وإيمان المؤمن بالملائكة يكسب في قلبه أنساً بملازمة ملائكة ربه له ، كما يلقي في مشاعره حذراً من المعاصي واقتراف الذنوب حتى لا يكتبها الملك المكلف، ولا يزال هذا الإيمان يبعث في نفوس المؤمن رغبة قوية في عمل الخير ، والإتقان في الأعمال حتى يكتبها الملك المكلف بالخير ، قال عليه الصلاة والسلام: (إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع فاستحيوهم وأكرموهم) .
وهكذا يبقى شعور المؤمن في يقظة دائمة، لأنه يشعر أن ربه رقيب عليه في كل مكان وأن الملكين الملازمين له يكتبان ما يعمل . تلك هي الرقابة الإلهية التي توقظ في المؤمن كل دوافع الخير وتكبح فيه دوافع الشر، إنها رقابة أدق وأقوى من مراقبة فرقة كاملة من المخابرات والشرطة.
الركن الثالث:
والركن الثالث من أركان الإيمان هو الإيمان بكتب الله التي أنزلت لهداية الناس .
قال تعالى: ?وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ? [فاطر:24] .
وقال تعالى: ?وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ? [الرعد:7] .
ألا ترى أن أي شركة صناعية لا ترسل كتباً وإرشادات موضحة مبينة مع ما تصنعه من آلات تعتبر شركة مقصرة في البيان ناقصة في الإدارة والخبرة جاهلة بما تعمل وما يتطلب ما تعمل؟
?وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ? [النحل:60] .
فالله سبحانه قد خلق وأرسل لهم كتباً هادية ، موضحة مبينة ، في كل ما يحتاج إليه الناس من هداية في شئون حياتهم . وإذا كان من الجهالة عدم إرسال الشركة الصناعية لكتب وإرشادات موضحة لما صنعت ، أو ليس من الجهالة الكبرى عدم الانتفاع بإرشادات الصانع بعد وصلها! وإذن أليس من الجهالة الكبرى عدم اتباع الكتب الإلهية والتوجيه الرباني بعد إذ جاءنا؟ والمؤمن تراه منتفعاً بهذا الهدى .
?قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ? [ الأعراف: 203] .