خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/452"> الشيخ أبو إسحاق الحويني . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/452?sub=36178"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
التحلية من أصول التربية
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
فالتحلية من أصول التربية، قصدت بها أن أجمع ما تفرق في كتب العلماء عن أصول التربية، وللعلماء كلمة مشهورة يذكرونها في باب الأدب، يقولون: (علم بلا أدب كنار بلا حطب).. (ونار بلا حطب. أي: لا نار؛ لأن النار لا تكون إلا بوقود. فقولهم: (بلا حطب): يعني: لا نار، وهذا يعني أن المرء إذا كان خلواً من الأدب فلا ينتفع في نفسه بعلمه، ولا ينفع غيره.
وقد حرصت على نظم هذه الأصول في عبارات لطيفة خفيفة يسهل حفظها، فأذكر عشرة أصول، ولا أقول: إنني استوعبت أصول التربية بذلك، لكن هي من أصول التربية كما يبدو من العنوان، بل هي أصول من أصول التربية.
الأصل الأول: من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل.
الأصل الثاني: دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره.
الأصل الثالث: ترك الاعتراض على الأكابر محمود، وكثرة المراء يورث الصدود.
الأصل الرابع: من لم يصبر على جفاء أستاذه؛ تجرع الخسران بتصدع ملاذه.
الأصل الخامس: تنكب في الخصومة حظ نفسك، واقهر هواك بإنصاف خصمك.
الأصل السادس: من لم يخلع عنه رداء الكبر؛ ضل جاهلاً من مهده إلى القبر.
الأصل السابع: وطالب العلم بلا وقار كمبتغ في الماء جذوة نار.
الأصل الثامن: حسن العهد من الإيمان، والوفاء والود له ركنان.
الأصل التاسع: من لزم التواضع والانكسار؛ فتح له بذاك وطار كل مطار.
الأصل العاشر: ليس حمل أثقل من البر، من برك فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك.
فهذه أصول من أصول التربية، أحوج الناس إليها هم الذين يتصدرون في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
فاعلم أيها المسترشد، طالب النجاة: أن الغلو هو مفتاح كل شر، ورأس كل ضر، وهو أحد أركان الكفر، وحسبك أن تعلم أن أول كفر وضع في الدنيا كان بسبب الغلو، كما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث ابن عباس في ذكر الكفر الذي وقع في قوم نوح عليه السلام: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23]، فهذه خمسة أسماء لرجال صالحين من قوم نوح، فجاء الشيطان قوم نوح، فأمرهم أن يصوروا صور هؤلاء حتى لا ينسوهم، فلما مات الآباء وكانوا يعلمون حقيقة الأمر، وجاءت خلوف بعدهم -وهم الأبناء- لا يعرفون لماذا صور الآباء هؤلاء الناس، فقالوا: ما صور آباؤنا هؤلاء إلا ليعبدوهم، ومن هنا بدأ الغلو، فغلوا في هؤلاء الرجال حتى عبدوهم من دون الله تبارك وتعالى، فهي أول أصنام وضعت على الأرض.
ونحن نقرأ في سورة الفاتحة كل يوم مرات كثيرة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7]، فطلبت من ربك صراطاً مستقيماً، واستعذت به من صراطين.
وما من أمر يأمر الله عز وجل به ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا وللشيطان فيه نزغتان: النزغة الأولى: إفراط، والنزغة الثانية: تفريط.
فالنصارى: هم الضالون، واليهود: هم المغضوب عليهم، النصارى أكثر الناس غلواً في الرجال، ولذلك عبدوا المسيح؛ بسبب الغلو، ولم يذكر لفظة غلا أو النهي عن الغلو في القرآن غير مرتين، والخطاب موجه في المرتين إلى النصارى:
في المرة الأولى: في سورة النساء، قال الله عز وجل: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء:171] ، هذا هو الموضع الأول.
الموضع الثاني: في سورة المائدة، قال الله عز وجل: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:77]، قبل هذه الآية بآية؛ لتعلم أن الخطاب إنما وجه إلى النصارى، قال الله عز وجل: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المائدة:75]، فالخطاب موجه إلى النصارى.. لماذا؟ لأنهم هم أكثر الناس غلواً؛ لذلك عبدوا المسيح عليه السلام.
النهي عن قول: (ما شاء الله وشئت)
روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عن طفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها : (أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود؛ فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود. قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيراً ابن الله، فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، ثم مر برهط من النصارى؛ فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن النصارى. فقال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله. قالوا: وإنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وما شاء محمد. فلما أصبح أخبر بها من أخبر ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: هل أخبرت بها أحداً. قال:
فانظر.. جعل اليهود والنصارى الكلمة عدلاً لقولهم: عزير ابن الله. المسيح ابن الله. يعني: لو قال ما شاء الله وشاء محمد كأنما قال محمد ابن الله، وهكذا قاسوها، وجعلوها من الشرك، وكأنهم قالوا له: لا تعيرنا، نحن وأنتم سواء، نحن قلنا: المسيح ابن الله، وأنتم تقولون: ما شاء الله ومحمد. فكأنهم نزلوا العبارتين على معنى واحد.
فالرسول عليه الصلاة والسلام خطب الناس ونهى أن يقول المسلم: ما شاء الله ومحمد؛ لأنه إذا قال ما شاء الله ومحمد، فهذا تشريك في المشيئة.
وفي الحديث الصحيح -الصحيحين- (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله ثم شئت)، فقوله: (أجعلتني لله نداً؟!) يعني: لو قال ما شاء الله ومحمد كأنما جعل محمداً إلهاً -صلى الله عليه وسلم- لذلك قال: (أجعلتني لله نداً) نداً: عدلاً، وفي اللفظ الآخر (عدلاً)، برغم أن المتكلم لا يقصد حقيقة المعنى.
ووصل الأمر في سد الذرائع إلى هذا الحد: أن العبارة لو كانت موهمة عدلها، حتى وإن لم تقصدها، فأنت لا تدري السامع كيف يؤولها وكيف يفهمها، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام لما نهى عن بعض الأسماء التي فيها إيهام بمعنى قبيح، نهانا عن التسمية بها، فقال (لا تسمين غلامك يساراً، ولا رباحاً، ولا نجاحاً، ولا فلاحاً -وفي رواية نجيحاً- حتى إذا قيل: أثمَّ هو؟ قال: لا.) مع أن المتكلم ما قصد ولا سبق إلى ذهنه هذا المعنى، لا في حال الكلام ولا في حال الاستماع، (إذا قيل: أثمَّ هو. قال: لا.): يعني: مثلاً أن تقول: نجاح موجود؟ فيقولون: لا نجاح. يسار موجود؟ لا يسار، كأنما نفى النجاح واليسار عن البيت، برغم أن المتكلم لا يقصد نفي اليسار ولا النجاح ولا الفلاح، ولكن المسألة ليست في المتكلم فحسب، بل ينبغي أن يراعي المستمع، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم في باب الأيمان قال -كما في الحديث الذي رواه مسلم -: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك) يعني: في التورية قد تتكلم بكلام لا يسبق إلى ذهن المستمع، وأنت تتخلص من الكذب بهذه التورية.
مثلاً: رجل دعاك إلى طعام، وأنت تعرف أن طعامه حرام أو فيه شبهة، كرجل -مثلاً- يعمل في بنك ربوي وليس له أي وظيفة إلا العمل في البنك الربوي، وأنت لا تريد أن تأكل عنده؛ لأن ماله حرام؛ لحرمة العمل في البنك. فقال لك: تقدم فكل. فقلت له: إني صائم، ومعنى صائم الذي يخطر على بال المستمع: أي: أنك صائم الصيام الشرعي الذي فيه امتناع عن الطعام، لكنك لست صائماً، وإنما قصدت أنك صائم عن طعامه، أي: أنا صائم عن الحرام، أو أنا صائم عن الكلام الفاحش، وهذه المعاني أنت قصدتها لكنها لم تخطر على بال المستمع.
وفي باب الأيمان -في الحلف- الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك) فلو حلفت على التورية صارت كذباً، يعني: قلت: أنا صائم، لست بكذاب، إذا قلت أنا صائم وقصدت الصيام الخاص عن طعام هذا الإنسان، لكن إذا قال لك: احلف أنك صائم، فلو حلفت وقعت في الكذب؛ لأن اليمين على ما سبق إلى ذهن صاحبك وليس على ما قصدته أنت، إذاً: أنت في حل ما لم تحلف، فإذا حلفت على المعاريض انقلبت كذباً، ففي بعض المواقف يراعى فيها حال المستمع.
فالرسول عليه الصلاة والسلام نهى أن يسمي المرء غلامه نجاحاً أو فلاحاً أو يساراً؛ لأن هناك طرفاً آخر -المستمع- ربما سبقت الكلمة إلى ذهنه وفهمها على غير ما قصدتها.
والمستمع قد يسبق إلى ذهنه بدلالة العبارة معنى لم يخطر على بال المتكلم، فينبغي أن يراعى المستمع، ومن هذه الأسماء إسلام مثلاً، مع أنه اسم ذكر، إلا أن فيه نفس العلة التي من أجلها نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التسمي بيسار ونجاح ورباح. يقال: إسلام موجود؟ لا يوجد إسلام. لا يوجد إسلام. يعني: نفي الإسلام عن البيت، وما قصد المتكلم ذلك لكن كانت كلمة مستبشعة عند المستمع.
فهو لما يقول: ما شاء الله وشئت، ما خطر على بال المتكلم، لكن وقعت في ذهن المستمع، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أجعلتني لله نداً -أو عدلاً-؟! قل: ما شاء الله ثم شئت) و(ثم) تفيد التراخي، وجود مسافة بين المشيئتين، فلا تسوي بين مشيئة الله عز وجل وبين مشيئة النبي صلى الله عليه وسلم.
هناك قصة مشهورة يذكرها العلماء حدثت بين الكسائي وبين أبي يوسف صاحب أبي حنيفة رحمه الله، فكان الكسائي يقول:
- من علم اللغة صار فقيهاً.
- فأنكر عليه أبو يوسف هذه المقالة، وقال: إن الفقه له قوانين وضوابط وأصول.
- فقال: فناظرني في مسألة.
- فقال له أبو يوسف : هات
- فقال الكسائي : ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق.. طالق.. طالق، ورجل قال لامرأته: أنت طالق وطالق وطالق، ورجل قال لامرأته: أنت طالق ثم طالق ثم طالق.. أيّ هذه تكون طلقة بائنة؟ فقال أبو يوسف : كلها.
ومذهب الأئمة الأربعة وجماهير أصحابهم: أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد تقع ثلاث طلقات، فلو قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؛ تصير طالقاً ألبتة، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره، وخالفهم في هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وقليل من العلماء ممن سبقه وأتى بعده، وهم الذين قالوا: لا يقع الطلاق إلا في مجالس منفصلة، وصارت عليه الفتوى من بعد شيخ الإسلام إلى الآن في المحاكم الشرعية.
- فقال أبو يوسف : كلها.
مع أن الأظهر على أصول الأئمة أن يقع تكرار الطلاق، يعني: لو قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، فالأصل أنها تحسب واحدة، لكن متى يقع الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد؟ إذا كرر لأن العدد لا يفهم إلا مع التكرار، فلو قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ثلاث مرات، وهو في مجلس واحد في جلسة واحدة، فعند الأئمة يقع ثلاثاً، لكن لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً، بمفهوم العدد لا يقع إلا واحدة، لأن العدد لا يفهم إلا مكرراً.
فلو قال مثلاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين -وفي رواية وكبر أربعاً وثلاثين بدل ثلاث وثلاثين- فتلك مائة؛ غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) فلو قال رجل: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، الله أكبر ثلاثة وثلاثين.. فهذه كم مرة؟ هل قالها مائة أو قالها ثلاث مرات فقط؟ ثلاث مرات؛ لأن العدد لا يفهم إلا مكرراً، أن أقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله... أظل أعد ثلاثاً وثلاثين مرة، لكن لو قلت: الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، لا تقع إلا مرة واحدة.
فإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق بالثلاث فلا تقع إلا واحدة، إنما لو قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق في مجلس واحد ومتكررة وراء بعضها، فعند الأئمة وعند جماهير الأصحاب تقع ثلاث مرات.
لذلك قال أبو يوسف رحمه الله: كلها تقع.. لماذا؟ لأن المرة الأولى قال لها: طالق.. طالق.. طالق، فكانت ثلاث طلقات، والثانية قال: طالق، وطالق، وطالق، والثالثة: طالق ثم طالق ثم طالق.
فاعترض الإمام علي بن حمزة الكسائي -صاحب القراءة المتواترة المشهورة، وهو أحد القراء السبعة- فقال: بل لا تقع ثلاثاً إلا الثالثة، التي هي: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، إنما: قوله: أنت طالق طالق طالق، خرج مخرج التأكيد اللفظي، كما لو قال رجل لرجل: أنت الكريم الكريم الكريم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن يوسف عليه السلام: (هو الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم)، كل هذا تأكيد للفظ الكريم، فلما تؤكد صفة تأكيداً لفظياً وتكرره فهي نفس الصفة ولم تتغير.
وفي المثال الثاني قال: أنت طالق وطالق وطالق، والواو لمطلق الجمع، وتفيد العطف أيضاً، والمعطوف الثاني هو عين المعطوف الأول، والمعطوف الثالث هو عين المعطوف الثاني وهو عين المعطوف الأول، فلم يبق في هذه الصيغ ما يقال: أنه منفصل -كل طلقة منفصلة عن أختها- إلا (ثم) التي تفيد التراخي، أي: كأنه قال: أنت طالق ثم فصل المجلس، ثم جاء فقال: أنت طالق ثم فصل المجلس، يعني: هناك تراخٍ بين الطلقة الأولى والطلقة الثانية، وبين الطلقة الثانية والطلقة الثالثة.
فالنبي عليه الصلاة والسلام نهى أصحابه أن يقول أحدهم: ما شاء الله وشاء محمد، وقال: (إنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها) فيمكن أن يستشكل إنسان هنا، ويقول: وهل يعمل النبي صلى الله عليه وسلم بالحياء في مسائل التوحيد؟! يعني: مثلاً: رجل يرتكب شركاً، فأنت تستحي أن تقول له: لا تشرك؟!
فنقول: الجواب عن هذا سهل، ومن أظهر وأسهل وأقرب الأجوبة إلى الذهن: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أوحي له شيءٌ في هذا، ربما أنكرها، لكن لم يكن عنده علم أن هذا من الشرك حتى أعلمه الله عز وجل أن هذا داخل في الشرك؛ لذلك نهى عنه، وليس هذا بمستنكر ولا بمستغرب؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان من خلقه أنه إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن فيه إثم. يعني يقولون: ما شاء الله ومحمد، ولم يكن عنده سابق علم صلى الله عليه وسلم ولم يوح إليه أن هذا من الشرك، والناس يقولونها فيتركهم؛ لأنه الأيسر لهم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً) أما إذا كان شركاً أو ذريعة إلى الشرك فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يتردد إطلاقاً في النهي عن ذلك، كما حدث في موت ابنه إبراهيم وكسفت الشمس فقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم ، وأزعجه ذلك عليه الصلاة والسلام، وجمع الناس فخطبهم فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)، وفي الرواية الأخرى (فقوموا فصلوا).
فالرسول عليه الصلاة والسلام أول ما رأى ذلك خطب الناس وبين أن الشمس والقمر لا تكسفان لموت أحد أبداً، إنما هي نذير: وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء:59] .
فقولهم: (ما شاء الله ومحمد) هذا أول طريق الغلو؛ لذلك أغلقه عليهم صلى الله عليه وسلم.
نهيه صلى الله عليه وسلم عن إطرائه والغلو فيه
وهو سيدهم عليه الصلاة والسلام، وهو خيرهم عليه الصلاة والسلام، لكن هذا وإن كان حقاً لكنه مدعاة إلى الغلو.
غلو الصوفية في النبي صلى الله عليه وسلم
يعني: أن تقول: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، أو تقول: اللهم صل على سيدنا محمد.
وجمعني مجلس ببعض من ينتحل هذه البدعة، فقلت له: إن هذا لا يجوز، والأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة. فواحد من الجلوس قال: يا أخي! الرسول يقول: (لا تسيدوني في الصلاة) يعني: يعاضدني وينصرني عليه، فقال له: هو قال هذا تواضعاً ونحن سنسيده، هل أنت تريده أن يقول: سيدوني وهو سيد المتواضعين؟ لا.
فانظر سوء الأدب! مع أن الحديث لا يصح ولا أصل له (لا تسيدوني) واللفظ السليم: (لا تسودوني) من السؤدد، والحديث لا يصح، لكن انظر إلى سوء أدب هذا المبتدع، حتى لو صح الحديث لا تسودوني في الصلاة، فكيف يقول: لا، سنسودك؟!
وبصراحة هو يحتاج إلى تسويد، لأنه هو المتكلم بها، محتاج إلى سلطان شرعي يسودها عليه، كيف خالف النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه، يقول: لا تفعلوا، يقولون: بل سنفعل.. وهذا من سوء الأدب!
وهو بداية الغلو، أليسوا هم الذين يقولون: يا نور عرش الله! يا بحر جاري في علوم الله! وهم الذين يقولون: حضرة النبي، وبنوا هذا الكلام على قصة تافهة لا قيمة لها، فقد زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بجسده مجالس الصوفية، ولذلك سموا الجلسة (حضرة) لأنه صلى الله عليه وسلم يحضر، وهي إشارة إلى أنه يحضر بجسده صلى الله عليه وسلم.
فهناك طوائف ينتمون إلى المسلمين كفروا بالله ورسوله بسبب الغلو في النبي عليه الصلاة والسلام، أليست بردة البوصيري التي كادوا أن يجعلوها قرآناً يقول فيها:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
من علومك!! و(من) هذه تفيد التبعيض، يعني: جزء مما عندك من العلم علم اللوح والقلم! حسناً: الذي هو جزء من علومه علم اللوح والقلم لا يعرف متى تقوم الساعة!! لا يعرف متى ينزل الغيث ولا ما في الأرحام! وهذه مسائل النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يعلمها حتى أوحي إليه فكيف نقول: إن عنده علم اللوح والقلم. ومما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب حديث صفوان بن أمية لما قال لـعمر بن الخطاب : أريد أن أرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوحى إليه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج، في خيمة، فجاءه رجل متضمخ بالطيب، فسأل عن ذلك؟ فسكت، وأخذه ما يأخذه عند نزول الوحي -العرق الشديد واحمرار الوجه والغطيط، فنادى عمر بن الخطاب صفوان بن أمية وقال له: انظر- وبعد أن سري عنه قال: انزع جبتك واغتسل.
فكيف نقول: إن عنده علم اللوح والقلم وهو في هذه المسألة سكت حتى نزل عليه الوحي؟
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجت
فهناك مسائل لم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلمها، ولا يجيب عنها حتى ينزل الوحي، وكثيراً ما سئل، ولم يجب حتى ينزل الوحي: مثلاً وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [الإسراء:85]، نزل الوحي، يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ [الأنفال:1]، نزل الوحي.. وهكذا، كان يُسأل السؤال وينزل الوحي ... يسألونه عن الساعة: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ [الأعراف:187]، فكان ينزل الوحي، ولم يكن عنده جواب ذلك حتى يعلمه الله تبارك وتعالى.
فلما يأتي رجل يريد أن يمدح النبي عليه الصلاة والسلام ويقول: (ومن علومك علم اللوح والقلم).. هذا غلو مرفوض، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى أصحابه عن أقل من ذلك، فنهاهم أن يقوموا له؛ لأن القيام مظنة التعظيم، وقد صح عن أنس رضي الله عنه أنه كان يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وما على الأرض شخص أحب إلينا منه فما نقوم له لما نعلم من كراهيته لذلك)
لأن القيام تعظيم، ولذلك من سوء التربية في المدارس؛ أنهم يأمرون الطلبة بالقيام للأستاذ، وهذا ليس من التربية، إذ لو كان خيراً ما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، فالطالب إذا لم يقم للأستاذ يغضب عليه ويعاقبه وقد يفصله من المدرسة؛ لأن هذا -عندهم- من الأدب والتعظيم والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن القيام له، كل هذا مع أنه معظم عندهم، وهو سيدنا في الدنيا والآخرة، بل وسمح لهم أن يفعلوا في بعض المواقف ما هو أعظم ألف مرة من القيام، مثلما حدث في حديث المسور بن مخرمة (لما صدت قريش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت، وأرسلوا
جاء عروة بن مسعود مرسلاً من قريش يهدد النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا قامت بينه وبين قريش حرب أنه لا يثبت؛ لأنه ليس عنده رجال يثبتون لحرب قريش، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول له: هؤلاء الرجال الذين وصفهم عروة بن مسعود بالأوباش، وفي رواية البخاري (أوشاب)، قال: (ما أرى حولك إلا أوباشاً خليقاً أن يفروا ويدعوك) وفي الرواية الأخرى: (ما أرى حولك إلا أوشاباً خليقاً أن يفروا ويدعوك).
أي: إذا قامت حرب لا يصمدون أمام قريش، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول له: إن هؤلاء لا يخلون بيني وبين قريش أبداً، وتركهم يفعلون ذلك، فلذلك أول ما رأى عروة بن مسعود الثقفي
هذا المنظر رجع إلى قريش وقدم هذا التقرير:قال لهم: (يا قوم! لقد وفدت على الملوك، وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي ، والله ما رأيت أصحاب ملك يعظمون ملكهم كتعظيم أصحاب محمد محمداً، ووالله ما توضأ فسقطت قطرة ماء على الأرض، ولا تنخم نخامة فوقعت في يد رجل إلا دلك بها وجهه وجلده، ولا يحدون النظر إليه تعظيماً له، ولا يرفعون الصوت عنده، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها...) اقبلوها؛ لأنه لا قبل لكم بهؤلاء، فالمنظر الذي رأيته أنا لا قبل لكم بهؤلاء، لأن العرب كانوا لا يملكون مع فارس ولا الروم لا يداً ولا لساناً، فهم ينهزمون دائماً أمام فارس والروم، فهو يمهد لهم بهذه المقالة. قال: (ما رأيت أصحاب ملك يعظمون ملكهم كتعظيم أصحاب محمد محمداً، لقد وفدت على الملوك: كسرى وقيصر والنجاشي) الذين يغلبونكم دئماً، ومع ذلك ما رأيت ناساً يعظمون ملكهم أو سيدهم كتعظيم هؤلاء لمحمد صلى الله عليه وسلم! ولذلك قبلت قريش الخطة مباشرة.
فكان هذا الترك مناسباً جداً؛ حتى يبلغ هذه الرسالة لقريش.
إذاً: فهمنا أن هذا له علة، فإذا خلت المسألة من العلة رجعنا إلى الأصل، وعملنا بسد الذريعة.
فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يحول بينهم وبين تعظيمه الذي يؤدي إلى تأليهه يوماً ما، وقد ظهر في المسلمين من أله غير النبي عليه الصلاة والسلام، لقد ألهوا علي بن أبي طالب كما في صحيح البخاري (أن جماعة قالوا:
لكن .. ما سيفعل ابن عباس بهم؟ قال: (لقتلتهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بدل دينه فاقتلوه) فبلغت مقالة ابن عباس علي بن أبي طالب فقال: (يا ويح أمه!).
وإنما توجع علي بن أبي طالب لأحد أمرين: إما أنه توجع لأنه لم يكن عنده علم بالنهي وخالف النبي صلى الله عليه وسلم من حيث لا يدري؛ فتوجع أن كان قضاؤه وحكمه على خلاف السنة. أو أنه توجع أن ابن عباس حمل الأمر على التحريم وهو يراه على الكراهة فقط.
الغلو في المشايخ سبب تفرق الأمة وتمزيقها
وقد قال لي رجل برهاني، ولم يأتِ ببرهان على ما يقول: أنا شيخي في السودان، وهو يراني الآن ويرى ماذا أفعل. ويتكلم بعقيدة، وقد حدث بيني وبينه مشادة، وإنما حدثت المشادة لما أظهرت له عوار شيوخهم، وهذه الطريقة سديدة: فإذا رأيت الرجل يكابر فافعل معه مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه) و(الهن): هو الذكر، (أعضوه بهن أبيه) والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي علم الناس الأخلاق، وعلمهم مكارم وشمائل الصفات والنعوت، هو الذي يقول لنا ذلك.
وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق -في حديث المسور بن مخرمة يقول لـعروة بن مسعود الثقفي لما قال: ما أرى حولك إلا أوباشاً خليقاً أن يفروا ويدعوك- فقال له أبو بكر : أنحن نفر وندعه؟! أمصص ببظر اللات.
ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر رضي الله عنه. وهذا يدل على أنه يجوز استعمال الغلظة لكن في موضعها.
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى
يعني: المكان الذي يستحق أن تضع فيه الكلمة الشديدة ضعها فإنها حكمة ورحمة، والرسول عليه الصلاة والسلام مرة قال لـمعاذ (ثكلتك أمك)، وهذا دعاء عليه، (ثكلتك أمك يا
فيجوز أن نستخدم الشدة مع المكابر الذي علمت -بعد إقامة الحجة عليه، والرفق به- أنه لا يرجع، فإذا غلب على ظنك بهذه الضوابط أنه لا يرجع، اكشف له المغطى.
وأنا عندما تناقشت مع هذا الرجل كشفت له بعض الفضائح والمخازي التي ذكرها رجل من أعيان الصوفية، ولم أحك هذا عن أئمة السلف من العلماء، حتى لا يقال: كيف تروي مذمتي من عدوي؟ وإنما رويتها عن رجل من أشد المتعصبين للصوفية، وقد صنف هذا الكتاب -طبقات الشعراني- لإظهار كرامات الصوفية، فيذكر -مثلاً- في ترجمة واحد منهم يقول: (وكان رضي الله عنه لا يمشي إلا عارياً) والذي يغيظني قوله: (رضي الله عنه).
كإنسان كان يقرأ في كتاب ويتعقب صاحب الكتاب، فقرأ عبارة فقال: أخطأ رحمه الله، وقرأ عبارة أخرى فقال: أخطأ رحمه الله، وجاء على عبارة لا تحتمل فقال: كفر رحمه الله.. فما لازم (رحمه الله)؟! وقد حكم عليه بالكفر؟!
فيذكر صاحب الطبقات مصيبة من المصائب ويقول لك: (وكان رضي الله عنه لا يمشي إلا عارياً، وكان رضي الله عنه يأتي البهائم)
كل كبدة ومخ ضاني واقرأ الفاتحة للشعراني
ولا يجوز عندهم مخالفة الشيخ ألبتة، وأعظم أبواب الحرمان -عندهم- أن تخالف الشيخ.
الاعتراض عند الصوفية هو الداء العضال الذي يلي الكفر بالله مباشرة، مع أن مخالفة الشيخ ليست من السبع الموبقات التي ذكرها لنا الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنه الداء العضال عند الصوفية الذي لا تقال منه العثرة، ولا تقبل منه التوبة.
فمن أصولهم: أنك إذا رأيت الشيخ يفعل الشيء الحرام عندك -على ظاهر النصوص- فلا تعترض..؟ لأن لديه مخارج. فباب سد الذريعة عند الصوفية ليس له أي اعتبار على الإطلاق.
فوصل غلو هؤلاء في المشايخ إلى درجة أنهم جعلوا من أصول التربية عندهم: ترك الاعتراض على الشيخ حتى لو كان يفعل الحرام.. لاحتمال أن يكون له تأويل وأنت لا تدريه، حتى قرأت في كتبهم، قال: فلو رأيته يزاني بحليلة جاره فقل: لعله عقد عليها.. فهل يصح هذا الكلام..؟! وعندهم لا يجوز اتهام الشيخ.
وذكروا قصة عجيبة: أن بعض المريدين تردد في صدره قذف للشيخ، فقال: فنظر الشيخ إليه، وقال له: قم فاغتسل واذكر الله. اغتسل.. غسل ماذا؟ أي: أنه كفر، فيغتسل غسل الإسلام ويدخل في الإسلام.
قال: فاغتسل ورجع فقبل يديه، وقال: تبت ولا أعود.
فتصور المريد أن الشيخ يعلم الغيب وهذا يذكرني بأيام ما دخلنا الجيش، فكنا في معسكر المشاة، والمعسكر هذا لما ذهبنا إليه كانوا يقولون: المعسكر هذا وإسرائيل واحد؛ من شدته وشدة الضباط الذين يعلمون فيه، وكان هناك ضابط له كلمة معروفة، وبينما نقف في الطابور يقول: أنت الذي تحرك أصابعك في البيادة! ونحن خمسمائة واحد وقد يحرك أحدنا أصابعه داخل البيادة؟! فتصور الذي يحرك أصبعه في البيادة أن الضابط يعرف كل شيء.
وهذا ما يفعله الشيخ الصوفي مع المريد ومن أصول أهل السنة والجماعة: ألا نحكم على معين بجنة ولا نار؛ لأننا لا ندري بالخواتيم، وإذا قال رجل لرجل: لست مخلصاً؛ فقد أخطأ وارتكب جرماً لأن أعمال القلوب لا يعرفها إلا الله، والإخلاص محله القلب، فلا يحل لأحد أن يحكم على ما في القلب، وهي جريمة تقدح في التوحيد!
والشيخ عند الصوفية شبه إله، بل إله عند بعضهم، وهو إنسان.. لكن .. ما الذي رفعه إلى هذه المرتبة؟ إنه الغلو.
وسأترك مجالاً لذكر العجائب عند شيوخ الصوفية في الأصل الذي يقول: (ترك الاعتراض على الأكابر محمود، وكثرة المراء يورث الصدود) لأن الاعتراض يجب أحياناً، ويستحب أحياناً، ويباح أحياناً، ويكره ويحرم أحياناً، أي: أن الاعتراض تجري عليه الأحكام الشرعية الخمسة التي هي: الوجوب، والاستحباب، والإباحة، والحرمة، والكراهة.
غلو الصوفية في مشايخهم ومنع الاعتراض عليهم
لكن لأنهم منعوا الاعتراض سهل عليهم تأليه الشيوخ، وكيف والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعترض عليه أصحابه، لا اعتراض جحود ولا إنكار للعمل، بل اعتراض استفهام وتعجب وليس اعتراض مكابرة.. حاشا لله! ما كان فيهم أحد أبداً يفعل ذلك ولا يجرؤ على فعل ذلك، لكن كان اعتراض تعجب، مثل اعتراض عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يصلي النبي عليه الصلاة والسلام على عبد الله بن أبي ابن سلول ، ويقف بينه وبين الجنازة، ويقول: كيف تصلي عليه؟ ألم يفعل كذا وكذا... وجعل يذكره، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (تنح عني يا
وكذلك كان عمر يعترض على أن تخرج زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بغير حجاب أو يجالسهن الرجال بغير حجاب، فكان يكثر أن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! احجب نساءك. حتى نزل القرآن موافقاً لـعمر .
وأيضاً اعتراض سعد بن عبادة سيد الخزرج لما جاء هلال بن أمية الواقفي وقد رأى رجلاً مع امرأته، فجاء يرميها بالزنا، ولم يكن نزل حد الملاعنة بين الرجل وامرأته، إنما نزل حد الرجم بالزنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أربعة شهداء أو حد في ظهرك فقام
وكما قلت: الغلو أحد أركان الكفر، وهو رأس كل شر؛ ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحول بين الصحابة وبين الغلو فيه، ولم يترك سبيلاً إلا سده، حتى في العبارة، وإن لم يكن المتكلم يقصد غلواً.
روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عن طفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها : (أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود؛ فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود. قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيراً ابن الله، فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، ثم مر برهط من النصارى؛ فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن النصارى. فقال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله. قالوا: وإنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وما شاء محمد. فلما أصبح أخبر بها من أخبر ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: هل أخبرت بها أحداً. قال:
فانظر.. جعل اليهود والنصارى الكلمة عدلاً لقولهم: عزير ابن الله. المسيح ابن الله. يعني: لو قال ما شاء الله وشاء محمد كأنما قال محمد ابن الله، وهكذا قاسوها، وجعلوها من الشرك، وكأنهم قالوا له: لا تعيرنا، نحن وأنتم سواء، نحن قلنا: المسيح ابن الله، وأنتم تقولون: ما شاء الله ومحمد. فكأنهم نزلوا العبارتين على معنى واحد.
فالرسول عليه الصلاة والسلام خطب الناس ونهى أن يقول المسلم: ما شاء الله ومحمد؛ لأنه إذا قال ما شاء الله ومحمد، فهذا تشريك في المشيئة.
وفي الحديث الصحيح -الصحيحين- (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله ثم شئت)، فقوله: (أجعلتني لله نداً؟!) يعني: لو قال ما شاء الله ومحمد كأنما جعل محمداً إلهاً -صلى الله عليه وسلم- لذلك قال: (أجعلتني لله نداً) نداً: عدلاً، وفي اللفظ الآخر (عدلاً)، برغم أن المتكلم لا يقصد حقيقة المعنى.
ووصل الأمر في سد الذرائع إلى هذا الحد: أن العبارة لو كانت موهمة عدلها، حتى وإن لم تقصدها، فأنت لا تدري السامع كيف يؤولها وكيف يفهمها، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام لما نهى عن بعض الأسماء التي فيها إيهام بمعنى قبيح، نهانا عن التسمية بها، فقال (لا تسمين غلامك يساراً، ولا رباحاً، ولا نجاحاً، ولا فلاحاً -وفي رواية نجيحاً- حتى إذا قيل: أثمَّ هو؟ قال: لا.) مع أن المتكلم ما قصد ولا سبق إلى ذهنه هذا المعنى، لا في حال الكلام ولا في حال الاستماع، (إذا قيل: أثمَّ هو. قال: لا.): يعني: مثلاً أن تقول: نجاح موجود؟ فيقولون: لا نجاح. يسار موجود؟ لا يسار، كأنما نفى النجاح واليسار عن البيت، برغم أن المتكلم لا يقصد نفي اليسار ولا النجاح ولا الفلاح، ولكن المسألة ليست في المتكلم فحسب، بل ينبغي أن يراعي المستمع، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم في باب الأيمان قال -كما في الحديث الذي رواه مسلم -: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك) يعني: في التورية قد تتكلم بكلام لا يسبق إلى ذهن المستمع، وأنت تتخلص من الكذب بهذه التورية.
مثلاً: رجل دعاك إلى طعام، وأنت تعرف أن طعامه حرام أو فيه شبهة، كرجل -مثلاً- يعمل في بنك ربوي وليس له أي وظيفة إلا العمل في البنك الربوي، وأنت لا تريد أن تأكل عنده؛ لأن ماله حرام؛ لحرمة العمل في البنك. فقال لك: تقدم فكل. فقلت له: إني صائم، ومعنى صائم الذي يخطر على بال المستمع: أي: أنك صائم الصيام الشرعي الذي فيه امتناع عن الطعام، لكنك لست صائماً، وإنما قصدت أنك صائم عن طعامه، أي: أنا صائم عن الحرام، أو أنا صائم عن الكلام الفاحش، وهذه المعاني أنت قصدتها لكنها لم تخطر على بال المستمع.
وفي باب الأيمان -في الحلف- الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك) فلو حلفت على التورية صارت كذباً، يعني: قلت: أنا صائم، لست بكذاب، إذا قلت أنا صائم وقصدت الصيام الخاص عن طعام هذا الإنسان، لكن إذا قال لك: احلف أنك صائم، فلو حلفت وقعت في الكذب؛ لأن اليمين على ما سبق إلى ذهن صاحبك وليس على ما قصدته أنت، إذاً: أنت في حل ما لم تحلف، فإذا حلفت على المعاريض انقلبت كذباً، ففي بعض المواقف يراعى فيها حال المستمع.
فالرسول عليه الصلاة والسلام نهى أن يسمي المرء غلامه نجاحاً أو فلاحاً أو يساراً؛ لأن هناك طرفاً آخر -المستمع- ربما سبقت الكلمة إلى ذهنه وفهمها على غير ما قصدتها.
والمستمع قد يسبق إلى ذهنه بدلالة العبارة معنى لم يخطر على بال المتكلم، فينبغي أن يراعى المستمع، ومن هذه الأسماء إسلام مثلاً، مع أنه اسم ذكر، إلا أن فيه نفس العلة التي من أجلها نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التسمي بيسار ونجاح ورباح. يقال: إسلام موجود؟ لا يوجد إسلام. لا يوجد إسلام. يعني: نفي الإسلام عن البيت، وما قصد المتكلم ذلك لكن كانت كلمة مستبشعة عند المستمع.
فهو لما يقول: ما شاء الله وشئت، ما خطر على بال المتكلم، لكن وقعت في ذهن المستمع، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أجعلتني لله نداً -أو عدلاً-؟! قل: ما شاء الله ثم شئت) و(ثم) تفيد التراخي، وجود مسافة بين المشيئتين، فلا تسوي بين مشيئة الله عز وجل وبين مشيئة النبي صلى الله عليه وسلم.
هناك قصة مشهورة يذكرها العلماء حدثت بين الكسائي وبين أبي يوسف صاحب أبي حنيفة رحمه الله، فكان الكسائي يقول:
- من علم اللغة صار فقيهاً.
- فأنكر عليه أبو يوسف هذه المقالة، وقال: إن الفقه له قوانين وضوابط وأصول.
- فقال: فناظرني في مسألة.
- فقال له أبو يوسف : هات
- فقال الكسائي : ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق.. طالق.. طالق، ورجل قال لامرأته: أنت طالق وطالق وطالق، ورجل قال لامرأته: أنت طالق ثم طالق ثم طالق.. أيّ هذه تكون طلقة بائنة؟ فقال أبو يوسف : كلها.
ومذهب الأئمة الأربعة وجماهير أصحابهم: أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد تقع ثلاث طلقات، فلو قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؛ تصير طالقاً ألبتة، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره، وخالفهم في هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وقليل من العلماء ممن سبقه وأتى بعده، وهم الذين قالوا: لا يقع الطلاق إلا في مجالس منفصلة، وصارت عليه الفتوى من بعد شيخ الإسلام إلى الآن في المحاكم الشرعية.
- فقال أبو يوسف : كلها.
مع أن الأظهر على أصول الأئمة أن يقع تكرار الطلاق، يعني: لو قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، فالأصل أنها تحسب واحدة، لكن متى يقع الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد؟ إذا كرر لأن العدد لا يفهم إلا مع التكرار، فلو قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ثلاث مرات، وهو في مجلس واحد في جلسة واحدة، فعند الأئمة يقع ثلاثاً، لكن لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً، بمفهوم العدد لا يقع إلا واحدة، لأن العدد لا يفهم إلا مكرراً.
فلو قال مثلاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين -وفي رواية وكبر أربعاً وثلاثين بدل ثلاث وثلاثين- فتلك مائة؛ غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) فلو قال رجل: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، الله أكبر ثلاثة وثلاثين.. فهذه كم مرة؟ هل قالها مائة أو قالها ثلاث مرات فقط؟ ثلاث مرات؛ لأن العدد لا يفهم إلا مكرراً، أن أقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله... أظل أعد ثلاثاً وثلاثين مرة، لكن لو قلت: الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، لا تقع إلا مرة واحدة.
فإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق بالثلاث فلا تقع إلا واحدة، إنما لو قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق في مجلس واحد ومتكررة وراء بعضها، فعند الأئمة وعند جماهير الأصحاب تقع ثلاث مرات.
لذلك قال أبو يوسف رحمه الله: كلها تقع.. لماذا؟ لأن المرة الأولى قال لها: طالق.. طالق.. طالق، فكانت ثلاث طلقات، والثانية قال: طالق، وطالق، وطالق، والثالثة: طالق ثم طالق ثم طالق.
فاعترض الإمام علي بن حمزة الكسائي -صاحب القراءة المتواترة المشهورة، وهو أحد القراء السبعة- فقال: بل لا تقع ثلاثاً إلا الثالثة، التي هي: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، إنما: قوله: أنت طالق طالق طالق، خرج مخرج التأكيد اللفظي، كما لو قال رجل لرجل: أنت الكريم الكريم الكريم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن يوسف عليه السلام: (هو الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم)، كل هذا تأكيد للفظ الكريم، فلما تؤكد صفة تأكيداً لفظياً وتكرره فهي نفس الصفة ولم تتغير.
وفي المثال الثاني قال: أنت طالق وطالق وطالق، والواو لمطلق الجمع، وتفيد العطف أيضاً، والمعطوف الثاني هو عين المعطوف الأول، والمعطوف الثالث هو عين المعطوف الثاني وهو عين المعطوف الأول، فلم يبق في هذه الصيغ ما يقال: أنه منفصل -كل طلقة منفصلة عن أختها- إلا (ثم) التي تفيد التراخي، أي: كأنه قال: أنت طالق ثم فصل المجلس، ثم جاء فقال: أنت طالق ثم فصل المجلس، يعني: هناك تراخٍ بين الطلقة الأولى والطلقة الثانية، وبين الطلقة الثانية والطلقة الثالثة.
فالنبي عليه الصلاة والسلام نهى أصحابه أن يقول أحدهم: ما شاء الله وشاء محمد، وقال: (إنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها) فيمكن أن يستشكل إنسان هنا، ويقول: وهل يعمل النبي صلى الله عليه وسلم بالحياء في مسائل التوحيد؟! يعني: مثلاً: رجل يرتكب شركاً، فأنت تستحي أن تقول له: لا تشرك؟!
فنقول: الجواب عن هذا سهل، ومن أظهر وأسهل وأقرب الأجوبة إلى الذهن: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أوحي له شيءٌ في هذا، ربما أنكرها، لكن لم يكن عنده علم أن هذا من الشرك حتى أعلمه الله عز وجل أن هذا داخل في الشرك؛ لذلك نهى عنه، وليس هذا بمستنكر ولا بمستغرب؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان من خلقه أنه إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن فيه إثم. يعني يقولون: ما شاء الله ومحمد، ولم يكن عنده سابق علم صلى الله عليه وسلم ولم يوح إليه أن هذا من الشرك، والناس يقولونها فيتركهم؛ لأنه الأيسر لهم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً) أما إذا كان شركاً أو ذريعة إلى الشرك فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يتردد إطلاقاً في النهي عن ذلك، كما حدث في موت ابنه إبراهيم وكسفت الشمس فقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم ، وأزعجه ذلك عليه الصلاة والسلام، وجمع الناس فخطبهم فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)، وفي الرواية الأخرى (فقوموا فصلوا).
فالرسول عليه الصلاة والسلام أول ما رأى ذلك خطب الناس وبين أن الشمس والقمر لا تكسفان لموت أحد أبداً، إنما هي نذير: وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء:59] .
فقولهم: (ما شاء الله ومحمد) هذا أول طريق الغلو؛ لذلك أغلقه عليهم صلى الله عليه وسلم.
في مسند الإمام أحمد، وفي مسند عبد بن حميد بسند على شرط مسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: (أن رجلاً قال: يا محمد! يا خيرنا وابن خيرنا، يا سيدنا وابن سيدنا، فقال عليه الصلاة والسلام: قولوا بقولكم ولا يستجرينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله ورسوله ولا أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله عز وجل، قولوا: عبد الله ورسوله).
وهو سيدهم عليه الصلاة والسلام، وهو خيرهم عليه الصلاة والسلام، لكن هذا وإن كان حقاً لكنه مدعاة إلى الغلو.