الزواج في الإسلام


الحلقة مفرغة

السؤال: ما هي أبعاد كلمة (خُلقَه) التي وردت في حديث: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه

الجواب: الواقع أن هذا السؤال فيه دقة، لا سيما إذا نظرنا إلى ملحقه، وهو قوله: وهل للمرأة أن تشترط على الرجل شروطاً أباحها الشرع الحكيم، كألا يتزوج عليها مثلاً، أو أن تمارس نشاطاً إسلامياً معينا؟

الذي يبدو لي بالنسبة للفظة (خُلقه) في الحديث أنه يعني شيئين اثنين:

الأول: لا بد منه وهو الخلق الواجب أن يتخلق به المسلم، والخلق نستطيع أن نقسمه إلى قسمين: قسم واجب، إذا لم يتخلق به المسلم كان آثماً، وخلق آخر ليس واجباً ولكنه من الكمال، مثلاً: رجل غني يخرج زكاة ماله، ومثلما يقول العوام: (حوله وبس) تطوع، صدقة، نافلة، هذا لا يوجد، هذا قام بالواجب الذي عليه، لكن خيرٌ من ذلك أن يحثوا المال -كما جاء في بعض الأحاديث- هكذا وهكذا، لكن هذا كمال لا يلام عليه الإنسان شرعاً إذا لم يأتِ به، فلو فرضنا أن خاطباً جاءك يخطب ابنتك أو أختك أو قريبتك، وأنت ولي أمرها، وأنت تعلم منه أنه كريم وبخيل؛ أي: كريم في حدود الفرض، بخيل فيما دون ذلك فهو لا يجود بالعطاء إلا فيما فرض الله وأوجب، فهذا إذا لم تجد فيه عيباً من النوع الذي يأثم عليه فيجب أن ترضى به زوجاً لوليتك، هذا هو القسم الأول من الخُلق الذي يجب أن يتخلق به المسلم وإلا كان آثماً.

النوع الثاني: ليس بالواجب، فإذا جاءك هذا الإنسان وفيه هذا الخُلق الأطيب الأكمل، فلا جدال بأنه يجب أن تبادر إلى تزويجه، أما إذا جاءك من النوع الأول فأنا أقول: في عصرنا الحاضر يجب أن نقنع أيضاً بهذا ولا نطلب وراء ذلك؛ لأنه عزيز ونادر، وإلا يكون قد عطلنا مصالح بناتنا وأخواتنا.

أما فيما يتعلق بالمرأة، وهل لها أن تشترط على الرجل شروطاً أباحها الشرع؟ فأنا أقول: الشروط هنا ينبغي أن تكون من نوع لا يتعرض الرجل فيما لو قبل شرطاً من شروطها لحرجٍ ما في مستقبلٍ من الزمان، ولنضرب على ذلك مثلاً: المثال الذي مثل به السائل وهو أن تشترط عليه ألا يتزوج، أي: لا يتزوج زوجة أخرى.

أقول: هذا الشرط عاقبة أمره خُسر بالنسبة للرجل، لا سيما أنه قد يمكن ألا يرزق منها الولد، فيعيش معها في حرج وفي ضنك، فلا يستطيع أن يتزوج؛ لأنها غللته وكتفته، فلا يستطيع أن يصبر على هذه الحياة معها، فسيضطر إلى تطليقها والخلاص منها، ويمكن أنها تشترط عدم الطلاق وبعد ذلك لا يجوز أن يطلقها، أو تشترط أن يكون الطلاق بيدها، كما يقول ذلك بعض المذاهب، فأنا أقول: مثل هذه الشروط لا تجوز في الإسلام، والسبب الذي ألمحت إليه: أنها تكون عادة حرجاً للرجل.

ولكن بالنسبة للشرط السابق وهو ألا يتزوج عليها، فيوجد في هذا مانع آخر، وهو شرعيٌ، ذلك أن زوجاً من أصحاب النبي توفي وترك زوجته، فقال لها عليه الصلاة والسلام: (إذا انقضت عدتك فأخبريني) فانتهت العدة وجاءت إليه، فقال لها عليه الصلاة والسلام: (إني أرغب فلاناً لك زوجاً، قالت: يا رسول الله! لك رغبت -أي أنا كما تأمر- ولكني اشترطت على زوجي ألا أتزوج من بعده، فقال عليه السلام: هذا لا يصلح) فتزوجت بالرجل الذي نصحها رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وهذا واضح جداً؛ لأن هذا الشرط ما فائدته؟ هذه أمور عاطفية محضة، والعواطف إذا لم تكن مقرونة بالشرع وبالعقل كانت ضرراً على أصحابها، هذه المرأة قد يموت زوجها وهي في أول حياتها الزوجية، فهل تعيش راهبة؟ ستعيش راهبة كما تعيش راهبات الكفار، هي في الظاهر راهبة؟ لكن هي في الباطن مومسة أو مومس؛ لذلك الشرع الحكيم يغلق ويسد جميع النوافذ والأبواب التي يدخل منها الشر إلى الناس. ولذلك فنحن نقول ناصحين للرجال: حذار أن يقبلوا شروطاً مفروضة من النساء؛ لأن المستقبل لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، لا سيما أن النساء يغلب عليهن العواطف وقلة استعمال العقل بل والشرع، فلا جرم أن النبي عليه الصلاة والسلام وصفهن بأنهن ناقصات عقل ودين، ولسنا بحاجة الآن أن نفسر هذا الحديث؛ لأنه مفسر في نفسه.

وأخيراً: هل لها أن تمارس نشاطاً إسلامياً معيناً؟

أنا أقول ناصحاً ومذكراً: إن من مصائب العالم الإسلامي الآن أن تنطلق النساء حتى المسلمات، حتى المتحجبات، حتى بعض السلفيات، ينطلقن من بيوتهن إلى ما ليس من اختصاصهن، فممارسة نشاط إسلامي للنساء لا يوجد، ونشاطها في بيتها في عقر دارها، ولا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجال، وكذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتشبه برجل مسلم.

النساء المسلمات إذا أردن أن يخدمن الإسلام حقاً ففي بيوتهن، ولا يجوز أن تخرج المرأة، وبالتالي لا يجوز أن تشترط على الزوج أنها بعد الزواج يجب أن تمارس نشاطاً إسلامياً، نشاطها السابق لو كان جائزاً -جوازاً مطلقاً- فهو نشاط يتناسب مع فتاة عازبة ليس عليها مسئوليات، أما الآن فقد أصبحت ربة بيت، عليها واجبات أمام زوجها وأمام ما قد يرزقها الله من أولاد، فبديهي جداً أن تتطور حياتها الآن، هذا لو كان الشرط السابق جائزاً، ونحن لا نرى أنه جائز إطلاقاً.

لقد كانت النساء الصحابيات فيهن قدوات علماً وثقافة ...إلخ، لكن ما عرفنا أن امرأة منهن خرجت لتقود نشاطاً إسلامياً بين الرجال، وحينما تسمعون أن السيدة عائشة رضي الله عنها خرجت من بيتها، فقد خرجت في مسألة وفتنة وقعت، خُيل لها أن خروجها خير للمسلمين ولم يكن كذلك، ولاشك أن علماء الإسلام يحكمون بأنها كانت مخطئة بهذا الخروج، وأن خطبتها في وقعة الجمل وغيرها خطأ، ولكن هذا الخطأ مغتفر بالنسبة لحسناتها، لكن لا ينبغي لامرأة أن تقتدي بخطئها وقد تابت منه هي نفسها، ومع ذلك في كل حياتها ما عرف عنها مثل هذا الانطلاق وهذا الخروج أبداً. إذاً: هو جو خاص واجتهاد خاص منها ومع ذلك كان خطأً.

أما تراها ذاهبة راجعة كالشاب النشيط، وربما البعض منهن تسافر لوحدها سفراً محرماً في الإسلام، لا يجوز لامرأة أن تسافر سفراً إلا ومعها زوجها أو محرم لها، فتجد هذه النسوة يسافرن لوحدهن في سبيل الدعوة إلى الإسلام، لكن الواقع هذا سببه أن الرجال لم يقوموا بالواجب، فبقيت الساحة فارغة، فخيل لبعض النساء أنه لا بد أن نشغل هذا المكان الفارغ.

فعلينا إذاً نحن الرجال أن نقوم بواجب الدعوة فهماً وعملاً وتطبيقاً ودعوة، وأن يكلف النساء أن يلزمن بيوتهن، وأن يقمن بواجب تربية ذويهن؛ أولاد، أخوات، إخوة ...إلخ، ولا بأس أن تجتمع الجارات بعضهن مع بعض في مكان خاص للنساء، وبصوت مناسب منخفض يتناسب مع المكان الذي يجلسن فيه.

أما هذا الذي نراه اليوم فأنا اعتقادي أنه هذا ليس من الإسلام في شيء، وإن كانت بعض الجماعات الإسلامية تنظم هذه الحركات النسائية باسم الإسلام، وأنا أعتقد أن هذا من محدثات الأمور، وقد حفظتم وآن لكم أن تحفظوا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) وبهذا القدر الكفاية.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

السؤال: قرأت في كتاب ما يلي: وقد جرى الصحابة على ما رخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يجلسون للسماع والطرب في أحفال الزواج ولا حرج، وأيد كلامه بالحديث التالي: قال عامر بن سعد : [دخلت على قرضة بن سعد وأبي مسعود الأنصاري في عرسه، فإذا جوارٍ يغنين، فقلت: يا صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم! يفعل هذا عندكم؟ فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا وإن شئت فاذهب؛ فإنه قد رخص لنا في اللهو عند العرس] وقال: -يعني: صاحب الكتاب- بأن الحديث رواه الحاكم وصححه.

وتابع يقول: ويباح في أحفال الزواج قياساً على الدف كل ما كان من قبيله، كالعود والقانون والكمنجة والمزمار. انتهى قول الكاتب، أرجو التعليق على ما تقدم مع التوضيح والشرح.

الجواب: أقول قبل كل شيء: هذا الحديث فعلاً رواه الحاكم في المستدرك، ولا أستطيع الجزم الآن بأنه أصاب في تصحيحه أم لا، وإن كان يغلب على حافظتي وذاكرتي أنه صحيح في واقع الأمر، وهذا إن شاء الله نتحقق منه فيما يأتي.

نقول: هذا الحديث يشبه من حيث دلالته حديث الجاريتين اللتين كانتا تغنيان في بيت الرسول عليه الصلاة والسلام بغناء بعاث وتضربان عليه بدف، حين دخل أبو بكر الصديق فأنكر ذلك، فقال: (أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: دعهن يا أبا بكر ؛ فإن لكل قومٍ عيداً وهذا عيدنا).

هذا الحديث كهذا من حيث دلالتهما على جواز الضرب بالدف في يوم العيد، كما في حديث السيدة عائشة، وفي الزفاف كما في هذا الحديث على افتراض أنه صحيح كما نظن، فلا يجوز أن نلحق بهذه الآلة الآلات الأخرى التي ذكرها الكاتب أو السائل عن الكاتب -المؤلف- والسبب في هذا أن هناك قاعدة فقهية تقول: (ما كان على غير القياس فعليه غيره لا يقاس) عندنا أحاديث كثيرة بعضها صحيح، وبعضها حسن، وبعضها ضعيف يتقوى بعضه ببعض، تدل هذه الأحاديث كلها على تحريم كل أنواع آلات الطرب.

إذاً: الأصل التحريم، فإذا جاء نص خاص يبيح شيئاً من تلك الآلات المحرمة فلا يقاس عليه؛ لأن القياس عليه يخالف النص العام، وإنما يوقف عند هذا النص الخاص، ماذا أباح هذا النص؟ أباح الضرب على الدف في يوم العيد -جائز- لحديث عائشة، وحديث أبي بكر الصديق أيضاً يؤكد هذا، لكن من أين أتى بالكمنجة والقانون وغيرها من الآلات التي سماها وأخرى لم يسمها أيضاً، من أين نلحق هذه الآلات الموسيقية بهذا النوع وهي داخلة في النص العام في تحريم المعازف، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ليكونن في أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف) والمعازف: كل آلات الطرب.

إذاً: هذه الأنواع التي سماها داخلة في هذا النص العام، ما الذي استثني من هذا النص العام؟ الدف في العيد وقفنا عنده فقلنا: هذا مستثنى من النص العام.

أما إجراء القياس في استباحة ما جاء النص العام بتحريمه، هذا في اعتقادي من مفاسد العصر الحاضر، حيث يريد بعض الكتاب الإسلاميين بحسن نية أو بغيرها -الله حسيبهم- يريدون أن يهونوا على الناس ويفرجوا همومهم وكروبهم، لا سيما وقد هلكوا في ماديتهم، ويظنون أنهم بذلك يحسنون صنعاً، ولا يحسون ولا يشعرون أبداً أنهم يخالفون مقاصد الشريعة حينما أهملوا أصلاً من أصولها، ألا وهو تحريم كل آلات الطرب؛ لأنها تلهي الناس عن الذكر وعن القيام إلى الصلاة، والواقع يشهد أن كل من يتعاطى هذه المعازف وآلات الطرب قلما تجده مصلياً مع جماعة المسلمين.. أين يحضر الجماعة وهو في لهوٍ وفي سماعٍ للطرب؟ بل لعلهم لا يصلون ولو في عقر دورهم؛ لأنهم في الدور -أيضاً- ساهون لاهون وراء هذه الآلات، لذلك هذا القياس الذي لجأ إليه نقول فيه:

أولاً: مخالف للقاعدة الأصولية التي ذكرناها آنفاً: (ما كان على خلاف القياس فعليه غيره لا يقاس)، فإن إباحة الدف في الأعراس وفي الأعياد الشرعية على خلاف القياس؛ لأنه خلاف النص، فعليه لا يقاس غيره، لا سيما وهذا القياس يخالف النص العام الصحيح الصريح.

ثانياً: من العجيب جداً أننا نعيش في عصر فيه المتناقضات الغريبة، أناس -وهم جماهير المسلمين- لا يزالون غارقين في حياتهم العلمية المقلدة، يمشون على غير بصيرة في دينهم، ويدندنون ويجادلون أنه لابد من التمسك والجمود على المذهب، على التقليد الأعمى، وبعض كتابهم ودكاترتهم يفخر أنه مقلد، ولا يحس بأن معنى كلامه أن يفخر بـأنه جاهل؛ لأن المقلد يساوي عند أهل العلم الجاهل، قالوا في كتاب القضاء: ولا يجوز نصب المقلد قاضياً، قالوا في الشرح: لأنه جاهل، مع ذلك وجد اليوم كُتّاب ودكاترة يقولون: أنا أفخر أني مقلد. نعيش اليوم في مثل هذا التناقض.

وفي الطرف المقابل أناس يجتهدون ليخالفوا الشريعة بنصوصها، فهؤلاء يخالفون نصوص الشريعة بحجة التقليد، وهؤلاء يخالفون نصوص الشريعة بحجة الاجتهاد، ونحن نريد الوسط، والوسط: وهو اتباع الكتاب والسنة، بدون جمود وركون إلى التقليد وما وجدنا عليه الآباء والأجداد، ودون هذا الانطلاق بدون قيد ولا شرط، لإباحة ما حرم الله، فهذا الكلام من هذا النوع مع الأسف الشديد، وهناك فتاوى -كما سمعتم- لإباحة التعامل بالربا، تقول الفتوى: القليل من الربا لا بأس به، فتاوى صدرت في هذا، مع أن القرآن حرم الربا مطلقاً فقال الله: لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ [البقرة:279] فقط: لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] والحديث أيد ذلك أيضاً.

لذلك فهنا عبرة لمن يعتبر: أنه لا يجوز الجمود على المذهب؛ لأن في ذلك تعطيل العقل والفكر، وتعويد المسلمين على عدم معرفة المسائل من أين جاءت، وفي هذا تهيئة الشباب المسلم لكيلا يتقبل مثل هذه الأقوال؛ لأنه سيعلم حينذاك أن هذه الأقوال مخالفة لنصوص الشريعة العامة.

هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، وبهذا القدر الكفاية، والحمد لله رب العالمين.

السؤال: ما حكم الشرع في أن يزوج الرجل ابنته إلى ولد الرجل الآخر، والرجل الآخر يزوج ابنته إلى ولد الرجل الأول، وكل واحدة لها صداق، ولو ترك أحد الأزواج زوجته ليس للثانية علاقة بها، ولا تضر بتلك، وهناك زوجتان قد أنجبتا عدة أولاد وبعد مضي خمسة وعشرين عاماً أفتى أحد العلماء بأنه يجب التفريق بين كل من الزوجين وزوجاتهم، فهل هذا صحيح أم خطأ؟

الجواب: يقول العلماء: الفتوى على قدر النص، إذا كان السائل قد حرر الواقعة تحريراً صحيحاً فالجواب أن هذا النكاح صحيح، وذلك لأن من يشير إليه من بعض المشايخ لما حكم بوجوب فسخ هذا النكاح، تصور أن هذا النكاح كان شغاراً، وقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث واحد عن الشغار، وقال: (لا شغار في الإسلام) إلا أن العلماء اختلفوا في الشغار في حقيقته ما هو؟

هو في الأصل: تبادل رجل عنده بنت وآخر عنده بنت، فكل واحد يأخذ بنت الثاني، هذا هو أصل الشغار، بعد ذلك يأتي الخيار، وليس بصورة خاصة في البنت؛ واحد عنده أخت والآخر عنده أخت، فكل واحد يأخذ أخت الآخر، هذا من الشغار، لكن تمام الشغار أن يجعل كلٌ منهما مهره الذي يجب عليه هو أخته أو بنته التي يقدمها للآخر، فكأن التبادل بضاعة ومقايضة، وهذا لا يجوز في الإسلام؛ لأن في هذا تعطيل حق البنت الذي هو المهر، ومن هنا يبدأ الخلاف.

إذاً: من تمام الشغار أن أحد الزوجين يغضب لسبب من زوجته فيطلقها، فتذهب إلى أخيها أو أبيها، فيقوم ذاك بالتالي بدوره ويطلق التي عنده من أخت أو بنت، وهكذا يكون الشغار سبباً لزيادة الفرقة، ووقوع الطلاق بين المتزوجين، هذا هو الشغار المعروف في الجاهلية والذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.

أما إذا لم يكن من هذا الشغار سوى مجرد تبادل مع القيام بكل شروط النكاح.. أنا عندي أختي وأعطيت زيداً من الناس هذه الأخت، وهو بالمقابل أعطاني أخته، لكن كل واحد منا أعطى ما يجب عليه من مهر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: لا يربط طلاق زوجته بالأخرى، كأن تسوء علاقته مع زوجته فتسوء علاقة الأخرى مع زوجها، فإذا كان هذا الزواج مجرد تبادل بدون مراد لتمام الشغار الجاهلي، فقط واحد أخذ قريبة وأعطى بنته أو أخته لقريبٍ له، هذا لا حرج فيه إطلاقاً ما دام أن المهر موجود، وما دام أن الشرط في التطليق في المقابلة أيضاً غير وارد، فإذا كانت الحادثة كما ذكر الرجل على حسب ما فهمت، فهذا النكاح ليس شغاراً ما دام كل واحد دفع المهر، وكل واحد التزم الآداب الشرعية بينه وبين زوجته، لكن أخشى ما نخشى أن يكون في الحادثة شيء من التفاصيل لم يستوعبها السائل، أو ربما استوعبها السائل لكن الشيخ المفتي ما استوعب ذلك، فأفتى بفساد هذا النكاح وبطلانه.

الله يغنيه وسيعاً فضله     فهو الغني عطاؤه مشكور

أمر النبي بذات دينٍ زوجـة     فاظفر بذات الدين هن الحور

المال يفنى والجمـال وديعـة     والجاه يبلى كل ذاك غرور

الباقيات الصالحـات ذخيـرة     مذخورة ونعيمها موفور

ليس الزواج لشهوةٍ وغريـزةٍ     إن الزواج تعفف وطهور

ليس الزواج ستار أطماعٍ وما     تغني عن اللب الشهي قشور

ليس الزواج لنزوة عابرة     ذاك انفعالٌ فتنة تغرير

إن الزواج وظيفة ومهمة     ورعاية وتحمل وصغير

إن الزواج تصبرٌ وتجلد     وعناية ما حقها التقصير

إن الأبوة خدمة وقيادة     وتودد وتعقل وأمور

أمر بكل فضيلة في أهله     للمكرمات يقودهم ويسير

إن الأمومة عطفها لا ينقضـي     ومقامها في التضحيات كبير

كان النبي معلماً في أهله     وهو الرسول مبشر ونذير

خير الأنام وخيرهم في أهلـه     في خدمة لعياله مشهور

يرعى صغيرهم ويحفظ عهدهم     خلقٌ بفرقان الهدى مسطور

يحمي النساء يصونهن عفافـه     وهو الأنيس المؤنس الستير

فرض الحجاب وقاية وحمايـة     ومن النفوس رقابة وضمير

وسع النساء بحلمه وأناته     والحلم طبعٌ في الرسول شهير

زوجاته نبع الفضائل والتقـى     الطاهرات وزوجهن النور

للطيبين الطيبات وللألى     خبثو خبيثات لهن شرور

الله طهر آل بيت محمدٍ     بيت النبوة روضة وعطور

السؤال: زوجتي لا تصلي ولي منها كذا وكذا من الولد، وهي تتبرج ولا تتجلبب بجلباب الشرع، ماذا أعمل؟

الجواب: نحن في هذه الحالة لا نستطيع أن نقول: طلق أو لا تطلق، لماذا؟ لأن المسألة كان ينبغي التفكير فيها قبل أن يقع الزواج، وإذا وقع الزواج فقبل أن يأتي الولد، وإذا جاء الولد فقبل أن يكبر الولد.. هذه خطوات لابد أن يمشي عليها هذا الإنسان المكلف، أما بعد فوات الأوان يأتي يسأل ويقول: ماذا أعمل؟ أنا إذا قلت له: طلق هذه الزوجة مادام أنها لا تصلي وما دام أنها تتبرج؛ فأنا أخشى عليك ما قد أخشاه عليها، وأنا لا أستطيع أن أحكم عليك أنت، كيف ضبطك لنفسك وجهادك لربك..إلخ؟ فأنا أقول هنا: بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ [القيامة:14] فهل أنت صاحب الزوجة ذات كذا ولد، إذا طلقتها لأنها لا تطيعك -في صورة عامة- لا تطيعك فيما يجب عليها الطاعة، هل أنت تستطيع أن تحتضن الأولاد وتربيهم؟ لا سيما وأن اليوم من فساد الزمن أن الرجل إذا صار عزباً أرملاً -كما يقولون- من الصعب جداً أن يجد امرأة ترضى به زوجاً؛ لأن عندهم أكبر عيب أن يكون زوجاً ومطلقاً، أولاً: لأن الطلاق بسبب التوجيهات غير الإسلامية والتي تنشر من إذاعات إسلامية -زعموا- تنفر المسلمين من الطلاق، وما أسرع ما يقول أحدهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) وهذا حديث ضعيف، لو كانوا يعلمون بأنه حديث، ولو كان الأمر كذلك ما طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، ولمّا طلقها جاء جبريل إليه وقال له: (راجع حفصة فإنها صوامة قوامة) ليست تاركة صلاة متبرجة، صوامة قوامة، مع ذلك طلقها الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن الرسول طلقها لسبب، وليس كل سبب يكون بين زوجين لابد أن يطلع عليه الناس، ومن هنا يأتي فساد بعض الأحكام الشرعية -زعموا- اليوم، حيث يدخلون القاضي الشرعي، وليته أيضاً يكون قاضياً شرعياً، يحكم بما أنزل الله، يدخل بين المرأة وزوجها يريد أن يعرف كل شيء، حتى دقائق الأمور.

لذلك فنحن لا نستطيع أن نقول لأي رجل يشكو من زوجته أنها لا تطيعه في طاعة الله عز وجل: أن طلقها، لماذا؟ للسبب السابق الذكر، أما إن كان هناك رجل عصامي ورجل تقي، يطلقها ويصبر على قضاء الله وقدره، ويقوم بتربية أولاده ولو لم يتح له أن يتزوج زوجة أخرى فلا يجوز أن يمسكها والحالة هذه، ما دامت أنها تعصي الله عز وجل.

فهذا السؤال بالذات: المرأة التي لا تطيع زوجها الذي يذكرها بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، التي تحرم معصية الزوج على النساء، فهي عاصية مرتين: المرة الأولى: عاصية للشرع، والمرة الثانية: عاصية لزوجها؛ لأن الزوج له من الطاعة على زوجته كالحاكم المسلم على شعبه، الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله وبما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا نهى الشعب المسلم عن شيء مباح في الأصل يصبح هذا الشيء حراماً، فالحاكم المسلم إذا نهى الشعب المسلم عن شيء مباح حينئذ يحرم على المسلمين أن يأتوا هذا الأمر المباح؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر في غير ما حديث بطاعة ولاة الأمر، بل الله عز وجل قبل ذلك قال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] لكن هذه الطاعة المطلقة قيدها في قيد واحد، قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) الحاكم إذا أمر بمعصية لا طاعة له ولا سمع.

وكذلك الزوج إذا أمر زوجته بمعصية لا سمع له ولا طاعة، لكن الزوج إذا أمر زوجته بأمر مباح، ومعنى مباح هنا أي: ليس عليها ضرر، فإذا وجد الضرر أصبح غير مباح، فبمعنى الكلمة: إذا الزوج أمر زوجته بأمر مباح فعليها أن تطيعه، مثلاً: يقول لها: هات الكاسة، والكاسة ليت فرضاً، لكن مجرد أمره إياها أصبح فرضاً عليها، تأتي بهذه الكأسة إن كانت فارغة ففارغة، وإن كانت مملوءة فمملوءة، إلى غيره.

السؤال: أمر زوجته بألا تشتري أساور الذهب؛ لأنه يحبها، ولأن الرسول نبيه ونبيها قال: (من أحب أن يسور حبيبه بسوار من نار فليسوره بسوار من ذهب) فهو يحبها ولا يريد أن يسورها بسوار من نار، لكن هي تأبى عليه إلا أن تشتري سواراً من ذهب فتسور نفسها بسوار من نار.

الجواب: في هذه الحالة أنا أقول كما قلت بالنسبة لمن لا تصلي من النساء ولا تحتجب ولا ... إلخ: إن كنت تستطيع أن تصبر على تطليق هذه الزوجة، وأنا أتصور أن هذا المثال ليس مثالاً واحداً، بل: هناك كما يقال: (وراء الأكمة لا وراءها) ما تتصور امرأة تعيش مع زوجها في حدود الشرع تطيعه في كل ما يأمرها إلا في معصية الله، وما يؤذي الناس إلا هذه القضية، وأنا أتصور هذا، هذا مثال لعدة أمثلة، فأنا أقول حينئذ: إما أن تستطيع أن تطلقها بعد أن تسلك طريق الشرع معها: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34].

وأنا أذكر الرجال أيضاً قبل النساء، أكثر الرجال لا يتقون الله في نسائهم، على الأقل لا يطبقون في النساء هذا المنهج التأديبـي الإسلامي؛ لأنه ليس عنده الحزم والصرامة أن يهجرها في الفراش، ويكون هو أول من نقض العهد لسبب ضعف الإرادة وضعف الشخصية، فبعد أن يسلك معها هذا المسلك، ويرى أنه بعد زمن طويل وصبر مديد لا توجد فائدة، فيطلقها والله عز وجل يرزقه خيراً منها إن استطاع، وإن لم يستطع فاستمتع بها على عوج، كما جاء في الحديث الصحيح أن رجلاً جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: (يا رسول الله! زوجتي لا ترد يد لامسٍ، قال: طلقها، قال: إني أحبها، قال: أمسكها) والسلام عليكم.

السؤال: قرأ أحدهم في كتاب إعلام الموقعين : أن رأي ابن تيمية أن إجماع الصحابة على جواز المهر المتأخر، كما هو عليه الناس اليوم، فما جوابكم على هذا؟

الجواب: يجب على من يقرأ أن يفهم، وبعد ذلك أن يقابل ما فهم على ما يسمع، وأن يكون قد فهم ما سمع أيضاً، ليس هناك خلاف في جواز المهر المتأخر، ولكن هناك تفصيل لا بد منه، وهو: هذا الجواز الذي يذكره السائل نقلاً عن إعلام الموقعين، نقلاً عن ابن تيمية، هل هو هذا الذي نحن ننكره اليوم وندعو المسلمين إلى أن يجعلوا مهرهم مقدماً ما دام ميسراً؟ اليوم نظام المهر أنه لا بد أن يكون قسمين: مقدم ومؤخر، حتى لو كان الخاطب الذي سيدفع المهر (مليونيراً) لا بد أن يجعل المهر قسمين: متقدم ومتأخر، هل هذا الذي ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين عن ابن تيمية؟ الجواب: لا. لأن هذا لم يكن في ذلك الزمان، الذي كان في ذلك الزمان هو الميسر، نحن نعلم أن كثيراً من الناس تزوجوا ودفعوا المهر كله مؤخراً، بل نعرف شيئاً ينكره بعض المشايخ اليوم، نعرف أناساً تزوجوا ولم يدفعوا من المال ولا درهماً واحداً، وإنما كان مهرهم إما تعليم القرآن وإما الإسلام، كما وقع لـأم سُليم رضي الله عنها مع أبي طلحة الأنصاري، فخلاصة القول: لا نريد أن نخوض في هذه المسألة، والذي جاء في كتاب الإعلام صحيح، وهو جواز المهر المتأخر، لكن هذا لا يعني جواز تنظيم المهر وجعله قسمين ولا بد، متقدم ومتأخر، حتى لو استطاع أن يقدم المهر كله سلفاً لا يفعل، لماذا؟ لأن نظام المهر: متقدم ومتأخر، هذا لا يقوله لا ابن تيمية ولا من هو أصغر منه، هذا الجواب على السؤال العاجل.

السؤال: ما حكم زواج المحصن الذي يدرس في بلاد الغرب من الكتابيات؟

الجواب: لاشك أن الحكم في هذا معروف بنص القرآن: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] يحل ذلك، وهذا رأي أكثر علماء المسلمين قديماً، وأجمعوا أخيراً على ذلك، إلا أن الحكم المباح شرعاً قد يعترضه ويحيط به ما يجعله ممنوعاً في بعض الأحيان، وأرى أن هذا النوع من الزواج هو من هذا القبيل، والسبب في ذلك يعود إلى جنس المسلمين الذي يتزاوجون بالكتابيات من جهة، ويعود أيضاً إلى جنس الكتابيات من جهة أخرى، أعني: أن هؤلاء المسلمين الذين يذهبون إلى تلك الديار ديار الكفر والضلال، هم في الغالب -ونحن لا نخص شخصاً أو أشخاصاً- هم في الغالب غير محصنين بالأخلاق الإسلامية، بل ولا بالعقيدة الإسلامية، التي إذا تجرد الإنسان عن أي شيء فممكن -بغض النظر- إلا عن العقيدة؛ لأن العقيدة فيها النجاة من الخلود في النار، أما ما دون ذلك فهو كمال الإنسان.

فكثير من هؤلاء الشباب الذين يذهبون إلى تلك البلاد لم يتثقفوا الثقافة الإسلامية الصحيحة، بل حتى ربما يجوز لي أن أقول: الثقافة الإسلامية حتى غير الصحيحة؛ لأنهم لا يدرسون الإسلام مطلقاً، سواء ما نسميه بالإسلام التقليدي أو بالإسلام القائم على الكتاب والسنة، فهم يدرسون نوعاً من الدراسات العلمية العلمانية اليوم، ثم ينطلقون إلى تلك البلاد لإكمال دراستهم، فهم غالباً غير مسلحين بهذا السلاح من الثقافة الإسلامية الصحيحة، والنادر منهم من يكون متخلقاً بالأخلاق الإسلامية الصحيحة، أي: يعيش في جو عائلي لا يزال يحتفظ بالعادات الإسلامية كلها، هذا نادر جداً في بلادنا، ولذلك فهؤلاء الشباب حينما يذهبون لتلك البلاد، ويريدون أن يضموا إلى أنفسهم زوجة من تلك البلاد النصرانية مثلاً.

أما اليهودية -الآن- فاضرب عليها صفحاً؛ لأن الناس يتأثرون بالواقع كثيراً جداً، مع أنه في الواقع -من الناحية الإسلامية- لا فرق بين النصرانية وبين اليهودية، وإذا كان اليوم الذهن المسلم العام قد نبا وانصرف ونأى عن التفكير في أن يتزوج يهودية؛ لأن اليهود احتلوا قسماً عزيزاً من بلادنا الإسلامية، فهذا تفريط لا يراعى فيه العلم، وإنما الواقع الطاري، ما الفرق بين اليهودية والنصرانية من الناحية الإسلامية؟ لا فرق أبداً، ما الفرق بين اليهود والنصارى من حيث أنهم كلهم أعداء للمسلمين، كما قال رب العالمين: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] وعرف الخراب من ثغرة اليهود من إثم قتل وصلب عيسى عليه السلام كما زعموا؟ فكل هؤلاء هم أعداء الإسلام، لا فرق بين يهودية ونصرانية إطلاقاً، لكن مع الأسف لا يزال الناس ينظرون إلى النصارى نظرة دون نظرتهم إلى اليهود.

فهؤلاء الذين يذهبون إلى تلك البلاد يريدون أن يتزوجوا بنصرانية، أولاً: هذه النصرانية ليست بالوصف التي وصفها الله حين قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] أين المحصنات اليوم في بلاد الكفر؟ فقد انتشر فيها الفساد والفحش والزنا وإلخ، ولا أنسى وأنا أعرف شاباً منذ أربعين سنة كان يتردد على دكاني، وهو ضابط تركي ممن حاربوا في رومانيا في زمن الأتراك في قتال قام بين المسلمين والرومان، قال لي: دخلنا بعض البلاد وأقمنا فيها شهورا،ً فعلمت من بعض النصارى أن من عادة الداعيات في تلك البلاد، أن الجنين أول ما يسقط من بطن الأم فإذا رأتها الداعية بنتاً فضت بكارتها في تلك اللحظة، لماذا؟ لأن المجتمع كله قائم على الفحش، فإذا بلغت البنت سن الزواج وتزوجها الشاب كان قد لقن سلفاً أن هذه البنت قد فضت بكارتها من ساعة ما وقعت من بطن أمها، فيستسلمون لذلك، ولا شيء في ذلك إطلاقاً، فأمة بلغ بها الأمر إلى الحضيض من أين يجد هذا المسلم هذه الفتاة النصرانية المحصنة؟ لا يجدها، ثم إن وجدت، وهذا نادر جداً والنادر لا حكم له، هل عنده هذه الشخصية المسلمة القوية التي تساعده على أن يجذبها إليه وأن تربي أولاده حسب دينه وحسب أصول التربية الإسلامية، أم سيكل الأمر إليها وتربي أطفالها وأولادها على التربية الأوروبية؟

نحن المسلمون في البلاد الإسلامية نربي أطفالنا في بلاد الإسلام تربية غير إسلامية، فكيف إذا قام على هذه التربية امرأة غير مسلمة؟!

فلهذه الأسباب وأسباب أخرى لا نرى أن يتمتع المسلم بهذا الحكم الذي أباحه الله عز وجل في نص كتابه؛ لأنه أقل ما يقال: إنه اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة محفوظة، وهذا نادر والنادر لا حكم له.

ولعل في هذا الكفاية، والحمد لله رب العالمين.