أَهاجَكَ شَوْقٌ بَعدَما هَجَعَ الرَّكْبُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَهاجَكَ شَوْقٌ بَعدَما هَجَعَ الرَّكْبُ | وَأُدْمُ المَطايا في أَزِمَّتِها تَحْبُو |
فَأَذْرَيْتَ دَمْعاً ما يَجِفُّ غُروبُهُ | وقلَّ غناءً عنكَ وابلهُ السَّكبُ |
تحنُّ حنينَ النِّيبِ شوقاً إلى الحمى | وَمَطْلَبُهُ مِنْ سَفْحِ كاظِمَة ٍ صَعْبُ |
رويدكَ إنّ القلبَ لجَّ به الهوى | وَطالَ التَّجَنِّي مِنْ أُمَيْمَة َ وَالعَتَبُ |
وأهونُ ما بي أنَّ ليلة َ منعجٍ | أضاءتْ لنا ناراً بعلياءَ ما تخبو |
يَعُطُّ جَلابيبَ الظَّلامِ التِهابُهَا | وَيَنْفَحُ مِنْ تِلْقائِها المَنْدَلُ الرَّطْبُ |
فجاءتْ بريَّاها شمالٌ مريضة ٌ | لَها مَلْعَبٌ ما بَيْنَ أَكْبادِنَا رَحْبُ |
وبلَّتْ نجادَ السَّيفِ منِّي أدمعٌ | تصانُ على الجلَّى ويبذلها الحبُّ |
فكادَ بِتَرْجِيعِ الحَنينِ يُجيبُني | حُسامِي وَرَحْلي وَالمَطِيَّة ُ وَالصَّحْبُ |
وَنَشْوانَة ِ الأعْطافِ مِنْ تَرَفِ الصِّبَا | تُغِيرُ وِشاحَيْها الخَلاخِيلُ وَالقَلْبُ |
إذا مضغت غبَّ الكرى عودَ إسحلٍ | وفاحَ علمنا أنَّ مشربهُ عذبُ |
أتى طَيْفُها وَاللَّيْلُ يَسْحَبُ ذَيْلَهُ | وودَّعنا والصُّبحُ تلفظهُ الحجبُ |
وللهِ زورٌ لم يغيِّر عهودهُ | بِعادٌ ، وَلا أَهْدَى المَلالَ لَه قُرْبُ |
تَمَنَّيتُ أَنَّ اللَّيلَ لَمْ يَقْضِ نَحْبهُ | وَأنْ بَقِيَتْ مَرْضَى عَلى أُفْقِهِ الشُّهْبُ |
نظرنا إلى الوعساء من أيمنِ الحمى | وَأَيّ هَوًى لَمْ يَجْنِهِ النَّظَرُ الغَرْبُ |
وَنَحْنُ عَلى أطْرافِ نَهْجٍ كَأَنَّهُ | إذا اطَّردتْ أدراجهُ صارمٌ عضبٌ |
يَؤُمُّ بِنا أرْضَ العِراقِ رَكائِبٌ | تَقُدُّ بِأيْديها أَديمَ الفَلا نُجْبُ |
فشعبُ بني العبّاسِ للمرتجي غنى ً | وللمبتغي عزّاً، وللمعتفي شعبٌ |
أولئكَ قومٌ أسبلَ العزُّ ظلَّهُ | عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَعْبَثْ بِأَعْطافِهِمْ عُجْبُ |
هُمُ الرَّاسِياتُ الشُّمُّ ما أُبْرِمَ الحُبا | وَإنْ نُقِضَتْ هاجَتْ ضَراغِمَة ٌ غُلْبُ |
بِهم تُدْفَعُ الجُلّى وَتُسْتَلْقِحِ المُنى | وَتُسْتَغْزَرُ الجَدْوى وَتَسْتَمْطِرُ السُّحْبُ |
يُحَيُّونَ مَهْدِيّاً بَنى اللّهُ مَجْدَهُ | على باذخٍ تأوي إلى ظلِّهِ العربُ |
لَهُ الذِّرْوَة ُ العَيْطاءُ في آلِ غالِبٍ | إذا انتضلتْ بالفخرِ مرَّة ُ أو كعبُ |
يسيرُ الملوكُ الصِّيدُ تحتَ لوائهِ | وَيَسْري إِلى أَعْدائِهِ قَبْلَهُ الرُّعْبُ |
إذا اعتقلوا سمرَ الرِّماحِ لغارة ٍ | وَجُرْدُ الجِيادِ الضابِعاتِ بِهِمْ نُكْبُ |
أبوا غيرَ طعنٍ يخطرُ الموتُ دونهُ | ويشفي غليلَ المشرفيِّ بها الضَّربُ |
كتائبُ، لولا أنَّ للسَّيفِ روعة ً | كفاها العدا الرَّأيُ الإماميُّ والكتبُ |
تدافعُ عنها البيضُ مرهفة َ الظُّبا | وَتَفْتَرُّ عَن أَنْيابِها دُونَها الحَرْبُ |
إِليكَ أَمينَ اللّهِ أُهْدِي قَصائِداً | تَجوبُ بِها الأَرْضَ الغُرَيْرِيَّة ُ الصُّهْبُ |
فما للمطايا بعدما قطعتْ بنا | نِياطَ الفَلا ، حَتّى عَرائِكُها حُدْبُ |
معقَّلة ً والبحرُ طامٍ عبابهُ | على الخسفِ، لا ماءٌ لديها ولا عشبُ |
يصدُّ رعاءُ الحيِّ عنها وقد برى | بحيثُ الرُّبا تخضرُّ، أشباحها الجدبُ |