فهرس الكتاب
الصفحة 198 من 253

وهم يغلون في هذا غلوا شديدا حتى قد يعدون ما ليس ذنب ذنباً، كما فعلوا مع عثمان رضي الله عنه فكفروه بأمور أخذوها عليه وعلى ولاته هي في حقيقتها ليست ذنبا فضلا عن أن تكون كفرا، وكذلك فعلوا مع علي رضي الله عنه فكفروه في مسألة التحكيم وخرجوا عليه مع أن الحق كان معه فيما فعل, وليس عليه فيما فعل ذنب فضلا عن أن يكون كفراً.

ومنهم من يكفر من لا يخرج معهم ولا يكون في معسكرهم وهم يرون أن من كفروه فهو في النار خالدا مخلدا فيها أبدا1.

والإباضية من الخوارج يسمون مرتكب الكبيرة كافر نعمة وكافر نفاق ويجرون عليه أحكام الموحدين في الدنيا أما في الآخرة فحكمه الخلود في نار جهنم لا يخرج منها أبداً ولا تقبل فيه شفاعة2.

واحتج الخوارج لقولهم بالتكفير بأدلة منها:

قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن2] ، فزعموا أن الله ذكر أن الناس فريقان كافر ومؤمن.

واستدلوا أيضا بقوله عز وجل: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون102, 103] , فدل ذلك على أن كل من يدخل النار لا بد أن يكون كافرا 3.

وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"4 ونحوهما ويستدلون لذلك أيضا بأن الإيمان كل لا يتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب

1 انظر مقالات الإسلاميين 1/167-170، الخوارج في العصر الأموي ص 195

2 الإباضية عقيدة ومذهبا ص 121، الحق الدامغ لأحمد الخليلي ص 191، مختصر تاريخ الإباضية لأبي الريع الباروني ص 65.

3 مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص337.

4 أخرجه البخاري في كتاب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه 1/135.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام