الصفحة 18 من 234

الْعَاصِ وَعُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَلَمْ نُبَيِّنْ لَكَ خَبَرَ الْقَوْمِ فَلَمَّا سَمِعَ النَّجَاشِيُّ ذَلِكَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي أَيُّهَا الرَّهْطُ مَا جَاءَ بِكُمْ وَمَا شَأْنُكُمْ وَلِمَ أَتَيْتُمُونِي وَلَسْتُمْ بِتُجَّارٍ وَلَا سُؤَّالٍ وَمَا نَبِيُّكُمْ هَذَا الَّذِي خَرَجَ وَأَخْبِرُونِي مَا لَكُمْ لِمَ لَا تُحَيُّونِي كَمَا يُحَيِّينِي مَنْ أَتَانِي مِنْ أَهْلِ بَلَدِكُمْ وَأَخْبِرُونِي مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؟ فَقَامَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ خَطِيبَ الْقَوْمِ فَقَالَ: إِنَّمَا كَلَامِي ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ إِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقْنِي وَإِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبْنِي فَأْمُرْ أَحَدًا مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيُنْصِتِ الْآخَرُ قَالَ عَمْرٌو: أَنَا أَتَكَلَّمُ قَالَ النَّجَاشِيُّ: أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَتَكَلَّمْ قَبْلَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّمَا كَلَامِي ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ سَلْ هَذَا الرَّجُلَ أَعَبِيدٌ نَحْنُ أَبَقْنَا مِنْ أَرْبَابِنَا فَارْدُدْنَا إِلَى أَرْبَابِنَا فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: أَعَبِيدٌ هُمْ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ عَمْرٌو: بَلْ أَحْرَارٌ كِرَامٌ قَالَ جَعْفَرٌ: سَلْ هَذَا الرَّجُلَ: هَلْ أَهْرَقْنَا دَمًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَادْفَعْنَا إِلَى أَهْلِ الدَّمِ فَقَالَ: هَلْ أَهْرَقُوا دَمًا بِغَيْرِ حَقِّهِ ؟ فَقَالَ: وَلَا قَطْرَةً وَاحِدَةً مِنْ دَمٍ ثُمَّ قَالَ جَعْفَرٌ: سَلْ هَذَا الرَّجُلَ: أَخَذْنَا أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ فَعِنْدَنَا قَضَاءٌ ؟ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: يَا عَمْرُو إِنْ كَانَ عَلَى هَؤُلَاءِ قِنْطَارٌ مِنْ ذَهَبٍ فَهُوَ عَلَيَّ فَقَالَ عَمْرٌو: وَلَا قِيرَاطٌ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا تُطَالِبُونَهُمْ بِهِ ؟ قَالَ عَمْرٌو: فَكُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ وَأَمْرٍ وَاحِدٍ فَتَرَكُوهُ وَلَزِمْنَاهُ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ فَتَرَكْتُمُوهُ وَتَبِعْتُمْ غَيْرَهُ ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَمًّا الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ فَدِينُ الشَّيْطَانِ وَأَمْرُ الشَّيْطَانِ نَكْفُرُ بِاللَّهِ وَنَعْبُدُ الْحِجَارَةَ وَأَمَّا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ فَدِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نُخْبِرُكَ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا كَمَا بَعَثَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ، فَأَتَانَا بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ وَنَهَانَا عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ ، فَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ عَادَانَا قَوْمُنَا وَأَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ الصَّادِقِ ، وَرَدَّنَا فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، فَفَرَرْنَا إِلَيْكَ بِدِينِنَا وَدِمَائِنَا ، وَلَوْ أَقَرَّنَا قَوْمُنَا لَاسْتَقْرَرْنَا ، فَذَلِكَ خَبَرُنَا ، وَأَمَّا شَأْنُ التَّحِيَّةِ فَقَدْ حَيَّيْنَاكَ بِتَحِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالَّذِي يُحَيِّي بِهِ بَعْضُنَا بَعْضًا ، أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ ، فَحَيَّيْنَاكَ بِالسَّلَامِ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَسْجُدَ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ نَعْدِلَكَ بِاللَّهِ ، وَأَمَّا فِي شَأْنِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ جَلَّ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَبِيِّنَا أَنَّهُ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ، وَلَدَتْهُ الصِّدِّيقَةُ الْعَذْرَاءُ الْبَتُولُ الْحَصَانُ ، وَهُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ، وَهَذَا شَأْنُ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام