نداءات الرحمن لأهل الإيمان 74


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. جعلنا الله منهم، وحشرنا في زمرتهم، ورضي عنا كما رضي عنهم. اللهم آمين.

هذه النداءات هي نداءات الله جل جلاله التي وجهها إلى عباده المؤمنين، وهي في كتابه القرآن العظيم، وعددها تسعون نداء، وقد احتوت واشتملت على كل ما يهم المرء المسلم في هذه الحياة.

وإن واجب كل مؤمن ومؤمنة أن يقرأها ويستمع إليها، وأن يوطن نفسه على أن يستجيب لنداءات الله، فإن كان أمراً فعله، وإن كان نهياً تركه، وإن كان بشرى فرح بها، وإن كان تحذيراً حذر، وإن كان إنذاراً انتذر. وهذا هو شأن المؤمن إزاء هذه النداءات الإلهية.

وكان نداء أمس -وهو النداء السبعون- في وجوب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من أجل ألا يتعرض المؤمن لبطلان عمله، فيهلك والعياذ بالله تعالى.

وسنعيد تلاوة هذا النداء الذي درسناه أمس؛ علنا نذكر ما احتواه وما جاء فيه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [الحجرات:2-3]. جعلنا الله منهم، وكنا قد قرأنا شرح هذا النداء.

قصة ثابت بن قيس رضي الله عنه مع هذه الآيات

انتهت بنا القراءة أمس إلى هذه الفقرة، وهي: [ هذا واذكر ] أيها القارئ! والمستمع! [ قصة ] الصاحب الجليل [ ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه ] فهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاذكر هذه القصة ولا تنسها؛ فإنها تعطيك الفهم الصحيح لهذا النداء الكريم [ فقد روى الإمام أحمد بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ] أي: أنس بن مالك الصاحب الجليل [ قال: لما نزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات:2] ... الآية إلى قوله: وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] ] أي: أن تحبط أعمالكم، أي: خشية أن تحبط أعمالكم [ وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت ] بطبعه [ أي: إذا تكلم ] فقد كان صوته عالياً بالفطرة [ فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا من أهل النار ] فلما نزل هذا النداء فهم أنه هو المقصود بالذات؛ لأنه كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصابه حزن وكرب وهم، وقال: [ حبط عملي، وجلس في أهله ] وبيته [ حزيناً ] يبكي [ ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فقد كان يراه بين أصحابه وفي مجالسه يتعلم الكتاب والحكمة، فنظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يجده، ففقده، كعادته في تفقد أصحابه والنظر إليهم، ومعرفة من غاب منهم [ فانطلق بعض القوم فقالوا له: تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالك؟ فقال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأجهر له بالقول، فحبط عملي، أنا من أهل النار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال ] ثابت بن قيس بن شماس [ فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا ) ] ليس هو من أهل النار، بل [ ( هو من أهل الجنة) ] ففاز بها، وأصبح مبشراً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة [ قال أنس : فكنا نراه يمشي بين أظهرنا في المدينة، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، واستشهد رضي الله عنه يوم اليمامة ] في الحرب التي كانت بين أبي بكر وأهل الردة. فكان مبشراً بالجنة رضي الله عنه وأرضاه.

وهكذا أهل الإيمان، فقد شعر بأن صوته يرتفع أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم أنه حبط عمله، فلازم البيت يبكي ويقول: أنا من أهل النار، فتفقده الحبيب صلى الله عليه وسلم، فسأل عنه، فقالوا: قصته كذا وكذا، وأنه يقول: أنه من أهل النار، فقال: ( لا )، بل ( هو من أهل الجنة ). ثم مات وقتل شهيداً في سبيل الله، فكان أنس رضي الله عنه يقول: إذا مر بنا ثابت بن قيس نقول: هذا من أهل الجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة.

حكم رفع الصوت في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو بجانب حجرته

قال: [ ولنعلم أيها القارئ الكريم! والمستمع! أن رفع الصوت بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده أو قريباً من حجرته الشريفة مكروه لهذه الآية ] الكريمة [ لأن حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته حياً ] صلى الله عليه وسلم، وليس هناك فرق بين حياته وموته في هذا، فلا تقل: الآن مات، فسأرفع صوتي، ولا تقل: الآن مات، فسأعصيه، فليس هناك فرق بين حياته وموته، بل ما وجب علينا في حياته فهو واجب علينا بعد موته على حد سواء [ وهذا عمر ] ابن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد الثاني الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما سلك عمر فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه ). والفج: الطريق الواسع. فقد كان الشيطان لا يستطيع أن يمشي مع عمر في نهج واحد، ولا يقوى على ذلك، ولو فعل ذلك لاحترق. وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لو كان في أمتي محدثون ) أي: من تحدثهم الملائكة ( لكان منهم عمر ، ولكن لا نبي بعدي ). وهو صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترضوا عنه، وقولوا: رضي الله عنه وأرضاه. فـعمر في خلافته كان [ يطبق هذه القاعدة ] أي: احترام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ميت كاحترامه حياً [ فيسمع يوماً صوت اثنين ] من الرجال [ مرتفعاً في ] هذا [ المسجد فدعاهما ] وطلبهما للحضور بين يديه، فهو الحاكم العام [ وقرعهما ] بالمقراع، يعني: أدبهما بأنواع التأديب والتقريع [ وسألهما: من أين أنتما ] أيها الرجلان؟! [ فقالا: من ] أهل [ الطائف. فقال لهما: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً ] لأن أهل المدينة أعرف وأعلم بدين محمد صلى الله عليه وسلم، وأعرف وأعلم بالآداب والأخلاق؛ لأنهم في عاصمة الإسلام، ولكن ما داما بعيدين فمن الجائز أن يكونا ما بلغهما هذا الأدب، ولا عرفاه، ثم نهاهما [ ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ] ومن هنا على المفتي والمعلم أن يراعي أحوال الناس، والآن نحن ننهى الحجاج عن رفع أصواتهم، ولكن لا نلومهم كثيراً؛ لأنهم ما عرفوا. مع أن الواجب ألا نتكلم حتى في بيوتنا أو في أسواقنا أو بين أهلينا إلا بقدر الحاجة، فصوتك كدرهمك لا تخرجه إلا عند الحاجة، فلا ترفع صوتك، فهذا تبديد وتبذير باطل، بل تكلم بقدر ما تُسمع من يريد أن يسمعك، ولو أخذنا بهذا المبدأ لكنا كالملائكة في الطهر والصفاء. اللهم اجعلنا كذلك.

علة النهي عن رفع الصوت أمام صوت النبي صلى الله عليه وسلم

قال: [ وقوله تعالى في النداء: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2]، هذه علة لمنع رفع الصوت ] فقد قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ [الحجرات:2]. وذلك خشية وكراهة أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2]. والذي حبط عمله خسر وانتهى أمره، وفقد كل عمله الصالح الذي عمله.

فقوله تعالى: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] هذه الجملة علة لمنع رفع الصوت، أي: خشية أن يحبط عملك وتهلك [ مخافة أن يغضب رسول الله ] صلى الله عليه وسلم [ فيغضب الله تعالى لغضبه ] فمن أغضب رسول الله فقد أغضب الله عليه، فهو يغضب لغضب رسوله [ فيعذب من لم يتأدب مع رسول الله ] صلى الله عليه وسلم [ وكون العمل يبطل ] ويحبط [ دال على أن من تعمد إساءة الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ] أي: عالماً بذلك مريداً له [ يكفر بذلك ] ويكون كافراً إلا أن يتوب [ ولذا يحبط عمله؛ إذ العمل ] الصالح [ لا يحبط ] ويبطل [ إلا بالشرك والكفر ] وقد قال تعالى: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ [الحجرات:2]. وإساءة الأدب مع الرسول، معناه: الإساءة مع العلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا كفر؛ إذ لا يبطل العمل إلا بالكفر [ لقول الله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65] ... الآية. ألا ] وهي في القرآن بمعنى ألو. والمؤمنون والمؤمنات لم يفهموا ألو هذه فهماً جيداً، بل بمجرد ما يفتح أحدهم التلفون يقول: ألو، وإذا قيل: ألا لا يفهمون. فافهموا هذه، فهي فائدة عظيمة. وقد قال تعالى في القرآن: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62].

وألا في لغة القرآن معناها: انتبه أيها السامع! وأنت حاضر القلب والشعور حتى ألقي إليك الخبر، وأما النصارى واليهود والمشركين فإنهم لم يعرفوا معنى ألو، ولما سألناهم عن معناها قالوا: لا ندري، فهي هكذا وجدت مع التلفون، فقلنا لهم: لقد سبقكم القرآن بألف وأربعمائة سنة.

قال الشارح: [ فلنحذر إساءة الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا تكلمنا عنه أو حدثنا بحديثه يجب أن نكون على غاية من الأدب والاحترام ] لا بالضحك والسخرية ورفع الصوت. وإن شاء الله نأخذ بهذا.

ثمرة الأدب وغض الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: [ وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى [الحجرات:3]، فهذه بشرى خير عظيمة لمن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيغض صوته ولا يرفعه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله يوسع قلبه ويشرحه؛ ليتسع لتقوى الله عز وجل، ويزيده ] بشرى أخرى [ فيعده ] وعد الصدق [ بمغفرة ذنوبه والأجر العظيم، ألا هو الجنة دار السلام.

اللهم اجعلنا من أهلها، وارزقنا الأدب مع رسول الله. اللهم آمين ].

ويمكننا أن نحصل على هذا الأدب عندما نجلس كل ليلة مع المربي؛ لأنه يشاهدنا ويرانا ويسمع كلامنا، فإن رأى فينا عنفاً أو شدة أو غلظة أدبنا، ولا نزال نتأدب حتى نكمل في آدابنا وأخلاقنا. وأما نعيش في الدكاكين والمقاهي والبيوت فلن نتعلم، ولن نتأدب، والله يقول: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، أي: آداباً وأخلاقاً.

وإن شاء الله نجتمع في بيوتنا وفي مساجدنا كل ليلة على كتاب المسجد وبيت المسلم، وعلى نداءات الرحمن لأهل الإيمان؛ حتى نصبح علماء ربانيين ذوي آداب وأخلاق، لا يسمو إليها غيرنا، ولا يصل إليها سوانا؛ لأننا احتوينا العلوم الإلهية والمعارف الربانية التي جاء بها كتاب الله، وجاء بها رسوله صلى الله عليه وسلم. فقولوا: إن شاء الله [ وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].

انتهت بنا القراءة أمس إلى هذه الفقرة، وهي: [ هذا واذكر ] أيها القارئ! والمستمع! [ قصة ] الصاحب الجليل [ ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه ] فهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاذكر هذه القصة ولا تنسها؛ فإنها تعطيك الفهم الصحيح لهذا النداء الكريم [ فقد روى الإمام أحمد بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ] أي: أنس بن مالك الصاحب الجليل [ قال: لما نزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات:2] ... الآية إلى قوله: وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] ] أي: أن تحبط أعمالكم، أي: خشية أن تحبط أعمالكم [ وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت ] بطبعه [ أي: إذا تكلم ] فقد كان صوته عالياً بالفطرة [ فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا من أهل النار ] فلما نزل هذا النداء فهم أنه هو المقصود بالذات؛ لأنه كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصابه حزن وكرب وهم، وقال: [ حبط عملي، وجلس في أهله ] وبيته [ حزيناً ] يبكي [ ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فقد كان يراه بين أصحابه وفي مجالسه يتعلم الكتاب والحكمة، فنظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يجده، ففقده، كعادته في تفقد أصحابه والنظر إليهم، ومعرفة من غاب منهم [ فانطلق بعض القوم فقالوا له: تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالك؟ فقال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأجهر له بالقول، فحبط عملي، أنا من أهل النار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال ] ثابت بن قيس بن شماس [ فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا ) ] ليس هو من أهل النار، بل [ ( هو من أهل الجنة) ] ففاز بها، وأصبح مبشراً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة [ قال أنس : فكنا نراه يمشي بين أظهرنا في المدينة، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، واستشهد رضي الله عنه يوم اليمامة ] في الحرب التي كانت بين أبي بكر وأهل الردة. فكان مبشراً بالجنة رضي الله عنه وأرضاه.

وهكذا أهل الإيمان، فقد شعر بأن صوته يرتفع أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم أنه حبط عمله، فلازم البيت يبكي ويقول: أنا من أهل النار، فتفقده الحبيب صلى الله عليه وسلم، فسأل عنه، فقالوا: قصته كذا وكذا، وأنه يقول: أنه من أهل النار، فقال: ( لا )، بل ( هو من أهل الجنة ). ثم مات وقتل شهيداً في سبيل الله، فكان أنس رضي الله عنه يقول: إذا مر بنا ثابت بن قيس نقول: هذا من أهل الجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة.