تفسير سورة النحل (19)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك. آمين.

وها نحن مع سورة النحل، ومع هذه الآيات المباركات الكريمات:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:90-93].

ذكر ما تضمنته آية (إن الله يأمر بالعدل والإحسان ...) من جوامع الخير والشر

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! بالأمس في مثل هذا الدرس عرفنا قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، وأن هذه الآية أجمع آية للخير والشر؛ إذ فيها أوامر ونواهٍ، وأوامرها هي صلب هذه الحياة ونواهيها كذلك، فلا سعادة ولا كمال إلا بامتثال أمر الله فيما أخبر به في هذه الآيات فعلاً وتركاً، فالفعل: العدل، وأول من نعدل معه هو الله عز وجل، فلا نجور ولا نحيف عنه فنعبد غيره، بل نعبده وحده.

والعدل يشمل كل الحياة كما عرفتم: من حكم بين اثنين فليعدل، من أراد أن يتصرف في شيء فليعدل في التصرف، حتى الأكل والشرب ­-كما بينا- يجب فيه العدل والقسط، فلا نستغني عن العدل أبداً إن أردنا لأنفسنا السعادة والكمال.

وأمّا الإحسان -الذي هو أيضاً عام في كل ما نقوم به ونعمله- فمعناه أنه يجب علينا أن نحسن العمل ولا نسيء فيه، والرسول الكريم يقول لجبريل في الإحسان: ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك )، ومعنى هذا: أنك تؤدي العبادة على أكمل وجوهها وأتم صورها؛ لأنك بين يدي الله ينظر إليك، فتستحي أن تخرج عن العبادة بقلبك أو بلسانك أو بيدك وأنت بين يديه، فتؤدى العبادة على أكمل وجوهها، ومن ثم تثمر ثمرتها وهي زكاة النفس وطهارتها.

وإيتاء ذي القربى: قرابة المرء من أبيه من أمه لهم حقوق عليه فيجب أن يؤدي تلك الحقوق، فإذا قامت الأمة كلها بأداء هذه الحقوق انتظم شملها واتسعت دائرة ملكها وسادت في الدنيا وتهيأت للسعادة في الدار الآخرة، وقد عرفنا أهل القرون الثلاثة كيف كانوا، لم تكتحل عين الوجود بمثلهم، أصحاب رسول الله وأولادهم ووأحفادهم ثلاثة قرون، إذ قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ).

والمنهيات: أولاً: الفحشاء، نهانا عن الفحشاء، والفحشاء كالفحش، إلا أن الفحش مذكر والفحشاء مؤنث، والفحشاء: الخصلة القبيحة التي تشمئز منها النفوس وتلفظها الألسن ولا يرغب المرء في سماعها ولا رؤيتها، ومن أبرزها وأظهرها: الزنا واللواط -والعياذ بالله تعالى- والبخل، فالذي لديه خير ويبخل به عن الناس هذا شر الخلق.

ثانيًا: النهي عن المنكر، فما هو المنكر؟ هو الذي تنكره العقول الصافية، المنكر: كل ما حرمه الله ورسوله، كل ما نهى الله عنه ورسوله فهو منكر تنكره العقول الصافية والقلوب النيرة الطاهرة، وهذا من أيسر ما نفهم، كل المحرمات منكرة فلا يأتها أحد.

فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الشهرة؛ لأن هذا اللباس الذي تخالف فيه أهل القرية وتصبح وحدك بينهم تلبسه تؤذيهم به، وتكون قد خرجت عن مجتمعهم وأصبحت لك صورة خاصة، فما ينبغي هذا.

فالمنكر منه هذا، فكن كقومك لا تخرج عنهم، وبالصورة العامة كما قلت لكم معاشر المستمعين والمستمعات: كل ما أنكره الله ورسوله فحرماه ونهيا عنه وتوعدا عليه بالعذاب فهو منكر، فما هو بعشرة ولا عشرين.

ثالثاً: البغي: وهو الظلم، مِن: بغى يبغي على فلان: إذا ظلمه، والظلم حقيقته: وضع الشيء في غير موضعه، بدل أن تسلم على أخيك وتشمته إذا عطس تلعنه، هذا هو الظلم، سلب المال، إفساد العقيدة، ظلم الإنسان فيما يتعلق بحياته كلها ظلم وبغي، ومن بغي عليه وصبر فإن الله ينصره على الباغين.هذه الأوامر والنواهي التي اشتملت عليها الآية الأولى.

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! بالأمس في مثل هذا الدرس عرفنا قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، وأن هذه الآية أجمع آية للخير والشر؛ إذ فيها أوامر ونواهٍ، وأوامرها هي صلب هذه الحياة ونواهيها كذلك، فلا سعادة ولا كمال إلا بامتثال أمر الله فيما أخبر به في هذه الآيات فعلاً وتركاً، فالفعل: العدل، وأول من نعدل معه هو الله عز وجل، فلا نجور ولا نحيف عنه فنعبد غيره، بل نعبده وحده.

والعدل يشمل كل الحياة كما عرفتم: من حكم بين اثنين فليعدل، من أراد أن يتصرف في شيء فليعدل في التصرف، حتى الأكل والشرب ­-كما بينا- يجب فيه العدل والقسط، فلا نستغني عن العدل أبداً إن أردنا لأنفسنا السعادة والكمال.

وأمّا الإحسان -الذي هو أيضاً عام في كل ما نقوم به ونعمله- فمعناه أنه يجب علينا أن نحسن العمل ولا نسيء فيه، والرسول الكريم يقول لجبريل في الإحسان: ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك )، ومعنى هذا: أنك تؤدي العبادة على أكمل وجوهها وأتم صورها؛ لأنك بين يدي الله ينظر إليك، فتستحي أن تخرج عن العبادة بقلبك أو بلسانك أو بيدك وأنت بين يديه، فتؤدى العبادة على أكمل وجوهها، ومن ثم تثمر ثمرتها وهي زكاة النفس وطهارتها.

وإيتاء ذي القربى: قرابة المرء من أبيه من أمه لهم حقوق عليه فيجب أن يؤدي تلك الحقوق، فإذا قامت الأمة كلها بأداء هذه الحقوق انتظم شملها واتسعت دائرة ملكها وسادت في الدنيا وتهيأت للسعادة في الدار الآخرة، وقد عرفنا أهل القرون الثلاثة كيف كانوا، لم تكتحل عين الوجود بمثلهم، أصحاب رسول الله وأولادهم ووأحفادهم ثلاثة قرون، إذ قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ).

والمنهيات: أولاً: الفحشاء، نهانا عن الفحشاء، والفحشاء كالفحش، إلا أن الفحش مذكر والفحشاء مؤنث، والفحشاء: الخصلة القبيحة التي تشمئز منها النفوس وتلفظها الألسن ولا يرغب المرء في سماعها ولا رؤيتها، ومن أبرزها وأظهرها: الزنا واللواط -والعياذ بالله تعالى- والبخل، فالذي لديه خير ويبخل به عن الناس هذا شر الخلق.

ثانيًا: النهي عن المنكر، فما هو المنكر؟ هو الذي تنكره العقول الصافية، المنكر: كل ما حرمه الله ورسوله، كل ما نهى الله عنه ورسوله فهو منكر تنكره العقول الصافية والقلوب النيرة الطاهرة، وهذا من أيسر ما نفهم، كل المحرمات منكرة فلا يأتها أحد.

فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الشهرة؛ لأن هذا اللباس الذي تخالف فيه أهل القرية وتصبح وحدك بينهم تلبسه تؤذيهم به، وتكون قد خرجت عن مجتمعهم وأصبحت لك صورة خاصة، فما ينبغي هذا.

فالمنكر منه هذا، فكن كقومك لا تخرج عنهم، وبالصورة العامة كما قلت لكم معاشر المستمعين والمستمعات: كل ما أنكره الله ورسوله فحرماه ونهيا عنه وتوعدا عليه بالعذاب فهو منكر، فما هو بعشرة ولا عشرين.

ثالثاً: البغي: وهو الظلم، مِن: بغى يبغي على فلان: إذا ظلمه، والظلم حقيقته: وضع الشيء في غير موضعه، بدل أن تسلم على أخيك وتشمته إذا عطس تلعنه، هذا هو الظلم، سلب المال، إفساد العقيدة، ظلم الإنسان فيما يتعلق بحياته كلها ظلم وبغي، ومن بغي عليه وصبر فإن الله ينصره على الباغين.هذه الأوامر والنواهي التي اشتملت عليها الآية الأولى.

انتهينا إلى الآية الثانية، وهي قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا [النحل:91]، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ [النحل:91]، من عاهد إماماً من أئمة المسلمين لا يحل له أن ينقض عهده، من عاهد شخصاً على مهمة من مهمات الحياة لا يحل له أن ينقض عهده، لو عاهدك على أنك تلتقي معه كل يوم في المكان الفلاني وجب الوفاء؛ لأنه إذا انتقضت العهود فسدت الحياة، فلا يصبح أحد يثق في آخر، وورد: ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق )، منها الغدر بالعهد، من غدر بعهده ارتكب إثماً عظيماً.

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91]، إذا عاهدت شخصاً وقلت له: بالله لأعطينك، أو لأماشينك، أو لأنزلن معك، وحلفت بالله وجعلت الله وكيلاً وجب عليك أن تفي، ولهذا أمة الإسلام المستقيمة لا يوجد فيها نقض للعهد أبداً، من عاهد وفى وما خان أبداً.

وقوله تعالى: وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا [النحل:91] فهذا العهد وثيقة؛ لأنك عاهدته باسم الله عز وجل، الله هو الوكيل في العهد، فلهذا نراقب الله ولا نخون عهدنا ولا نغدر به.

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل:91]، هذه الجملة تحمل التهديد والوعيد، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل:91]، فمن نكث عهده، وارتكب فاحشة فليعلم أن الله يجزيه بذلك العمل؛ لأنه بين يديه ويعلمه، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل:91] من خير وشر، ولكن هنا إذا نحن انحرفنا وارتكبنا الفواحش وظلمنا وخنا العهود -والعياذ بالله- نلقى جزاءنا، هذه سنة الله عز وجل في خلقه.

ثم قال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا [النحل:92]، أي: نكثاً، هذه امرأة عجوز في مكة يقال لها: ريطة بنت عمرو ، كانت تعلو على سطحها أو على شرف منزلها وتغزل على عادة النساء، تغزل الصوف وتجعله لباسًا، تغزل طول النهار وفي آخر النهار إذا أغضبوها وغضبت مزقت ذلك الذي نسجته يوماً كاملاً، هذا هو الحمق أم لا؟ تغزل من الصباح، ولما تجمع لها الغزل وأصبح ينفعها مزقته؛ لأنها غضبت.

وهذا التأديب الإلهي الرباني عجب، هذه الصورة المثالية من عرفها فإنه يتحاشى أن يغضب وينقض عهده أبداً، أو ينكث ما عاهد عليه فيكون كهذه المرأة: ريطة التميمية .

وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا [النحل:92]، أتدرون أن لله عهدًا علينا أم لا؟ الآية الأولى اشتملت على العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى أمراً، وعلى الفحشاء والمنكر والبغي نهياً، ونحن التزمنا بهذا، فلا يكون حالنا كحال هذه المرأة نلتزم يومًا وننقضه يومًا آخر.

وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا [النحل:92]، أي: نكثاً، تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل:92]، بيان للنقض كيف يكون، هي كانت تنقض غزلها وتنكثه، ونحن كيف ننكث؟ قال: تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل:92]، إذا حلفت لشخص وقلت: والله لأعطينك، والله لأصاحبنك، والله ما فعلت كذا؛ فلا تتخذ يمينك خديعة ، تحلف بالله وتؤكد يمينك وأنت عازم على النقض والنكث.

معنى قوله تعالى: (أن تكون أمة هي أربى من أمة)

تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل:92]، والدخل: الخديعة والغش، أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى [النحل:92]، بمعنى: قبيلة بني فلان عاهدت قبيلة بني فلان، ولما رأت قبيلة أكثر منها وأعظم منها خانت عهدها وانضمت إلى القبيلة الأخرى، ومثل هذا كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فربما يسلم الرجل وما يتحقق من الإسلام، فيجد الرسول مقهوراً وحده فيعود إلى الكفر، وينقض ذلك.

فهنا يقول تعالى: تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل:92]، أي: خديعة فقط، تحلف له بالله وأنت عازم على نكث عهدك ونقض ما أبرمته معه.

أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى [النحل:92]، أكثر رجالاً ومالاً، تنقضون العهد مع الأولى؛ لأنها قصيرة أو ضعيفة وتقبلون على الثانية، وبهذا ينقض العهد، حلفوا لهم بالله أنهم معهم دائماً، ثم لما رأوا أمة أقوى منهم عدلوا عنهم وانضموا إلى الأمة القوية.

أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل:92]، أكثر رجالاً ومالاً، إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ [النحل:92]، أي: يختبركم ربكم بهذه التعاليم، فالأوامر والنواهي يشرعها الله لماذا؟ للاختبار، ليعلم من يطيع فيثبت، ومن ينقض فيتحلل ويذوب.

معنى قوله تعالى: (إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون)

إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ [النحل:92]، أي: بهذه التي سمعتموها، يبتليكم بالعهود تحلفون عليها، فإن وفيتم وفى الله تعالى لكم، وإن نقضتم نقض الله ما أعطاكم.

ثم قال تعالى: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92]، وليبينن الله لنا يوم القيامة ما كنا فيه نختلف، فنعرف يومها الحق مع من، والباطل مع من، من هم الذين كانوا على الحق الذي عاهدناهم عليه، ومن هم الذين على الباطل الذين نقضنا عهدنا معهم لأجله، هو هذا في الدنيا ابتلاء واختبار وامتحان، ليعلم الذي يفي لله تعالى بعهوده؛ فيقيم دين الله ويعيش عليه، ولا يغش ولا يخدع ولا يكذب، ومن هو بخلاف ذلك، ويوم القيامة نشاهد هذا عياناً، فنشاهد أهل النقض والنكث والخيانة، ونشاهد أهل الوفاء والعدل والصدق.

وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92]، فيجزي المؤمنين الصالحين بالجنة، ويجزي الكافرين والمشركين بالنار، هذا هو التبيين، يبين لنا الجزاء فنعرف أننا كنا صادقين أو كنا كاذبين، كنا صالحين أو فاسدين، هذا يتجلى حقيقة يوم القيامة: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92].

الآن المسلمون مختلفون مع الدنيا كلها، المسلمون على الإسلام -دين الله- عقيدة وعبادة وآدابًا وأخلاقًا، والكفار بيضًا وصفرًا في الشرق والغرب على خلاف ما نحن عليه، هل نعرف متى يتحقق لنا هذا؟ يوم القيامة، نشاهد خلافنا معهم، أي: النتائج الطيبة التي تحصل للمؤمن الصادق، والنتائج الرديئة الخسيسة التي تكون للرجل الفاسد: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92].

تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل:92]، والدخل: الخديعة والغش، أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى [النحل:92]، بمعنى: قبيلة بني فلان عاهدت قبيلة بني فلان، ولما رأت قبيلة أكثر منها وأعظم منها خانت عهدها وانضمت إلى القبيلة الأخرى، ومثل هذا كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فربما يسلم الرجل وما يتحقق من الإسلام، فيجد الرسول مقهوراً وحده فيعود إلى الكفر، وينقض ذلك.

فهنا يقول تعالى: تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل:92]، أي: خديعة فقط، تحلف له بالله وأنت عازم على نكث عهدك ونقض ما أبرمته معه.

أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى [النحل:92]، أكثر رجالاً ومالاً، تنقضون العهد مع الأولى؛ لأنها قصيرة أو ضعيفة وتقبلون على الثانية، وبهذا ينقض العهد، حلفوا لهم بالله أنهم معهم دائماً، ثم لما رأوا أمة أقوى منهم عدلوا عنهم وانضموا إلى الأمة القوية.

أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل:92]، أكثر رجالاً ومالاً، إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ [النحل:92]، أي: يختبركم ربكم بهذه التعاليم، فالأوامر والنواهي يشرعها الله لماذا؟ للاختبار، ليعلم من يطيع فيثبت، ومن ينقض فيتحلل ويذوب.

إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ [النحل:92]، أي: بهذه التي سمعتموها، يبتليكم بالعهود تحلفون عليها، فإن وفيتم وفى الله تعالى لكم، وإن نقضتم نقض الله ما أعطاكم.

ثم قال تعالى: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92]، وليبينن الله لنا يوم القيامة ما كنا فيه نختلف، فنعرف يومها الحق مع من، والباطل مع من، من هم الذين كانوا على الحق الذي عاهدناهم عليه، ومن هم الذين على الباطل الذين نقضنا عهدنا معهم لأجله، هو هذا في الدنيا ابتلاء واختبار وامتحان، ليعلم الذي يفي لله تعالى بعهوده؛ فيقيم دين الله ويعيش عليه، ولا يغش ولا يخدع ولا يكذب، ومن هو بخلاف ذلك، ويوم القيامة نشاهد هذا عياناً، فنشاهد أهل النقض والنكث والخيانة، ونشاهد أهل الوفاء والعدل والصدق.

وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92]، فيجزي المؤمنين الصالحين بالجنة، ويجزي الكافرين والمشركين بالنار، هذا هو التبيين، يبين لنا الجزاء فنعرف أننا كنا صادقين أو كنا كاذبين، كنا صالحين أو فاسدين، هذا يتجلى حقيقة يوم القيامة: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92].

الآن المسلمون مختلفون مع الدنيا كلها، المسلمون على الإسلام -دين الله- عقيدة وعبادة وآدابًا وأخلاقًا، والكفار بيضًا وصفرًا في الشرق والغرب على خلاف ما نحن عليه، هل نعرف متى يتحقق لنا هذا؟ يوم القيامة، نشاهد خلافنا معهم، أي: النتائج الطيبة التي تحصل للمؤمن الصادق، والنتائج الرديئة الخسيسة التي تكون للرجل الفاسد: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل:92].


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة النحل (25) 4608 استماع
تفسير سورة النحل (4) 4014 استماع
تفسير سورة إبراهيم (9) 3695 استماع
تفسير سورة الحجر (12) 3616 استماع
تفسير سورة النحل (13) 3549 استماع
تفسير سورة النحل (3) 3509 استماع
تفسير سورة إبراهيم (12) 3466 استماع
تفسير سورة النحل (16) 3367 استماع
تفسير سورة النحل (1) 3235 استماع
تفسير سورة الحجر (6) 3167 استماع