لَكَ مِن غَليلِ صَبابَتي ما أُضْمِرُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لَكَ مِن غَليلِ صَبابَتي ما أُضْمِرُ | وَأُسِرُّ مِنْ أَلَمِ الغَرامِ وَأُظْهِرُ |
وَتَذَكُّري زَمَنَ العُذَيبِ يَشفُّني | وَالوَجْدُ مَمْنُوٌّ بِهِ المُتَذَكِّرُ |
إذْ لِمَّتي سَحْماءُ مَدَّ على التُّقى | أَظلاَلها وَرَقُ الشَّبابِ الأَخضَرُ |
هُوَ مَلْعَبٌ شَرِقَتِ بِنا أَرْجاؤُهُ | إذْ نَحنُ في حُلَلِ الشَّبيبة ِ نَخْطِرُ |
فَبِحَرِّ أَنْفاسي وَصَوْبِ مَدامِعي | أَضْحَتْ مَعالِمُهُ تُراحُ وَتُمْطَرُ |
وأُجِيلُ في تِلْكَ المَعاهِدِ ناظِرِي | فَالقَلبُ يَعْرِفُها وَطَرْفي يُنْكِرُ |
وَأَرُدُّ عَبْرتِيَ الجَموحَ لأَنَّها | بِمَقيلِ سِرِّكَ في الجوانِحِ تُخْبِرُ |
فأَبيتُ مُحتَضِنَ قَلِقَ الحَشى | وَأَظَلُّ أُعْذَلُ في هَواكَ وَأُعْذَرُ |
غَضِبَتْ قُرَيْشٌ إذْ مَلَكْتُ مَقادَتي | غَضَباً يَكادُ السُّمُّ مِنْهُ يَقْطُرُ |
وَتَعاوَدَتْ عَذْلي فَما أَرْعَيْتُها | سَمْعاً يَقِلُّ بِهِ المَلامُ وَيَكْثُرُ |
وَلَقَدْ يَهونُ على العَشيرَة ِ أَنَّني | أَشْكو الغَرامَ فَيَرْقُدونَ وَأَسْهَرُ |
وَبِمُهْجَتي هَيْفاءُ يَرْفَعُ جِيدَها | رَشَأٌ، وَيَخْفِضُ ناظِرَيْها جُؤذَرُ |
طَرَقَتْ وَأَجْفانُ الوُشاة ِ عَلى الكَرَى | تُطْوى ، وَأَرْدِية ُ الغَياهِبِ تُنْشَرُ |
وَالشُّهْبُ تَلْمَعُ في الدُّجى كَأَسِنَّة ٍ | زُرْقٍ يُصافِحُها العَجاجُ الأَكْدَرُ |
فَنِجادُ سَيْفي مَسَّ ثِنْيَ وِشاحِها | بِمَضاجِعٍ كَرُمَتْ وَعَفَّ المِئْزَرُ |
ثُمَّ افْتَرَقْنا وَالرَّقيبُ يَروعُ بي | أَسَداً يُوَدِّعُهُ غَزالٌ أَحوَرُ |
وَالدُّرُّ يُنظَمُ، حينَ يَضْحَكُ، عِقْدُهُ | وِإذا بَكَيْتُ فَمِنْ جُفوني يُنْثَرُ |
فَوَطِئْتُ خَدَّ اللَّيْلِ فَوْقَ مُطَهَّمٍ | هُوجُ الرِّياحِ وَراءَهُ تَسْتَحْسِرُ |
طَرِبِ العِنانِ، كأَنَّهُ في حُضْرِهِ | نارٌ بِمُعْتَرَكِ الجِيادِ تَسَعَّرُ |
وَالعِزُّ يُلْحِفُني وَشائِعَ بُرْدِهِ | حَلَقُ الدِّلاصِ وصارِمي وَالأَشْقَرُ |
وَعَلامَ أَدَّرِعُ الهَوانَ وَمَوْئِلِي | خَيْرُ الخَلائِفِ أَحْمَدُ المُسْتَظْهِرُ |
هُوَ غُرَّة ُ الزَّمنِ الكَثيرِ شياتُهُ | زُهِيَ السَّريرُ بِهِ وَتاهَ المِنْبَرُ |
وَلَهُ كَما اطَّرَدَتْ أَنابيبُ القَنا | شَرَفٌ وَعِرْقٌ بِالنُّبُوَّة ِ يَزْخَرُ |
وَعُلاُ تَرِفُّ على التُّقى ، وَسَماحَة ٌ | عَلِقَ الرَّجاءُ بِها، وَبَأْسٌ يُحْذَرُ |
لا تَنْفَعُ الصَّلواتُ مَنْ هُوَ ساحِبٌ | ذَيْلَ الضَّلالِ، وَعَنْ هَواهُ أَزْوَرُ |
وَلَوِ اسْتُميلَتْ عَنْهُ هامَة ُ مارِقٍ | لَدعا صَوارِمَهُ إلَيْها المِغفْرُ |
فَعُفاتُهُ حَيثُ الغِنى يَسَعُ المُنى | وَعُداتُهُ حَيثُ القَنا يَتَكَسَّرُ |
وَبِسَيْبِهِ وَبِسَيْفِهِ أَعْمارُهُمْ | في كلِّ مُعْضِلَة ٍ تَطولُ وَتَقْصُرُ |
وَكَأَنَّهُ المَنْصورُ في عَزَماتِهِ | وَمُحَمَّدٌ في المَكرُماتِ وَجَعْفَرُ |
وإذا مَعَدٌّ حُـصِّلَتْ أَنْسابُها | فَهُمُ الذُّرا وَالجَوْهَرُ المُتخَيَّرُ |
وَلَهم وَقائِعُ في العِدا مَذكورَة ٌ | تَروي الذِّئابُ حَديثَها وَالأَنْسَرُ |
وَالسُّمْرُ في اللَّبَاتِ راعِفَة ٌ دَماً | وَالبيضُ يَخضِبُها النَّجيعُ الأَحْمَرُ |
وَالقِرْنُ يَرْكَبُ رَدْعَهُ ثَمِلَ الخُطا | وَالأَعْوَجِيَّة ُ بِالجَماجِمِ تَعْثُرُ |
وَدَجا النَّهارُ مِنَ العَجاجِ، وَأَشْرَقَتْ | فيهِ الصَّوارِمُ، وَهْوَ لَيْلٌ مُقْمِرُ |
يابْنَ الشَّفيعِ إلى الحَيا ما لاِمْرِىء ٍ | طامَنْتَ نَخْوَتَهُ المَحَلُّ الأَكْبَرُ |
أّنا غَرْسُ أَنعُمِكَ الَّتي لا تُجْتَدى | مَعَها السَّحائبُ، فَهيَ مِنْها أَغْزَرُ |
وَالنُّجْحُ يَضْمَنُهُ لِمَنْ يَرتادُها | مِنْكَ الطَّلاقَة ُ والجَبينُ الأَزْهَرُ |
وَإنْ اقْتَرَبْتُ أَو اغْتَرَبْتُ فَإنَّني | لَهِجٌ بِشُكْرِ عَوارِفٍ لا تُكْفَرُ |
وَعلاكَ لي في ظِلِّها ما ابتَغيِ | مِنها، وَمِنْ كَلمِي لَها ما يُذْخَرُ |
يُسْدي مَديحَكَ هاجِسي، وَيُنيرُهُ | فِكري، وَحَظّي في امتداحِكَ أَوْفَرُ |
بَغْدَاد أيَّتُها المَطيُّ، فَواصلي | عَنَقاً تَئِنُّ له القِلاصُ الضُّمَّرُ |
إنِّي وَحَقِّ المُسْتَجِنِّ بِطَيْبَة ٍ | كَلِفٌ بِها وَإلى ذَراها أَصْوَرُ |
وَكَأَنَّني، مِمّا تُسَوِّلُهُ المُنى | وَالدّارُ نازِحَة ٌ، إليها أنْظُرُ |
أَرضٌ تَجُرُّ بِها الخِلافَة ُ ذَيْلَها | وَبها الجِباهُ مِن المِلوكِ تُعَفَّرُ |
فَكَأَنّها جُلِيَتْ عَلَينا جَنَّة ٌ | وَكَأَنَّ دِجْلَة َ فاضَ فيها الكَوْثَرُ |
وَهَواؤُها أَرِجُ النَّسيمِ، وَتُرْبُها | مِسْكٌ تَهاداهُ الغَدائِرُ أَذْفَرُ |
يَقْوى الضَّعيفُ بِها، وَ يأْمَنُ خائِفٌ | قَلِقَتْ وِسادَتُهُ، وَيُثْري المُقْتِرُ |
فَصَدَدتُ عَنها إذ نَباني مَعْشَري | وَبَغى عَلَيَّ مِنَ الأَراذِلِ مَعْشَر |
مِنْ كُلِّ مُلْتَحِفٍ بِما يَصِمُ الفَتى | يُؤذي وَيَظْلِمُ أَوْ يَخونُ وَيَغْدِرُ |
فَنَفَضْتُ مِنْهُ يدي مَخَافَة َ كَيْدِهِ | إنَّ الكَريمَ عَلى الأذى لا يَصْبِرُ |
وَأَبى لِشِعري أَنْ أُدَنِّسَهُ بِهِمْ | حَسَبي، وَسَبُّ ذوي الخَنا أَنْ يُحْقَروا |
قابَلْتُ سَيّءَ ما أَتَوْا بِجَميلِ ما | آتي، فَإنِّي بِالمَكارِمِ أَجدَرُ |
وَأَبادَ بَعْضَهُمُ المَنونُ، وَبَعْضُهُمْ | في القِدِّ، وَهْوَ بِما جِناهُ أَبْصَرُ |
وَالأبيضَ المأَثورُ يَخْطِمُ بِالرَّدى | مَنْ لا يُنَهْنُههُ القَطيعُ الأَسْمَرُ |
فارْفَضَّ شَملُهُمُ، وكَمْ مِنْ مَورِدٍ | لِلظّالمينَ ولَيسَ عَنْهُ مَصْدَرُ |
وَإلى أَميرِ المؤمنينَ تَطَلَّعَتْ | مِدَحٌ كَما ابتَسَمَ الرِّياضُ تُحَبَّرُ |
ويقيمُ مائِدَهُن لَيْلٌ مُظْلِمٌ | وَيَضُمُّ شارِدَهُنَّ صُبْحٌ مُسْفِرُ |
فَبِمِثلِ طاعَتِهِ الهِدايَة ُ تُبْتَغي | وَبِفَضْلِ نائِلِهِ الخَصاصَة ُ تُجْبَرُ |