواب الحديث الضعيف الموضوع المطروح. والأحاديث الصحيحة والحسنة ويسيرة الضعف هي أقل من الموضوعات في هذا الباب.

والمصنفات في هذا الباب كثيرة، قد صنف في هذا الإمام الشافعي عليه رحمة الله له كتاب في هذا نسب إليه وهو منافع القرآن، وتلاه بعد ذلك أبو عبيد القاسم بن السلام ، وصنف في هذا أبو بكر بن أبي شيبة ، وكذلك أبو بكر بن أبي داود ، وصنف في هذا جماعة من العلماء المتأخرين كالإمام السيوطي عليه رحمة الله. والمصنفات في هذا الباب لا تخلو من الضعيف والمطروح والمنكر.

ولهذا ينبغي تأصيل هذه الطرق قبل الخوض فيها، ينبغي أن يعلم أن كتب التفسير المدونة التي تعتني بالرواية بتفسير القرآن بالأثر أو تفسير القرآن بالرأي دخل فيها جملة من الدخيل من الأخبار المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في عداد الموضوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينبغي الاحتراز من ذلك.

بل إن بعض التفاسير لا تخلو سورة من السور من حديث مكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتفسير الثعلبي وتفسير الواحدي ، وتفسير البيضاوي ، وكذلك الزمخشري في كتابه الكشاف وغيرها من كتب التفسير، لا تخلو سورة من السور من هذه الأحاديث الموضوعة التي ينبغي أن يحترز فيها.

والاعتماد بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الكفاية, والثابت في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو نزر يسير مقارنة بالأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

النسخ الضعيفة في فضائل القرآن

من المهمات في معرفة الأحاديث المروية في فضائل القرآن: أن يعلم أن ثمة نسخاً تتداول في كتب التفسير هي موضوعة، ونقلها أئمة أجلة ينسبون للعلم والفضل والديانة والصلاح, وهي مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر في كل سورة وهي نسخة واحدة موضوعة.

ومن هذه الأحاديث المروي عن أبي بن كعب ، فما جاء عن أبي بن كعب من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل سور القرآن وآيه مما لم يوجد في الكتب الستة فهو ضعيف، وما يذكره المفسرون في هذا الباب فهو من أبواب الواهي والمنكر.

وهذا يوجد عند كل سورة في تفسير الثعلبي في كتابه الكشف والبيان، وكذلك في تفسير الواحدي أخذه عنه، وكذلك في تفسير البيضاوي ، وكذلك في تفسير بعض المفسرين الذين يذكرونه في بعض الآي ويدعونه في بعض، كتفسير ابن عطية ، وكذلك النسفي ، وكذلك ابن مردويه ، يذكرون هذه النسخة عن أبي بن كعب في فضائل السور، وهذا الأصل فيه الوضع.

ثمة أحاديث في فضائل كل سورة منسوبة لأبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي نسخة موضوعة, رواها عن أبي بن كعب ثلاثة: عبد الله بن عباس ، و أبو أمامة ، و زر بن حبيش ، جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى بإسنادين: الإسناد الأول: يرويه أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن أبي نضرة عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب .

والإسناد الثاني الذي يروى عن عبد الله بن عباس يأتي من طريق سعيد بن حفص عن معقل بن عبيد الله عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب .

الطريق الثانية عن أبي بن كعب يرويها عنه أبو أمامة ، والمروي عن أبي أمامة في هذا يرويه يوسف بن عطية و سلام بن سليم عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الطريق الثالثة المروية عن أبي بن كعب في هذا الباب التي يرويها زر بن حبيش , وما جاء عن زر بن حبيش هو يأتي من حديث عطاء بن أبي ميمونة و علي بن زيد بن جدعان كلاهما عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويرويه عن علي بن زيد بن جدعان و عطاء بن أبي ميمونة بزيع بن حسان أبو الخليل ، تارةً يرويه عن عطاء ، و علي بن زيد بن جدعان مباشرة، وتارةً يجعل بينهما واسطة مخلد بن عبد الواحد ، وكلاهما ممن لا يحتج به.

وثمة طريق رابعة عن أبي بن كعب يرويه مؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري عن أسلم المنقري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلها ترجع إلى أبي بن كعب وهي ضعيفة ومنكرة. ولا تخلو آية من آي القرآن إلا ويأتي فيها حديث عن أبي بن كعب .

وهذا ينبغي أن يضبط, فإنه ييسر لطالب العلم قاعدة في أبواب الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي.

فما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي عن أبي بن كعب فهذا من قرائن الوضع.

واختلف العلماء فيمن وضع هذه النسخة؟

فقيل: إن الذي وضعها هو ميسرة بن عبد ربه كما ذكر ذلك عبد الرحمن بن مهدي ، فإنه قال: قلت له: هذه النسخة التي تحدث بها في فضائل كل سورة عن أبي بن كعب من الذي وضعها؟ قال: وضعتها أنا.

وقيل: إن الذي وضعها نوح بن أبي مريم فإنه سئل كما رواه الحاكم ، و ابن الجوزي وغيره قال: هذه النسخة التي ترويها عن عكرمة عن عبد الله بن عباس في فضائل كل سورة من حدث بها؟ قال: لم يحدثني أحد، أنا وضعتها، فإني رأيت الناس قد انشغلوا بفقه أبي حنيفة فرأيت أن أصرفهم إلى كلام الله.

وقيل: إن الذي وضع ذلك هو شيخ من المتصوفة بعبدان, كما روى ذلك ابن الجوزي ، كما جاء من حديث محمود بن غيلان عن مؤمل أنه قال: حدثني رجل في فضائل القرآن في كل سورة عن أبي بن كعب ، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فذهبت إليه بالمدائن, فقلت: من حدثك هذا؟ فقال: حدثني رجل بواسط وهو حي، فذهبت إليه بواسط, فقلت: حدثت عنك أنك تحدث في فضائل سورة في كل سورة عن أبي بن كعب من حدثك بهذا؟ قال: حدثني رجل بالبصرة وهو حي، فذهبت إليه, فقلت: من حدثك بهذا؟ فقال: حدثني رجل بعبدان، فذهبت إلى عبدان، فقلت: حدثت عنك بحديث فضائل سور القرآن من حدثك بهذا؟ فقال: لم أحدث به، وإنما أخذ بيدي, فأدخلني على قوم جلوس في حجرة من المتصوفة, فقال: حدثني هذا الرجل وهو شيخ فيهم. فقلت: من حدثك بهذا؟ قال: لم يحدثني بذلك أحد, وإنما أنا وضعتها, فإني رأيت انصراف الناس عن القرآن فوضعتها حتى ينصرفوا إليه.

وهذا من الجهل في دين الله جل وعلا ومن الحماقة، والبلية العظمى أن أكثر التفاسير الموجودة تعج بهذه النسخة الموضوعة المفتراة.

وهذه التفاسير التي في أيدي الناس كتفسير ابن مردويه ، و الثعلبي ، وتفسير الواحدي ، وتفسير الزمخشري ، وتفسير البيضاوي ، و النسفي ، وتفسير ابن عطية وغيرها، بل من تكلم في فضائل القرآن كفضائل القرآن لـابن أبي داود وهو من المحدثين, أورد في كل سورة هذه النسخة لـأبي بن كعب ولم يتكلم عليه.

بل إن بعض الأئمة كابن جرير الطبري في بعض كتابه خارج التفسير، أما في التفسير فلم يذكر هذه النسخة، فأوردها في غير التفسير بأسانيد عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كذلك ينبغي أن يعلم أنها تارةً تجعل عن أبي بن كعب ، وتارةً تجعل عن عبد الله بن عباس ، ويسقط أبي بن كعب وهذا قليل، وتارةً عن أبي أمامة ويسقط أبي بن كعب ، والأغلب في ذلك أن يذكر عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه فيها السواد الأعظم الوارد في فضائل سور القرآن، وفضائل الآي، فينبغي أن يحترز في ذلك وأن يحتاط له.

معرفة الأسانيد الصحيحة للآي والسور

ومن المهم في هذا الباب أن يعتني طالب العلم بمعرفة الأسانيد الصحيحة، وكذلك وجوه الصحة في هذا, وأن لا يكون مقلداً في هذا الأمر، فإننا نرى أثر هذه النسخ الموضوعة على كثير من الناس, وعلى كثير من الأقاليم، بل إننا نجد من الأثر أن تطبع سور مفردة ومصاحف مفردة فيها سور منتقاة بناءً على هذه النسخ الموضوعة.

فيوجد مصاحف فيها: السور المنجية، أو السور الشافية ونحو ذلك، ولهذا تجد تفضيلاً لكثير من السور عند بعض الشعوب كتفسير سورة يس، أو تفضيل سورة هود، أو تفضيل سورة يونس، أو الرعد، أو غيرها، مما لم يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما ينبغي أن يحترز طالب العلم في هذا الأمر الذي له أثر على عامة الناس، وأن يبينه كذلك لمن جهله.

العمل بفضائل الآي والسور

ومن المهمات أيضاً: أن طالب العلم إذا عرف هذه الفضائل فعليه أن يبادر إلى العمل بها، فإن من هدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم أنه ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل شيء إلا وعملوا به، وأعلى ما جاء في هذا هو من فضائل القرآن، فعلى الإنسان أن يحرص على هذا الأمر قدر وسعه، وذلك للاقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

من المهمات في معرفة الأحاديث المروية في فضائل القرآن: أن يعلم أن ثمة نسخاً تتداول في كتب التفسير هي موضوعة، ونقلها أئمة أجلة ينسبون للعلم والفضل والديانة والصلاح, وهي مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر في كل سورة وهي نسخة واحدة موضوعة.

ومن هذه الأحاديث المروي عن أبي بن كعب ، فما جاء عن أبي بن كعب من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل سور القرآن وآيه مما لم يوجد في الكتب الستة فهو ضعيف، وما يذكره المفسرون في هذا الباب فهو من أبواب الواهي والمنكر.

وهذا يوجد عند كل سورة في تفسير الثعلبي في كتابه الكشف والبيان، وكذلك في تفسير الواحدي أخذه عنه، وكذلك في تفسير البيضاوي ، وكذلك في تفسير بعض المفسرين الذين يذكرونه في بعض الآي ويدعونه في بعض، كتفسير ابن عطية ، وكذلك النسفي ، وكذلك ابن مردويه ، يذكرون هذه النسخة عن أبي بن كعب في فضائل السور، وهذا الأصل فيه الوضع.

ثمة أحاديث في فضائل كل سورة منسوبة لأبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي نسخة موضوعة, رواها عن أبي بن كعب ثلاثة: عبد الله بن عباس ، و أبو أمامة ، و زر بن حبيش ، جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى بإسنادين: الإسناد الأول: يرويه أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن أبي نضرة عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب .

والإسناد الثاني الذي يروى عن عبد الله بن عباس يأتي من طريق سعيد بن حفص عن معقل بن عبيد الله عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب .

الطريق الثانية عن أبي بن كعب يرويها عنه أبو أمامة ، والمروي عن أبي أمامة في هذا يرويه يوسف بن عطية و سلام بن سليم عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الطريق الثالثة المروية عن أبي بن كعب في هذا الباب التي يرويها زر بن حبيش , وما جاء عن زر بن حبيش هو يأتي من حديث عطاء بن أبي ميمونة و علي بن زيد بن جدعان كلاهما عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويرويه عن علي بن زيد بن جدعان و عطاء بن أبي ميمونة بزيع بن حسان أبو الخليل ، تارةً يرويه عن عطاء ، و علي بن زيد بن جدعان مباشرة، وتارةً يجعل بينهما واسطة مخلد بن عبد الواحد ، وكلاهما ممن لا يحتج به.

وثمة طريق رابعة عن أبي بن كعب يرويه مؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري عن أسلم المنقري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلها ترجع إلى أبي بن كعب وهي ضعيفة ومنكرة. ولا تخلو آية من آي القرآن إلا ويأتي فيها حديث عن أبي بن كعب .

وهذا ينبغي أن يضبط, فإنه ييسر لطالب العلم قاعدة في أبواب الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي.

فما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي عن أبي بن كعب فهذا من قرائن الوضع.

واختلف العلماء فيمن وضع هذه النسخة؟

فقيل: إن الذي وضعها هو ميسرة بن عبد ربه كما ذكر ذلك عبد الرحمن بن مهدي ، فإنه قال: قلت له: هذه النسخة التي تحدث بها في فضائل كل سورة عن أبي بن كعب من الذي وضعها؟ قال: وضعتها أنا.

وقيل: إن الذي وضعها نوح بن أبي مريم فإنه سئل كما رواه الحاكم ، و ابن الجوزي وغيره قال: هذه النسخة التي ترويها عن عكرمة عن عبد الله بن عباس في فضائل كل سورة من حدث بها؟ قال: لم يحدثني أحد، أنا وضعتها، فإني رأيت الناس قد انشغلوا بفقه أبي حنيفة فرأيت أن أصرفهم إلى كلام الله.

وقيل: إن الذي وضع ذلك هو شيخ من المتصوفة بعبدان, كما روى ذلك ابن الجوزي ، كما جاء من حديث محمود بن غيلان عن مؤمل أنه قال: حدثني رجل في فضائل القرآن في كل سورة عن أبي بن كعب ، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فذهبت إليه بالمدائن, فقلت: من حدثك هذا؟ فقال: حدثني رجل بواسط وهو حي، فذهبت إليه بواسط, فقلت: حدثت عنك أنك تحدث في فضائل سورة في كل سورة عن أبي بن كعب من حدثك بهذا؟ قال: حدثني رجل بالبصرة وهو حي، فذهبت إليه, فقلت: من حدثك بهذا؟ فقال: حدثني رجل بعبدان، فذهبت إلى عبدان، فقلت: حدثت عنك بحديث فضائل سور القرآن من حدثك بهذا؟ فقال: لم أحدث به، وإنما أخذ بيدي, فأدخلني على قوم جلوس في حجرة من المتصوفة, فقال: حدثني هذا الرجل وهو شيخ فيهم. فقلت: من حدثك بهذا؟ قال: لم يحدثني بذلك أحد, وإنما أنا وضعتها, فإني رأيت انصراف الناس عن القرآن فوضعتها حتى ينصرفوا إليه.

وهذا من الجهل في دين الله جل وعلا ومن الحماقة، والبلية العظمى أن أكثر التفاسير الموجودة تعج بهذه النسخة الموضوعة المفتراة.

وهذه التفاسير التي في أيدي الناس كتفسير ابن مردويه ، و الثعلبي ، وتفسير الواحدي ، وتفسير الزمخشري ، وتفسير البيضاوي ، و النسفي ، وتفسير ابن عطية وغيرها، بل من تكلم في فضائل القرآن كفضائل القرآن لـابن أبي داود وهو من المحدثين, أورد في كل سورة هذه النسخة لـأبي بن كعب ولم يتكلم عليه.

بل إن بعض الأئمة كابن جرير الطبري في بعض كتابه خارج التفسير، أما في التفسير فلم يذكر هذه النسخة، فأوردها في غير التفسير بأسانيد عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كذلك ينبغي أن يعلم أنها تارةً تجعل عن أبي بن كعب ، وتارةً تجعل عن عبد الله بن عباس ، ويسقط أبي بن كعب وهذا قليل، وتارةً عن أبي أمامة ويسقط أبي بن كعب ، والأغلب في ذلك أن يذكر عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه فيها السواد الأعظم الوارد في فضائل سور القرآن، وفضائل الآي، فينبغي أن يحترز في ذلك وأن يحتاط له.

ومن المهم في هذا الباب أن يعتني طالب العلم بمعرفة الأسانيد الصحيحة، وكذلك وجوه الصحة في هذا, وأن لا يكون مقلداً في هذا الأمر، فإننا نرى أثر هذه النسخ الموضوعة على كثير من الناس, وعلى كثير من الأقاليم، بل إننا نجد من الأثر أن تطبع سور مفردة ومصاحف مفردة فيها سور منتقاة بناءً على هذه النسخ الموضوعة.

فيوجد مصاحف فيها: السور المنجية، أو السور الشافية ونحو ذلك، ولهذا تجد تفضيلاً لكثير من السور عند بعض الشعوب كتفسير سورة يس، أو تفضيل سورة هود، أو تفضيل سورة يونس، أو الرعد، أو غيرها، مما لم يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما ينبغي أن يحترز طالب العلم في هذا الأمر الذي له أثر على عامة الناس، وأن يبينه كذلك لمن جهله.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
فضل الآيات والسور [1] 2069 استماع
فضل الآيات والسور [3] 1716 استماع
فضل الآيات والسور [4] 825 استماع