الصفحة 16 من 92

[انتقام الله لمن عادى له وليًّا]

25 -وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنْتُهُ بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أَحبَّ إليَّ من أَداءِ ما افترضْتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه، فإذا أَحببتُهُ كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصِرُ به، ويده التي يبطِشُ بها ورجله التي يمشي بها، ولئِنْ سألني لأُعطيَنَّهُ ولئن استعاذَنِي لأُعذَنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أَنا فاعلُهُ تردُّوي عن قبضِ نفسِ عبدي المُؤْمنْ، يكره الموت وأكرَهُ مَساءَتَهُ ولابدَّ له منه ) ). رواه البخاري [1] .

(1) رواه البخاري كتاب الرقاق (11/ 340) رقم: (6502) .

هذا الحديث فيه أيضًا إثبات صفة المحبة لله -جل وعلا- (( وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه، فإذا أَحببتُهُ كنتُ سمعه الذي يسمع به ) )يعني يُسدد في سمعه: (( وبصره الذي يبصر به ) )يعني يسدد في بصره (( ويده التي يبطش بها ) )يعني يُسدد في يده فلا يحصل منه بهذه الجوارح إلا ما يحب الله -جل وعلا- فيوفق ويعان فيها على فعل الخير وعلى ترك الشر من جهة سمعه وبصره ويده ورجله وقوله في آخر الحديث - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث القدسي قال: (( وما ترددت ) )يعني الله - جل جلاله - (( وما تردَّدتُ عن شيءٍ أَنا فاعلُهُ تردُّدي عن قبضِ نفسِ عبدي المُؤْمنْ، يكره الموت وأكرَهُ مَساءَتَهُ ولابدَّ له من ذلك ) )فيها قوله ترددت فيها ذكر التردد مضافًا إلى الله -جل وعلا- وهل هو صفة لله أم لا؟ بعض أهل السنة لايضيف التردد إلى الله -جل وعلا- صفة لأنه منقسم إلى محمود وإلى مذموم، وإطلاق الإضافة أو يعني إطلاق الوصف فيما ينقسم إلى محمود ومذموم الأصل خلافه؛ ولأن الأصل لا يضاف إلى الله -جل وعلا- إلا ما هو محمود والتردد قد يكون عن نقص علم، والله -جل وعلا- منزه عن ذلك ولهذا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى عدم إثبات صفة التردد لله -جل وعلا- لأنهم جعلوا منشأ التردد عن عدم علم أو عن جهل أو عن عدم قدرة أو عدم قوى على إنفاذ الشيء وأشباه ذلك فمنعوا وصف الله - سبحانه وتعالى - بالتردد، والقول الثاني عند أهل السنة أن التردد صفة من صفات الله -جل وعلا- وأن تردده -سبحانه وتعالى- بحق وأن حقيقة التردد ليس معناها النشء عن جهل أو عدم قوة أو قدرة كما قاله الأولون بل حقيقة التردد أنه تردد الإرادة في أي الأمرين أصلح للعبد أو في أي الأمرين أوفق للحكمة أو نحو ذلك، أو تردد الإرادة في المصلحة المقتضية لذلك وتردد الإرادة ناتج ليس عن الجهل أو عدم العلم أو نحو ذلك، فهذا منزه عنه الرب -جل وعلا- وإنما هو ناشئ عن محبة الله لاختيار الأصلح لعبده فلهذا وقع التردد بين الصالح والأصلح يعني في الاختيار، وإذا كان كذلك فإن التردد على هذا يكون كمالاً؛ لأنه لم ينشأ عن جهل ولا عن عدم قوة وقدرة وإنما هو راجع إلى الحكمة ومقتضى قدر الله وحكمة الله سبحانه، وهذا الثاني هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وعزاه إلى السلف ومذهب سلف هذه الأمة.

والصفة الثالثة في الحديث الكراهة قال: (( يكره الموت وأكره

مساءته )) ووصف الله بأنه يكره هذا جاء في القرآن وفي السنة في أحاديث كثيرة كقوله سبحانه: { ... } وكره الله - سبحانه وتعالى - هذا يتعلق بالأعيان ويتعلق بالصفات يعني بالذوات وبالصفات وهو صفة اختيارية، وهو هنا في الحديث يتعلق بصفة المساءة (( وأكره مساءته ) )ولابد له من ذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام