Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

دروس الحرم [16]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله: [كتاب: النكاح.

سبب مشروعية اللعان

تعريف اللعان

وهو في الاصطلاح: أن يرمي الزوج زوجته وليس عنده بينة إلا نفسه، فلتعذر إحضار الشهود، ولصعوبة سكوته على ما رأى، ولئلا يكون في حرج وضيق، فله أن يلاعن، كما جاء في قصة اللعان: (إن تكلم ضرب ظهره -أي: لأنه قذف مسلمة محصنة- وإن قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على أمر عظيم).

وجاء في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل: (قد جعل الله لك مخرجاً) ، وذلك أن اللعان وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا شخصياً لم أقف على صورة لعان بعد زمن النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولا أدري إن كان الإخوة قد وقف أحدهم على صورة لعان في عهد الخلفاء الراشدين أو ما بعدهم، أم لا.

وهذه القصة التي ساقها المؤلف يتفق العلماء أنها أول لعان في الإسلام، وذلك أن عويمر العجلاني أو هلال بن أمية ، ورواية عويمر أنه قال لابن عمه عاصم العجلاني: ماذا يفعل الرجل لو وجد رجلاً مع أهله، إن قتله قتلتموه، وإن تكلم جلدتموه الحد، وإن سكت سكت على مكروه؟ سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأتى عاصم النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فأعرض عنه ولم يجبه، وكره المسألة؛ كره أن يقع السؤال عن الشيء المكروه قبل وقوعه-.

وقد كان ابن مسعود حينما يسأل عن مسألة يقول: أوقعت؟ فإن قيل: نعم وقعت أفتى فيها، وإن قيل: لم تقع، يقول: دعوها حتى تقع، وليس معنى هذا منع السؤال عن الأمور المستقبلية إذا كانت مظنة الوقوع، ولكن عندما يكون السؤال متعلقاً بالفاحشة، فإن الآذان تكره ذلك وتمج سماعه والرسول سكت ولم يجبه؛ لأنه لم يكن نزل في حكم ذلك شيء من قبل.

فرجع عاصم إلى عويمر فقال: ماذا قال لك رسول الله؟ قال: ما وجدت منك خيراً، لقد سكت عني ولم يجبني، فقال عويمر : والله لا أتركها، وذهب بنفسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي بعض الروايات لما سأل رسول الله صلى الله قال له: قد نزلت فيك وفي صاحبتك آيات فاذهب فأت بها )، هذا ما يتعلق برواية عويمر .

فنزلت الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ [النور:6] الآيات إلى آخر آيات اللعان، فقال: (قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآن فاذهب فأت بها) فجاءت -وفي بعض الروايات- أن عويمراً لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حد في ظهرك وإلا بينة) أي: بينة على ما أخبرت ورميتها به، وفي بعض الروايات: ( يا رسول الله! أحدنا يجد الرجل على أهله، ثم يتركه ويذهب ويأتي بالبينة، فيكون قد قضى حاجته ومضى )، وفي بعض الروايات: ( بأن عويمراً رجع من مزرعته بعد العشاء فوجد عند أهله رجلاً، فلم يهجه وتركه، وفي الصباح أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر ) كل ذلك مقدمات يسوقها العلماء في ملابسات وظروف اللعان.

وأجمع العلماء أنه لا لعان إلا بين الزوجين، واختلفوا: هل كل زوجين يمكن أن يقع بينهما لعان؟ فالبعض كـأبي حنيفة رحمه الله ومن وافقه يقول: لا لعان إلا بين مسلمين حرين بالغين.

من يصح لعانه

ومالك ومن وافقه يقول: يقع اللعان بين كل زوجين مسلمين، أو ذميين، أو أحدهما مسلم والآخر ذمي، فاسقين أو عدلين، حرين أو مملوكين، فكل زوجين يصح منهما اللعان.

والسبب في هذا الخلاف كما يقول ابن رشد في بداية المجتهد: هل أيمان اللعان أيمان، أو هي شهادات؟ فإن كانت أيماناً فاليمين يصح من الحر ومن العبد، وإن كانت شهادات فالشهادة لا تصح من العبد، فليس للعبد ملاعنة، وهذه تفصيلات فيمن يصح منه اللعان.

إذاً: اللعان مبدئياً ثابت بالكتاب والسنة، وموجبه أن الأصل في رمي النساء المؤمنات المحصنات بالزنا أحد أمرين، فإما أن يأتي الرامي بأربعة شهود على صدقه، وإلا يثبت عليه حد القذف.

وهذا في الأجنبي مع الأجنبية، ولكن في الزوجين كما قال عويمر في بعض الروايات، وكما قال سعد رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله أمهله حتى أذهب وآتي بأربعة شهداء؟! يكون لكع قد قضى حاجته ومضى، والله لأضربن -أي: بسيفي- بين الفخذين، فقال صلى الله عليه وسلم (أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه والله أغير مني).

فهنا كما يقال: العقل والعاطفة، العاطفة تنجلي حينما يرى الزوج إنساناً أجنبياً يغشى زوجته، فإذا كان في هذه الحالة لا يتمالك، ولا يصبر ولا يقوى على ذلك إلا فحول الرجال، فهنا العقل في جانب، والعاطفة في جانب آخر، العقل يقول: تريث، وأثبت هذه الواقعة وأحضر الشهود، لأنك إن قتلته قتلت به، ولذا لما سأل رجل علياً رضي الله تعالى عنه قال: أتركه وآتي بأربعة شهود؟ قال: بلى، قال: وإن قتلته؟ قال: قتلناك.

وهذا أيها الإخوة سد للذريعة، بمعنى: أنه لا يتسلط الناس بعضهم على بعض، وأن يكون كل من أراد أن يقتل إنساناً، يحتال عليه ويأتي به إلى بيته، ثم يحتال أيضاً على زوجته وهي لا تعلم، ثم يلفق بينهما لقاء فيقتله فيقول: وجدته مع امرأتي، فتضيع الدماء.

الذي يهمنا: أن الإسلام احتاط للدماء، واحتاط أيضاً للفروج، فإذا ابتلي إنسان بمثل هذه الصورة، فماذا يفعل؟

بين لنا هذا الصحابي الجليل تفصيل الأمر: إن سكت سكت على أمر عظيم، وإن تكلم حد ظهره، وإن قتل قُتل، فلما قال له رسول الله: بينة وإلا حد في ظهرك، قال: والذي بعثك بالحق يا رسول الله إني لصادق ما كذبت عليها، وإن الله لمنزل عليك ما يبرأ ظهري من الحد؛ فأنزل الله سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ.. [النور:6] والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..