فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [1] .
فالإيمان يهيمن على العبد في نفسه وفي سلوكه وأعماله وتصرفاته مع ربه ومع الخلق، ولا ينحرف عن ذلك إلا إذا فقد الإيمان أوبعض أجزاءه الواجبة له.
ومما يوضح ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ ... الْمُتَّقُونَ (177) } [2] فجعل البر هوالإيمان وفسر الإيمان بأنه الإيمان بالله وباليوم الآخر الذي أخبر الله تعالى بأنه آت ويدخل فيه كل ما أخبر الله تعالى عنه ورسوله من حين يعاين العبد رسل الله الذين يتولون قبض روحه إلى استقرار العبد في الجنة أوالنار.
والإيمان بالملائكة يدخل فيه كل ما أخبر الله تعالى عنهم وكذلك ما ذكره تعالى إلى آخر الآية فدخل في الإيمان بالله عبادته باتباع أمره واجتناب نهيه وحبه وخوفه والإيمان بأسمائه وصفاته وعبادته بها وغير ذلك.
ومن المعلوم أن مجرد التصديق في ذلك لا يكفي ولا يكون العبد به مؤمناً.
وواضح من الآية أن الله تعالى جعل الإيمان الدين كله من العقائد والأعمال.
فإنفاق المال مع حبه في وجوه البر طلباً لمرضات الله تعالى، وإقام الصلاة على أمر الله، وآيتاء الزكاة مستحقها والوفاء بالعهد، والصبر على ما يصيب الإنسان من فقر ومرض وغيره، وكذلك الصبر أمام العدوفي القتال كل هذا إيمان.
ودلت الآية على أن البر والصدق والتقوى والإيمان مدلولها في هذه الآية واحد وهوالإيمان الذي فصله الله وبينه في هذه الآية وغيرها فلفظه: (البر) تساوي لفظه: (الإيمان) فهي جامعة للخير كله، وذكر الله تعالى في هذه الآية الجامعة أن الإيمان يدخل فيه كل ما أمر الله به وأحبه
(1) التوبة: 24.
(2) البقرة: 177.