فهرس الكتاب
الصفحة 150 من 700

ثم قال منكرًا عليهم فيما ابتدعوه، وأحدثوه من الكذب والافتراء والكفر من عبادة الأصنام، وتسميتها آلهة: {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} ، أي: من تلقاء أنفسكم. {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ، أي: من حجة. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنّ} ، أي: ليس لهم

مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ أنفسهم في رياستهم، وتعظيم آبائهم الأقدمين! .

وقوله: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} 1.

ش: قال ابن كثير: ولقد أرسل الله إليهم الرسل بالحق المنير، والحجة القاطعة، ومع هذا ما اتبعوا ما جاؤوهم به ولا انقادوا له.

قلت: في هذه الآيات من الدلائل القطعية على بطلان عبادة هذه الطواغيت، وأشباهها بما لا مزيد عليه، فسبحان من جعل كلامه شفاء وهدى ورحمة، وبشرى للمسلمين.

منها: أنها أسماء مؤنثة دالة على اللين والرخاوة، وما كان كذلك فليس بإله, ومنها: أنكم قاسمتم الله بزعمكم فجعلتم له هذه الأسماء المؤنثة شركاء ودعوتم له الأولاد، ثم جعلتموهم بنات واختصصتم بالذكور، فجعلتم له المكروه الناقص، ولكم المحبوب الكامل: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 2.

ومنها: أنها أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم، ابتدعتموها.

ومنها: أنها ما أنزل الله بها من سلطان، أي: حجة وبرهان، ومنها أنكم لم تستندوا في تسميتها إلى علم ويقين، وإنما استندتم في ذلك إلى الظن والهوى اللذين هما أصلا الهلاك دنيا وأخرى.

ومنها: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} ، أي: بإبطال عبادتها، وما كان كذلك، فهو عين المحال البين البطلان، وكل واحد من هذه الأدلة كاف شاف في بطلان عبادتها.

1 سورة النجم آية: 23.

2 سورة النحل آية: 60.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام