الصفحة 10 من 35

ويؤمن له، فالإيمان به من حيث ثبوته غيب عنا أخبرنا هوبه وأما ما يجب من الإيمان له فهوالذي يوجب طاعته طاعة الله تعالى.

ومن العلماء من قال: إن الإيمان في اللغة من الأمن الذي هوضد الخوف، كما قرر ذلك الحليمي في المنهاج وغيره.

وأما المقدمة الثانية فيقال: إذا فرض أن الإيمان مرادف للتصديق، ولا يكون الإيمان إلا بالقلب واللسان فعنه جوابان:

أحدهما: المنع فإن الأفعال تسمى تصديقاً كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أويكذبه ) )والشواهد على ذلك كثيرة.

الثاني: أنه إذا كان الإيمان أصله التصديق فهوتصديق خاص كما أن الصلاة أصلها الدعاء ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن أنها دعاء خاص والصيام إمساك خاص والحج قصد خاص، وهذا التصديق له لوازم بيَّنها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فصارت لوازمه داخلة في مسماه عند الإطلاق فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم.

فلفظ الإيمان إذا جاء مطلقاً في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يراد به ما يراد بلفظ «البر» و «التقوى» و «الدين والعبادة» و «المعروف» ونحوذلك من الألفاظ الجامعة، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ) [1] ، فكل ما يحبه الله تعالى يدخل في اسم الإيمان.

وهذا الحديث ظاهر جداً في أن الإيمان يشمل قول اللسان وأعمال الجوارح والقلوب من الاعتقادات والعمل، كما يدخل فيه الأخلاق والإحسان إلى الخلق.

فقد جمع في هذا الحديث بين أصل الإيمان وقاعدته وهوقول: لا إله إلا الله مخلصاً لله في ذلك،

(1) رواه البخاري (51) في الإيمان، باب أمور الإيمان ومسلم (35) باب بيان عدد شعب الإيمان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام