الصفحة 5 من 44

كان الشيخ أبو إسحاق ممن انتشر فضله في البلاد، وفاق أهل زمانه بالعلم والزهد والسداد، وأقر بعلمه وورعه الموافق والمخالف والمعادي والمحالف ... ، وحاز قصب السبق في جميع الفضائل وتعزّى بالدين والنزاهة عن كل الرذائل، وكان سخي النفس، شديد التواضع، طلق الوجه، لطيفا ظريفا، كريم العشرة، سهل الأخلاق، كثير المحفوظ للحكايات والأشعار.

كان عاملا بعلمه، صابرا على خشونة العيش، معظما للعلم، مراعيا للعمل بدقائق الفقه والاحتياط، فقال عنه القاضي أبو العباس الجرجاني صاحب (المعاياة) بتحقيقنا محمد فارس: كان أبو إسحاق الشيرازي لا يملك شيئا من الدنيا، فبلغ به الفقر حتى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا ولقد كنا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قومة- ليس يعتدل قائما من العرى- كي لا يظهر منه شيء.

قال السرخاني: قال أصحابنا ببغداد: كان الشيخ أبو إسحاق إذا بقى مدة لا يأكل شيئا، صعد إلى النصرية وله بها صديق، فكان يثرد له رغيفا ويشربه بماء الباقلاء، فربما صعد إليه وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ(النازعات:

من الآية 12).

قال أبو بكر الشاشي: أبو إسحاق حجة اللّه على أئمة العصر.

وقال الموفق الحنفي: أبو إسحاق أمير المؤمنين في الفقهاء.

قال القاضي محمد بن الماهاني: إمامان ما اتفق لهما الحج، أبو إسحاق الشيرازي، وقاضي القضاة أبو عبد اللّه الدامغاني. أما أبو إسحاق فكان فقيرا، ولو أراده لحملوه على الأعناق. والآخر لو أراده لأمكنه على السّندس والاستبرق.

وقال القاضي محمد بن الماهاني: ما اتفق للشيخ الحج ذلك أنه ما كان له استطاعة الزاد والراحلة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام