فلاحهم وعلى تركه عذابهم إلى بيان غيره من الناس الذين لا يزالون مختلفين، بل لا بد أن يبينه بياناً ينقطع العذر معه، وقد فعل.
ولذلك يجب أن نرجع في بيان الإيمان وما أوجبه الله علينا إلى كتاب الله تعالى وأقوال رسوله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك الهدى والفلاح، ومن طلب بيان الحق من غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ضل ولا بد.
وسأذكر بعض الأمثلة في بيان الإيمان وإيضاحه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «مما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتاج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم» .
ولهذا قال الفقهاء: الأسماء ثلاثة أنواع: نوع يعرف حده بالشرع كالصلاة والزكاة، ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر، ونوع يعرف حده بالعرف كالقبض والمعروف في مثل قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [1] ، ونحوذلك.
فاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوذلك قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما يراد بها في كلام الله تعالى ورسوله، فلوأراد أحد أن يفسرها بغير ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقبل منه.
وأما الكلام في اشتقاقها ووجه دلالتها فذاك من جنس علم البيان وتعليل الأحكام زيادة في العلم لا تتوقف معرفة المراد منها عليها.
واسم الإيمان والإسلام والنفاق والكفر هي أعظم من هذا كله، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين المراد بها بياناً لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب.
فيجب الرجوع في معرفة المراد بهذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله فإنه شافٍ كافٍ، بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة للخاصة والعامة.
(1) النساء: 19.