الصفحة 2278 من 3881

السلف -رحمهم الله- لما ذموا علم الكلام، وألفوا في ذمه والبعد عنه والتحذير منه؛ لم يكن عبثا، ولهذا الشيخ يقول: (علم حذق السلف) ؛ أنهم ما نهوا عن هذا الأمر اعتباطا، لم ينهوا عن هذا العلم لكونه علما جديدا، لا، قبلوا العلوم الجديدة الأخرى علوم الآلة قبلوها وحثوا على قراءتها وتعلمها وفهمها وتدبرها، لكنهم لما حذروا من هذا العلم؛ لأنهم علموا أنه لا يُفضي إلا إلى الباطل، إلى الضلال، إلى الانحراف، ولهذا حذروا منها أشد التحذير.

وقد ألف الإمام السيوطي"صون المنطق والكلام"، وألف غيره في"ذم الكلام"كما صنع الهرويّ -رحمه الله-، وأيضا ألف الشافعي -رحمه الله- في ذم الكلام، وحذر الإمام أحمد كثيرا في ذم الكلام وأهل الكلام. كل ذلك لأجل أمر واحد أنه لا يُفضي إلا إلى باطل، وأنه أقل ما فيه أنه يُبقي الإنسان في حيرة، في ضلال، وأمور العقائد لا بد فيها من اليقين، فلا تقبل الاضطراب، ولا تقبل الشك. والمسائل الفرعية ممكن أن يحصل عند الإنسان تردد ولا يضر هذا إن شاء الله، ولا يؤثر على أصل دينه، أما أمور العقائد؛ فلا لا بد فيها من اليقين التام، اليقين الجازم، ولهذا أقل ما في هذا العلم -كما ذكر الإمام الشافعي- أنه يحرك العقائد من اليقين إلى الشك والتردد.

ثم ختم الشيخ

(نسأل الله العظيم أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين آمين.

تمت الحموية.)

في الختام لا يسعنا إلا أن نسأل الله -عز وجل- أن يغفر لهذا الإمام وأن يرفع درجته في عليين، وأن يجزيه عن الأمة خير الجزاء؛ فقد بذل حياته ووقته وجهده للدفاع عن عقيدة أهل السنة، ولبيان ما عليه هؤلاء من ضلال وانحراف فنسأله -سبحانه وتعالى- أن يجمعنا به ? فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ? [القمر: 55] ، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وأن يثبتنا على صراطه المستقيم حتى نلقاه وهو راض عنا، غير غضبان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام