الصفحة 50 من 58

قلت: لا يقول هذا الكلام إلا من لم يعش في تونس و هذا لا يحق له الكلام لأنه يجهل حال وواقع البلاد، فقد بينت لكم أن شعب تونس بذكورها و إناثها بمؤمنها و كافرها بصغارها و كبارها يعلمون حرب بن علي على الإسلام و المسلمين.

فإن قال قائل: لعلهم يجهلون حكم الله في معاونة أعداء الدين في عدوانهم على الدين؟

قلت إن كان المقصود أنهم يجهلون أن فعلهم كفر، فهذا الامر باطل إذ مناط التكفير يكفي أن تعلم أن ذلك الفعل يلحقك به الوعيد أو تعاقب عليه أو تعلم أنك قد نهيت عن فعله.

و سأضرب لك مثالاً على ذلك: رجل يعلم ان سب الدين حرام و أن الله يعاقب على ذلك و لا يعلم أنه كفر و خروج عن الملة، ثم يأتي هذا الرجل و يسب الدين!!!!

هل يكفر أم لا؟

طبعا يكفر لأن الحجة قائمة عليه فهو يعرف حرمة سب الدين و أنه فعل يستوجب العقاب و ليس من العذر أن يجهل أن ذلك الفعل مكفر.

ولو اشترطنا أن يعلم كون فعله كفر، فهذا يجعلنا نعطل الكثير من النصوص الشرعية و يجعلنا نخرق إجماعات أهل العلم في كفر اليهود و النصارى و الوثنيين الذين يرون أنفسهم على حق.

قال تعالى:

{إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}

و قال تعالى:

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)

قال الشنقيطي في (أضواء البيان) :

هذه النصوص القرآنية تدل على أن الكافر لا ينفعه ظنه أنه على هدى؛ لأن الأدلة التي جاءت بها الرسل لم تترك في الحق لبساً ولا شبهة، ولكن الكافر لشدة تعصبه للكفر لا يكاد يفكر في الأدلة التي هي كالشمس في رابعة النهار لجاجاً في الباطل، وعناداً، فلذلك كان غير معذور. والعلم عند الله تعالى. هـ

و إن كان مقصود السائل أنهم يجهلون أن العدوان على الدين حرام و انه لا يجوز و أن الذين يعينون الظالم هم معه في الإثم سواء فهذا من أعجب العجائب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام