فقد آذنته بالحرب


الحلقة مفرغة

الحمد لله معز من أطاعه ومذل من عصاه، وصلوات الله وسلامه على نبيه ومصطفاه، وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أيها المسلمون والمسلمات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: {من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه}.

الولاية ليست ميراثاً

الولاية -أيها الأحبة- لله تبارك وتعالى وليست ميراثاً يأخذه الأبناء عن الآباء، فإننا نجد حتى من أبناء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من حقت عليهم كلمة العذاب، فهذا نوحٌ عليه الصلاة والسلام يرى ولده قد أدركه الغرق مع القوم الكافرين فيقول رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [هود:45] قال الله تعالى يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46] وفي قراءة (إنه عمِلَ غير صالح) أي عمل عملاً ليس بصالح، فليست القضية قضية أبوةٍ أو بنوةٍ أو قربٍ أو نسبٍ أو ميراث، وهذا والد النبي صلى الله عليه وسلم {جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبوك في النار، فلما ولى الرجل دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: إن أبي وأباك في النار}.

الولاية قضية واضحة صارمةٌ، لا التباس فيها لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء:123] إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أعطاه الله تعالى الإمامة قال كما أخبر الله: قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124] ليست الولاية أن فلاناً هو ابن فلان، حتى ولو كان ابن لنبيٍ مصطفى مختاراً، وليس الولاية لأن فلاناً ولد في البلد الفلاني، فإن البقاع لا تقدس أحداً أبداً، وإنما يقدس الإنسان عمله.

الولاية ليست ادعاء

وليست الولاية دعوى أن الإنسان يدعي أنه وليٌّ، كما يدعي كثيرون ولاية الله تبارك وتعالى في مشارق الأرض ومغاربها ويخدعون الناس بذلك، بل وربما يتأكلون بذلك، ويستفيدون من أموال الناس، وقد رأينا وسمعنا كثيراً من هؤلاء تركوا العمل وتركوا الحرفة والتجارة والبيع والشراء وتفرغوا في غرفة أو زاوية في مسجدٍ وأصبحوا يأكلون أموال الناس بحجة أنهم من الأولياء.

الولاية عمل صالح

الولاية عمل صالح، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63] الولاية: قلب حي يعيش مع أوامر الله تعالى ونواهيه ساعةً بساعة، حتى لو يغفل وقتاً أو جزءاً، فإن الله تعالى يحاسبه ويؤاخذه ويعاقبه.

أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم هم خير الأصحاب، وأقرب الناس إلى الله تعالى زلفى بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ضحوا مع نبي الله عليه الصلاة السلام، وجاهدوا، وقاتلوا، وقتلوا، وأوذوا في سبيل الله، وأُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، وتركوا الأهل والمال والولد، وهجروا لذيذ الفراش، وطيب الطعام، كل ذلك ابتغاء ما عند الله، ومع هذا لما حصل منهم الخطأ في معركة أحد عاقبهم الله عقاباً حاضراً سريعاً مباشراً، فأصابتهم الهزيمة، وقتل منهم عدد كبير وجرح منهم مثله، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه ما أصابه فتعجبوا وقلبوا أيديهم، وقالوا: أنى هذا؟ نحن أصحاب محمد ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدبهم الله بالقرآن فقال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا [آل عمران:165] يعني من أين هذا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165] والآية التي بعدها وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا [آل عمران:166-167] إلى آخر الآيات.

الولاية جندية

الولاية أن الإنسان يصبح في طاعته لأوامر الله كأنه جندي في ميدان المعركة يده على الزناد، إن قيل له: ارمِ رمى، وإن قيل له: قف توقف، وإن قيل له: أقدم أقدم، وإن قيل له أحجم أحجم، فإذا الله عز وجل قال له: صم، وجدت أنه يصوم في حر الهجير، وفي الشمس، وفي الجوع، وفي العطش، حتى ربما لا تطيب نفسه أن يفطر ولو كان معذوراً مأذوناً له بالفطر وربما لا تسمح نفسه بذلك، وإذا قال الله تعالى له: لا تصم، فإنه لا يصوم بل يتعمد الفطر تعبداً كما يفعل المسلم -مثلاً- في مناسبات الأعياد وغيرها مما نهى الله تعالى عن صيامه، وإذا قيل له: تقدم تقدم، وإذا قيل له: تأخر تأخر، يأمره الله تبارك وتعالى أن يقف في الصلاة فيقف، ثم يأمره أن يركع فيركع، ثم يأمره أن يسجد فيسجد، ثم يأمره أن يقعد فيقعد، لو تسأله لماذا هنا وقوف، وهنا ركوع، وهنا سجود، وهنا قعود؟ قال لك: أنا لا أدري لماذا، لكن الذي أعلمه وأعقله أن الله تعالى يريد مني أن أفعل هكذا، وما أنا إلا عبدٌ منفذٌ لأوامر الرب الذي خلقني وأمرني، فله الخلق وله الأمر، كما قال عز وجل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54] هناك إلهٌ يأمر وعبدٌ يمتثل.

أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63].

هذه الولاية إذاً ليست نسب ولا أسرة ولا بلد ولا ادعاء ولا ميراث، إنما الولاية عمل صالح بالقلب وبالجوارح، ثم إذا كان العبد من أولياء الله تفتحت له أبواب الخير كلها، حتى يقول الباري تبارك وتعالى: إن من عادى هذا الولي، فكأنما عادى الله تعالى، فيؤذنه الله تعالى ويعلمه بأنه محاربٌ له.

الولاية -أيها الأحبة- لله تبارك وتعالى وليست ميراثاً يأخذه الأبناء عن الآباء، فإننا نجد حتى من أبناء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من حقت عليهم كلمة العذاب، فهذا نوحٌ عليه الصلاة والسلام يرى ولده قد أدركه الغرق مع القوم الكافرين فيقول رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [هود:45] قال الله تعالى يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46] وفي قراءة (إنه عمِلَ غير صالح) أي عمل عملاً ليس بصالح، فليست القضية قضية أبوةٍ أو بنوةٍ أو قربٍ أو نسبٍ أو ميراث، وهذا والد النبي صلى الله عليه وسلم {جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبوك في النار، فلما ولى الرجل دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: إن أبي وأباك في النار}.

الولاية قضية واضحة صارمةٌ، لا التباس فيها لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء:123] إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أعطاه الله تعالى الإمامة قال كما أخبر الله: قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124] ليست الولاية أن فلاناً هو ابن فلان، حتى ولو كان ابن لنبيٍ مصطفى مختاراً، وليس الولاية لأن فلاناً ولد في البلد الفلاني، فإن البقاع لا تقدس أحداً أبداً، وإنما يقدس الإنسان عمله.

وليست الولاية دعوى أن الإنسان يدعي أنه وليٌّ، كما يدعي كثيرون ولاية الله تبارك وتعالى في مشارق الأرض ومغاربها ويخدعون الناس بذلك، بل وربما يتأكلون بذلك، ويستفيدون من أموال الناس، وقد رأينا وسمعنا كثيراً من هؤلاء تركوا العمل وتركوا الحرفة والتجارة والبيع والشراء وتفرغوا في غرفة أو زاوية في مسجدٍ وأصبحوا يأكلون أموال الناس بحجة أنهم من الأولياء.

الولاية عمل صالح، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63] الولاية: قلب حي يعيش مع أوامر الله تعالى ونواهيه ساعةً بساعة، حتى لو يغفل وقتاً أو جزءاً، فإن الله تعالى يحاسبه ويؤاخذه ويعاقبه.

أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم هم خير الأصحاب، وأقرب الناس إلى الله تعالى زلفى بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ضحوا مع نبي الله عليه الصلاة السلام، وجاهدوا، وقاتلوا، وقتلوا، وأوذوا في سبيل الله، وأُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، وتركوا الأهل والمال والولد، وهجروا لذيذ الفراش، وطيب الطعام، كل ذلك ابتغاء ما عند الله، ومع هذا لما حصل منهم الخطأ في معركة أحد عاقبهم الله عقاباً حاضراً سريعاً مباشراً، فأصابتهم الهزيمة، وقتل منهم عدد كبير وجرح منهم مثله، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه ما أصابه فتعجبوا وقلبوا أيديهم، وقالوا: أنى هذا؟ نحن أصحاب محمد ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدبهم الله بالقرآن فقال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا [آل عمران:165] يعني من أين هذا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165] والآية التي بعدها وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا [آل عمران:166-167] إلى آخر الآيات.

الولاية أن الإنسان يصبح في طاعته لأوامر الله كأنه جندي في ميدان المعركة يده على الزناد، إن قيل له: ارمِ رمى، وإن قيل له: قف توقف، وإن قيل له: أقدم أقدم، وإن قيل له أحجم أحجم، فإذا الله عز وجل قال له: صم، وجدت أنه يصوم في حر الهجير، وفي الشمس، وفي الجوع، وفي العطش، حتى ربما لا تطيب نفسه أن يفطر ولو كان معذوراً مأذوناً له بالفطر وربما لا تسمح نفسه بذلك، وإذا قال الله تعالى له: لا تصم، فإنه لا يصوم بل يتعمد الفطر تعبداً كما يفعل المسلم -مثلاً- في مناسبات الأعياد وغيرها مما نهى الله تعالى عن صيامه، وإذا قيل له: تقدم تقدم، وإذا قيل له: تأخر تأخر، يأمره الله تبارك وتعالى أن يقف في الصلاة فيقف، ثم يأمره أن يركع فيركع، ثم يأمره أن يسجد فيسجد، ثم يأمره أن يقعد فيقعد، لو تسأله لماذا هنا وقوف، وهنا ركوع، وهنا سجود، وهنا قعود؟ قال لك: أنا لا أدري لماذا، لكن الذي أعلمه وأعقله أن الله تعالى يريد مني أن أفعل هكذا، وما أنا إلا عبدٌ منفذٌ لأوامر الرب الذي خلقني وأمرني، فله الخلق وله الأمر، كما قال عز وجل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54] هناك إلهٌ يأمر وعبدٌ يمتثل.

أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63].

هذه الولاية إذاً ليست نسب ولا أسرة ولا بلد ولا ادعاء ولا ميراث، إنما الولاية عمل صالح بالقلب وبالجوارح، ثم إذا كان العبد من أولياء الله تفتحت له أبواب الخير كلها، حتى يقول الباري تبارك وتعالى: إن من عادى هذا الولي، فكأنما عادى الله تعالى، فيؤذنه الله تعالى ويعلمه بأنه محاربٌ له.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع