نداءات الرحمن لأهل الإيمان 57


الحلقة مفرغة

الحمدلله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.

نداءات الرحمن تسعون نداء، اشتمل عليها كتاب الله القرآن العظيم.

وهذه النداءات كررنا أنها احتوت على كل ما تتطلبه حياة المسلم، ولم تترك شاردة ولا واردة من العقيدة إلى الآداب .. إلى العبادات .. إلى السياسة في الحرب وفي السلم .. إلى المعاملات في كل ما تطلبه حياة المسلمين إلا واحتوته هذه النداءات.

وقلنا: إن على كل مؤمن ومؤمنة أن يعمل على أن يصغي ويستمع إلى نداءات ربه إليه؛ إذ ليس من المعقول أن يناديك سيدك ثم تعرض عنه، ولا تلتفت إليه، أو تقوم من المجلس، بل إذا بلغك أن مولاك يناديك فأسرع لأن تسمع النداء. ولا يعقل أن ينادينا مولانا، ونحن لا نريد أن نسمع نداءه، فهذا لا يعقل، ووالله لقد نادانا لما أصبحنا أهلاً لأن ينادينا، وعرفنا أن هذه الأهلية إنما هي إيماننا الصادق، فنادانا بقوله: يا أيها الذين آمنوا ، أي: يا من آمنتم بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً.

وعرفنا -والمعرفة نافعة بإذن الله- أنه تعالى لا ينادينا للهو ولا للعب، ولا ينادينا للباطل، وإنما ينادينا إما ليأمرنا فنفعل ما يزكي أنفسنا ويطهرها، ويعدنا للكمال في الدنيا والآخرة، أو ينادينا لينهانا عما يدنس نفوسنا ويلوثها ويخبثها، من أجل ألا نحرم رضاه وحبه وولايته؛ حتى ننتهي عما نهانا عنه، أو ينادينا ليعلمنا ما لم نكن نعلم، ولا نعمة أعظم من هذه، فهو ينادينا ليعلمنا ما لم نكن نعلم، أو ينادينا ليبشرنا أو لينذرنا. وليس وراء هذا شيء. والحمد لله أننا مؤمنون، وأن لنا رباً ينادينا ويأمرنا وينهانا، ويعلمنا ويبشرنا ويحذرنا؛ من أجل إكمالنا وإسعادنا، ووالله لا شيء وراء هذا، وإنما من أجل أن نكمل ونسعد؛ لأننا أولياؤه.

لمنا وعتبنا في نداء أمس على من سمعه ولم يحفظه، وهو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. وكم من مؤمن أو مؤمنة يسمع نداء الله في كلمات معدودة ثم لا يستطيع أن يفتح فاه، ويحرك شفتيه، ويردد الكلمة حتى يحفظها، ويسمع القصص فيحفظها، والأباطيل فيرددها! وقد بكينا وقلنا: مضت قرون والعاميون المؤمنون يصلون وراء الإمام عشرين سنة .. أربعين سنة وهو يسمعون، ولا يحفظون الفاتحة، وتكلمهم قال الله وقال رسوله ولا يحاولون أن يحفظوا كلمة، وإذا كلمتهم عن الدنيا والأباطيل والترهات والخرافات يحفظون منها عشرات الكلمات. ولست واهماً في هذا، بل والله كما تسمعون، وسبب هذا عدم الاستعداد لقبول الكمال الإلهي؛ لأننا هبطنا.

وضربنا المثل الحسي الواقعي وقلنا: هذه أم الفضل أم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، تقول: ( صليت المغرب وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بسورة: (والمرسلات)، فحفظتها ). فسمعتها وحفظتها. ولا تعجب، وكم من نسائنا ورجالنا وخاصة شبيبتنا - أيام كانت الأغاني متعلقة بها قلوبهم، وأيام كانت الآلات يحملونها في أيديهم- ترى أحدهم يحفظ الأغنية من أم كلثوم ، أو من عبد الوهاب ، أو من فلان، ويحفظها بالنغم ويعيدها. وتفسير السر يا علماء النفس: هو لأننا حجبنا عن السماء بالجهل العام، وأصبحنا من أهل الأرض، فما كان في الأرض نشتاق إليه، ونرغب فيه ونحفظه، وما كان يحدثنا عن الملكوت الأعلى والسماء وما فيها لم نحفل به، ولم نهتم، وتمضي الأعوام والله ولا نحرك شفاهنا به أبداً.

والآن عدنا، ونحن ننادي منذ أربعة وخمسين يوماً من يوم أن بدأنا بدراسة نداءات الرحمن، وها هي أيها المؤمنون! قد جمعت لكم فاحفظوها، وتعلموا ما فيها، فهذه سبيل نجاتكم، وطريق سعادتكم، ولكننا كأننا نتكلم مع الموتى.

وهنا ظاهرة لا ننكرها، وهي أن كثيراً من المؤمنات ساهمن في طبع هذه الرسالة، ووصلتنا معوناتهن، وقد بلغت تسعة آلاف. وبعض المؤمنين أيضاً أسهموا؛ لأن هذه الرسالة يجب - وليضحك علينا العلماء، فهم يقولون: كيف يجب؟ ونحن نقول: أيناديك سيدك لإكمالك وإسعادك ولا تسمع النداء؟ ثم إن هذه النداءات تحمل العلم، وهو فريضة على كل مسلم ومسلمة في كل شئون الحياة، في النكاح، وفي البيع والشراء، وفي الحرب والجهاد، وفي الصلاة والعبادات، وأنت لن تتكلف شيئاً، وإذا كنت عامياً لا تقرأ فقل لابنك أو أختك أو أمك: أسمعني الليلة نداء من نداءات ربي، فيقرأه عليك، فتحفظه، ثم يشرحه ويبينه لك، وهكذا، ولن تكمل هذه التسعين نداء إلا وأنت من علماء الأمة الإسلامية، وإن كنت والله لا تقرأ ولا تكتب. ولست واهماً في هذا. فالعلم معرفة كيف يعبد الله وكيف يتقى، وكيف يحب ويخاف، ولا تحتاج إلى قلم ولا قرطاس. وهكذا نبكي.

اعرفوا المطلوب منا في هذا النداء، فالذي طلبه منا منادينا أمرين عظيمين:

الأمر بتقوى الله عز وجل

الأول: التقوى، إذ قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. وقد عرفنا تقوى الله، فهي طاعة الله وطاعة رسوله بفعل ما يأمر وترك ما ينهى، وسميت تقوى - وهي طاعة الله وطاعة رسوله- لأننا بهذه الطاعة نتقي غضب الله وعذابه، ولو قيل لك: إن لك رباً جباراً، بيده ملكوت السماء والأرض، يعز ويذل، فاتقه، فلو كنت عاقلاً فستسأل: كيف نتقيه؟ هل ندخل في الصناديق؟ أو نبني حصوناً عالية نستتر بها؟ وسيقال لك : تتقيه بطاعته وطاعة رسوله، فافعل ما يأمرانك، واترك ما ينهيانك عنه، فإن اتقيت عذابه فلا سخط ولا عذاب.

وقد عرف الدارسون أهل الحلقة المباركة ثمرة هذه التقوى، فبها يتحقق أسمى هدف، وأشرف منصب، وهو ولاية الله عز وجل. فإذا أردت أن ندلك على ما يجعلك ولياً لله فنقول: آمن به واتقه، وستصبح وليه، ولا يوجد غير هذا، وليس الأولياء هم أهل الكرامات والمعجزات والخارقات وغير ذلك، بل إذا آمنت واتقيت فأنت ولي، كما قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]. وهم الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]. فكل مؤمن تقي هو لله ولي، وإن لم تظهر على يديه كرامة ولا معجزة ولا غير ذلك، وإن كان فقيراً مريضاً لاصقاً بالأرض فهو ولي الله.

إذاً: التقوى تثمر أشهى ثمرة، وهو تحقيق ولاية الله عز وجل. فأولياء الله ليسوا ببيض ولا حمر ولا صفر، وإنما هم فقط المؤمنون المتقون.

وقد احتال العدو علينا، وهذا العدو هو الثالوث المكون من ثلاثة عناصر، وهم المجوس واليهود والنصارى، فقد تعاونوا على ضرب الإسلام والمسلمين، ونجحوا، وكانت أول ضربة ضربوا بها المسلمين هي إبعادهم عن القرآن الكريم عدة قرون، وقرابة ثمانية قرون والقرآن لا يقرأ إلا ليلة الموت فقط، وإلى الآن نقول: دلوني على مؤمن يجلس تحت ظل شجرة أو جدار، أو يجلس في مسجد ويقول لأخيه المؤمن: تعال من فضلك! أسمعني شيئاً من القرآن، فإلى الآن هذا لم يبلغنا إلا نادراً، أو دلوني على مؤمن يقول: أنا لا أحسن القراءة، فتعال يا بني! أو يا أخي! أو يا أبتاه! أسمعني شيئاً من كلام الله، فهذا لا يوجد، في حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزل الله القرآن عليه وحفَّظه إياه فحفظه وعرف معناه يقول لـعبد الله بن مسعود : ( يا ابن أم عبد ! تعال اقرأ علي شيئاً من القرآن. فيعجب عبد الله ويقول: أعليك أنزل وعليك أقرأ؟ فيقول: إني أحب أن أسمعه من غيري ). وفي مجالس عديدة لم نر من يقول: اقرأ يا فلان! القرآن، إلا مجلس الشيخ عبد العزيز بن باز أو نادراً، بل تكون المجالس فيها ألف جالس وليس فيهم من يقول: أسمعونا شيئاً من كلام ربنا، بل أبعدونا عن القرآن. والقرآن روح، ولا تتم الحياة بدون روح، ووالله لن تكون، والقرآن نور، والهداية لا تتم بدون نور، وهذا والله ما يكون. ولكنهم أبعدونا عن القرآن فمتنا، وعشنا في الظلام، فلا نهتدي إلى عزنا وكرامتنا وسيادتنا. وحقيقة القرآن روح، فقد أخبر الله بهذا، فقال: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]، أي: نوراً، كما قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8]. وفي آية الشورى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]. والذين يشاء هدايتهم هم الذين طلبوا الهداية، والذين قرعوا باب الله، فهم الذين يفتح لهم، والمعرضون المستنكفون المستكبرون والله ما يهتدون، فلا بد من طلب الهداية. ولا نطيل، وإنما نحن فقط نذكر الناسين، ونعلم غير العالمين.

الأمر بأن نكون مع الصادقين

والأمر الثاني: الكينونة مع الصادقين، كما عرفتم البارحة. فيجب أن تكونوا مع الصادقين، وإما مجلس الكذب والباطل فلا تجلس فيه، فلا تصاحب كذاباً، ولا تمشي معه، ولا تركن إليه، بل ابحث عن الصادقين في اعتقاداتهم وأقوالهم وأعمالهم، وكن معهم، فإن لامك لائم فقل له: رب أمرني، فقد قال. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].

وقد عرفنا أيضاً كيف نصبح صديقين مسامين لـأبي بكر الصديق ، والطريق الذي يجب أن نسلكه إلى ذلك، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ). والمرأة معه كما عرفنا. ( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق؛ حتى يكتب عند الله صديقاً ). ولن يأتيك صك يشعرك بأنك صديق، بل إذا لم تجرب على نفسك كذبة منذ عشرين سنة أو أربعين عاماً فأنت إذاً: صديق، وقد يعرفك أهل القرية أنك صادق وصديق إذا لم يجربوا عليك الكذب.

وقد أطلنا في تذكار الأمر الأول، لأن هذا يتعلق بغيرنا، ونحن لسنا أهلاً له، حتى نؤمن من جديد، ولكن من باب علمه ومعرفته وما يدعو إليه وما يطالب به، وإن كنا عاجزين فقد يأتي يوماً نقوى ونقدر، فننهض بهذا التكليف.

الأول: التقوى، إذ قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. وقد عرفنا تقوى الله، فهي طاعة الله وطاعة رسوله بفعل ما يأمر وترك ما ينهى، وسميت تقوى - وهي طاعة الله وطاعة رسوله- لأننا بهذه الطاعة نتقي غضب الله وعذابه، ولو قيل لك: إن لك رباً جباراً، بيده ملكوت السماء والأرض، يعز ويذل، فاتقه، فلو كنت عاقلاً فستسأل: كيف نتقيه؟ هل ندخل في الصناديق؟ أو نبني حصوناً عالية نستتر بها؟ وسيقال لك : تتقيه بطاعته وطاعة رسوله، فافعل ما يأمرانك، واترك ما ينهيانك عنه، فإن اتقيت عذابه فلا سخط ولا عذاب.

وقد عرف الدارسون أهل الحلقة المباركة ثمرة هذه التقوى، فبها يتحقق أسمى هدف، وأشرف منصب، وهو ولاية الله عز وجل. فإذا أردت أن ندلك على ما يجعلك ولياً لله فنقول: آمن به واتقه، وستصبح وليه، ولا يوجد غير هذا، وليس الأولياء هم أهل الكرامات والمعجزات والخارقات وغير ذلك، بل إذا آمنت واتقيت فأنت ولي، كما قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]. وهم الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]. فكل مؤمن تقي هو لله ولي، وإن لم تظهر على يديه كرامة ولا معجزة ولا غير ذلك، وإن كان فقيراً مريضاً لاصقاً بالأرض فهو ولي الله.

إذاً: التقوى تثمر أشهى ثمرة، وهو تحقيق ولاية الله عز وجل. فأولياء الله ليسوا ببيض ولا حمر ولا صفر، وإنما هم فقط المؤمنون المتقون.

وقد احتال العدو علينا، وهذا العدو هو الثالوث المكون من ثلاثة عناصر، وهم المجوس واليهود والنصارى، فقد تعاونوا على ضرب الإسلام والمسلمين، ونجحوا، وكانت أول ضربة ضربوا بها المسلمين هي إبعادهم عن القرآن الكريم عدة قرون، وقرابة ثمانية قرون والقرآن لا يقرأ إلا ليلة الموت فقط، وإلى الآن نقول: دلوني على مؤمن يجلس تحت ظل شجرة أو جدار، أو يجلس في مسجد ويقول لأخيه المؤمن: تعال من فضلك! أسمعني شيئاً من القرآن، فإلى الآن هذا لم يبلغنا إلا نادراً، أو دلوني على مؤمن يقول: أنا لا أحسن القراءة، فتعال يا بني! أو يا أخي! أو يا أبتاه! أسمعني شيئاً من كلام الله، فهذا لا يوجد، في حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزل الله القرآن عليه وحفَّظه إياه فحفظه وعرف معناه يقول لـعبد الله بن مسعود : ( يا ابن أم عبد ! تعال اقرأ علي شيئاً من القرآن. فيعجب عبد الله ويقول: أعليك أنزل وعليك أقرأ؟ فيقول: إني أحب أن أسمعه من غيري ). وفي مجالس عديدة لم نر من يقول: اقرأ يا فلان! القرآن، إلا مجلس الشيخ عبد العزيز بن باز أو نادراً، بل تكون المجالس فيها ألف جالس وليس فيهم من يقول: أسمعونا شيئاً من كلام ربنا، بل أبعدونا عن القرآن. والقرآن روح، ولا تتم الحياة بدون روح، ووالله لن تكون، والقرآن نور، والهداية لا تتم بدون نور، وهذا والله ما يكون. ولكنهم أبعدونا عن القرآن فمتنا، وعشنا في الظلام، فلا نهتدي إلى عزنا وكرامتنا وسيادتنا. وحقيقة القرآن روح، فقد أخبر الله بهذا، فقال: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]، أي: نوراً، كما قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8]. وفي آية الشورى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]. والذين يشاء هدايتهم هم الذين طلبوا الهداية، والذين قرعوا باب الله، فهم الذين يفتح لهم، والمعرضون المستنكفون المستكبرون والله ما يهتدون، فلا بد من طلب الهداية. ولا نطيل، وإنما نحن فقط نذكر الناسين، ونعلم غير العالمين.