فهرس الكتاب
الصفحة 195 من 339

واقعة في آخر الكلام «إلا أن يلقي الله في نفسي [1] ما هو أملك به مني» [2] فإنه دليل صريح على عدم العصمة. لأن المعصوم يملكه الله نفسه كما ورد في الحديث «إنه كان أملكهم لأربه» . [3] وأيضا مروي في دعاء الأمير «اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك ثم خالفه قلبي» كذا أورده الرضى في (نهج البلاغة) . [4]

الدليل الثاني: [5] أن الإمام لا بد من أن لا يرتكب الكفر قط، لقوله تعالى {لا ينال عهدي الظالمين} والكافر ظالم لقوله تعالى {والكافرون هو الظالمون} ولقوله تعالى {إن الشرك لظلم عظيم} وغير الأمير من الصحابة كلهم كانوا عبدوا الأصنام في الجاهلية فيكون هو إماما دون غيره. [6]

ولا يذهب على العارف أن هذا الدليل - مع كونه ناقصا مثل ما مر - فاسدة بالمرة، فلا بد أن يغير بوجه آخر صحيح. وذلك أن يقال: لم يكن أحد من الصحابة غير الأمير مؤمنا من بدء التكليف، وكل إمام يجب أن يكون مؤمنا كذلك. والقياس الآخر: إن الأمير كان مؤمنا كذلك، وكل من يكون مؤمنا كذلك فهو إمام، ويجاب عن الأول بمنع الكبرى، وسنده الإجماع على عدم الاشتراط في الإمامة بهذا الشرط، وعن الثاني بالنقض لأنه يلزم منه أن يكون كل من هو كذلك من آحاد الأمة إماما، ولا أقل من لزوم إمامة نحو عبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - ا، لا يقال اشتراط العصمة يدفعه لأنا نقول إن ذلك الاشتراط بعد تسليمه لا يعتبر في هذا الدليل فالتعدد باطل، بل الثاني يصير حشوا محضا أولا فالانتقاض ضروري لا مرد له.

وقال المؤلف: وأجيب بأن هذا الشرط لم يذكره في بحث الإمامة أحد من أهل السنة والشيعة، ولكن خرط الشيعة هذا الشرط حين عمدوا إلى نفي الخلافة عن الخلفاء الثلاثة، ولهذا لم يذكر في آية ولا حديث، بل من أسلم بعد كفره مائة سنة ومن كان مسلما من سبعين بطنا متساويان في الدين والإسلام، ولم يعتبر هذا الشرط فإنه لغو وحشو، والتمسك بآية

(1) في النهج: (إلا أن يكفي الله من نفسي) .

(2) نهج البلاغة: (بشرح ابن أبي الحديد) : 11/ 101.

(3) متفق عليه.

(4) نهج البلاغة (بشرح ابن أبي الحديد) : 6/ 176.

(5) من أدلتهم العقلية.

(6) هذا ادعاء الإمامية، قال الحسن الديلمي: «ومن فضائله - عليه السلام - أنه نشأ وربي في الإيمان ولم يدنس بدنس الجاهلية بخلاف غيره من سائر الصحابة» . إرشاد القلوب: 2/ 229.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام