الصفحة 7 من 165

إذاًَ أعلن إبراهيم عليه السلام عبوديته لله، فقال: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام:79] فوجه وجهه، وتوجه بوجهه هو تعبير عن الاتجاه الكلي، فهو لا يلتفت إلى غير الله، فالشرك التفات إلى غير الله، وإنما يوجه وجهه إلى الله بالتوحيد الخالص.

إذن فالاتجاه إلى الله وتوحيد الله، هذا هو ما فطن إليه إبراهيم عليه السلام، وألزم به قومه: وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ [الأنعام:80] فلم يسلم له قومه، بل جادلوه فيما قاله، ولا بد من المحاجة والمجادلة: قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ [الأنعام:80] أي: أتحاجوني في الله، وهذه المجادلة والمحاجة في الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وقد هداني، وعرفت التوحيد! وعرفت أنه الواحد الأحد سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنه المستحق للعبادة: وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنعام:80-81] فوصل الجدال والنقاش بين إبراهيم وقومه إلى هذه النقطة، حيث خوفوه بالآلهة أنها سوف تنتقم منه، إذ كيف يكفر بمعبوداتهم.

والآن كثير من الناس إذا قلت: هذا القبر أو غيره -مما يعبد من دون الله- لا يذهب إليه ليستشفى به، وهو لا يشفي، فإنهم يقولون: لا تذكره بسوء، ولا تتكلم فيه، لأنك لو ذكرته في غير الخير فسينتقم منك، فهم يحاولون أن يخيفوا المؤمن الموحد، وهم على الشرك والعياذ بالله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام