الإخلاص [2]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد..

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين؛ إنك حميد مجيد.

العقبات الموهومة التي يظنها بعض الناس عائقة لهم عن بلوغ منزلة الإخلاص هي أعظم بكثير -لمحل الاشتباه- من العقبات الحقيقية، وأقول: هي أعظم بكثير لمحل الاشتباه، فمن العقبات الموهومة: النعيم الأخروي والجزاء.

يظن بعض الناس أن من عمل ليدخل الجنة، فإنه لم يخلص في عمله، وهذا متواتر معروف عند علماء السلوك من الصوفية، أنك إذا قصدت بعملك أن تدخل الجنة، فإن هذا قادح عندهم في الإخلاص، حتى ينسب إلى رابعة العدوية المقالة الشهيرة، قالت: (مثل العابد للجنة أو النار كمثل أجير السوء). أي: لا يعمل لله، إنما يعمل للجنة أو يعمل للنار، وينسب إليها أنها كانت تقول: (إن كنت عبدتك طمعاً في جنتك؛ فاحرمني من جنتك، وإن كنت عبدتك خوفاً من نارك؛ فاحرقني بنارك، وإن كنت عبدتك طمعاً في وجهك؛ فلا تحرمني من وجهك) وأنشدت شعراً تذكر فيه هذا المعنى:

كلهم يعبدون من خوف نار ويظنون النجاة حظاً جزيلا

أو بأن يدخلوا الجنان فيحظوا بنعيم ويشربوا سلسبيلا

ليس لي في الجنان والنار حظ أنا لا أبتغي بحبي بديلا

ويلتبس هذا المعنى على بعض طلاب الإخلاص.

كيف يكون طلب الجنة والاستعاذة من النار من عبادة أجراء السوء، وها هم الأنبياء يدعون ربهم تبارك وتعالى أن يدخلهم في جنته، وسيدهم صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس طلباً للجنة واستعاذة من النار؟!

في سنن أبي داود أن رجلاً أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أما إني في صلاتي أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، ولا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ) تتكلمون كلاماً كثيراً، وتسألون الله أشياء كثيرة، وأنا لا أحسن هذه الدندنة، أنا لا أقول غير شيء واحد: اللهم ارزقني الجنة وأعوذ بك من النار، أما دندنتك: الكلام الكثير الذي تقوله أنت ومعاذ فأنا لا أحسنه، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال عليه والصلاة والسلام: (حولها ندندن) لا نسأل الله إلا الجنة، ولا نعوذ به إلا من النار، مهما تنوعت العبارات وطالت وقصرت، لكن حول هذا المعنى ندندن.

أما الصوفية فإنهم يظنون أن هذا قادح في الإخلاص...!

وقد فهموا الجنة فهماً خاطئاً، إنهم يظنون الجنة رماناً وفاكهة ومتعة، ونسوا أعظم ما فيها، وهو رؤية الله تبارك وتعالى.

رابعة تقول: (أنا لا أبتغي بحبي بديلاً)، وهي لن ترى الله عز وجل إلا إذا دخلت الجنة، وأعلى ما في نعيم الجنة أن يُرى الله تبارك وتعالى؛ كما في الحديث الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، نادى منادٍ: يا أهل الجنة! هل رضيتم؟ قالوا: يا ربنا! وكيف لا نرضى وقد جنبتنا السعير، وثقلت موازيننا؟! قال: فيكشف لهم الحجاب، فيرون الله عز وجل، فما أعطوا شيئاً خيراً لهم من رؤية الله تبارك وتعالى).

ولما تلا الإمام الشافعي رحمه الله قول الله عز وجل: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15] قال: (لو لم يكن من عقوبة إلا الحجاب لكان كافياً، فلما حجب أقواماً بالمعصية عرفنا أن أقواماً يرونه بالطاعة) فاستدل بالآية على رؤية الله تبارك وتعالى؛ كما هو مذهب أهل السنة والجماعة؛ خلافاً للجهمية والمعتزلة الذين ينكرون هذه النعمة العظيمة.

فطلب هذا النعيم الأخروي يظنه الصوفية معارضاً للإخلاص، وغفلوا وهم علماء السلوك عن طبيعة الإنسان.

إن الإنسان لا يعمل إلا إذا أجر، لو نصبت له أجراً عمل، لو قلت له: اعمل ولا أجر لك؛ فترت همته؛ لذلك نصب الله الجنة والنار في باب الترغيب والترهيب، وأنتم ترون أن الدول التي تتعامل بالقطاع العام فاشلة؟ لأن الموظف يأخذ راتبه عمل أو لم يعمل، إنما القطاع الخاص قطاع ناجح؛ لأنه ربط الإنتاج بالأجر، يقول لك مثلاً: قطعة بدرهم، إذاً: أنت عملت قطعة في خمس دقائق، ستقول لنفسك: لم أقعدُ فارغاً، لم لا أعمل؟ وكل قطعة بدرهم؟! أما إذا قيل لك: سواء عملت قطعة واحدة أو عملت ألف قطعة، فليس لك إلا عشرة دراهم في الشهر، فإن المنة تضعف، وهذا شيء لا يمتري عليه اثنان.

فكيف يزيل هؤلاء الصوفية مسائل الترغيب ومسائل الترهيب وبعد ذلك يقولون: اطلب وجه الله؟!

إن الله عز وجل خلق الإنسان يرغب ويرهب بفطرته وهم يضادون فطرة الله وخلقه، جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رجل في غزوة أحد -وكان يأكل التمرات- فقال: (يا رسول الله! ما لي عند ربي إن قتلت في سبيله؟ قال: لك الجنة) فالرجل يأكل التمرات ثم تذكر الجنة ونعيم الجنة، وهذا الكدر والنكد الذي يعيش فيه الإنسان مهما كان ملكاً مطاعاً متوجاً، فالدنيا كلها نكد، إنما الجنة دار النقاء الخالص، فسقفها عرش الرحمن، وحصباؤها اللؤلؤ، وطينتها المسك، وما من شجرة إلا ساقها من ذهب، وكذلك النساء، والرسول عليه والصلاة والسلام يقول: (لو خرج ظفر امرأة من الحور العين للدنيا لأضاءت ما بين المشرق والمغرب! وإن الرجل ليرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة)، تلبس سبعين حلة، لكن ساقها مثل الزجاجة، فلذلك يرى مخ ساقها من وراء تلك الحلل، من الحسن والجمال، وقد ذكر الله عز وجل لنساء أهل الجنة صفتين، قال: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72] (مقصورة)، والمرأة المنتقبة في زماننا متشبهة بنساء أهل الجنة.. لماذا؟ لأنها لما غطت نفسها قصرت حسنها على زوجها، فلا يراها إلا زوجها، حور مقصورات في الخيام، لا يخرجن من الخيام، ولو أنهن خرجن فإنهن كما وصفهن ربهن: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ [ص:52] ، تقصر طرفها على زوجها، لا تمد عينيها إلا إلى زوجها فقط.

إذاً: المرأة المتعففة تتشبه بنساء أهل الجنة.

وأنتم تعلمون أن التشبه بالمغضوب عليهم ممنوع، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (صنفان من أهل النار لم أُرهما قط ... نساء كاسيات عاريات -لابسة ملابس شفافة، فهي كاسية لكنها عارية في الحقيقة- رءوسهن كأسنمة البخت المائلة) فحين تصفف شعرها تصففه فوق رأسها وتميله إلى ناحية اليمين أو الشمال، فالعلماء قالوا: إن تصفيف الشعر بهذه الصورة وإن لم يكن ممنوعاً لذاته، لكن لأن فيه تشبهاً بالمغضوبات عليهن، فإن المرأة المسلمة لا تفعله، فالتشبه بالمغضوب عليهم أو بالكافرين ممنوع على أي وجه، والتشبه بأهل الصلاح مطلوب

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح

فانظر نساء أهل الجنة متعة، كلها الجنة متعة.

وروى الإمام البزار رحمه الله حديثاً عن النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيخر بين يديه مشوياً) هذا الحديث تكلم فيه بعض العلماء، لكن أنا خطر لي عليه قصة لطيفة جداً، رواها أبو علي الأبار في معجم أصحاب الصفدي، يقول:

بينما نحن نسمع هذا الحديث من شيخ من الشيوخ، ورجل كان أتى بابنه كان سنه حوالي أربع سنوات أو خمس، قال: ما أشك أنه دون السادسة، فهو قاعد مع والده في الجلسة، والشيخ ظل يقول: حدثني فلان عن فلان عن فلان ووصل بالتالي للبزار، وذكر سند البزار وللحديث، ثم ذكر متن الحديث: (إن من أهل الجنة من يشتهي الطير في الجنة فيخر بين يديه مشوياً) فالولد الصغير قال: على قرصه، قال: فضحكنا جميعاً، وتعجبنا من فطنة الولد؛ إذ أنه علم مع صغر سنه أن الإدام يحتاج إلى خبز.

وفي الجنة لا يحوجك ربك إلى السؤال: أنا أريد أن آكل رماناً، أريد أن آكل تفاحاً.. بل بمجرد ما تشتهي شيئاً تراه أمامك، فالسؤال علامة الذل، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب إليه بعض الصحابة قالوا: أوصنا، قال: (لا تسألوا الناس شيئاً)، فكان سوط أحدهم يقع منه -يسقط من يده- وهو راكب فرسه، فلا يقول: يا فلان ناولني، بل ينزل هو بنفسه ويأخذه، لأن السؤال ذل، يدل على حاجة، فلا أحد يسأل إلا وهو محتاج؛ شخص تاه عن العنوان يسأل عن العنوان.. شخص يريد شيئاً يحتاجه يسأل عنه.

فحتى لا يحوجك في دار الخلود والنعيم المقيم، وحتى يزول عنك الذل الذي كان في الدنيا وانتهت الحاجة إلى الخلق، كان من تمام المتعة أنك ما اشتهيت شيئاً إلا وجدته أمامك، فهل يوجد عاقل يضحي بالجنة لشهوة ساعة..؟!!

إنه لمغبون من ترك الجنة وما فيها لشهوة ساعة!

في الدنيا: رغيف الخبز حتى تأكله لا بد أن يمر بمراحل عدة: تحرث الأرض، تحط البذر، تروي، تنزع كل الأعشاب الضارة بالزرع، تظل تتعاهده، يكبر، تحصده، تجمعه وتحمله للأجران، تدرسه، تفصل التبن عن الحب، ومن ثم تأخذه بعد هذا فتطحنه لتجعله دقيقاً، ثم تعجنه، ثم تخبزه، ثم تأكله.. هذا رغيف خبز، ولكنه مر بكل هذه المراحل..! مصداقاً لقول الله عز وجل: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4] فكيف تقبل فيها الحرام وهي ساعة؟! وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ [الروم:55].

فالرسول عليه الصلاة والسلام حين سأله هذا الصحابي: (ما لي عند ربي إن قتلت في سبيله؟ قال: لك الجنة. فرمى تمرات كن معه ثم قال: إنها لحياة طويلة إن عشت حتى آكل هذه التمرات)، هل سأنتظر في الدنيا دقيقتين، أو خمس دقائق لأكل التمرات؟! لا يفصلني من الجنة وهذا النعيم المقيم الذي نحن قرأنا عنه في القرآن والسنة إلا أن روحي تخرج؟ قال: (إنها لحياة طويلة حتى آكل هذه التمرات) ورمى بالتمرات ودخل في الغمرات، فقاتل حتى قتل.

فتصوروا -أيها الكرام- أن الحوار كان كالآتي:

جاء هذا الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مالي عند ربي إن قتلت في سبيله؟ قال له: لا شيء، فإن هذا الرجل عندها سوف يأكل التمر على راحته، ويضعف دافع القتال عنده.

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس لما لقيه جماعة ما كانوا يعرفونه، أول مرة يرونه، فقعدوا يسألونه، فمن ضمن الذين سألو: امرأة كان معها صبي صغير، حملت الصبي الصغير ورفعته، وقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر)، قال لها:(لك أجر) مع أنها ما سألت عن الأجر، هي تسأل: هل يصح لهذا الصبي حج؟ لكنه لم يقل لها: نعم، وينتهي الجواب، بل بين لها الأجر؛ لأن الإنسان (أجري)، يبحث عن الأجر.

فإذا علمت أنك إذا أخذت الصبي الصغير معك، أجرت على ذلك، وكان بإمكانك أن تأخذه إلى الحج، فلن تفرط في الأجر؛ فهذا نوع من الإغراء للناس أن يأخذوا أولادهم معهم إلى الحج.

إن الإنسان لا يقدم على أمر إلا إذا رأى أن له جدوى، وأنا أعرف طبيباً كان له عيادتان، وله عمارات، وله أراضي، وتزوج بابنة خاله، وكان يحبها حباً شديداً، لكنها كانت لا تنجب.

فذهب بها إلى كل مستشفيات الأرض وزار كل من يعرفه من أطباء العالم، وآخر مرة ذهب فيها إلى النمسا قال له الطبيب هناك: والله يا فلان لا أمل.

وهو قد صرف عليها أموالاً طائلة، فهو -لأنه يحبها- يريد منها الولد.

كثير من الذين يحددون نسلهم يدفعهم إلى ذلك أنهم يعيشون مع زوجاتهم على كف عفريت، فيقول أحدهم: لماذا نستكثر من الهم؟! يكفينا ولدان ضائعان، لماذا ننجب الثالث والرابع إذا كان ينتظرهم نفس المصير من الضياع؟!

إنما الرجل إذا أحب امرأته وكلف بها تمنى منها الولد، وبقدر حبه لامرأته يكون حبه لأولاده، وهذا شيء خفي لا يظهره الرجل، إذا كان يكره المرأة فإنه يكره الأولاد، ولا يحبهم ذاك الحب، لكنه إذا كان يحب المرأة تمنى منها الولد.

فهذا الرجل يحب ابنة خاله، ويتمنى منها الولد؛ فلذلك لم يتزوج امرأة أخرى، إنما واصل العلاج.

المهم: قال له الطبيب: يا فلان! والله لا فائدة، والطب آخر كلمة عنده لا فائدة، هذه تحتاج إلى معجزة من السماء.

ولما رجع الرجل من النمسا، بدأ يبيع أملاكه، يبيع ويصرف، فقالوا: يا فلان ما لك؟ لماذا تبيع العمارات والأطيان والعقارات؟ قال: ولمن أدعها؟!

كان الحافز له -على أن يشتري عقارات ويبني عمارات- أنه كان يؤمل الولد، ولو يئس من البداية، ما كان سيخطر بباله أن يدخر، فالذي أطال نفسه في الجمع والادخار هو هذا الأمل الذي كان يجري خلفه، فهذه هي طبيعة الإنسان، أنه لا يعمل إلا بأجر، فإذا قلت للرجل: ابتغ وجه الله بالعمل، وانس حكاية الجنة والنار فإنه لن يسعى السعي الذي يرضاه الله والله جعل الجنة والنار علامات، وأنت إذا أردت وجه الله، فلا بد أن تمر من طريق الجنة.

فمن أكبر العقبات الموهومة غير الحقيقة التي يضعها بعض الناس في سبيل السالكين إلى الله عز وجل أن يتوهم أحدهم أنه إذا قصدت النعيم الأخروي بعمله فإنه يكون بهذا قد قدح في إخلاصه، ولن يكون مخلصاً إلا إذا أراد وجه الله بلا ثواب.

من العقبات الموهومة ما يظنه بعض طلاب الإخلاص من أن التنعم بالمباحات عقبة في طريق الإخلاص، فالرسول عليه الصلاة والسلام بين لنا أن طلب المباحات المشروعة لا يعرقل العبد، بالعكس، لو نظر العبد إلى ما أباحه الله له وجد أن هذا يسهل عليه طريق الوصول؛ فكل شيء حرمه الله عز وجل جعل في مقابله عوضاً حلالاً، حتى لا يقع العبد في الحرام، قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله! أيأتي الرجل منا شهوته وله صدقة؟ -هذا شيء أستمتع به، إذاً تكفيه المتعة، لكن فلماذا يأخذ أجراً فوق المتعة؟!- قال: أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قولوا: نعم. فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر) فهو لما حرم عليه الزنا أباح له الزواج وملك اليمين والتسري، هذا كله عوض مباح، فهذا المباح الأصل فيه أنه أبيح لك لتصل إلى الله بسرعة وبأمان بلا مشاق ولا متاعب.

وقد روى مسلم في صحيحه أن حنظلة لقي أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الطريق فقال له: نافق حنظلة !

ما الأخبار؟ ما الحكاية؟

قال له: (نكون عند النبي صلى الله عليه سلم فيذكرنا الجنة والنار حتى كأنا رأي عين -يتكلم عن الجنة حتى كأنك تراها، والنار حتى كأنك تراها- فإذا تركناه ورجعنا إلى ديارنا وعافسنا النساء والضيعات، نسينا كثيراً مما يقول) يتهم نفسه بالنفاق يقول: أنا للتو قبل خمس دقائق كنت أبكي، وقلبي منفطر، وبعدها آتي آخذ الولد وأضمه إلى صدري، وألعب معه وأرقصه، ومن ثم أدخل على المرأة أمزح معها.. ماذا يعني هذا؟! ما هذا النفاق؟! المفترض ما دمت حزيناً أن أظل حزيناً هكذا دائماً، لكي أدوم على الإخلاص، لكني أحزن وبعد خمس دقائق أضحك!

فظن أن هذا من النفاق، فقال: نافق حنظلة ! فقال له أبو بكر الصديق : ما الحكاية؟ وبعد أن أخبره حنظلة بهذا الكلام قال له أبو بكر : والله وإني لأجد ذلك. يعني أنا أيضاً أعاني من نفس الموضوع، أيضاً أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النار ويتفطر قلبي، وأسمع عن الجنة يشتاق قلبي، وبعد ذلك بمجرد خمس دقائق أجلس فيها مع النساء أنسى الموضوع كله.

فذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أول ما حنظلة وصل قال: نافق حنظلة رفع الراية: نافق حنظلة ، أول ما وصل رفع الراية: نافق حنظلة .. !

ما الحكاية؟

قال له: يا رسول الله نكون عندك فتذكرنا الجنة والنار كأنا رأي عين، فإذا تركناك رجعنا إلى النساء والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً مما تقول.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو تكونون -أو: لو تدومون- كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي الطرق، ولكن يا حنظلة : ساعة وساعة، ساعة وساعة، ساعة وساعة).

الناس فهموا (ساعة وساعة) الساعة والساعة فهماً خاطئاً، فاحتجوا على باطلهم قائلين: ساعة لقلبك وساعة لربك..!

حسناً ..! أين ساعة قلبك؟

- أربع وعشرون ساعة!

- وأين ساعة ربك؟!

إن الله غفور رحيم.. !

أهذا كلام يعقل؟! يظل أحدهم يضحك أربعاً وعشرين ساعة..! ولكي يسلوا الناس عملوا برامج الخواجة ديجي وأبو لمعة، وهو شخص حياته كلها قائمة على الفشر.

تصور.. حياته كلها قائمة على الفشر! والناس يضحكون..! طول النهار يضحكون، فأين ساعة الله؟!

إنها غير موجودة..!

فالنبي عليه الصلاة والسلام كأنه يقول لـحنظلة : إنك لا تستطيع أن تصل إلى الله إلا إذا أخذت المباح، هذا هو معنى قوله: (ساعة وساعة) يعني: ساعة لنفسك تتمتع فيها بالمباحات التي أباحها الله لك، وساعة للصلاة والذكر.

وهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (كل لهو باطل إلا ملاعبة الرجل لامرأته وفرسه وولده) .

والآن تسمع من يقول لك: ما رأيك في لعبة الأتاري والألعاب التي على الكمبيوتر؟! رصاصة وبرتقالة.. وعلى الذي يلعب أن يصطاد البرتقالة بالرصاصة، ومن ثم يظل يلف ساعة لكي يصطاد البرتقال كله..! هل ستعلم ولدك هذا الكلام؟! تضيع عمره؟!

وبعد هذا يا ويله إذا فات الوقت المحدد وبقي هناك برتقالة لم تنزل؛ يرجع له البرتقال مرة أخرى؛ لكي يظل يضرب طول النهار، إذا طاف ثلاث دورات أو أربع، وما استطاع أن يصطاد البرتقال كله يبكي على نفسه.

يقال له: يا أحول، صار أحول، أحول ما يعرف يصيب الهدف.

ويشغلون الأولاد بهذه المسائل ويضيعون أعمار الأولاد بهذه الأشياء.

أصلاً: كل لهو باطل إلا هذه الثلاثة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الرجل يلاعب امرأته.. لماذا؟ لأن المرأة شريكة الرجل، فلا يكن معها جاداً دائماً ولن يستطيع ذلك.

هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه -الذي هو أبو الجد كله- يقول: (ينبغي للرجل أن يكون كالطفل في أهله، فإذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلاً) لا يظل طفلاً دائماً.

(ينبغي على الرجل أن يكون كالطفل في أهله) أي: يضحك ويلعب.

عرضت علي مشكلة في الشهر الماضي: شخص في نزاع مع امرأته، وهو للتو ملتزم جديد، والملتزم الجديد عنده شوق لكل شيء، نفسه يعمل كل حاجة، أول ما يقرأ حديثاً يريد أن ينفذ هذا الحديث، لديه حرارة! لكن هذه الحرارة هذه تضيع عليه الحكمة في التعامل مع الخلق ومع النصوص؛ من شدة الحماس..

المهم: وقع سوء تفاهم بينه وبين امرأته فقالت المرأة بعد ساعة من المشكلة: سأذهب أصالحه. فذهبت وأخذت تطبطب عليه.

قال لها: عندك دليل؟!

دليل ماذا؟!

قال: عندك دليل على هذه الطبطبة؟!

وهل هذه تحتاج إلى دليل يا بني؟!! أنت ماذا تريد؟! أحل لكم الطبطاب، أو الطبطبة أو... )..!

فهو حين يقول لها: "عندك دليل؟" يسد نفسها ويكسر خاطرها، كانت ناوية هي تعمل المسلسل..! لكنه بهذه العملية أقفل عليها الباب، يعني كانت ناوية بعد الطبطبة تقول له الكلام الذي يقال في مثل هذا الباب، لكنه أقفل عليها وضيع عليها بقية الموضوع.

أنت رجل تتعب من أجل أهلك، فأحي إحسانك لأهلك بالمعروف، بالكلمة الطيبة الجميلة، بالكلمة الحسنة.

أنت الآن تصرف عليها وتنفق عليها، وتكسوها وتكسو أولادها، كثير من الناس يضيع هذا المعروف كله بالكلمة السيئة، دائماً مكشر، لا يكاد يرضى.

مثلاً: في شهر رمضان -والناس توسع على نفسها في شهر رمضان- يصعد أحدهم السلم ومعه عشرة أكياس أو خمسة عشرة كيساً: برتقال وفاكهة وأكل وكسوة، لكنه بمجرد أن يصل إلى الباب يدق بخشونة: افتحوا الباب -يغضب طبعاً- وحين يحط الأكياس: على الله يثمر فيكم..! كلوا.

"على الله يثمر فيكم!" أنت قد صرفت ألف درهم مثلا، لكنك بهذه الكلمة ضيعت الألف درهم تماماً، أو حين تقول لهم: اطفحوا..! راح الألف درهم.

لكن أنا لا أريدك أن تدخل بأي فاكهة ولا بأي كسوة، ادخل بلا شيء (لورا ويد لقدام)، وأول ما تدخل قل: السلام عليكم، أنا والله مقصر في حقكم، ونفسي أعمل لكم، وآتي لكم بلبن العصفور وتكلم هذا الكلام: الله يتولى جزاءكم، أنا لا أستطيع أن أجزيكم، أسأل الله أن يغفر لكم، أسأل الله أن يحسن خاتمتكم!

أول ما يقول الرجل ذلك تقول له: تكفينا دخلتك علينا، أنت بالدنيا، سلامتك عندنا بالدنيا..! فلوس؟! ما هذا الذي تقوله؟!

وبذلك يحيي الرجل المعروف، ومن ثم يدفئ البيت بالكلام الجميل الطيب، قال تعالى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى [البقرة:263] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264].

فأن تقعد وتتكلم وتتسامر وتسامر مع امرأتك هو هذا من اللهو المباح: (اللهو كله باطل إلا ملاعبة الرجل لامرأته) فهذا من اللهو المباح، إذاً أنت تلهو وفي نفس الوقت مباح لك ذلك.. لماذا؟ لكي تستمر عجلة الحياة.

كذلك ملاعبة الولد، وملاعبة الفرس، الذي أنت تجاهد به في سبيل الله عز وجل.

فهكذا.. كل لهو باطل إلا هذه الأنواع الثلاثة.. لماذا؟ لأنها تعينك على الجد والسير إلى الله عز وجل، فالحياة التي لا تكون هكذا جافة.

وفي الصحيحين من حديث أنس أنه جاء ثلاثة إلى أبيات النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن العبادة، فلما وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب النساء، ويضحك مع النساء، وكان له مع زوجاته مواقف جميلة، بالذات مع عائشة رضي الله عنها، كان له مواقف كثيرة جداً مع عائشة ، وكان يتلطف معها.

الحقيقة هم راحوا لـعائشة ، وعائشة هي التي بلغت النبي صلى الله عليه وسلم قول هؤلاء الثلاثة، دخلوا: ما هي الأخبار؟ كيف النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل؟ قالت: (يكون كأحدكم في مهنة أهله، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، فإذا أقيمت الصلاة قام للصلاة) مثلكم تماماً، ومن ثم تذكر أيضاً شيئاً من اللهو، وأن النبي صلى الله عليه سلم كان يلهو معها، وكان يباسطها، ويقول: (والله إني لأعرف غضبك من رضاك! قالت: كيف يا رسول الله؟ قال: إذا كنت علي غضبي تقولين: لا ورب إبراهيم! وإذا كنت عني راضية تقولين: لا ورب محمد! قالت: والله -يا رسول الله- ما أهجر إلا اسمك).

وهناك شيء آخر أيضاً! أنا أكاد أقطع أن هذا الشيء الذي سأذكره لا يفعله منا أحد.

في مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: (بينما نحن في غزوة إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجال: تقدموا -يريد أن يمشي مع عائشة لوحده- فقال لها: تعالي أسابقك، قالت: فسابقته فسبقته، قالت: فتركني- مرت مدة: شهر أو شهران سنة أو سنتان- حتى إذا حملت اللحم (تعني أنها أصبحت بدينة) قال لي: تعالي أسابقك، قالت: فسابقني فسبقني، فجعل يضحك ويقول: هذه بتلك) واحدة بواحدة (هذه بتلك).

لكن: من الذي يعمل هذا؟! يقول لك أحدهم: أتركها تركب وتدلي رجليها؟! وأنا أجري معها، لو فعلت ذلك فلن أستطيع أن أكلمها بعد ذلك، وأنا سيد البيت، فلماذا إذاً شاربي في وجهي؟! ويقعد يبرم شاربه، يريد أن يثبت وجوده..!

وآخر يقول لك: والله -يا أخي- أنا أود أن أعملها، ولكن البيوت ضيقة، الشقة كلها أربعون متراً أو خمسون متراً؛ أول ما يبتدئ المرء بالجري، فإنه مباشرة يدخل في الحائط! لا يوجد براح لكي يجري المرء ويأخذ راحته.

يا أخي العب أو اعمل أي شيء من الأشياء ودع عنك هذه اللعبة، التي أنت بالذات تحتاج فيها إلى مسافات.

أظهر للمرأة حسن الخلق، وأظهر لها الود، والمرأة دائماً تقعد بين الفينة والأخرى تقوم تتحسس قلبك، تنظر هل هي ما زالت مستقرة في قلبك أو لا.

ولابد أن تعرف أن المرأة بين الحين والآخر -أيضاً- تريد أن تسمع الكلمة الطيبة.

لماذا؟ لأن الإنسان أول ما يتزوج يكون فيه شوق إلى المرأة، بعد ذلك يذهب الشوق ويبقى الحب.

ويغدو لا يشتاق إلى المرأة، هي تعمل طول النهار، ففي الأول كان دائماً يتكلم معها كلاماً جميلاً حلواً، ثم ترك ذلك، مما يجعل المرأة تعتقد أن الرجل لا يتكلم معها لأنه مل منها، فتكون هي بين الحين والآخر تريد أن تستمع إلى هذا الكلام الجميل، وتريد أن تعلم أن لها حظوة عند زوجها، فعليك أنت أن تسلك هذا الباب، باب اللهو المباح، لكي تصل إلى ربك بسلام؛ لأنك إذا لم تعمل ذلك فستضيع في الدنيا والآخرة.

هل تعرف لماذا؟

في الدنيا تريك النجوم في عز الظهر، وأنت رجل تنفق، والمرأة لا تشكر، ونقلت هذا إلى الأولاد أيضاً، فيصعب هذا الأمر عليك وتقول في نفسك: لو أني أطعم حيواناً فإنه أول ما يشم سيهز ذيله، فما الذي عملته في دنياي؟! الواحد يقول لنفسه هذا الكلام، أنا ما الذي عملته في دنياي: أؤكلهم وهم يعضون يدي؟! لماذا هكذا؟! ويصعب عليه هذا الأمر ويصاب باكتئاب، بسبب هذا النكد الذي يلاقيه من أهله.

الرجل الذي ربنا سبحانه وتعالى ابتلاه بزوجة ناشز يحسد كل من يراه في الشارع، كل رجل ماش في الشارع يحسده.. لماذا؟ يظن أنه سعيد.

انظر! واحد قابل أخاه فوجده يتمتم بشفتيه، قال له: يا فلان! تسبح؟ قال: أحسبل، أنا أحسبل، لا أسبح، يعني أنه يقول: حسبي الله ونعم الوكيل! بسبب المرأة..!! ولو كنت مكتئباً فلن تستطيع أن تعبد الله، تدخل في الصلاة، تريد أن تستحضر قلبك وأنت واقف في الصف، تريد أن تفهم آية يقرؤها الإمام، لكنك لا تستطيع.

ولو كانت المرأة صالحة لأنهيت مشاكلك بقدر ما تستطيع من سرعة لكي تروح البيت، لأنه سكن، والسكن ضد الحركة، طول النهار تتحرك جيئة وذهاباً، وهذه الحركة تتعب البدن، فأول ما تصل بيتك تصل للسكن -من السكون- تقابلك المرأة، وتحمد الله على سلامتك، فإذا ذهبت إلى المسجد لتؤدي الصلاة، ذهبت وأنت مستريح النفس منشرح الصدر، خالي القلب.

فالمرأة الصالحة تحرز لك الدنيا والآخرة، فلماذا إذن لا تلهو مع المرأة، وعليك أن تعرف مفاتيح المرأة، ومن أين تدخل إلى قلبها، وأن تتعامل معها بذكاء.

وتعاملك مع المرأة بذكاء رحمة للمرأة نفسها، وأنت تعرف أن أوسع باب تدخل بسببه النساء جهنم هو: باب كفران العشير، والعشير هو الزوج، وفي الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام (أتى النساء في يوم عيد فوعظهن، وقال: يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقامت امرأة قالت: لم النساء أكثر أهل النار؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وتكفرن الإحسان، وإذا أحسن الرجل إليكن الدهر، ثم رأيتن منه يوماً سوءاً قلتن: ما رأينا منك خيراً قط).

ولو أشعلت أصابعك لها شمعاً لأطفأتها لك، الشموع هذه كلها تطفئها، وتقول لك: أنت ماذا عملت؟! أنا رأيت معك يوم راحة؟! أنا من يوم تزوجتك وأنا في نكد..!

يا امرأة! أين الأيام التي كنت تقولين لي فيها كلامك المعسول؟! أين ذهب ذلك الود؟! أكنت تمثلين علي أم ماذا؟! اذكري تلك هذه الأيام على الأقل.

لكن المرأة كالقدر سريعة الانقلاب، وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه سلم: (إن المرأة لا تستقيم لك على طريقة) فاحذر أن تقول: أنا مذهبي واحد، فمع النساء لابد أن يكون لك مثل جحر الفأر: مائة باب، فإذا انقفل عليك باب بقيت لك طرق أخرى تسلك منها.

مائة مذهب تكون مع المرأة.. لماذا؟ لأن المرأة كالقدر، يمكن أن تلقاها غاضبة، غاضبة مم؟! والله أنت لا تدري، ثم تجدها فرحت هكذا فجأة وسرت واستنارت، لماذا؟ أيضاً لا تعرف.

فالنبي عليه الصلاة والسلام ينبه النساء: المرأة من الممكن أن تكون صوامة، قوامة، عابدة، زاهدة، تحاضر في المسجد للأخوات وتشرح لهم التوحيد والفقه، تسمع كلامها؛ قلبك يتفطر، أول ما تدخل لزوجها تسقط كل هذه الحسنات، النبي صلى الله عليه سلم نبه النساء وقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار).

العجيب -بسبب الفوضى العلمية في هذا العصر، وأنه لا يوجد حمى للدين، ولا أحد يأخذ على أيدي المنحرفين- أن هناك امرأة لبنانية صحفية، نشرت كتاباً، كان عبارة عن مقالات نشروها في الجرائد اللبنانية والمجلات، وعلماء الدين يردون والنسوان يرددن من الناحية الثانية.

ما هي خلاصة هذا الكتاب؟

أولاً عنوانه: هل النساء أكثر أهل النار؟ هم يريدون حرية المرأة حتى في هذه، يريدون المساواة حتى في هذه أيضاً، فهل ذلك بأيدينا؟

فالمرأة تقول: إن هناك حديثاً يقولون أن البخاري رواه، لكن البخاري فيه أحاديث موضوعة -المرأة هي التي تقول هذا- أحد هذه الأحاديث الموضوعة هذا الحديث (إنكن أكثر أهل النار) قالت: كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك قالت: وعلماء الحديث يقولون: إن صحة السند لا تستلزم صحة المتن..! يا ولد!

انظر هذا التفصيل العلمي..!

أكبر مشكلة أن يأخذ الأغمار الجهلة كلام العلماء فيتكلموا به.

فهذه القاعدة صحيحة: صحة السند لا تستلزم صحة المتن، فيمكن أن يكون السند صحيحاً والكلام منكراً.. لماذا؟

لأن أي كذاب كان يريد أن يفتري حديثاً على النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع له سنداً جميلاً، لأن الناس في ذلك الزمن كانوا يتكلمون بالأسانيد -يقال: يا فلان! لماذا أنت تفعل كذا وكذا؟ يقول: حدثني فلان عن فلان عن فلان، أنه قال كذا وفعل كذا، والأسانيد عندهم كانت مثل الكلام العادي عندنا، فكانوا يحفظون الأسانيد، حتى الشحاذين كانوا يشحذون بالأسانيد.

وقف أحدهم ذات مرة يسأل الناس ويقول: حدثني فلان -فلم يعر أحد له انتباهاً- فقام، وقال: حدثني يزيد بن هارون ، عن فلان عن فلان (وساق سنداً كالذهب، كلهم أئمة معروفون للناس) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سأل السائل فلم يعطه الناس فكبر عليهم ثلاثاً…) روحوا في داهية الآن إذا لم تعطوني!

فالمهم: أن الناس أعطوه، فقام وأخذ المنديل لفه هكذا، وحطه في جيبه وهرب.. فبمجرد أن ذهب، جاء يزيد بن هارون ، فقالوا له: لقد كان هنا رجل حدثنا عنك حديث كذا وكذا. قال: كذب عدو الله! ما سمعت به، فهذا الشحاذ يعرف أن يزيد بن هارون إمام كبير، فيقوم يذكر سنداً وينسبه إليه.

فأحياناً يكون السند صحيحاً، ويكون هناك شخص كذاب من هؤلاء اخترع من عنده كلاماً وركبه على السند، فالعلماء من هنا قالوا: إن صحة السند لا تستلزم صحة المتن.

لكن لو أتى إمام جليل بسند صحيح، فإن المتن لا بد أن يكون صحيحاً؛ لأن الإمام لا يمكن أن ينخدع بمثل هذا.

إذاً: إذا أورد إمام جليل سنداً صحيحاً، فلا بد أن يكون المتن صحيحاً، فكيف بـالبخاري الذي جمع أصح الصحيح في كتابه؟!

لكن هذه المرأة ليست فاهمة لهذا الموضوع نهائياً، قالت: السند صحيح -وقد أصابت في هذا- لكن المتن منكر -وأخطأت في هذا- نسألها: أين سر النكارة في المتن؟

قالت: هل الرسول عليه الصلاة والسلام صاحب الذوق الرفيع، والأخلاق العالية، يأتي النساء في يوم العيد يقول لهن: أنتم في جهنم وبئس المصير؟!

بدلاً من أن يقول لهن: كل سنة وأنتم بخير، وبعود الأيام، وعقبى لكل سنة، يقول لهن: أنتن في جهنم وبئس المصير؟!

هل يمكن -وهو صاحب الذوق الرفيع، ونحن تعلمنا منه الأخلاق، وتعلمنا منه الذوق- يقوم يعمل مثل هذا؟! يعني: أليس هذا من المناكير؟!

من أولى بدخول جهنم وبئس المصير؟! ألرجال الذين هم عملوا القنبلة الذرية، وعملوا الصواريخ عابرات القارات، وهم الذين عملوا أسلحة الدمار الشامل، والحروب كلها من نتاج أفكار الرجال، أم المرأة القاعدة في المطبخ، رهينة الثوم والبصل، رهينة المحبسين تخدم زوجها وعيالها، مكسورة الخاطر والجناح؟!

هل هذه الغلبانة تدخل جنهم أكثر من الرجال؟!

هذا من غير الممكن؛ بل العدل أن يكون الرجال هم الذين يدخلون النار وبئس المصير.

لم تكتف بمقالة بل ألفت كتاباً وردت على علماء الدين الرسميين وغير الرسميين في هذه المسألة..!

لا، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة لا تستقيم لك على طريق) لذلك المرأة لو أرادت أن تحرز الجنة فعليها أن تطيع زوجها في المعروف.

كل إنسان في الدنيا طاعته مقيدة بقيدين حاشا الرسول عليه الصلاة والسلام طاعته مطلقة، وطاعة الله عز وجل مطلقة، يأمر فتسمع بلا نقاش، إنما أي إنسان فينا طاعته مقيدة بشيئين: بالمعروف وبالاستطاعة، فإذا أمر بالمعروف وليست هناك استطاعة فلا طاعة له، وإذا أمر بما في الاستطاعة وليس من المعروف، فلا طاعة له، فنحن: نقول للمرأة: إن مفتاح الجنة: الأعمال الصالحات، وسن المفتاح: طاعة الزوج في المعروف.

والرسول عليه الصلاة والسلام رأى أسماء بنت يزيد بن السكن فقال لها: : (أي هذه! أذات بعل أنت؟! قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: لا آلوه، -أي: لا أقصر في طاعته- قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك).

إذاً الرسول عليه الصلاة والسلام حين يقول: (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) ثم يذكر العلة، ينبغي على المرأة التي تؤمن بالله واليوم الآخر أن تتقي نار جهنم.

وعلى الرجل أن يحسن التعامل مع المرأة.. لماذا؟ لأنها هي التي توصله إلى الله عز وجل، فانظر لهواً مباحاً، لكن لا تجعل حياتك كلها عليه، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال لـحنظلة : (ساعة وساعة) قصد أنك تلاعب امرأتك حتى تتزود بهذه الملاعبة الحلال على فعل ما أمرك الله عز وجل به من الواجبات والمستحبات، وما قصد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضيع حنظلة حياته في اللهو، بل يجعلها حياة متزنة.

فـحنظلة رضي الله عنه ظن هذا، وهؤلاء الناس الذين ذهبوا إلى أبيات النبي صلى الله عليه سلم ظنوا ذلك، وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم بشراً من البشر فقالوا: هذا رسول الله، غفر الله له ما تقدم من ذنبه فسواء، عمل أو لم يعمل سيدخل الجنة، وهو الذي سيقرع حلق الجنة بيده، ربنا راض عنه، المهم نحن، نحن الدور علينا، هو كان يلاعب النساء، وهل نحن نضمن الجنة حتى نلاعب النساء؟! وأحياناً المرأة تكون تحب الملاعبة كثيراً، وتقعد تضحك وتسامر فهي إذن ستضيع علي حياتي؟! لابد أن أكون خشناً، وأدخل عابس الوجه لكي أصلي.

فقام واحد قال: أنا لن أتزوج النساء، والآخر قال: أنا سأصوم الدهر، والثالث قال: أنا أقوم الليل.

وحين جاء النبي صلى الله عليه وسلم قصت عليه عائشة رضي الله عنها القصة، ففزع؛ لأنك إذا رأيت القدوة ولم يملأ عينك، فإنه يوشك أن يسقط من نظرك.

هذه الأسوة والقدوة كيف تنزلت وانحطت في نظرك والرسول صلى الله عليه وسلم هو أسوتك وقدوتك؟!

فالنبي صلى الله عليه وسلم خشي على الميزان -ميزان الأسوة- فقال: الصلاة جامعة..! فلما جاء الناس قال: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟! (أما إني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).

وفي سنن أبي داود لما جاءت خويلة بنت حكيم إلى عائشة رضي الله عنها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أول ما دخل رآها، خرجت خويلة فيسأل عائشة قال: يا عائشة ! ما أبذ هيئة خويلة -لماذا هيئتها رثة؟! قالت: يا رسول الله! هي عند رجل يقوم الليل ويصوم النهار، فأهملت نفسها وأضاعتها. تتزين لمن وزوجها رجل لا ينظر إلى هذه الأشياء؟!

مثل عبد الله بن عمرو بن العاص ، أبوه يريد أن يزوجه وهو لا يريد أن يتزوج، زوجه بعد لأي، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص رجلاً قواماً يقوم كل ليلة بالقرآن كله، كل ليلة يقرأ القرآن كله في الصلاة، ويصبح وهو صائم.

يقول: أنكحني أبي امرأة ذات حسب من قريش..

(أنكحني) يعني هو لم يكن له رغبة في النكاح، قال: فلما أدخلوها علي -العادة أن الرجل يقول: فلما دخلت بها، من تمام قوامته عليها، لكنه أخبر أنهم أدخلوها عليه، لم يكن يريد أن يتزوج، هم أدخلوها عليه، من هنا قام إلى الغرفة الثانية وراح يصلي، مغلوب، مغلوب على حب الله وحب طاعته، فراح لحبيبه، نسي هذه المرأة، لم يكن له فيها مأرب، ومن ثم قعد يصلي طول الليل، والمرأة قاعدة تنتظر الرجل والرجل في شغل آخر.

وفي الصباح ذهب عمرو بن العاص إلى منزل ابنه ليطمئن عليه، وكأنه يظن أن ابنه يمكن أن يعمل هذه الحركة، أول ما دخل؛ فوراً دخل على زوجة الابن- ما هي أخبار عبد الله ؟ قالت: نعم العبد لربه، أو قالت: هو كخير البعولة من رجل لم يفتش لنا كنفاً ولم يعرف لنا فراشاً.

قال: فجاءني أبي فعضني بلسانه -اللسان يعض، اللسان كالكلب العقور، بل الأعراض لا تنهش إلا باللسان، إذاً فحين يتكلم إنسان في عرض آخر فكأنه نهشه، مثل الكلب حين ينهش اللحم، ولذلك قال: عضني بلسانه، أي: شتمني وقال: أنكحتك امرأة ذات حسب من قريش فأعضلتها!

فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: القني به -وبعد ذلك قعد يتدرج به- وقال: (فمن رغب عن سنتي فليس مني).

هذا عثمان بن مظعون رجل يريد الله والدار الآخرة، فظن أن اللهو مع النساء سيضيع عليه الآخرة، فترك النساء ومضى في طريقه.

فالنبي صلى الله عليه وسلم أول ما رأى المرأة هكذا، لها هيئة رثة، بذة، قال: (يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة ..! قالت: يا رسول الله! لها رجل يقوم الليل ويصوم النهار، فأهملت نفسها وأضاعتها. فأرسل إلى عثمان ، أول ما لقيه قال: يا عثمان ! أرغبة عن سنتي؟ قال: يا رسول الله! بل سنتك أطلب. قال: فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فديننا حنيفية سمحة، ووَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78].

فالذين يظنون أن المباحات عرقلة للعبد في طريق الوصول إلى الله؛ أخطئوا، ما تتدبروا القرآن ولا السنن قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32] من الذي حرمها؟! أنت فقط استمتع بالنعمة، واشكر الله عز وجل أن أنعم بها عليك، لأن الله عز وجل يقول: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ [النساء:147] يعني: إن شكرت أنت فما يفعل الله بعذابك؟! ماذا يعود عليه تبارك وتعالى من عذابك وعذاب أهل الأرض جميعاً؟!

إذاً: هذه من العقبات الموهومة التي يضعها الناس في طريق الإخلاص.

إذاً طلب النعيم الأخروي لا بد منه، وهو الذي يصبرك في الجد إلى الله عز وجل.

فلذلك نقول لك: احذر قطاع الطرق إلى الله، أنت تمشي في السوق وقد جعلت لجيبك سحاباً، وللسحاب قفلاً.. لماذا؟ قال: لأن اللص ظريف، ويده خفيفة، فيمكن أن يفتح السحاب ويأخذ المحفظة، فجعلت لها قفلاً لكيلا يأخذ اللص ما في الجيب.

وأنا أريدك أن تعمل السحاب على قلبك؛ لأن هناك لصوصاً في طريقك إلى الله يسرقون قلبك، ويخلبون لبك بمظاهر أبهة فيها ورع وتقوى، وتجد الرجل زاهداً وعابداً وبكّاءً، وهنا خط أسود وهنا خط أسود، ما هذان الخطان في وجه فلان؟!يقال: هذان من كثرة البكاء من خشية الله..!

ارتسم على خديه خطان أسودان، فإذا سمعك تقول: أسأل الله الجنة، قال لك: أعوذ بالله..! أعوذ بالله! تسأل الله الجنة؟! يا أخي اسأله الإخلاص، اسأل الله وجهه، أنت كأجير السوق..!

أول ما أنت تسمع منه هاتين الكلمتين وهو رجل مخبت عابد زاهد، فإنك قد يقع في روعك أن الرجل صادق، فهذا هو لص، بل هو أشد لصوصية من الرجل الذي سرق جحا .

هل تعرفون الرجل الذي سرق جحا ؟ أظرف لص، يقال: إن: جحا ذهب مرة إلى السوق، وكان رابطاً لمحفظته بحبل، واطمأن مائة بالمائة أن المحفظة لن تسرق، ذهب إلى السوق، فقابله رجل: إلى أين يا جحا ؟ قال: إلى السوق أشتري حماراً. قال له: يا أخي! قل: إن شاء الله. قال له: لماذا أقول (إن شاء الله)؟! الحمير في السوق، والمحفظة في جيبي! دخل السوق وإذا به يبحث عن المحفظة، فلم يجدها، فقال: أنا لا أعرف كيف فك هذا اللص الحبل! الحل هو الحبل، فالمهم أخذ يبحث على المحفظة، فلم يجد المحفظة ولم يجد النقود، فرجع بلا مال وبلا حمار، قابله صاحبه وسأله: أين الحمار؟ قال له: المحفظة سرقت إن شاء الله..!

فهذا الرجل الذي سرق منه المحفظة وعاقبه ظريف جداً.

ولا نجد أحمق من قطاع الطرق إلى الله عز وجل، فإنهم يلبسون لبوس أهل الإيمان والتقوى والإخلاص والورع، ما وجدنا لهم مثلاً أحمق من المثل الذي يضربه المصنفون في الحمق، وكيف يجني على أهله، ويجعل صاحبه مضحكة بين العالمين!

يقال: خرج رجلان من الحمقى، كل واحد ركب دابته،وكان الطريق طويلاً، قال له: يا أخي! هل سنظل ساكتين هكذا؟! فليحك كل واحد منا حكاية ولنتمن على الله، فإن الطريق يقطع بالحديث، فالأول قال: أسأل الله أن يرزقني بقطيع من الغنم، أشرب من لبنه، وألبس من صوفه، وآكل من لحمه. والثاني قال: أسأل الله أن يرزقني بقطيع من الذئاب أرسلها على غنمك فتأكلها. ما هذا؟ أين حقوق الصحبة؟! أهذه إخوة؟! ترسل قطيعاً من الذئاب تأكل غنمي؟!

تشاجرا وتقاتلا، وبعد ذلك هدأا، وقعدا يتلاومان: كيف ترسل الذئاب على غنمي؟! وبعد ذلك اتفقا على تحكيم أول قادم، فرأوا رجل شيخاً كبيراً في السن يركب حماراً ومعه زقان من عسل، وقد ربط الزقين بحبل، هنا زق وهنا زق -والزق: الإناء الكبير- قالا له: قف يا عم.

ما الحكاية؟

نحن كنا ماشيين، وكنا نتمنى على الله، فأنا أقول: غنم، وهذا يقول: ذئاب.. هل يرضيك هذا الكلام؟ الرجل أول ما سمع هذا الكلام نزل عن حماره وأخذ العسل وأراقه على الأرض، وقال: أراق الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين..!

فهذا أكثر حمقاً منهما؛ بل هو شيخ الحمقى! وهو -حين أراق العسل على الأرض- كان يريد أن يمثل (أراق الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين).

والرجل الذي يقطع الطريق إلى الله عز وجل أحمق، وأشد منه حمقاً من يعطيه قلبه الذي به قوام حياته في الدنيا والآخرة.

إذاً وأنت في طريقك إلى الله اعرف أن على هذا الطريق لصوصاً، لا يريد أحدهم جيبك ولا محفظتك إطلاقاً؛ إنما يريد قلبك، فيلبس لهذه الطامات الكبرى لبوس الخشوع ولبوس الورع.

والعلاج: أن تكون على صلة بالعلماء الربانيين؛ فهم الذين ينصبون لك دلائل الهدى من الكتاب والسنة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

والحمد لله رب العالمين.


استمع المزيد من الشيخ أبو إسحاق الحويني - عنوان الحلقة اسٌتمع
أسئلة وأجوبة[1] 2879 استماع
التقرب بالنوافل 2827 استماع
حديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده 2769 استماع
لماذا نتزوج 2706 استماع
انتبه أيها السالك 2697 استماع
سلي صيامك 2670 استماع
منزلة المحاسبه الدرس الاول 2656 استماع
إياكم والغلو 2632 استماع
تأملات فى سورة الدخان 2619 استماع
أمريكا التي رأيت 2601 استماع