مع الإخلاص والخضوع والذل لرب العالمين، وقد أمر الله بذلك في قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [1] .
فأمر الله عباده بالإيمان بجميع هذه الأصول العظيمة والإيمان بجميع كُتب الله المنزلة على رسله، وبكل رسول أرسله الله تعالى، وبالإخلاص والانقياد له تعالى وحده بقوله: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} .
كما أثنى على المؤمنين الذين قاموا بما ألزمهم ربهم من الإيمان الشامل لكل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه أثنى عليهم بقوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ... الْمَصِيرُ (285) } [2] ، فأخبر تعالى خبراً يتضمن رضاه بأن الرسول ومن معه من المؤمنين آمنوا بهذه الأصول ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله تعالى، بل آمنوا بهم جميعاً وبما أوتوه من ربهم تعالى والتزموا طاعة الله، مع اعترافهم بأنهم لم يقوموا لله تعالى بحقه الذي يجب طالبين منه تعالى أن يحقق لهم إيمانهم وأن يعفوعن تقصيرهم ببعض حقوق الإيمان فقالوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} ، مع إيمانهم باليوم الآخر والجزاء {وإليك المصيرُ} فمرجع الخلق كلهم إليك ربنا فتجازيهم بعملهم وأنت الذي أحصبت عليهم الدقيق والجليل ولا يضيع لديك عمل العاملين، فنسألك عفوك ... يوم نلقاك والمزيد من فضلك.
فالإيمان بالله تعالى هوأساس كل خير ومبدأه.
ولا يكون أصلاً للخير إلا إذا كان متمكناً من النفس بالبرهان، مصحوباً بالخضوع لله تعالى والإذعان له، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يؤثر أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر كل أحد.
قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ
(1) البقرة: 136.
(2) البقرة: 285.