الصفحة 128 من 131

وإنما يعرف الحق من جمع خمسة أوصاف أعظمها الإخلاص والفهم والإنصاف ورابعها وهو أقلها وجودا وأكثرها فقدانا الحرص على معرفة الحق وشدة الدعوة إلى ذلك

والبدع قد كثرت والمحدثات قد عمت البلوى بالاشراك وكثر الدعاء إليها والتعويل عليها وطلاب الحق اليوم شبه طلابه في أيام الفترة وهم سلمان الفارسي وزيد بن عمر بن نفيل وأضرابهما فإنهم قدوة لطالب الحق وفيهم له أعظم أسوة لما حرصوا على الحق وبذلوا الجهد في طلبه حتى بلغهم الله إليه وأوقفهم عليه وفازوا من بين العوالم الجمة فكم أدرك الحق طالبه في زمن الفترة وكم عمي عنه من طلبه في زمن النبوة فاعتبر بذلك واقتد بأولئك الكرام فإن الحق ما زال مصونا عزيزا نفيسا كريما لا ينال مع الإضراب عن طلبه وعدم التشوق والإشراف إلى سببه ولا يهجم على البطالين المعرضين ولا يناجي أشباه الأنعام الضالين

ما أعظم المصاب بالغفلة والإغترار بطول المهلة فليعرف مريد الحق قدر ما هو طالبه فإنه طالب لأعلى المراتب ومن أراد الأخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه فليس في الوجود بأسره أعز من الإيمان بالله وكتبه ورسله ومتابعتها ومعرفة ما جاءوا به إلا تطلب ذلك أهون الطلب فإن طلبه الدنيا وزخارفها الفانية يرتكبون الأخطاء والمتالف الكبار وينفق أحدهم غضارة عمره ونضارة شبابه وأبان أيامه فيها وهي لا تحصل لهم على حسب المراد فكيف بما هو أبقى وخير منها ولم يرفعوا له رأسا ولم يبنوا لها أساسا

وإنما أطلنا القول لأني أعلم بالضرورة في نفسي وغيري أن جهل الحقائق أكثرها إنما سببه عدم الإهتمام بمعرفتها على الانصاف وترك الإعتساف لا عدم الفهم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام