خطب ومحاضرات
فرصة استئناف الحياة الإسلامية
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] .
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) رواه البخاري و مسلم وغيرهما.
تكلمنا عن الفقرة الأولى ألا وهي: الإشراك بالله تبارك وتعالى، وذكرنا أن هذه الخصلة كما جاء في أحاديث أخرى هي أكبر الكبائر في هذه السبع، والكبائر كثيرة جداً، ولكن الأولى من هذه السبع هي أكبر الكبائر، ألا وهي الإشراك بالله عز وجل، وقد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة كحديث عبد الله بن مسعود أنه قال: (أكبر الكبائر أن تجعل لله نداً وهو خلقك) وشرحنا في الدرس الماضي أن الشرك على ثلاثة أنواع:
1- شرك في الربوبية
2- وشرك في الألوهية، أو العبودية
3- وشرك في الصفات.
وتكلمنا عن هذه الأنواع الثلاثة بشيء من التفصيل، وانتهينا إلى أن المسلم لا يكون موحداً حقاً، قائماً بتحقيق شهادة لا إله إلا الله؛ إلا إذا تبرأ عقيدة وعملاً من هذه الأنواع الثلاثة من أنواع الشرك: شرك الربوبية، وشرك الألوهية، وشرك الصفات.
وذكرنا أنه يقابل هذه الأنواع الثلاثة من الشرك أنواع ثلاثة أخرى من التوحيد، وكل نوعٍ من هذه الأنواع الثلاثة من التوحيد يضاده نوع من تلك الأنواع الثلاثة من الشرك، فالتوحيد: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية أو العبودية، وتوحيد الصفات، فمن اعتقد أن لله عز وجل نداً في ذاته، كما يعتقد الوثنيون المجوس القائلون بخالق الخير وخالق الشر؛ فهؤلاء مشركون شركاً من النوع الأول، شرك الربوبية، وهم لم يؤمنوا بوجود ربٍ خالقٍ واحدٍ.
وهذا هو أكبر وأوضح أنواع الشرك في الدنيا، فإذا آمن الإنسان بأن الله عز وجل لا ندّ له ولا شريك له في ذاته، فهذا لا يكفيه؛ لأن المشركين قد كانوا موحدين توحيد الربوبية كما ذكرنا في الدرس الماضي، فلا بد أن يضم إليه توحيداً من النوع الثاني، ألا وهو توحيد العبودية أو الألوهية، ومعنى ذلك: أنك -أيها الإنسان- بعد أن آمنت بأن الله عز وجل واحد في ذاته لا خالق معه؛ يجب أن تعتقد وأن تحقق في نفسك أنه أيضاً لا شريك له في عبادته، فيجب ألا تعبد مع الله إلهاً أو آلهة أخرى، فإن أنت -لا سمح الله- فعلت شيئاً من ذلك؛ فقد نقضت توحيد العبودية أو الألوهية، ووقعت في الشرك من النوع الثاني: ألا وهو شرك العبودية أو الألوهية.
أي: إن توحيدك الأول -توحيد الربوبية- لم ينفعك بشيء؛ لأنك لم توحد الله عز وجل في عبادته وفي ألوهيته، وهذا المعنى الثاني هو الذي رمى إليه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق.. حديث ابن مسعود حينما قال: (أكبر الكبائر أن تجعل لله نداً وهو خلقك) أي: أن تعبد مع الله إلهاً آخر، وهو الذي تعتقد أنه وحده تولى خلقك، ورزقك، .... إلخ.
فلذلك لا يليق بهذا الإنسان الذي اعتقد بأن الله هو خالقٌ وحده أن يعبد غيره؛ لأن معنى ذلك أنه قد أعطى العبادة لغير من يستحقها، وإنما يستحقها رب العالمين تبارك وتعالى.
كذلك قلنا في النوع الثالث من الشرك، وهو الشرك في الصفات، فيجب أن توحد الله عز وجل في صفاته كما أنك توحده في عبادته، وكما أنك توحده في ذاته، فإذا ما اعتقدت في إنسان -مهما سما وعلا- نوعاً أو صفة من صفات الله عز وجل؛ فإن توحيدك لله ذاتاً وعبادة لا ينفعك شيئاً مطلقاً؛ لأنك لا بد أن توحده أيضاً في صفاته، فإذا ما اعتقدت أن هناك من يشبهه في صفة من صفاته؛ فقد أشركت وحبط عملك.
فهذه التفاصيل تبين لك أهمية فهم التوحيد بأنواعه الثلاثة، وما يناقضها من أنواع الشرك الثلاثة؛ حتى تتمكن من اجتناب هذا الشرك الذي كان أول ما أمرك به الرسول عليه الصلاة والسلام باجتنابه في هذا الحديث الصحيح: (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله عز وجل).
بقي علينا في الدرس الماضي أن نبين أن من الشرك بالله عز وجل: أن تتخذ معه مشرعاً غيره، فالتشريع هو صفة من صفات الله عز وجل وخصوصية له، لا يجوز لمسلم أن يعتقدها أو أن يعطيها لشخص في الدنيا مهما علا وسما؛ وذلك لما جاءت النصوص من الكتاب والسنة صريحة في بيان أن التشريع ليس هو إلا لله عز وجل.
فالله عز وجل ينكر على المشركين الذين كانوا يحرمون أشياء من عند أنفسهم، ويحللون أشياء أخرى مقابل تلك من عند أنفسهم، بقوله عز وجل: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21] فهذا إنكار على الذين يشرعون من عند أنفسهم، وهناك إنكار على الذين اتبعوا أمثال هؤلاء المشرعين من عند أنفسهم، فقال ربنا تبارك وتعالى ذاماً ومنكراً على النصارى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ [التوبة:31] .
وقد أشكلت هذه الآية على بعض الصحابة؛ لأنه فهم منها أن إشراك المشركين من النصارى إنما كان من النوع الأول، وهو الإشراك في الربوبية فقط، فقال أحدهم وهو عدي بن حاتم الطائي، وقد كان من النصارى القليلين الذين تدينوا بدين النصارى يومئذ وقرأ وكتب، ثم هداه الله عز وجل إلى الإسلام فأسلم، وصحب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحضر مجالسه، فلما تلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مجلس من تلك المجالس على الصحابة هذه الآية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ [التوبة:31] استغرب عدي بن حاتم هذا الحكم؛ لأنه كان من المتفقهين في دين النصارى، فقال: يا رسول الله! ما اتخذناهم أرباباً من دون الله، كأنه فهم أن الله عز وجل عندما قال: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً [التوبة:31] أي: يعتقدون فيهم أنهم يخلقون مع الله، فبين له الرسول عليه الصلاة والسلام أن الآية لا تعني ذلك، وإنما تعني: أن النصارى أشركوا مع الله عز وجل حينما اتخذوا قسيسيهم ورهبانهم مشرعين من دون الله عز وجل؛ فوقعوا في الشرك، وكأنهم اعتقدوا أن هؤلاء أرباب مع الله يتصرفون في الكون كما يشاءون، فذلك الذي أراده ربنا عز وجل في هذه الآية.
فرجع الرسول عليه الصلاة والسلام إلى عدي يقول له: (ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه، وإذا حللوا لكم حراماً حللتموه؟ قال
ولعل هذا من معاني قول الله عز وجل في المشركين: فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ [النساء:89] فالمسلم حينما يتبع شخصاً يحرم ويحلل؛ فقد جعله ولياً يستنصر به من دون الله عز وجل، فهذا شرك ليس من شرك الذات، وإنما هو شرك في العبودية وفي الصفات، لذلك يجب أن يحذر المسلم.
وقد يكون مستغرباً أن نقول: يجب أن يحذر المسلم من أن ينصب نفسه مشرعاً مع الله عز وجل؛ لأننا نعتقد أنه لا أحد في المسلمين يشرع من دون الله عز وجل، ولعل هذا يكون كذلك.
ولكن على العكس من ذلك؛ فالمتوفر والموجود بكثرة هو اتخاذ مشرعين من دون الله عز وجل، فهذا يجب التحذير منه أيما وجوب؛ لأن الذين يتخذون من دون الله أولياء مشرعين يحرمون ويحللون، وهؤلاء وجد منهم كثيرون، ولكن الذين يتبعونهم أكثر وأكثر في كثير من القرون التي مضت، وخاصة في العصر الحاضر حينما أصبح التشريع والتقنين طبيعة لكل الدول الحاكمة والمسيطرة والموجهة لشعوبها وأممها.
ولذلك كثر في العصر الحاضر من كثير من الكتاب الإسلاميين المصلحين التنبيه والتحذير من أن يتورط المسلم فيخضع لمشرع غير الله عز وجل، وكثر من هؤلاء بالتالي الأمر بإخلاص العبادة لله عز وجل والتشريع له، وتخصيص الحاكمية له تبارك وتعالى وحده لا شريك له.
الشرائع السماوية السابقة ليست مصدراً للتشريع
فلا ينبغي أن نقيم لتلك الشرائع وزناً، هذا لو افترضنا أنها بقيت كما أنزلها الله دون تغيير ودون تحريف وتبديل، فكيف وقد عرض لها ما لا يخفى على أي مسلم من الزيادة والتبديل! فقد أصبحت منسوخة بحكم قوله تبارك تعالى: وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [المائدة:48] فالقرآن ومن أُنزل عليه القرآن محمد عليه الصلاة والسلام، هو الذي يسيطر بكتابه على كل الشرائع السابقة، ولو كان أصحاب تلك الشرائع أحياء لما وسعهم إلا أن يكونوا من أتباع محمد بن عبد الله، كما جاء في الحديث الصحيح، حينما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب يقرأ في صحيفة، فلما سأله عنها قال: هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود، فقال عليه الصلاة والسلام: (يا
فلا أقول: إن أولئك الكتاب أحسنوا جداً حينما نددوا بهذه القوانين التي نبعت من الأرض ولم تنزل من السماء، ولا أقول: إن هذه القوانين إنما الإنكار عليها لأنها لم تستند إلى الشرائع السابقة، وإنما أقول: الإنكار عليها لأنها لم تستند إلى شريعة الإسلام؛ لأن الدين عند الله هو الإسلام فقط لا غير.
هذا التحذير والتنبيه في العصر الحاضر هو بلا شك أمر واجب ومهم جداً، ولكن الذي أعتقده أن هناك ما هو أهم من هذا الذي يحذر منه هؤلاء الكتاب الإسلاميون، ومما يحتاج إلى التنبيه والتحذير أكثر وأكثر، وفي ظني أن الذي حفز ودفع هؤلاء الكتاب إلى مثل هذا التنبيه الذي يشكرون عليه، هو ما تورطت به كثير من الدول الإسلامية من تحكيم القوانين الأرضية، ولا أقول كما يحلو لبعض الكتاب أن يقولوا اليوم: دون التشريعات السماوية، ولكني أقول: دون التشريع السماوي الذي لا ند له ولا شريك له أيضاً، ألا وهو شريعة الإسلام؛ لأن تلك الشرائع التي كانت تقدمت الإسلام أصبحت في حكم الإسلام في خبر كان.
فلا ينبغي أن نقيم لتلك الشرائع وزناً، هذا لو افترضنا أنها بقيت كما أنزلها الله دون تغيير ودون تحريف وتبديل، فكيف وقد عرض لها ما لا يخفى على أي مسلم من الزيادة والتبديل! فقد أصبحت منسوخة بحكم قوله تبارك تعالى: وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [المائدة:48] فالقرآن ومن أُنزل عليه القرآن محمد عليه الصلاة والسلام، هو الذي يسيطر بكتابه على كل الشرائع السابقة، ولو كان أصحاب تلك الشرائع أحياء لما وسعهم إلا أن يكونوا من أتباع محمد بن عبد الله، كما جاء في الحديث الصحيح، حينما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب يقرأ في صحيفة، فلما سأله عنها قال: هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود، فقال عليه الصلاة والسلام: (يا
فلا أقول: إن أولئك الكتاب أحسنوا جداً حينما نددوا بهذه القوانين التي نبعت من الأرض ولم تنزل من السماء، ولا أقول: إن هذه القوانين إنما الإنكار عليها لأنها لم تستند إلى الشرائع السابقة، وإنما أقول: الإنكار عليها لأنها لم تستند إلى شريعة الإسلام؛ لأن الدين عند الله هو الإسلام فقط لا غير.
وغرضي من هذه الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بالتحذير من الشرك بالله عز وجل، ألا نصب حماسنا حينما نتكلم حول الحاكمية لله عز وجل وحده في محاربة القوانين الغربية فقط؛ لأن هذا الأمر واضح حتى لعامة الناس؛ وهو أن أي قانون غربي يأتينا من بلاد الكفر والضلال فهو ضلال، ولكن يجب أن نتوجه بحماسنا إلى قوانين أصبحت جزءاً من حياتنا، وليس لها صلة بكتاب ربنا ولا بحديث نبينا، ونحن خاضعون لها! لماذا؟
لأننا نعلم أنها لم تأت من أوروبا مثلاً، إنما هي نبعت من أرضنا، فهل هذا عذر لنا لكي نتبعها من دون شرع الله عز وجل؟ الجواب: لا؛ لأن تلك الآية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31] إنما نزلت في النصارى الذين يتبعون قسيسيهم ورهبانهم، ولم تنزل هذه الآية في النصارى الذين اتخذوا قانوناً جاءهم من غير بلادهم، فلا يهم إذاً أن القانون المخالف لشرع الله عز وجل نابع من أرضنا، أو وارد من بلاد أعدائنا، فكلاهما مخالف لشرع الله عز وجل، ولا يجوز لمسلم أن يخضع لمثل هذا النظام؛ سواء كان شرقياً أو غربياً.
وأنا أقول: سواءً كان شرقياً، أو غربياً، أو أرضياً، أي: من أرضنا، فكون الحكم صادر من أرضنا؛ فلا يشفع له أن يكون شريعة لنا إذا ما علمنا أنه مخالف لشريعة ربنا تبارك وتعالى، وهذه نقطة حساسة ومهمة جداً؛ لأننا جربنا كثيراً من الخطباء الذين يتحمسون للبحث في الحاكمية لله عز وجل، وهذا أمر هام وهام جداً؛ لأنه يتعلق -كما سمعتم- بالتوحيد، ولكن هذه الحاكمية لله عز وجل لم تصبح واضحة المعالم في نفوس كثير من الدعاة، فالذي يتحمس لمحاربة القوانين الأرضية الغربية، لا يتحمس لمحاربة القوانين المخالفة لشريعة الإسلام؛ لأنها من عندنا، وأي فرق بين هذا وهذا؟!
لذلك جربنا بعض الخطباء، فهو بعد أن ألقى خطبة هامة جداً في موضوع توحيد الحاكمية لله عز وجل وإفراده في ذلك، فحينما ذُكِّر ببعض المخالفات للكتاب والسنة، وإذا به في النتيجة يكفر بكل تلك الخطبة التي ألقاها بذلك الحماس البالغ، فيقول: والله مذهبنا كذا، وهذا الذي فعلته هو مذهبي.. فأين موقع الكتاب والسنة إذاً؟!
فإذاً: نحن نتمسك بالكتاب والسنة لمحاربة الحاكمية التي تأتينا من بلاد الكفار منافية لحكم الله عز وجل، أما إذا نبعت من أرضنا فلا بأس بها؛ بل نحن نتشبث بها لأنها خرجت من أرض إسلامية أو من رجل مسلم.
إذاً: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31] معناها: أنه إذا خرج هذا التحريم والتحليل من عندنا فيتبع، أما إذا جاء من الخارج فلا يتبع، فهذا تفريق شكلي صوري لا قيمة له في الإسلام أبداً، لذلك أنبّه وأكرر بأننا يجب أن نفهم أن كون الحاكمية لله عز وجل ينافي أي تشريع منافٍ للإسلام، سواء كان أرضياً أو شرقياً أو غربياً.
فيجب أن نخلص في عبادتنا لله عز وجل، فلا نعبد إلا الله، ولا نعبد الله إلا بما شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. هاتان الكلمتان: لا نعبد إلا الله، ولا نعبد الله إلا بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو خلاصة قول المسلم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فأنت توحد الله عز وجل في عبادتك؛ فتحقق معنى لا إله إلا الله، ثم تعبد الله بما جاء به نبيك؛ فتحقق قولك: وأشهد أن محمداً رسول الله، فإذا اتبعت غيره فلن تخلص في الاتباع لنبيك صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لا تكون أخلصت لله عز وجل في عبادته.
هذا مما يتعلق بشرح الكبيرة الأولى التي حذر الرسول عليه الصلاة والسلام أمته منها بقوله: (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله عز وجل).
لا يستحق عبادة الأبرار غير الإله الواحد القهار |
فهو الجدير بأن نذل لوجهه وهو العزيز وعالم الأسرار |
الله فوق العرش عنه بائن وهو العلي ومدرك الأبصار |
فوق الخلائق والخلائق دونه ترقى إليه دعوة الأخيار |
يخشاه كلٌّ الخلق كل ساجد وظلالهم في الطوع والإجبار |
يطوي السماوات العلى بيمينه والأرض قبضة ربنا الجبار |
لا نوم يأخذه وليس بغافل عن خلقه واحسرة الكفار! |
الرزق يبسطه ويقبض رزقه الرزق مقدور من الأقدار |
وهو القدير وما له من مكره وهو الكريم مفجر الأنهار |
فلمن أطاع الله جنات ومن يكفر فذلك خالد في النار |
فاشهد بأنه وحده معبودنا وإلى الجحيم عبادة الأحجار |
فالله وحده يستحق عبادة وسواه مخلوق لهذا الباري |
من خص شيئاً من عبادة ربه للجبت كان مشابه الكفار |
إن العبادة للإله جميعها إخلاصها شرط لدى الأحرار |
أما الشهادة للرسول محمد فبأنه المعصوم في الإخبار |
وبأنه في الرسل جاء ختامهم مسك الختام ودرة الأخيار |
وهو الرسول لمن سيأتي بعده بالنصح والتبشير والإنذار |
ما نطقه إلا بأمر إلهه وكتابه وحي من الجبار |
أعيت بلاغته ومعجز نظمه أهل الفصاحة أو ذوي الأشعار |
هو خالد والله خيرٌ حافظاً فالذكر محفوظ من الأغيار |
ما باطل يأتيه من قدامه أو خلفه هذا كلام الباري |
والله صان عن الضلال رسوله وحماه من شيطانه الأمار |
تبيانه نهج قويم واضح لا نهج يعدل منهج المختار |
لا يرفض الإسلام إلا كافر ما بعده نور من الأنوار |
هدي الرسول موضحٌ قرآننا فهو العليم بمقصد الأخبار |
لا يفهم القرآن مثل محمد فحديثه نور الهدى للساري |
فإذا شهدنا للرسول فإننا نعطيه كل رجاحة المقدار |
وإذا شهدنا لا نرى أهلاً سوى هذا الرسول لقدوة الأبرار |
لله نشهد بالعبادة وحده ولأحمدٍ بالفهم والإخبار |
رب إله واحد ورسالة نسخت جميع شرائع الأحبار |
معنى الشهادة بينٌ لبصيرة لوضوحه يخفى عن الأنظار |
استمع المزيد من الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
السياسة الشرعية | 3288 استماع |
التعامل مع الجن | 3280 استماع |
مسائل أبى الحسن الدعوية (1) | 3113 استماع |
السنة والبدعة والشبهات | 3087 استماع |
لباس البنطال فى الصلاة | 3080 استماع |
فقة الصلاة وتحنيط الطيور | 2933 استماع |
المرأة التي أبكت الشيخ الألباني | 2923 استماع |
كيفية تلقي العقيدة | 2905 استماع |
أسئلة الإمارات | 2901 استماع |
أخذ الأجرة على القرآن | 2890 استماع |