الصفحة 8 من 165

فإبراهيم عليه السلام يقول: أنا أخاف، وأنتم لا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل عليكم به سلطاناً؟ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنعام:81] ؟

فهنا فريقان، كل منهما يدعي أنه على الحق، وأن الآخر يجب أن يخاف من معبوده: إبراهيم عليه السلام يقول: أنا على الحق وربي الله، ويجب أن تخافوا من الله تبارك وتعالى، لأنكم مشركون، وقومه يزعمون أنهم على الحق، وأن آلهتهم هي الآلهة المعبودة، ويخوفون إبراهيم عليه السلام بهذه الآلهة، فأي الفريقين أحق بالأمن؟

قال الله تبارك وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:82-83] فهذه فصلٌ من الله تعالى بين الفريقين.

فمن هو الآمن إذن؟

الإجابة صريحة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، أن لهم الأمن وهم مهتدون.

ولقد سمعنا -كما في الشرح- أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزلت هذه الآية وقرأها على الصحابة رضي الله عنهم شق عليهم ذلك، لأنهم يتدبرون كتاب الله، وإلا فنحن نقرأ هذه الآية، ولكن ربما لا نلقي لها بالاً أبداً -والله المستعان- لكن هم لما سمعوا الآية: { قالوا: يا رسول الله! أيُّنا لم يظلم نفسه؟! } وكيف ننال الأمن، وكيف ننال الهداية، ونحن ظالمون لأنفسنا؟ فخافوا وشق ذلك عليهم.

معنى الظلم في قوله تعالى: ( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ )

فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي في الصحيح: {ليس بذاك } أي: ليس المقصود بالظلم في الآية الذنب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام