* ولولا خشية الإطالة لذكرنا كثيراً من هذا الكلام الطيب، ندعو الله تعالى أن يكون واقعاً في حياة المسلمين.
(18) - وبعد ذلك يا أخي أدعو الله تعالى أن يكون قد وضح لك الحق، فلا تلتفت لقول من يقول: إن هذه الخيالات والأحلام ليست فيها حنكة التجربة، وخبرة الواقع، كأنه رادّ لدعوة الرسل، مادحاً لدعوته الأرضية الحزبية.
أو قول من يقول: هذا كلام عقلي ليس فيه دليل على المطلوب، كأنه يريد نصاً، آية أو حديثاً"حرم عليكم مجلس الشعب"أو"من دخل مجلس الشعب فقد كفر، وبرئت منه الذمة"، ولا عجب فمثل ذلك قيل في أشياء كثيرة، وقال قوم: إن القرآن لم يحرم الخمر لعدم ورود لفظ التحريم، زعموا! نعوذ بالله تعالى من الخذلان.
(19) - فإذا وضح لك الحق فليكن هو جماعتك، به تلتزم، وعند تدافع، وله تذعن، فإن صبرت وآمنت فكن موقناً بنصر الله عز وجل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) والذين من قبلنا لم يستحلفهم بمجالس وهتافات، بل كما قال ابن تيمية:"فمن أمر بالحرب، نصره الله على عدوه، ومن لم يكن مأموراً بالحرب مكّنه الله من عدوه (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا) ، (قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَاتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) قال ابن عباس: كل عسى في القرآن فهي موجبة."
واعلم يا أخي أن هذا الدين لم يأتنا بكسل أو إهمال، أو مهرجانات ومظاهرات، بل جاء بفضل الله تعالى، ثم بإيمان وثبات، بدم آل ياسر، دم مصعب بن عمير، دم حمزة، دم الخليفة العادل عمر بن الخطاب، بجهاد صلاح الدين، وصبر العلماء والأئمة وجهادهم، سفيان الثوري، أحمد بن حنبل، محمد بن عبد الوهاب، ألحقنا الله بأولئك الجند في جنات النعيم، وهدى المسلمين إلى الحق، وألهمهم الصراط المستقيم، وألزمهم كلمة التقوى، وجعلهم أحق بها وأهلها آمين.
(20) - ونرجو الله تعالى أن تقع هذه النصيحة، وهذا البيان موقعه من قبول الحق، والرضى بالنصح، وألا ينظر إليه على أنه مخالفة، أو نقد، فما هذا شأن المسلمين، وكل ما فيه من أمثلة وبيان ليس مقصوداً لذاته، ولكن لإيضاح الأمر، وإمعاناً في الحجة، والله وحده يعلم ما في القلوب، هو وحده مقلبها، بيده وحده الأمر والتصريف، لا شريك له، وهو على كل شيء قدير.
-وسبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك-