لكنها خُصَت بالذكر هنا لعظمها والتأكيد على تركها، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هنا جعل السحر من الموبقات المهلكات، وجعله بعد الشرك بالله.
بقي عندنا هنا مسألة وهي: حكم السحر، أو حكم الساحر، هل السحر يصل إلى الكفر المخرج من الملة أم أنه ذنب لا يخرج من الملة وإن كان كبيرة؟ وهل الساحر أيضاً كافر وخارج من الدين أم لا؟
في الحقيقة اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:
-القول الأول: إن السحر كفر مخرج من الملة، وهو قول جمهور العلماء كالإمام أبي حنيفة ومالك وأحمد وأصحابه، ولهذا القول أدلة كثيرة استدل بها العلماء على أن الساحر كافر.
مر معنا قبل قليل دليل في هذا!!!
قوله:?فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ? [البقرة: 102] .
?فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا ? نعم، هذا في التفريق أنه حقيقة، لكن ما وجه دلالة أنه كفر؟ فيه أوجه:
-الوجه الأول: تعليم الناس السحر. قال تعالى: ?وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ? سبب كفرهم أنهم يعلمون الناس السحر، هذا الدليل الأول.
-الوجه الثاني: قوله: ?إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ? [البقرة: 102] فدل على أنه كفر.
-الوجه الثالث: قوله: ?وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ? من نصيب، هذا دليل على أن الذي يتعاطى السحر ليس له في الآخرة من نصيب، بمعنى أن عمله حابط، وهذا دليل على أنه خارج من الملة، فهذه من أدلة القائلين بأن السحر كفر وأن الساحر كافر وهو قول جمهور العلماء رحمهم الله تعالى.