فهرس الكتاب
الصفحة 415 من 1175

هذا هو المراد بكونه سبحانه لا يكون في الوجود إلا ما يريد؛ ولكن غلا في هذه الإرادة قوم ونفاها قوم، وتقابل الطرفان والطائفتان، فطائفة جبرية جعلوا كل الموجودات مخلوقة لله ولم يجعلوا للإنسان أي تصرف، بل جعلوه مجبوراً ليس له أي اختيار، وقالوا: إن عقوبته على المعاصي ظلم، حيث إنه مقسور ومجبور عليها؛ فهذه الطائفة هم الجبرية.

والطائفة الثانية التي قابلتهم: هم نفاة القدر أو نفاة قدرة الله، وهم الذي يقولون: ننزه الله عن الظلم فنقول: إنه لو خلق هذه المعاصي وعاقب عليها لكان ظالماً، فهذه الطائفة غلت في النفي فقالت: إن أعمال العباد ومعاصيهم وطاعاتهم ليست من خلق الله، بل من خلقهم ومن إيجادهم، وإن العباد هم الذي يوجدون أفعالهم، فهذه الطائفة غلت في النفي، وجعلت الإنسان يخلق فعله، ونفت أن يكون لله أي قدرة على أفعال العبد، وزعموا بذلك أنهم أهل العدل والتوحيد.

وكلا الطائفتين ضال؛ فالطائفة الأولى جعلت القدر عذراً للعصاة، حيث إنهم يقولون: كيف يخلقنا ويخلق فينا المعاصي ثم يعاقبنا عليها؟ والطائفة الثانية: جعلت مع الله من يخلق، وجعلت كل إنسان خالقاً مستقلاً بأفعاله، وكذبت الأدلة التي تثبت أن الأمر بيد الله تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام