ومعتقداً أحقية ما دلت عليه، ومتألها. وبين أدنى الإيمان وهوإماطة ما يؤذي المسلمين عن طريقهم فكيف ما هوأعظم من ذلك من نفع المسلمين من القول والتعليم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والإحسان إليهم مما يسدي إليهم من نفع مادي أومعنوي.
وجعل الحياء من الإيمان لأنه يحمل العبد على اجتناب كل ما يخل بالمروءة والأخلاق الحسنة ويحمل العبد أيضاً على فعل الجميل، فشملت هذه الشعب أمور الدين كلها ظاهرها وباطنها.
وهوظاهر في أن الإيمان يزيد وينقص بحسب زيادة هذه الشعب ونقصها فمن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فقد خالف النصوص من الكتاب والسنة وخالف الحس والواقع لأن تفاوت قيام الناس بشرائع الدين ظاهر جداً.
وأكثر الآيات التي فيها وصف الإيمان وأهله تشبه هذا الحديث في جعل الأعمال داخلة فيه سواء كانت من أعمال القلوب، أوالجوارح وكذلك الآداب والأخلاق. كما في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْومُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أومَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) } [1] .
فبيَّن الله تعالى أن الإيمان في هذه الآيات يجمع هذه الأعمال فإنه تعالى أخبر بفلاح المؤمنين، ثم وصفهم بقوله: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى آخر الأوصاف المذكورة فمن استكمل هذه الأوصاف فهوالمؤمن حقاً، ففيها القيام بالواجبات الظاهرة والباطنة، واجتناب المحرمات والمكروهات، وبتكميلهم إيمانهم جازاهم ربهم تبارك وتعالى بوراثة الفردوس وهي أعلى الجنان وأحسنها وهي كما ترى ظاهرة في أن الإيمان جملة عقائد وأعمال وأخلاق ظاهرة وباطنة.
ويلزم من ذلك أنه يزيد وينقص، فيزيد بزيادة هذه الأعمال وينقص بنقصها، كما أن المؤمنين يختلفون في التحقق بها، فبإيمانهم يتفاوتون وعملهم يتفاوت تبعاً لذلك.
ولهذا كانوا على ثلاث درجات: سابقون بالخيرات مقربون، وهم فاعلوا الواجبات مع
(1) المؤمنون: 1 - 11.