فهرس الكتاب
الصفحة 111 من 253

جرت على ألسنتهم لفوات ما فوتوا من برد اليقين، ورسوخ الاعتقاد، استعاضوا عنه بقيل وقال، كما هو ظاهر في كلام الرازي:

نهاية إقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقال

وكذلك قول أبي المعالي الجويني:"يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أنه يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به". وقال عند موته:"لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته، فالويل لابن الجويني، وهاأنذا أموت على عقيدة أمي. أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور". 1

ويظهر لنا من ذلك كله عظيم نصح أئمة الإسلام حين نهوا عن الكلام وحذروا منه، فهذا أبو يوسف رحمه الله يقول:"من طلب العلم بالكلام تزندق"2. وقال الشافعي رحمه الله:"حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في الأسواق، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام"3.

وقال الإمام أحمد:"لا يفلح صاحب الكلام"4. وقال:"لا يكاد أحد نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل"5. وغيرهم كثير.

1 شرح العقيدة الطحاوية 208.

2 انظر الإبانة لابن بطة 2/538.

3 انظر قول الشافعي في شرف أصحاب الحديث للخطيب ص168، الذهبي في السير 10/29.

4 الإبانة الكبرى لابن بطة 2/539.

5 جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2/95.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام