64]، وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] ، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] ، فهذه النصوص ونظائرها لم تذكر لمجرد تقرير الكمال وإنما ذكرت لبيان أن الموصوف بها هو المستحق للعبادة وحده. يقول ابن تيمية:"الله سبحانه لم يذكر هذه النصوص لمجرد تقرير الكمال له، بل ذكرها لبيان أنه المستحق للعبادة دون ما سواه، فأفاد الأصلين اللذين بهما يتم التوحيد، وهما: إثبات الكمال، ردا على أهل التعطيل، وبيان أنه المستحق للعبادة لا إله إلا هو، ردا على المشركين" [1] .
أما ما صرح بذكر لازمه من نصوص الصفات فقوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] ، وقوله: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر: 22، 23] ، وقوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] ، فصرح بذكر لازم صفات كماله، وهو البراءة من الشرك وأهله، وإفراد الله بجميع العبادات الظاهرة والباطنة، ومحل الدلالة في قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، وقوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فإن الشهادة تدل على توحيد العبادة مطابقة، والتنزيه عن الشرك يستلزم إفراد الله بالعبادة.
وصفات الكمال لا تدل على التوحيد فحسب، بل إنها تدل
(1) مجموع الفتاوى 6/ 83.