الصفحة 9 من 35

بالسجود لآدم فأبى واستكبر فكان كفره بالإباء والاستكبار وما يتبعه. وكذلك فرعون وقومه جحدوا الآيات التي جاء بها موسى ظلماً وعلوا بعد استيقان أنفسهم لها قال الله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} [1] . وقال له موسى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [2] .

وكذلك اليهود لم يكن كفرهم عن تكذيب وإنما هوحسد وعناد وجحود كما بيَّن الله تعالى ذلك في القرآن.

أما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن غائب، ولم يوجد في اللغة أن من أخبر عن مشاهد أنه يقال له آمناه.

الثالث: أن لفظ الإيمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب كلفظ التصديق فإن كل مخبر يقال له في اللغة: صدقت أوكذبت ولا يقال ذلك في الإيمان فلا تقول: آمنته أوكذبته، بل الإيمان يقابل بالكفر فيقال: هومؤمن به أوكافر به. والكفر لا يختص بالتكذيب بل لوقال له: أنا أعلم إنك صادق ولكن لا أتبعك بل أعاديك وأبغضك وأخالفك، لكان كفره أعظم من كفر المكذب قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [3] . فإذا كان الكفر المقابل للإيمان ليس هوالتكذيب فقط علم أن الإيمان ليس هوالتصديق فقط، فالكفر يكون تكذيباً ويكون مخالفة ومعاداة وامتناعاً بلا تكذيب وعناداً وإعراضاً.

فكذلك الإيمان يكون تصديقاً مع الموافقة والموالاة والطاعة والمحبة والنصرة والانقياد والتسليم والرضى والفرح والاغتباط، فيكون الإسلام جزء من مسمى الإيمان، كما كان الامتناع من الانقياد مع التصديق جزء من مسمى الكفر.

فإن قيل: الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن الشيء الذي يجب أن يؤمن به وهوالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر.

فالجواب: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن ما يؤمن به وما يؤمن له فيجب أن يؤمن به

(1) النمل: 14.

(2) الإسراء: 102.

(3) الأنعام: 33.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام