-وأيضاً عللوا ذلك وقالوا: لأنه لا يكون السحر إلا بالشرك، السحر لا يُتعلم إلا بالشرك بالله، فإذا أشرك الساحر وتقرب إلى الشياطين بأنواع من العبادة كالذبح والخوف والاستعانة أو بالردة عن الدين -والعياذ بالله- بالاستعانة بالمصحف أو الاستهزاء بالدين أو نحو ذلك، بهذه التقربات للشياطين يتعلم السحر ويعينونه ويساعدونه في ذلك؛ فلذا قال العلماء: إن تعلم السحر كفر مخرج من الملة.
-القول الثاني: إن السحر منه ما هو كفر ومنه ما ليس بكفر، وهو قول الإمام الشافعي -رحمه الله- وأصحابه. قالوا: إن كان في سحره شرك وكفر فهو كفر مخرج من الملة، وإن لم يكن فيه شرك ولا كفر فإنه لا يخرج من الملة، وإذا قال الإمام الشافعي: «إذا تعلم السحر قلنا له: صف لنا سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته كفر» ، يعني كفر باعتقاد إباحة السحر الذي هو كفر أو محرم.
إذن الشافعي -رحمه الله- يفصل في ذلك، ويجعل السحر قسمين: قسم مخرج من الملة، وقسم لا يخرج من الملة، وفي الحقيقة أن كلام الإمام الشافعي -رحمه الله- متوافق مع كلام جمهور أهل العلم، وذلك أن الشافعي -رحمه الله- نظر إلى السحر بمعنى أعم فهو حكم على السحر الذي يخرج من الملة، والذي لا يخرج من الملة وفصل في ذلك، وأدخل في هذا المفهوم - في مفهوم السحر بمعناه العام- الأدوية والتدخينات التي تضر وهي ليست من أعمال الشياطين، بمعنى أن الساحر قد يستعمل بعض الأمور التي تضر بدن الشخص، وهي ليست من السحر، ليست من الاستعانة بالشياطين ولا يقول الإمام الشافعي -رحمه الله- إن الساحر الذي يتعامل مع الشاطين ويتقرب إليهم بالشرك ونحو ذلك إنه ليس بكافر، بل يقول: إنه كافر؛ ولذلك -رحمه الله- بين أن هذا كفر، لكنه قال: « إن من السحر ما له أدوية تضر وليست من عمل الشاطين» فأدخل هذا المفهوم في السحر وقال: إنه محرم ولكنه لا يصل إلى الكفر.