رسالة الشيخ"سيد غباشى""ابلاغ الحق إلى الحق" [رسالة في حكم المشاركة في مجلس الشعب المصري]
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله عليه وآله وتسليماته، وبعد:
فإنه لما واجه بعض إخواننا ما أصدرته الكنيسة من دعوة النصارى إلى استخراج بطاقات الانتخابات بإصدار بيان مماثل، وزّع بالآلاف على المسلمين بلا تمييز، يدعوهم إلى الإسراع باستخراج تلك البطاقات، حتى يساهموا في تصحيح مسار البلد، وحدث في هذا الأمر خلاف بين فريق يستجيزه، وفريق لا يستجيزه، ويعده عملاً مخالفاً، ولما عمت بهذا الأمر البلوى، وهو أمر خطير كما سيتبين لك بإذن الله، وصار عند عدد كثير من الأخوة، وكذا أهلهم هذه البطاقات، كان واجباً علينا بيان الحق في هذا الأمر، طاعة لقوله تعالى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) ونحن نعلم أن ذلك يجلب علينا تهويل من لا ينظر للأمر على أنه بيان للحق، وطاعة لله ورسوله، ويدعي أن في ذلك فتنة، وأي فتنة أشد من كتمان الحق، وخاصة في مثل هذه المسألة الخطيرة، (أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) وفي هذه المسألة ومثلها نتبع قوله تعالى: (فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ) وقوله تعالى (وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ) وقوله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فمن تدبر الأمر تدبر من يريد معرفة حق ليتبعه -لا من نظر بحكم الهوى- كأن الأمر غير شديد عليه، بل يسارع إلى اتباع الحق، وإعلان ذلك على الناس، وهذا هو مسلك أهل الحق، الداعين إلى الله بإذنه على بصيرة منه، هدانا الله وإياك سواء السبيل، وبعد:
(1) -"يجب الإيمان بأن الله أمر بعبادته وحده لا شريك له، كما خلق الجن والإنس لعبادته، وبذلك أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وعبادته تتضمن كمال الذل والحب له، وذلك يتضمن كمال طاعته، وهذا الدين هو دين الإسلام، لا يقبل الله ديناً غيره، فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبراً عن عبادته، والمشرك به، والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده، وطاعته وحده، فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره، وذلك إنما يكون بطاعته في كل وقت، بفعل ما أمر به في ذلك الوقت". -الرسالة التدمرية لابن تيمية ص52 - 53 باختصار-
* وهذا هو دين الرسل ودعوتهم جميعاً، قال الله تعالى: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) وقال تعالى: (أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) وطاغوت كل قوم من يتبعونه ويطيعونه من دون الله عز وجل، فمن شرع للناس شرعاً من دون الله عز وجل فأطاعوه، ولم ينكروا عليه فهو طاغوتهم الذي عبدوه من دون الله تعالى، نذكر الأدلة على هذا، ففي الحكم يقول تعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ