خطب ومحاضرات
صدق محبة الرسول
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
فإن دخول الذي يمكر في كيان الأمة المسلمة يجب أن يلقى منها تشخيصاً دقيقاً وأميناً، والذي يخفف من المصائب التي تنزل على العالم الإسلامي لا يكون أميناً ولا صادقاً عندما يبين أن الأمة كلها بخير، وفي اعتقادي أن الأسباب التي أدت إلى الانهيار في بعض جوانب الكيان الإسلامي هي كثيرة، لكنني أتناول شيئين هما لب هذه الأسباب كلها:
السبب الأول: عدم صدق المحبة عند جماهير المسلمين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن تبجح بها كثيرون؛ فإن أكثر أهل الأرض أدعياء، وهذا هو الذي يُفرِق بين جماهير المسلمين في القرون المتأخرة، وبين جماهيرهم في القرون الفاضلة الأولى.
السبب الثاني: أننا ورثنا الكتاب، ولا شك أن الذي يرث الشيء لا يكون حريصاً عليه كالذي قاتل دونه، كما قال الله عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ [الأعراف:169] وليته إذ أخذ عرض هذا الأدنى أحس بأنه مجرم، لكن يقول: سيغفر لنا، فيفعل هذا الفعل الجسيم، ويقول: سيغفر لنا، قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف:103-104] مثل هؤلاء لا يرجعون؛ لأن مثل هذا يعتقد أنه يحسن، فإن أردت أن ترجعه فأنت سترجعه عن الإحسان في نظره فيستحيل أن يرجع، لذلك كان هذا النمط من الأخسرين، أي: لا خسران بعد هذا الخسران المبين.
السبب الأول: هو عدم صدق المحبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فضرب الأمثلة كافٍ لتوضيح المراد، إننا إذا تجاوزنا هذه السنين الطويلة، وذهبنا إلى خير القرون، وهو القرن الأول وجدنا أن الذي جعل هؤلاء الصحابة يستميتون في الذود عن حياض هذا الدين، هو هذه المحبة الصادقة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم التي كانت في قلوبهم.
قصة أبي أيوب مع النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو أيوب : (وكنا نرسل إليه الطعام، فعندما نأكل نسأل من أين أكل؟ فنتحرى موضع أصابعه فنأكل منه، وكذلك إذا شرب نتحرى موضع الشرب فنشرب منه، قال: فأرسلتُ له يوماً طعاماً فيه غفنٌ أو ثوم فرده ولم تظهر يده فيه، قال: ففزعت، ونزلت، فقلت: يا رسول الله، أحرام هو؟ -يعني: البصل والثوم؛ لأنه لم يأكل منه- قال: لا لكني أنُاجى والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، قال
مع أن البصل والثوم حلال، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يكرهه.
قال أبو أيوب : (وانتبهت ليلةً، فقلت: أأنا أمشي على سقيفتي وتحتها رسول الله!) يعني: يمشي أبو أيوب هو فوق الخشب ورسول الله تحتها، وفي بعض الروايات كما في الصحيح قال: (وانكسر لنا إناء، قال: فجففت الماء بلحافي ولحاف امرأتي، وما لنا غيره خشية أن تنزل نطفة من الماء على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لامرأته: انزوي) وانزووا جميعاً في ركن البيت حتى لا يمشيان على سقيفة تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح الصباح نشده أن يصعد، وقال: (لا أعلو سقيفةً أنت تحتها) فهل يتصور في مثل أبي أيوب الأنصاري ، إذا سمع قولاً أو رأى فعلاً من النبي عليه الصلاة والسلام أن يخالفه؟
قال الإمام تقي الدين السبكي في رسالته: (بيان قول الإمام المطلبي -وهو الإمام الشافعي رحمه الله-: إذا صح الحديث فهو مذهبي) قال: (وليتخيل أحدكم نفسه إذا سمع الحديث أنه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمره أو ينهاه هل يكون بوسعه أن يخالف؟)
إذا قلت لك الآن حديثاً تخيل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي يقول لك هذا الكلام، أيكون بوسعك أن تتخلف؟
لا يكون بوسعك بطبيعة الحال، لكن بُعد المسافة عن مصدر الضوء سبيلٌ إلى الإيغال في الظلام، كلما اقتربت من مصدر الضوء كلما أصبت شيئاً من ضوئه، وكلما ابتعدت عن هذا المصدر كلما أوغلت في الظلام، وهذا المصطلح هو كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
لهفة المرأة الصحابية على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد
ضياع محبة النبي صلى الله عليه وسلم على المستوى الإعلامي
وفي عنوان الكتاب تعدوا دلالة المنطوق إلى دلالة المفهوم وأن قوله: (فنانات تائبات) معناه: أن اللاتي لا زلن في الفن عاصيات، كيف فهموا هذا؟ ولم يسمحوا أن يمرروه، وهناك عشرات الرسوم التي تطعن في دين الإسلام، ففي مجلة صلاح الدين رسام يرسم ناراً وكتب فوقها: (جهنم الحمراء) ورسم جماعة من الناس في الزاوية يصرخون ويرفعون أيديهم، وفي الزاوية الأخرى شخص عنده مروحة ويبتسم ابتسامة لذيذة تنم عن سعادة ورضا -هذا في جهنم الحمراء!- وكتب تحتها (مرسي)، أليس هذا طعنٌ في الله تبارك وتعالى؟!
إذا أراد الله أن يرحم أحداً لا يُسأل عما يفعل، لكن أن يضعهم في النار ويضع المروحة!! هل هذا الكلام معقول، معقول أن تمرر هذه الرسوم التي تجرح ملايين المسلمين ولا تنم عن أية صلة بهذا الدين.
إن الله تبارك وتعالى يعاقب الأمة كلها إذا لم تضرب على أيدي سفهائها، وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25] على أحد معاني الآية: لا تصيبن الذين ظلموا فقط، إنما تصيب أيضاً الذين سكتوا على الذين ظلموا ولم يأخذوا على أيديهم.
فأين محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المستوى الإعلامي، وأين توجد؟
موقف ابن عمر من ابنه حين اعترض على السنة
هذه هي البركة التي رفعت هؤلاء الناس ومن ذكرت من قبل.
موقف جابر مع النبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق
قال: (لقد رأيت شيئاً ما لي به صبر؛ رأيت الجوع في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا عندكِ من الطعام؟ قالت: ما عندي شيء، عندي عناق -جدي صغير-، وعندي صاعٌ من شعير، قال: فأخذ العناق فذبحه، وقال: اعجني هذا الصاع، قالت له: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، لكن ائتِ به وبنفر من أصحابه، فذهب
فانظر إلى جابر وإلى شفقته، يرى النبي صلى الله عليه وسلم جائعاً فيحز في نفسه، فهل تتصورون أنه إذا سمع قولاً أو رأى فعلاً من النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخالف؟ أبداً.
لقد رأينا عند علماء الأصول أن الفعل المجرد لا يقتضي الوجوب، بخلاف القول المجرد؛ فإن الأقوال المجردة تقتضي الوجوب، ما لم يكن هناك صارف، بخلاف الأفعال، فلا تقتضي الوجوب إلا بدليل خارجي.
ومع ذلك رأينا الصحابة يتقَّفون أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي لا تفيد الوجوب بمجردها فضلاً عن الأقوال، وهذا من شدة الحب، فهذا هو الاتباع الحقيقي، والاتباع فرع عن هذه المحبة، إذا أحببت النبي عليه الصلاة والسلام بصدق وبكل قلبك يستحيل أن تدع اختياره لاختيارك أنت.
إجلال عمرو بن العاص للنبي صلى الله عليه وسلم
فتنظر إليه وهو يقول: (ما كنت أستطيع أن أحد النظر إليه إجلالاً له) من هيبته، ومن تعظيم عمرو بن العاص له صلى الله عليه وآله وسلم، ما كان يستطيع أن يملأ عينيه منه، فهل يتصور من مثل هذا إذا سمع قولاً للنبي صلى الله عليه وسلم أو رآه يفعل فعلاً أن يخالفه؟ أبداً.
تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية
الجاهليون يحفظون اليد، وكان يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويمسك بلحيته، وكانت هذه عادة عند العرب أن الرجل إذا حدَّث جليسه يكثر من أن يمسك بلحيته، وهذه وإن كانت عند العرب عادة لكنها تضاد التوقير، فكان يقف شابٌ بسيفه على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما مد عروة يده ضربه ذلك الشاب بذباب السيف، ويقول: (نحِ يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فلا يلبث عروة أن تغلبه العادة فيمس يد النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا الواقف يعاجله بضربةٍ على يده، حتى قال له: (لئن مددت يدك لأقطعنها).
وما عرفه لأنه يلبس اللثام، وكان هو المغيرة بن شعبة ، وعروة بن مسعود عم المغيرة ، ولمّا علم المغيرة أن عمه قادم ذهب فتلثم ووقف على رأس النبي عليه الصلاة والسلام، فلما أكثر من الضرب على يد عروة بن مسعود -وعروة يرى رجلاً ملثماً لا يعرف من هو- قال: (تنح عني، ما أظنك إلا رجل سوء -لكثرة ما يضرب يده بذباب السيف- من هذا الذي آذاني؟) فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال ({هذا ابن أخيك
وكان المغيرة صاحب اثنا عشر رجلاً في الجاهلية، فلما شربوا الخمر قتلهم وأخذ أموالهم وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، فقدم له المال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما الإسلام فأقبله منك، وأما المال فلست منه في شيء، إنه أخذ غدراً) حتى لو كان من كافر، وأبى أن يأخذ المال، فلما وصل إلى القبائل أن المغيرة قتل رجالها كادت أن تقوم حربٌ بين القبائل، فقام عروة بن مسعود عم المغيرة وقال: أنا أدفع دية هؤلاء، فكفت الحرب، فيقول: (أي غدر! ما زلت أسعى في غدرتك -أي: أنا حتى الآن أدفع دية الذين قتلتهم وأخذت أموالهم- وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس -أي: عندما أسلمت-).
فانظر حب المغيرة ، يضرب عمه؛ لأنه يمس لحية النبي عليه الصلاة والسلام وهي عادة، لكنها تضاد التوقير.
وأخذ عروة يراقب أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام قال: (فوالله ما كان يتوضأ بماءٍ فيسقط على الأرض إلا يتقاتلون على ماء الوضوء، وما رأيت أحداً منهم يحد النظر إليه تعظيماً له، وإذا أمر امتثلوا أمره، وما يبصق بصاقاً فيقع في يد أحدهم إلا دلك به جلده، وما استطاع من بدنه) رأى هذه الصورة وكان قد حكم عليهم أنهم أوباش لا يستطيعون أن يثبتوا في الذود عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رأى بأم عينيه، وظل يراقب وذهب إلى قريش، فقال لهم: (والله لقد وفدت على الملوك؛ وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي، ووالله ما رأيت أصحاب ملكٍ يعظمون ملكهم كتعظيم أصحاب محمدٍ محمداً، والله ما بصق بصاقاً فوقع في يد أحدهم إلا دلك به وجهه وجلده، وما توضأ بوضوءٍ إلا اقتتلوا عليه، وما يحدون النظر إليه تعظيماً له، وإذا أمر يمتثلون أمره، وما أرى لكم قبلاً بهم).
صورة عظيمة جداً لهؤلاء الصحابة دعاهم لها حب هذا النبي الكريم.
المسئول عن هذا الضياع الذي يعيشه المسلمون الآن بكل صدق هو أن هذه المحبة غائبة مهما زعم الزاعمون أنهم يحبونه.
لقد رأينا في سير المحبين عجباً! رأينا الرجل إذا أحب امرأةً تفانى في حبها، ولعلكم تذكرون قول القائل مجنون ليلى الذي أطلقوا عليه هذا اللقب، يقول:
أمر على الديار ديـار ليـلى أُقبل ذا الجـدار وذا الجـدارا
وما حب الديار شغفن قلـبي ولكن حب من سكن الديارا
حنين الجذع للنبي صلى الله عليه وسلم
فقال الحسن : (يا معشر المسلمين! أيكون الجذع أشد حنيناً للنبي صلى الله عليه وسلم منكم؟) خشبة تكون أكثر حنيناً للنبي صلى الله عليه وسلم منكم، وذاك الذي أراد أن يرسل إلى من يحب شيئاً، فلم يجد، فبكى وأنشد قائلاً:
أرسلت دمعي للحبيب هديـةً ونصيب قلبي من هواه ضلوعه
قال اجتهد فيما يلـوح بقتلنا قلت ابتهج جهد المقل دموعه
ما أستطيع أكثر من هذا.
سب النبي أو الرب أو الدين كفر
وقد حكم الله تبارك وتعالى بالكفر على أمثال هؤلاء: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66]، فالمسألة هذه لا تحتاج إلى علم وتوقير النبي صلى الله عليه وسلم ووجوب موالاته واتباعه لا يحتاج إلى علم، وتعظيم الرب تبارك وتعالى لا يحتاج إلى علم، لذلك حكموا أن الذي يسبه كافرٌ مرتد، إذ لا خير فيه.
هذا هو الداء العضال الأول الذي تسبب في هذا الضياع الذي يعيشه المسلمون الآن، بعدهم وصدهم عن قول النبي صلى الله عليه وسلم بضروب من التأويل البغيض الواهي، ما تقول له قولاً إلا وقال لك: يحتمل كذا، ويحتمل كذا، ويضيع دلالة الحديث باحتمالاته، وقد يكون المعنى واضحاً غاية الوضوح، وهذه شقاشق تلقفها من لا يحسن عن هؤلاء العلماء، فأخذوا أسباب الضياع، فتركوا الاتباع فضلاً عن هذه المحبة العظيمة التي يجب أن تكون في صدر كل مسلم للنبي عليه الصلاة والسلام.
عندما دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة مهاجراً؛ فإنه نزل في دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وهذه القصة في صحيح مسلم ، وكان لدار أبي أيوب طابقان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي أيوب بعدما عرض عليه أن يسكن في أعلى البيت: (يا
قال أبو أيوب : (وكنا نرسل إليه الطعام، فعندما نأكل نسأل من أين أكل؟ فنتحرى موضع أصابعه فنأكل منه، وكذلك إذا شرب نتحرى موضع الشرب فنشرب منه، قال: فأرسلتُ له يوماً طعاماً فيه غفنٌ أو ثوم فرده ولم تظهر يده فيه، قال: ففزعت، ونزلت، فقلت: يا رسول الله، أحرام هو؟ -يعني: البصل والثوم؛ لأنه لم يأكل منه- قال: لا لكني أنُاجى والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، قال
مع أن البصل والثوم حلال، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يكرهه.
قال أبو أيوب : (وانتبهت ليلةً، فقلت: أأنا أمشي على سقيفتي وتحتها رسول الله!) يعني: يمشي أبو أيوب هو فوق الخشب ورسول الله تحتها، وفي بعض الروايات كما في الصحيح قال: (وانكسر لنا إناء، قال: فجففت الماء بلحافي ولحاف امرأتي، وما لنا غيره خشية أن تنزل نطفة من الماء على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لامرأته: انزوي) وانزووا جميعاً في ركن البيت حتى لا يمشيان على سقيفة تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح الصباح نشده أن يصعد، وقال: (لا أعلو سقيفةً أنت تحتها) فهل يتصور في مثل أبي أيوب الأنصاري ، إذا سمع قولاً أو رأى فعلاً من النبي عليه الصلاة والسلام أن يخالفه؟
قال الإمام تقي الدين السبكي في رسالته: (بيان قول الإمام المطلبي -وهو الإمام الشافعي رحمه الله-: إذا صح الحديث فهو مذهبي) قال: (وليتخيل أحدكم نفسه إذا سمع الحديث أنه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمره أو ينهاه هل يكون بوسعه أن يخالف؟)
إذا قلت لك الآن حديثاً تخيل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي يقول لك هذا الكلام، أيكون بوسعك أن تتخلف؟
لا يكون بوسعك بطبيعة الحال، لكن بُعد المسافة عن مصدر الضوء سبيلٌ إلى الإيغال في الظلام، كلما اقتربت من مصدر الضوء كلما أصبت شيئاً من ضوئه، وكلما ابتعدت عن هذا المصدر كلما أوغلت في الظلام، وهذا المصطلح هو كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
استمع المزيد من الشيخ أبو إسحاق الحويني - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أسئلة وأجوبة[1] | 2879 استماع |
التقرب بالنوافل | 2827 استماع |
حديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده | 2769 استماع |
لماذا نتزوج | 2706 استماع |
انتبه أيها السالك | 2697 استماع |
سلي صيامك | 2670 استماع |
منزلة المحاسبه الدرس الاول | 2656 استماع |
إياكم والغلو | 2632 استماع |
تأملات فى سورة الدخان | 2619 استماع |
أمريكا التي رأيت | 2602 استماع |