يبادر مرجئة العصر أي رجل سمعوه يكفر أي كافر بقولهم المشهور المنشور: هل أقمت عليه الحجة؟!
فنقول:
أولاً: من الذي يُقيم الحجة؟ أهو المفتي والقاضي فحسب أم هو المسلم العالم بالأمر الذي سيتكلم فيه:
لا شك ولا ريب أنه المسلم الذي يعلم ما يتكلم فيه، وقد قال الأصوليون:"من علم حجة على من لم يعلم".
قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع التي حضرها بشر كثير: (ليبلغ الشاهد الغائب) فلنا أن نسأل هنا سؤال: هل كل من حضر هذه الخطبة من المفتين والقضاة؟
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) [1] [أخرجه البخاري]
وقال أيضاً: (نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه) [أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم وصححه الألباني]
فبهذه الأحاديث وغيرها الكثير، يتضح للمسلم اللبيب أنه لا يشترط في الذي يقيم الحجة أن يكون كأحمد بن حنبل أو كأحمد ابن تيمية!
قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين في معرض كلامه في الرد على الأخ إبراهيم بن عجلان في بعض هفواته فقال: وقولك: حتى تقوم عليه الحجة الإسلامية من إمام أو نائبه، معناه أن الحجة الإسلامية لا تقبل إلا من إمام أو نائبه، وهذا خطأ فاحش، لم يقله أحد من العلماء، بل الواجب على كل أحد قبول الحق، ممن قاله كائناً من كان. أهـ [الدرر السنية 10/ 394]
أيها القارئ لك أن تتصور كم ابن عجلان في هذه الأزمان، والله المستعان.
ثانياً: إن قيام الحجة غير فهمها، بل لا يلزم فهم الحجة وإنما اللازم بلوغ الحجة:
(1) (بلغوا) : تكليف. (عني) : تشريف. (ولو آية) : تخفيف.